الدعوة الى الله.
المنهج القرآني في الدعوة الى الله

زهير قوطرش في السبت ٠٥ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً




المنهج القرآني في الدعوة الى الله.

على مدى العصور اختلفت أساليب الدعوةالى الله ،الى دين الله ،وذلك حسب عوامل عديدة . دخلت فيها السياسة والاقتصاد والمصالح ،والارضية المعرفية للبشر. ولو حاولنا تقسيم أساليب الدعوة الى الله ، . فأننا نستطيع تقسيمها الى
1- الدعوة السلمية ..الجهاد السلمي وقد تمت ممارسته بشكل جلى اثناء الفترة المكية لنزول الرسالة على نبي الرحمة (ص) وهي المدرسة الأولى للدعوة بهذا الاسلوب الرباني ،وستبقى صلاحيتها سارية الى يوم الدين .

2- الدعوة عن طريق الغزو أ والفتح . وتم استخدام هذه الوسيلة ،من بعد وفاة النبي (ص) حيث استخدمت القوة العسكرية كوسيلة للدعوة. البعض أطلق عليه غزوات ،والبعض سماها الفتح الاسلامي. وكان لها جوانبها السلبية التي ما زلنا نعاني من نتائجها حتى اليوم

3- الدعوة من خلال المثال أو النموذج الصالح. هذا النموذج مثلته مجموعة من التجار الصالحين الذين الى جانب أعمالهم التجارية ،استطاعوا من خلال أخلاقياتهم القرآنية أن يجذبوا الناس الى هذا الدين ، ومثال ذلك في أندونسيا وغيرها من دول شرق اسيا.
4- الدعوة بواسطة العنف والارهاب. وهذا الاسلوب امتازت به الحركات الاسلامية المتطرفة والتي استندت الى وحي مزعوم ، يبررلها شذوذها الفكري والعملي ،وذلك من خلال عمليات أرهابية هنا وهناك . تحت شعار(أمرت أن اقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وان محمدارسول الله).(حديث صحيح نسخ آيات الحب والرحمة )

دعونا نتحرى ونكتشف ،من خلال المرجعية الوحيدة للإسلام / القرآن العظيم/ ، أساليب الدعوة الى الله . وطبعا في هذا المقام لابد من العودة الى الممارسة العملية للدعوة والتي استخدم فيها الرسول (ص) اوامر رب العزة والتي جاءت كمدرسة معلمة للاجيال بعد وفاته (ص) وهي الطريقة والوسيلة الامثل لممارسة العمل الدعوي ، كونها جاءت من عند خبير عليم .
ملاحظة .الرسول (ص) ترك لنا القرآن العظيم كمرجعية ومنهج للعمل الدعوي بعد انتقاله الى خالقه ووصانا بأن نستنطقه في كل ما تعترض حياتنا الدعوية من مشاكل وعقبات ، فهل نخالف نهج رسول الله (ص) ووصاياه؟

بداية أول ما أُنزل على الرسول(ص) من القرآن الكريم آيات كريمة أعتبرت مفتاح المنهج للدعوة. بقوله عز وجل: .

"أقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الانسان من علق* أقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم" ..

هذه الآيات أطرت منهجية الدعوة . صحيح انها نزلت على محمد الرسول الذي هيئه الله عز وجل لتحمل أعباء ومسؤولية الرسالة ،لكنها في الوقت نفسه جاءت الى كل مسلم ومؤمن (من ذكر أو أنثى ) بعد موت الرسول (ص) لتُعلمه وتبلغه بأن الدعوة الى الله لايمكن أن تتم إلا من خلال القراءة ،والتي ما أن تصبح في حدود مستوى المعرفة النسبية المطلوبة واللازمة لكل عصر حتى نحصل على كرم الله في مساعدتنا وتقويتنا وهدايتنا سواء السبيل.
بعد ذلك نزل الوحي مرة أخرى وأمر رسولنا الكريم أن ينذر

"يا أيها المدثر* قم فأنذر*"
من هذه الآية نستنتج أن الامر بالانذار هو المرحلة التالية في منهج الدعوة الرباني. يأمرنا بعد ان نحصن انفسنا بالعلم والمعرفة من فهم وتدبر لكتاب الله ، أن نجتهد للقيام بمسؤليتها من خلال أن ننذر الناس من حولنا الى هذا الكتاب العظيم ،لإن المعرفة التي تبقى في صدورنا دون نشرها والعمل بها هي معرفة ميتة لاحياة فيها ولا نثاب عليها.
لكن الدعوة الى الله ، فيها من المشقة والصعاب مالا يتصوره بشر . وفيها اعراض من قبل الكافرين والمشركين والمنافقين الشيء الكثير .لهذا طلب الله عز وجل من رسوله الكريم ومنا ايضا من بعده بأن نتحلى بالصبر الجميل.

"واصبر على ما يقولون وأهجرهم هجراً جميلاً"

لكن المشكلة الكبيرة للدعوة الى الله في كل زمان ومكان هي في اعتراض أولي المصالح عليها وتكذيبها . كما تمارس المؤسسة الدينة الرسمية وغيرها من تلفيقات واكاذيب ضد الدعوة السلمية لآهل القرآن في هذا الزمان . فيوصي الخالق رسوله بتركهم.

"وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلاً"
أي طلب إلينا أن لا ننفعل من ردود فعل هؤلاء ، لنتغاضى عنها وليس عنهم،ونترك امرهم الى الله ،وسيظهر الحق إن شاء الله قريباً.
لكل حركة دعوية منهج وكتاب هو بمثابة مرجعيتها الوحيدة ، فطلب الله عز وجل الى الرسول إعلام الناس بأن هذا القرآن هو من وحي الخالق وعليه ان يبلغهم مضمونه .هذه وظيفته التي كلف بها من قبل الخالق من أجل الدعوة الى الله ،كما طلب إلينا في المحصلة ذلك ، في قوله عز من قائل .

"وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به"
" يا ايها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك"


إذن الدعوة حصرت في نطاق إعلام البشر أن القرآن هو وحي من الله عز وجله وهو رسالته إليهم ،وعلينا بلاغه .
لكن الدعوة الى كتاب الله واجهها المشركون واهل الكتاب والكفار بالرفض ... كما يواجه الشرك الاسلامي وغيره اليوم دعوة اهل القرآن المسلمين كافة للعودة الى كتاب الله. لهذا طلب الله عز وجل من رسوله ،

"وإن تولوا فإنما عليك البلاغ"

" وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد"
" فإن توليتم فاعلموا إنما على رسولنا البلاغ المبين"


وخاطب الناس جميعا بقوله:

"هذا بلاغ للناس ولينذروا به"

إذن الدعوة أساسها هي الانذار والبلاغ . وقد يعرض الناس عن هذا البلاغ ، لهذا حصر رب العالمين موضوع الدعوة ضمن هذا الاطار بقوله

" فإن اعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ"

وهذه من جهة أخرى رسالة واضحة المعاني كي نفهم مقاصد وغايات الدعوة وحدودها النهائية بالنسبة لنا كبشر.
وهنا تنتهي أيضا مهمة الداعين من اهل القرآن الى الله والى كتابه ،ذلك ان الانسان الذي أودع فيه الخالق نفحة الروح ،وفيها بعض من صفاته ،اعطاه بواسطتها القدرة على التفكير والاختيار ،واخذ قراره بحرية . لهذا نبه الخالق عز وجل أهل الدعوة بقوله

"وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"


وحتى لايحزن الداعية الى الله، ويفقد اعصابه ، ويستخدم أسليب العنف والارهاب والتخويف كما نرى في هذا الزمان السيء من دعاة بعض الحركات الاسلامية . وضح لنا الخالق عز وجل أن ما نراه من اعراض وابتعاد عن كتاب الله من قبل (مع كل أسف) الأغلبية من الناس وخاصة المسلمين ما هي إلا مشيئته ، وفهم هذه المشيئة ،تجعل الداعية رباني في دعوته السلمية الهادئة ،وذلك بقوله عز وجل:

" ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها"
"ولو نشأ لجلعنا منكم ملائكة في الارض يخلفون" أي ليست لهم القدرة على العصيان.


ونبهنا الخالق في صورة بديعة ،بعدم استخدام العنف والقوة في الدعوة بقوله:

"وإن نشأ نخسف بهم الأرض"


هو الله الواحد الآحد خالق العباد كانت وما زالت مشيئته بأن تكون الدعوة إليه سلمية
وما علينا إلا الصبر والمصابرة ،لإن الدعوة إلى الله هي جهاد مستمر الى أن يرث الله الارض وما عليها.فلا يمكن تغير الناس بالجملة أجمعين بقوله عز وجل:

"ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً"

وحتى نستمر في العمل الدعوي ،لتغير الناس ،وتغير فكر المسلمين ودعوتهم الى كتاب الله من جديد .نبهنا رب العباد وخالقهم بأن مشيئته بالتغير شاءت أن تتأخر عن مشيئتنا حتى لا يحدث الجمود والنكوص عن الاصلاح. بقوله:

"إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

وطلب إلينا أن نعي قضية هامة جدا عليها يتوقف ثوابنا في الحياة الدنيا والدار الأخرة .بقوله:

"وماتشاؤون إلا أن يشاء الله"
أي علينا أن ندعواونعمل ،وحصيلة عملنا وجهادنا هي ابعاد الناس عن الوهم وهدايتهم الى الطريق المستقيم ، الى درجة القناعة الآولية ، بعد ذلك يتكفل الله بباقي الهداية وفتح بصيرة الناس وقلوبهم المغلقة .والله أعلم

اجمالي القراءات 41477