المعادلة الصفرية فى تاريخ الخليفة المأمون

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٦ - ديسمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم
د. أحمد صبحى منصور
الموقع : http://www.ahl-alquran.com/arabic/main.php


المعادلة الصفرية فى تاريخ الخليفة المأمون العباسي

أولا :
فى المقالة السابقة تحدثنا نظريا عن الموت كمعادلة صفرية ، فالغنى والفقير كل منهما يموت مهما كان ثروته مليونيرا أو مديونيرا، وينتهى الى العدم او الصفر. الصفر هو نهاية كل منا.
ولكن الفارق هو موقع هذا الصفر تبعا لايمان كل منا أوعمله؛ إن كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات فعمله يكون مقسوما على صفر ، والنتيجة هى لانهائية الأجر عند الله تعالى فى الآخرة. أما إن كان من الخاسرين فان عمله سيكون مضروبا فى صفر أى تكون النتيجة صفرا.
هذا الكلام النظرى يستحق أمثلة عملية ، وقد اخترناها من الخلفاء العباسيين أحدهما مشهور ، وألاخر مغمور. وكلاهما ازدحمت سيرة حياته بالأرقام بالآلاف والملايين ، ثم ترك كل هذه الاف المؤلفة بالموت ليتحمل وزرها يوم القيامة. نبدأ بالخليفة المأمون .
ثانيا :
نتوقف مع أرقام فى حياة المأمون العباسى جمعناها من المصادر الأصلية التاريخية :
• توفى المأمون على نهر البدندون في أسيا الصغرى في يوم الخميس وقت الظهر ( 18 رجب 218) وكان عمره ( سبعا وأربعين سنة ) وكانت خلافته ( عشرين سنة وخمسة أشهر وثلاثة وعشرين عاما ) وكان له ( ثمانية عشر ذكرا وتسع بنات).
• في سنة 204 أمر المأمون بمقاسمة أهل السواد في العراق على ( خمس ) إيرادهم فقط وكانوا من قبل يدفعون للدولة العباسية ( نصف) الإيراد .
• فى سنة 205 بعث المأمون واليا على مصر وهو بشر بن داود على أن يحمل له فى كل سنة (ألف ألف) درهم .
• فى سنة 210 ثار عبيد الله بن السري في مصر فارسل له المأمون قائده الفارسى عبد الله بن طاهر فحارب ابن السرى وهزمه، وفر ابن السري إلى الفسطاط ، فلحق به ابن طاهر وحاصره فيها ، فأرسل له ابن السري ليلا هدايا لاستمالته تتكون من ( ألف وصيف ووصيفة)ـ الوصيفة هى الجارية الحسناء المدربة على خدمة القصور ـ والوصيف هو المملوك الوسيم وفى أغلب الأحوال يكون خصيا ـ ومع كل وصيف ( ألف دينار ) في كيس حرير . ورفض ابن طاهر هديته ، فأضطر ابن السري للتسليم. (لاحظ ان المال هنا هو أساس النزاع ؛ هو سبب ثورة ابن السرى ، وسبب ارسال المأمون جيشا لتأديبه ، وأساس فى محاولة ابن السرى رشوة ابن طاهر . وفى سبيل المال يستعملون الاسلام لخدمة مصالحهم.)
• في سنة 210 أيضا ثار أهل مدينة (قم) ومنعوا الخراج و كان خراجهم المفروض عليهم (2) مليون درهم ، وكان قد استكثروا المفروض عليهم وطمعوا في أن يعفيهم الخليفة المأمون من بعضه بعد أن حط عن أهل الري جملة من الخراج، ولكن المأمون رفض ، فثاروا،فبعث لهم الخليفة جيشا يقوده على بن هشام وعجيف بن عنبسة، وانهزموا وعاقبهم المأمون بأن جعل الخراج عليهم (4) مليون درهم..(لاحظ نفس الموضوع : المال هو غاية المنى فهؤلاء أرادوا العدل فلم يتحقق فثاروا فبعث لهم المأمون جيشا هزمهم فرضخوا لدفع المال مضاعفا. ولولا القوة ما اضطروا للاذعان ودفع الخراج.)
أرقام فى حياة المأمون من خلال تاريخ ابن خلدون :
• أورد ابن خلدون في المقدمة بيانا تفصيلا بجباية الخراج في عهد الخليفة المأمون ولم يحدد السنة التي جبى فيها ذلك الخراج .. وهو كالأتي :ـ
• سواد العراق : (27.8) مليون درهم ، (2000) من الحلل النجرانية،(240) رطلا من طين الخثم .
• كسكر : (11.6) مليون درهم.
• كور دجلة : (20.8) مليون .
• حلوان في العراق (4.8) مليون درهم .
• الأهواز (25) مليون درهم ، (30) ألف رطلا من السكر .
فارس : (27) مليون درهم ، (30) ألف قارورة من ماء الورد، (20) ألف قارورة من الزيت الأسود .
كرمان : (4.2) مليون درهم ، (500) ثوب يماني ، (20) ألف رطل من التمر .
مكران : (400) ألف درهم .
السند وما يليها ( 11.5) مليون درهم ، (150) رطلا من العود الهندي ) .
سجستان (4) مليون درهم ، ( 300) ثوب ،(20) رطلا من الفانيذ .
خراسان : (28) مليون درهم ، (2000) من الفضة النقرة، (4) آلاف برذون وألف من الرقيق، (20) ألفا من الثياب ،(30) من الأهلج .
• جرجان (2) مليون درهم ، (وألف) شقة أبريم.
• قرمس (1.5) مليون درهم ،(ألف) من الفضة النقرة
طبرستان و الرويان (6.3 ) مليون درهم ،(600) قطعة من الفرش الطبري ،(200) من الأكسية و(500) ثوب ، (300) منديل ،(300) جام .
• الري (12 مليون) درهم ،( 20) ألف رطل من العسل .
• همذان (11.3) مليون درهم ، و(ألف ) درهم رطل من رب الرمائين ، (12) ألف رطل عسل .
• البصرة والكوفة (10.7) مليون درهم.
• ماسندان والريان (4) مليون درهم .
• شهرزور (9.7) مليون درهم.
• الموصل وما يليها (24)مليون درهم ، (200) ألف رطل من العسل.
• أذربيجان (4) مليون درهم.
• الجزيرة وما يليها (34) مليون درهم ، (ألف) من الرقيق ، (12)ألف زق عسل و(عشر ) من البزاة (أي طيور الباز )، (30) من الكساء .
• أرمينية (13) مليون درهم ، (20) درهما من القسط المحضور ، (530) رطلا من الرقم ،(10) آلاف رطلا من المسابح السورماهى، (10)ألاف رطلا من الصونج ،(200) بغل ،(30) مهرا (حصانا ) .
• برقة : مليون درهم .
• شمال أفريقيا (13) مليون درهم ،(120) بساطا
• والمجموع بالدرهم = (318.6) مليون درهم
• ثم يأتي باقي الخراج بالدينار وهو كالأتي :قنسرين (400)ألف دينار ، (ألف) حمل زيت
دمشق (420)ألف دينار الأردن (97) ألف دينار .فلسطين : (310) ألف دينار ، (300) ألف رطل زيت . مصر (2.92) مليون دينار .اليمن (370)ألف دينار
الحجاز (300) ألف دينار
والمجموع الكلى بالدينار (4.817) مليون دينار وبتحويلها إلى دراهم ، والدرهم يساوى (15) درهما يكون مجموعها (72.255) مليون درهم ..
بإضافة الجباية السابقة إليها يكون المجموع النهائي (390.855) مليون درهم
وهذا عدا خراج الكرخ وهو (300) ألف درهم وجيلان وخراجها (5) مليون درهم.
أى مجموع الخراج للدولة العباسية في عهد المأمون (400) مليون درهم عدا الغلات الأخرى .
وما يصل إلى دار المال في بغداد يكون صافى الخراج الأتي من الأقاليم بعد اقتطاع المصروفات المحلية من أموال الجند والموظفين وإصلاح الترع والكباري .( أى أن الخليفة هو الذى يملك كل تلك البلاد و الشعوب ، وهو الذى يستعمل اهلها فى انتاج الزراعى و الصناعى لحسابه ، ومن يطلب منهم الحرية يسلط عليه قوته العسكرية ليظلوا مسخرين فى خدمته. ولذلك فان الحفاظ على ممتلكات الخليفة تستلزم أن ينفق على قوة عسكرية وجهاز ادارى ، وما يبقى يكون فائضا فى جيبه الخاص ، يعطى منه كيف يشاء من شعراء و خدم وأتباع. مع ذلك فله أى الخليفة ضياع باسمه الشخصى).
خراج خاص (الضياع الخاصة)
أى يضاف الى ايراد الخليفة الأموال التي تأتى من ضياعه وضياع وأسرته .
ويذكر المؤرخ أبن طباطبا أن المأمون أشتكى إلى أخيه المعتصم ولى العهد ضائقة مالية وكانا بدمشق فوعده المعتصم بأن المال سيأتي بعد أسبوع ، فوصلت أموال للمعتصم من ضياعه ، وكانت ( ثلاثين ألف ألف ألف ) درهم أي (30) مليار درهم ، وخرج المأمون ومعه القاضي يحيى بن أكثم والمعتصم ينظرون ذلك المال المحمول ، وقد أستعظم الناس ذلك واستبشروا به وتعشموا أن ينالوا منه ، فقال المأمون أن انصرفنا إلى منازلنا بهذا المال وأنصرف الناس خائبين فنحن لئام ..
فأخذ في تفريق الأموال على الناس ، حتى بلغ مجموع ما فرّقة عليهم(24) ألف ألف ألف درهم،وكان لا يزال راكبا ورجله في الركاب ثم حول الباقي على مصالح الجند .
(كان الأولى به التصدق بهذا المال على الفلاحين المساكين الذين يعملون فى ضياع المعتصم و بعرقهم جاء هذا المال ، ولكنه أراد أن يستحوذ على ثناء الناس بأن يعطى مالا منهوبا من مستحقيه وأصحابه )..
ثروات الموظفين :.
وقد كان معين بن عون متوليا لخراج الري في عصر المأمون وقد مات وترك لأبنه ثروة تقدر (بألف ألف وخمسين ألف ) درهم مما يدل على أن القائمين على الخراج كانوا يتكسبون من وظائفهم الشيء الكثير. وهذه بالطبع سرقة معلومة.وكانت الدولة على علم بذلك وربما تباركه أحيانا ، فقد قيل للمأمون أن عمرو بن سعدة ـ وهو أحد كتاب المأمون ـ قد مات وترك ثروة مقدارها ( ثمانون ألف ألف درهم ) فقال المأمون : هذا قليل لمن اتصل بنا وطالت خدمته لنا فبارك الله لولده فيه "!!!
(أى ان المأمون كان يتسامح مع فساد أفراد حاشيته ويعتبر سرقاتهم مشروعة طالما كانوا مخلصين فى خدمتهم له).
على أن المأمون كان يضيق إذا وصل الفساد إلى القضاء ،وفى حوار دار بين المأمون وبين القاضي بشر بن الوليد كان يلوم فيه ذلك القاضي لأنه كلما أشار عليه بتولية أحدهم وتزكيته لمنصب القضاء فما يلبث أن يظهر فساد ذلك القاضى ، قال له المأمون " ولينا رجلا أشرت به علينا قضاء الأبله وأجرينا عليه (ألف )درهم ولا له ضيعة ولا عقار ولا مال ، فرجع صاحب الخبر بالناحية أن نفقته في الشهر ( أربعة آلاف ) درهم فمن أين هذه الثلاثة آلاف دراهم ؟ ... وولينا رجلا أشار به محمد بن سماعه دمشق وأجرينا عليه (ألفى) درهم في الشهر فأقام بها أربعة عشر شهرا ووجهنا من يتتبع أمواله ويرجع إلينا بخبرة فصح عنه أن يملك قيمة ( ثلاثة عشر ) ألف دينار من دابة وبغل وخادم وجارية وغير ذلك ، وولينا رجلا أشار به غيركما نهاوند فأقام بعد عشرين شهرا من دخول يده في العمل سبعين بحينا (بيتا ) وعشرين بحينا وفى منزله أربعة خدم خصيان قيمتهم ألف وخمسمائة دينار) وفى النهاية قال المأمون (أن أهم الأمور كلها إلىَّ أمور الحكام ( القضاة) إذ كنا قد ألزمناهم النظر في الدماء والأموال والفروج والأحكام. ووددت أن يكون لى مائة قاض مرضيين وأنى أجوع يوما وأشبع يوما ) (ولكن من الطبيعى أن يفسد القضاء فى أى نظام مستبد لأن السمكة تفسد من رأسها..فمن الصعب أن تجد قاضيا عادلا فى دولة تقوم أساسا على الظلم .والقاضى العادل فى دولة الظلم يكون أول المظاليم ، إذ يتحكم فيه المفسدون ، وهم الذين يتمتعون بالحظوة والثقة والمناصب الكبرى .)
ولكن نفهم مما سبق أن مرتب القاضي كان يتراوح بين (ألف )و (ألفى) درهم شهريا وأن عيون الدولة كانت تراقب القضاة وأحوالهم المادية .
بذخ كبار الدولة وثرواتهم
• ونجا أصحاب السلطان من تلك الرقابة فكانت الأموال تجرى في أيديهم خصوصا من أشتهر منهم بالكرم مثل طاهر بن الحسين أحد القواد الكبار للمأمون. وعندما ثارت الحرب بين الأمين وأخيه المأمون كان طاهر بن الحسين هو قائد جيش المأمون ، وهو الذي هزم الأمين وقتله مما أتاح للمأمون تولى الخلافة. وتمتع ابن طاهر بنفوذ هائل فى خلافة المأمون بعد قتل الأمين. وقد أعطى طاهر بن الحسين أموالا للشعراء وغيرهم بلغت في يوم واحد (1.7) مليون درهم . وذلك القائد خشي من أن يتغير عليه الخليفة المأمون بسبب أنه الذي قتل الأمين أخاه . وقد دس إلى المأمون من يسبر غوره ليستشف نواياه ، فدفع إلى حسين الخادم ( مائتي ألف ) درهم والى الكاتب محمد بن هارون ( مائة ألف) درهم فعرف منهما أن المأمون يبيت النية على الغدر به فأنقذ نفسه منه، ولولا تلك الأموال ما نجا بنفسه ..
• وثراء المأمون والطبقة الحاكمة ظهر في زفاف المأمون وبوران بنت الحسن بن سهل الذي كان والى الحرب والخراج في بغداد حين كان المأمون في المشرق لم يأت بعد إلى العراق . وبعد أن وصل للعراق ووطد سلطانه ظل الحسن بن سهل محتفظا بمكانته . وزفت ابنته بوران إلى الخليفة في 3 رمضان سنه 210هـ وعندما دخل المامون قصر العروس نثرت عليه جدة بوران (ألف درة ) كانت في (صينية من ذهب ). وأقام المأمون مع أتباعه عند الحسن بن سهل (سبع عشرة ليلة) ، كان الحسن يعد له كل يوم والجميع ما معه جميع ما يحتاجون إليه، وأعطى الحسن بن سهل هدايا عينية ونقدية لكل الضيوف ، وبلغت جملة النفقة التي تكلفها ( خمسين ألف ألف ) درهم ، فأمر المأمون بأن يأخذ الحسن بن سهل (10 مليون ) درهم من خراج فارس، وأخذ الحسن ذلك المال وفرقه على أصحابه. وفى ليله الدخلة فرش الحسن للمأمون (حصيرا من ذهب ) ونثر عليه حين دخل البيت (الجواهر) فكان بياض الجواهر يغطى صفرة الحصير الذهبي ، ولم يمس أحد ذلك الجوهر فقال: الحسن بن سهل للمأمون : هذا النثار نحب أن نلتقطه ، فقال المأمون لمن حوله من بنات الخلفاء : شرفن أبا محمد. فمدت كل واحدة منهن يدها فأخذت درة . وبقى باقي الدرر يلوح على الحصير . ونثر الحسن بن سهل على المأمون ـ في رواية الخطيب البغدادي ( ألف حبة ) جوهر وأشعل بين يديه شمعة عنبر وزنها ( مائة رطل ) ونثرا على القواد رقاعا فيها أسماء ضياع ، فمن وقعت في يده ضيعة كانت له ، ويقول الخطيب أن المأمون أمر للحسن بن سهل بعد انتهاء الضيافة ( بألف ألف دينار ) وأمر له بإقطاع في فم الصلح ...
• مقابل هذا الترف كان الناس فى عناء . وقبل ذلك الحفل الأسطوري بثلاث سنوات وفى سنه 207هـ كان هناك غلاء في بغداد ..وصل ثمن قفيز الحنطة إلى 40 درهما وقبل عصر المأمون كان يكفى الرجل وزوجته ( 300) درهم في السنة للمعيشة ..
• ولم يحس المأمون بأحوال الفقراء ، ولم يظهر كرمه إلا مع الشعراء و الخدم و القادة ، أى أركان ورجال دولته.أما الناس فقد ترك لهم المعاناة ، وعاش مع أركان ملكه عالة عليهم يتمتع مترفا بثمار عرقهم ومعاناتهم .
• مدحه أعرابي فأعطاه خلعة وفرسا بكامل عدته ثم أعطاه ألف درهم وألف دينار وجارية حسناء وغلاما خادما ، ومدحه الشاعر العباسي بن الأحنف فأمر له بعشرة آلاف درهم.
• وطمع في كرمه خادمه رشد الأسود فأخذ يسرق أباريقه والأواني ، وكان ذلك الخادم موكلا بوضوئه ، فعاتبه المأمون فقال له الخادم رزقي يقصر عنى .. فجعل رزقه مضاعفا ثم عاد الغلام للسرقة ، فقال له المأمون إذا أردت أن تسرق شيئا فبعه لي ، فقال له الخادم : فأشتر منى هذا الطست وهذا الإبريق قال : بكم ؟ قال بخمسة دنانير .. فقال المأمون أدفعوها له .
ثالثا
بقى ان نقول المسكوت عنه فى تلك الأرقام وذلك البذخ و هذا الكرم .
المسكوت عنه أولئك المساكين من الفلاحين و العمال الذين يكدون و يتعبون ويموتون ولا يحس بهم أحد ، وتتحول دموعهم وعرقهم الى أرقام من الملايين تضاف الى خزينة الخليفة الذى كان يزعم أنه يملك الأرض وما عليها ومن عليها.المسكوت عنه أيضا هم أولئك العبيد من الذكور والاناث ، وبعض الذكور حولوه الى خصى من صغره بقطع أعضائه الجنسية. تحول أوائك المساكين الى سلعة تباع وتشترى و توهب شأن أى سلعة من حيوان و مال و نبات ..يمدحون الخليفة الظالم و ينسون أنه لا يزيد بأى حال عن أى واحد أو واحدة من أولئك البشر الذين استعبدهم بالفعل ( الجوارى و الرقيق و الخصيان ) أو استعبدهم بطرق غير مباشر ، وهم الفلاحون و العمال ، أصحاب الأرض الأصليون ، ملح الأرض و جوهرها .. الذين كانوا يكدون فى انتاج الخير.. لغير..ولا يزالون .. فالظلم فى بلاد المسلمين لا يزال مرتفع الهامة.
رابعا :
أين ذهب المأمون الآن ؟ أين ذهبت أمواله وملايينه ؟ أصبحت أمواله مجرد صفر ،ولم يخرج من الدنيا إلا بعمله . ومن واقع المكتوب عنه فقد مات ظالما للملايين الذين سلب كرامتهم وحريتهم واموالهم .. وأكثر من هذا إنه كان ظالما لدين الله تعالى حين زعم أن ذلك هو الاسلام. والاسلام هو دين العدل والقسط وليس الظلم.
أخيرا :
يقول ابن الجوزى عن نهاية المأمون (كان سبب مرضه أنه أكل رطبًا فحم وكان سبب وفاته ..) وقال عن كلماته الأخيرة ( كان في وصيته‏:‏ أنه لا إله إلا الله وإني مقر مذنب ثم انظروا ما كنت فيه من عز الخلافة هل أغنى ذلك شيئًا إذ جاء أمر الله ؟ لا والله ولكن أضعف علي به الحساب .!! فيا ليت عبد الله بن هارون لم يكن بشرًا بل ليته لم يكن خلقًا‏! )
( تاريخ المنتظم 10 /52 : 65 ، 216 ـ ، 11 / 35 ـ )

اجمالي القراءات 20186