الحق فى العمل وتكافؤ الفرص

احمد شعبان في الأربعاء ٢٦ - ديسمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

ينص الدستور المصرى فى مادتة الاولى على المواطنة ، وهذا النص رغما عن انه شكل تحولا ايجابيا الا انه حمل في طياته العديد من التحديات التى يلزم للتعامل معها تكريس هذا المفهوم (المواطنة) حتى لا يتم تحويلة الى قيمة نظرية ، واذا ما نظرنا الى العلاقة بين المواطنة والحق فى العمل وتكافؤ الفرص نجد أن :
• مفهوم المواطنة يتجاوز الانتماءات الضيقة والتى تقوم على اساس انتماءات مذهبية او دينية او عرقية ؛ فأنه لا يعنى فى المقابل انحسار المشاعر القومية ، بل حرصت المادة الآولى من الدستور على النص بأن" الشعب المصرى جزء من الامة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة .

• ويشير مفهوم المواطنة الى علاقة الجنسية ؛ والعلاقة السياسية (حقوق وواجبات) وعلاقة معنوية وعاطفية (هوية وانتماء)
• والمواطنة بداية طريق طويل من المراجعة والتصحيح تجعل من هذا النص منطلقا لممارسات فعلية ؛ وغياب ذلك يترتب علية تلقائيا استمرارية وجود ظواهر غير صحية فى غياب استرائيجيات عملية وفعالة للمشكلات ، وقيادة الدولة المصرية اوضحت مرارا انها على وعى تام بهذه الحقيقة .

* المواطنة يتم غرسها فى نفوس الافراد من خلال مجموعة من المعطيات تؤدى محصلتها الى خلق هذه الرابطة ؛ وفى هذا المجال تبرز قضية ، احترام منظومة حقوق الانسان والتى تؤدى الى تدعيم " الجبهة الداخلية" فى مواجهة الاختراقات الخارجية ؛ وبالنظر الى منطقتنا نجد امثلة عديدة تؤكد على الافتقار الى الحقوق السياسية وانعدام المواطنة لتحل محلها ارتباطات اخرى على اساس دينى او عرفى او طائفى او اجتماعى الخ........

• المواطنة وحق العمل

وعدم الالتزام بحق العمل قد يصل الى حد اهتزاز الشعور بالانتماء " المواطنة" ؛ والتى تجعل المواطن مهمشا " عبئا على الوطن" او تتسبب فى نمو مشاعر الحقد والكراهية على المجتمع باسره والرموز التى تمثلة
• حقوق الانسان والبطالة فى مجال التوظف .
صدر الاعلان العالمى لحقوق الانسان فى ديسمبر 1948 على انه المستوى المشترك الذى يجب ان تستهدفة كافة الشعوب والامم عن طريق التعليم والتربية وقد ورد بهذا الاعلان الدعوة إلى :
عدم التميز فى كافة الحقوق والحريات لأي سبب من الأسباب ولكل شخص الحق فى العمل والحماية من البطالة والاجر المتساوى الذى يكفل عيشة لائقة وكريمة
ولكن الواقع يقول ان حدة مشكلة البطالة قد تصاعدت ؛ ولم يتم الالتزام بعدم التمييز ؛ وهذا ليس وصفا خاصا بمصر وحدها ، ولكن اسبابها تختلف من بلد لآخر . ويقتصر إلتزام الدول على اتخاذ ما يلزم لتأمين هذا الحق مع مسئولية الدول .

وتوجد ثلاث انواع من البطالة
أ‌- البطالة المقنعة وتعنى عدم ايجاد العمل
ب‌- البطالة المقنعة وتعنى ايجاد فرص عمل ولكن العمال لا ينتجون.
ج البطالة الآختيارية وتعنى رفض الافراد لفرص توظيف متاحة.
وتشير ارقام البنك الدولى عام 2005 ان نسبة البطالة فى الدول العربية تبلغ 22% ، وفى افريقيا جنوب الصحراء تصل إلى 15% وتصل إلى 10% فى امريكا اللاتينية ؛ وتبلغ 7 , 6 % فى بلدان جنوب اسيا
و يتطلب التعامل مع هذه الظاهر استراتيجية شاملة لآنها ظاهرة متجددة ونجحت الدولة فى تقليل الزيادة السكانية ؛ كما تم مواجهة المشكلة ببرامج التشغيل الحكومية ؛ وبرامج المشروعات الصغيرة وبرامج التشغيل فى المحليات والاقراض الشعبى والأسر المنتجة ؛ والتوسع فى استصلاح الاراضى ؛ والبرنامج القومى لشباب الخريجين ، ولكن المشكلة تتفاقم حيث ان 88% من العاطلين شباب منالفئة العمرية من 15 :40 سنة
وترتبط مشكلة البطالة بمشكلة أخرى هى الفقر رغم ان أحد حقوق الانسان الاساسية هى التحرر من الفقر والذى تكرسه المواثيق الدولية ، وانتشار الفقر يؤدى الى تفشي الجريمة والانحراف والتطرف ويوجد نوعين من الفقر : الفقر الؤقت ؛ والفقر المزمن والذى يكمن فى اسباب هيكلية (عدم التأهيل)
او التركيبة الاجتماعية ، وتوزيع الثروة ، ومدى الفرص المتكافئة ، كما تم التنبية على ما يعرف " بمضاعف الفقر" الذى يؤدى الى اتساع نطاقه من جيل الى جيل . ويشير التقرير الى ان مشكلة التشغيل فى مصر هيكلية وان توقعات المستقبل اكثر خطورة ؛ وان الحكومات لم يكن لديها سياسات تشغيل مستقلة اما البعد المتصل بتكافؤ القرص فيتعلق بقضية عدم التميز .
وقد حرص الدستور المصرى حرص على تأكيد المساواة الا انه قد تم رصد حالات تضرر فيها المواطنين وخاصة فى النيابة والقضاء وغيرها ؛ وقد اكد وزير العدل أنه سيتغلب على هذا بقانون اكاديمية القضاء .
اما عن الانتكاسات السلبية على كل من " المواطن والوطن والمواطنة" يمكن القول بأن الانعكاسات السلبية للبطالة يمكن تحديدها فى ثلاث دوائر : الدائرة الداخلية : والتي ترتبط بالسلوك العام السلبى نتيجة الحالة النفسية
الدائرة الثانية : وهى تتعلق بالمحيط الآجتماعى المباشر للفرد ( الاسرة والاطفال)
الدائرة الثالثة : وخاصة بالوطن (المواطنة والانتماء)
ومشكلة البطالة تمتد الى سلسلة اخرى من الحقوق ومنظومة الأمن الجماعى
وابسط النقاط الدالة على ذلك .
1- الحق فى الحياة فلما كان للبطالة اثار سيئة على الصحة النفسية فلها ايضا أثارها السلبية على الصحة الجسدية ؛ وافتقاد تقدير الذات والشعور بالفشل وبالدونية ، فالمتعطلون عن العمل يشعرون بالملل وبتدني يقظتهم العقلية والجسدية منخفضة وإعاقة للنمو النفسى بالنسبة للشباب منهم ؛ وحالات القلق والكأبة وعدم الاستقرار وعدم التوازن فى الشخصية
ومع طول فترة البطالة تتعدد المشاكل وتتراكم بشكل قد يدفع الانسان أن يضع نهاية لحياته فى لحظة من لحظات اليأس والمشكلة تترك اثرها العميق على الضمير الجماعى
2- انتشار ظاهرة العنوسة بعد ان ارتفع متوسط سن الزواج
3- شيوع ظاهرة الزواج العرفى بين الشباب كوسيلة شرعية للتأقلم مع موقف معين ؛ والتى قد تفرز اوضاعا شاذة وقد تتطور الى الانحراف الآخلاقى ، ولجوء الاطراف المعينة لا إراديا الى تحميل المجتمع بأكمله مسئولية الوصول الى هذا الوضع .
4- زيادة حدة ظاهرة اطفال الشوارع . بسبب تعدد حالات تفكك الأسر وفى هذا السياق تتلاشى الروابط المعنوية تدريجيا ليحل محلها علاقات النفور وتصدع الأسر والذي يدفع الأطفال دفعا إلى التسول أو يفرون من سوء المعاملة ؛ ويصبح الطفل ضحية اجتماعية وفريسة للعديد من المخاطر التى قد تجعل منه خارجا عن القانون .
5- حرية التعبير : البطالة تنتج حالة نفسية تفقد العاطل القدرة على التفكير بحرية كاملة ويدخل تدريجيا فى حالة اختلال نفسى تجعلة قابلا للتأثير عليه ممن يقدم له العون فى البداية ويبث له افكار قد تكون هدامة ، وتتزايد الخطورة مع وجود مصدر خارجى يسعى إلى تهديد الامن القومى ؛ علاوة على ان التطرف والآرهاب يجد ارضية خصبة فى مثل هذه المواقف .
6- الحق فى المشاركة السياسية : من الصعب على من يعانى البطالة المشاركة فى سير الحياة العامة ؛ وهذا يؤدى الى الاحباط وعدم الثقة ؛ مما يجعل العاطل يحمل الدولة المسئولية كاملة ومن الجانب الأخر يفتح الباب امام محاولات لتضخيم صفوف المعارضة لطرح نفسها كبديل ويتم هذا من خلال تقديم الخدمات وليس على اساس برنامج ؛ وعلى مستوى أخر يخل بمبدأ الارادة الحرة فيما يعرف " بشراء الاصوات"
7- اضعاف رابطة المواطنة
مفهوم المواطنة الذى جاء فى التعديلات الدستورية يمكن ان يتأثر بشكل سلبى بظاهرة البطالة ؛ والتى تتلاشى معها الصلة المعنوية بين الفرد والوطن وهذه نقطة ضعف خطيرة ؛ حيث يصبح الفرد فريسة سهلة لكافة التيارات سواء كان عالم الجريمة او الانتماء الى جماعات محظورة
وعلية يتم الاستخفاف بكل ما يتصل بحقوق الانسان ؛ ونتغلب اعتبارات المصلحة الشخصية والتى تتخذ التبعية والولاء للاخر .
8 – توفير مدخل محتمل لاختراق الأمن القومي
وجدت مجموعة من الاسباب التى دفعت الى اقتراح ادخال مبدأ " المواطنة " فى المادة الاولى من الدستور .
وكان السبب الرئيسى هو ان عدد من الدول العربية تتعرض الى " التجريف الاجتماعى والطائفى " تحت تأثير افكار مسمومة تقسم ابناء الوطن على اساس الدين او الطائفة او الاصل او العرق ؛ وقد اضحى مطلوبا من جميع مكونات الشعب حماية البلاد من تأثير هذه الافكار المسمومة ؛ واعادة الاعتبار لمبدأ المواطنة والذى هو شعور وجدانى بالانتماء الى الوطن .
اما الامن القومى فيتعلق بأمن وسلامة الوطن
ويتضح من ذلك ان مصطلح الوطن يشكل عاملا مشتركا بين كل من المفهومين ومما لاشك فيه ان الوطن كقيمة معنوية ترتبط ارتباطا وثيقا لحماية الامن القومى للبلاد بل هذه هى الركيزة الاساسية بهذا الخصوص والمواطن يمثل عنصرا فاعلا فى المحصلة النهائية لعناصر القوة للبلاد .
وارتفاع نسبة المواطنة يعنى تلقائيا انخفاض ملموس فى قدرة الاطراف المعادية على تحقيق اختراقات مؤثرة على الامن القومى .
علاوة على مشاعر السخط والاحباط من خلال اثارة انقسامات طائفية او فكرية او مذهبية ؛ كما تشير الاحدات الدائرة فى العراق بعد سقوط النظام عام 2003 ، وما شهدته الساحة اللبنانية إبان الحرب الاهلية على مدار 15 عاما .
9 - الاسهام فى توفير تربة صالحة يمكن توظيفها لصالح الاهارب .
من خلال التركيز على نقطتين بالتقرير الذى اعدتة الامم المتحدة عن الارهاب
أولهما : أن حماية حقوق الإنسان يعد أمرا في غاية الأهمية لمنع الإرهاب ، والبطالة ترتبط بالفقر والشعور بالظلم الاجتماعى مما يخلق بيئة قابلة لتقبل افكار خارجية ؛ ومع انكسار الرابطة المعنوية مع الوطن يتم الانسياق وراء تلك التيارات
وقد كانت مصر اول من دعت الى عقد مؤتمر دولى لمكافحة الارهاب فى عام 1986 على قاعدتين الاولى امنية بالملاحقة للعناصر الارهاربية .
والقاعدة الثانية تهتم بالبحث فى جذور الارهاب بالكشف عن دوافعة السياسية والاقتصادية والنفسية .

اجمالي القراءات 26744