حمال أوجه ..

عمرو اسماعيل في الإثنين ١٢ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

بدأت هذا المقال كتعليق علي فتوي الزواج من الكتابي ..ولكنني وجدته طويلا ففضلت وضعه كمقال منفصل لفض الاشتباك هناك ونقله الي هذه الصفحة .. فسامحوني ..واسمحوا لي أن أقول رأيا أعتقد أنه لن يعجب الجميع أو الكثيرين.. هذا النقاش الطويل عن حق زواج المسلمة من الكتابي أو لا ..وللأسف الشديد يؤكد وجهة نظر البعض أن القرآن حمال أوجه .. ولهذا اختلفت التفاسير وكل يأتي بآية وتفسيره لها .. وفي رأيي المتواضع أن هذا أعظم ما في القرآن ..وهوما يجعل الأمر علي المستوي الشخصي حسب تفسير كل منا واطمئنانه لهذا التفسير وإيكال أمره لله ..
فلنعرف من هو الكتابي ..أولا ..
وحسب فهمي ..هو غير المسلم من يوحد بالله ويتبع التوراة أو الانجيل ويعمل صالحا .. كيف يوحد بالله وكيف يعبده هو ما يختلف من دين لآخر ..
وحسب فهمي البسيط ...لا يوجد مسيحي أو يهودي مؤمن حقا .. غير موحد بالله ..هو قد يفهم التوحيد ويعبد الله بطريقة تختلف عن المسلم ..
إذا الذي يفرق هو إن كان يعمل صالحا أم لا ..ويعمل صالحا هنا معناها هل يضر الآخرين أم لا ..
فمن يسرق ويزني ويقتل هو بلا شك لا يعمل صالحا ..سواء كان مسلما أم لا ..لا فرق ...
ولهذا كل مؤمنة .. مسلمة أو مسيحية أو يهودية ..وتعمل صالحا ..هي حل لكل مؤمن يعمل صالحا سواء كان مسلما أو مسيحيا أو يهوديا ..والعكس صحيح ..
أما غير ذلك ...فالزواج هو زواج مدني ...عرض وقبول وشروط .. وفي هذه الحالة ..دين الزوجين لا يفرق في الأمر شيئا ..وهو زواج قانوني يحمي الحقوق ..وهو أقرب لروح الاسلام..
ولهذا أنصح كل امرأة مسلمة كانت أو غير مسلمة ...أن تختار زوجها من النوع الذي يعمل صالحا والعكس ..وأن يكون هذا الزواج بعقد مدني به شروط واضحة تحمي حقوق الطرفين وحقوق الأطفال ناتج هذا الزواج ..وهذا الزواج هو أقرب لروح الاسلام وروح أي دين ..
أما من يتزوج ويطلق أكثر من ثلاثين امرأة مثلما هو الحال مع ملوكنا الذين يدعون تطبيق الشريعة..ويترك من يطلقهن بدون حتي حق الزواج مرة أخري .. فهو سلوك من لا يعمل صالحا ..أو من يعدد الزوجات بدون سبب ولا يعتني بهن وبأولاده منهن فهو سلوك من لا يعمل صالحا ولو كان مسلما يدعي الاسلام ..أو من يتزوج كنسيا امرأة واحدة لا يغيرها ثم يخونها مع نساء عديدات ولا يراعي الله فيها ...فهو بلا شك ليس مؤمنا يعمل صالحا ..
الزواج المدني بعقد وشروط ودون ذكر ديانة الزوجين فيه ...هو الحل لهذه المشكلة وهو الأقرب لروح العدل ..الذي هو جوهر الأديان كلها وأولها الاسلام ..تماما مثل الدستور المدني الذي يعطي لكل مواطن حقه ويحدد واجباته دون تمييز علي أساس الدين ..
لكي لا يكون القرآن حمال أوجه ...يجب أن نفرق بين ثلاثة أمور في رأيي وهو رأي لا أدعي صحته ولا أفرضه علي أحد ولكنني مؤمن به ...ما هو موجه لكل البشر في كل زمان ومكان من أيات تحض علي الهداية والتوحيد ومكارم الأخلاق  وهي في الغالب سور مكية قريبة الي قلبي وعقلي ..وماهو موجه للمسلمين فقط من عبادات  والتزامت.. والأمر الثالث السور والآيات المقصود بها التعاملات المدنية في وقت معين وزمن معين ..وهذه هي الآيات التي يحدث دائما بشأنها مثل هذا النقاش الطويل والتي تجعل علاقتنا بغير المسلمين والعالم كله متوترة ..وهذه الآيات في رأيي استرشادية وليست ملزمة ..ويؤخذ جوهرها .. العقاب لجريمة تؤذي المجتمع مثلا وليس طريقة العقاب .فطريقة العقاب التي كانت تصلح لزمن ما ومكان ما ...قد لا تصلح للزمن الحالي والمكان الحالي ..تعدد الزوجات يشترط العدل .إذا ممكن تحديده بشرط العدل .. والمرأة هنا هي من تستطيع أن تشترط في عقد الزواج  .. أآيات القتال والرق والعبيد وماملكت الأيمان والجزية ..انتفي العمل بها لا نتفاء العلة ..لا يوجد رقيق الآن .. ولا يستطيع محارب أن يسبي نساءا ..ولا توجد ماملكت الأيمان .. ولا يوجد من يمكن أن نقول عنهم أهل ذمة .. فالجميع في ذمة الله والوطن ولهم حقوق متساوية وواجبات متساوية ...هناك بلا شك .زجزء تاريخي في القرآن ..كان موجها لإناس محددين في زمن محدد ومكان محدد ..وهذا الجزء التاريخي ..لأننا  لا نفهمه في حدود زمنه ومكانه هو سبب هو الاختلاف بين المسلمين أنفسهم وبينهم وبين أتباع الأديان الأخري .. وللأسف الشديد نجحت الشعوب الأخري ان تفرق بين ماهو تاريخي في معتقداتها وما هو صالح أن يصبح جوهرا لكل زمان ومكان .وعدم تفريقنا كمسلمين بين الجوهر والتفاصيل ..وبين ماهو كلي ونسبي في الدين الاسلامي ..نعاني أزمات لا تنتهي وتحتد نقاشاتنا .. وتصبح علاقتنا متوترة مع أتباع الأديان الأخري .. بل التوتر الشديد بين من يطلقون علي أنفسهم شيعة ومن يطلقون علي أنفسهم سنة .. وهي تسميات سياسية ليس لها أي علاقة بالاسلام كدين ..

إنه مجرد رأي .لا أفرضه علي أحد .. رغم أنني لا أخفي اقتناعي به وقد منحني سلاما مع النفس ومع الآخرين .. القرآن فعلا حمال أوجه وهذا سر عظمته وديمومته...فلنفهمه ونتدبره بوجه القرن الواحد والعشرين .. وليس بوجه القرن الأول الهجري ..

 

اجمالي القراءات 12226