مصر ليست هؤلاء ..

عمرو اسماعيل في الإثنين ٠٥ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

لا أدري هل يجب أن أشكر أو اعتذر لمن أوحي لي بهذا العنوان .. وهو قد أجهد نفسه لعمل موقع لمهاجمة العبد الغلبان ومعه الكثير ممن يكتبون هنا .. ولكنني أجد نفسي ميالا لأن أشكره .. لأنني معجب فعلا بالعنوان ..
وفعلا أقول له ولكل من شاركه في هلوساته علي موقعه .. فعلا مصر ليست أنتم و ليست هؤلاء ..
مصر ليست يوسف البدري وكل من يحاول أن يخنق حرية الفكر والابداع ..
مصر ليست مهدي عاكف وصحبه الذي لم يخجل من نفسه عندما قال طز في مصر .. ويريدون أن يفرضوا الوصاية علي مصر وشعبها وبرناجهم السياسي الأخير خير دليل والذي رفضه كل مفكري مصر ومثقفيها ..
وهي بالتأكيد ليست أيمن الظاواهري الذي ترك مهنة إنقاذ الأرواح إلي مهنة إزهاقها .. وليست هي إرهابيي الجماعة الاسلامية ولا جماعة الجهاد .. من عبود الزمر الي عمر عبد الرحمن .. نماذج يرفضها ويلفظها المجتمع المصري ..
مصر هي رفاعة الطهطاوي و محمد عبده و الشيخ شلتوت في الدين .. مصر كانت ومنذ فجر التاريخ ..تمثل التسامح والاعتدال والوسطية التي يمثلها هؤلاء ..
مصر هي سعد زغلول و مكرم عبيد في السياسة .. الذين أكدوا علي أن مصر وطن للجميع ..والدين فيها لله ..
مصر هي عمالقة الفكر من طه حسين و احمد لطفي السيد الي عباس العقاد وعبد الرحمن الشرقاوي ..
وعمالقة الأدب والرواية من نجيب محفوظ ويوسف إدريس إلي جمال الغيطاني وأسامة أنور عكاشة ..
وعمالقة الشعر من احمد شوقي واحمد رامي وابراهيم ناجي .. الي عمالقة العامية بيرم التونسي واحمد فؤاد نجم ..
مصر هي عمالقة الفن والتمثيل والغناء .. من يوسف وهبي وعبد الوهاب .. الي أم كلثوم ونجاة الصغيرة .. من أمينة رزق الي سعاد حسني و مرفت أمين و عادل إمام ..
مصر هي التسامح والأدب والفن وحب الحياة والتنكيت ..
مهما أصابها من نكبات فهي قادرة علي أن تتجاوزها .. ومهما أتاها غزاة عسكريين أو غزاة فكر فهي قادرة علي التخلص منهم والاحتفاظ بأصالتها وتراثها وطبيعتها ..
لقد هبت علي مصر رياح صحراوية عاتية محملة برائحة نفطية تحمل أفكار التعصب والتطرف والتدين المظهري الخالي من الجوهر في العقود الثلاثة الأخيرة ..ورغم شدة هذه الرياح فلن تستطيع اقتلاع جذور الطبيعة المصرية الأصيلة المتسامحة الخلاقة .. مصر هي أقوي من مثل تلك الرياح ..كما كانت دائما أقوي من كل الغزاة والطغاة ..ذهبوا جميعا وبقت مصر قوية عملاقة ..
مصر ليست هؤلاء ممن ينشرون أفكار التعصب وخنق الحرية والابداع .. ومن يستغلون الدين لأطماع سياسية دنيوية ..يغسلون الأموال ويقيمون التنظيمات السرية .. سيتصدي لهم الشعب المصري قبل النظام المصري .. ومهما حاولوا إقامة حفلات إفطار يحاولون بها استمالة مفكري مصر .. فهي لن تجدي نفعا حتي مع هؤلاء ..
لقد ذهب كل من هاجموا طه حسين وبقي طه حسين عملاقا مثل مصر .. كل ما كتبوه ضده ضاع في زبالة الفكر وبقت كتب طه حسين ...مثله تماما مثل نجيب محفوظ .. ستظل روايته العملاقة أولاد حارتنا عملا أدبيا راقيا مهما اختلفنا مع محتواها .. وسيعاد نشرها لسنين طويلة قادمة .. تماما مثل كتب طه حسين ..
مهما ابتلينا في مصر بأمثال يوسف البدري وعمر عبد الرحمن وقتلة السادات رحمه الله .. ومن قتل فرج فودة ومن حاول قتل نجيب محفوظ وحرض عليه .. ومن حاول نشر فتوي إرضاع الكبير .. فلن يستطيعون التأثير في الشعب المصري الطيب الصبور المحب للحياة والأدب والفن والغناء .. مصر ليست هؤلاء ..
إن مصر التي أحبها و شعبها العظيم قادران علي البقاء و المقاومة رغم أنف السياسات الخاطئة للحكومة الحالية- أو أي حكومة سابقة أو لاحقة - والشعب المصري سيظل شعباً متسامحاً محباً للحياة رغماً عن مظاهر التعصب الديني الذي يظهر علي السطح من آنِ لآخر .. فأنا لا أستطيع أن أتخيل مصر بدون شيخ الأزهر الذي أتمناه مثل الشيخ شلتوت أو البابا شنودة ، لا أستطيع أن أتخيل مصر بدون الهلال أو الصليب ، لا أستطيع أن أتخيل مصر بدون التنكيت علي الصعايدة رغم حبنا لهم ، والتنكيت علي جمهورية المنوفية رغم سيطرة أبناءها علي المواقع الحساسة

إن مصر التي أحبها هي مصر العربية القبطية الفرعونية ؛ هي مصر الإسكندرية الإغريقية و الرومانية و القاهرة الفاطمية و قلعة صلاح الدين الأيوبي ؛ مصر الأهرامات و سانت كاترين و السد العالي ؛ مصر مار جرجس و السيدة زينب ؛ مصر عمرو موسي و بطرس غالي .

وكم كنت أود أن أنهي كلامي هذا بنكتة مصرية أصيلة ولكن للأسف كل النكت التي أعرفها هي نكت حارة لا تصلح للنشر مثل شعر نجيب سرور ..
هل ينكر أي مصري أننا نحب شعره مثل حبنا لغناء الشيخ أمام ؟
كم أعشقك يا مصر وأفتقدك .. وأفتقد زمن مصر الجميل ..زمن الثقافة والفن والتسامح الديني .. وأدعو الله ألا تكون مصر أبدا هؤلاء .. يوسف البدري ومهدي عاكف وصحبه ..

عمرو اسماعيل

اجمالي القراءات 8148