هل هناك حل , فإن كان, ما هوعلى وجه التحديد!!!

فوزى فراج في الثلاثاء ١٦ - أكتوبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

هل هناك حل , فإن كان, ما هوعلى وجه التحديد!!!
مناقشة مفتوحة


كتبت مقالة منذ فترة طويلة نشرتها اول ما نشرتها على موقع اخر منذ عامين تقريبا, ثم قررت ان انشرها على موقعنا هنا, وقد فعلت ذلك منذعدة أسابيع, وهى بعنوان "الدرس الذى لا نستطيع استيعابه". وقد قام عدد من الأخوة والأخوات بالتعليق على تلك المقاله, غير ان احد الأخوة الذين أحترم واعتز بتعليقاته ومناقشاته وتبادل الأفكار معه احيانا , يبدو اننى اثرت حفيظته فى احد ردودى على احد التعليقات, ويبدو ان جملة مما قلت فى ذلك الرد "أغضبته ", عندما قلت ( ان المشكله قد تفشت فى جميع الطبقات والطوائف, كما لو كانت عدوى أصابت الجميع, والمواطن كما اسميه جدلا, لا يرقى الى درجه مواطن بالقياس الى اى دولة اخرى نصف متحضره, المواطن قد رضى تماما بدوره , فهنيئا لهم جميعا حاكما ومحكوما.). وربما كنت "قاسيا" الى حد ما فى ذلك التعليق, ولكن تلك القسوة لها ما يبررها كما سوف اشرح لاحقا, علما بأن أخوتى وعائلتى وأقاربى ممن لازالوا يعيشون فى مصر قد انطبق عليهم جميعا ماقلت.

 
وقد أجاب الأستاذ أحمد شعبان على ذلك بقوله :


(السادة أهل القرآن لي سؤال أرجوا الإجابة عليه ألا وهو : إلى متى سوف نجتر أمراضنا ؟ .
يا دكتور / منصور ماهى إستراتيجية الإصلاح لديكم حتى نتبعها وكفانا ما فات ، أما عن مصر والشعب المصري فهمم مازالوا بخير ، والفارق الوحيد وأقول " الوحيد " هو الامكانيات وفقط ، أما أمراضنا النفسية فهى واحدة سواء في مصر أو في الخارج .
أقول هذا بسبب ماقاله الصديق الأستاذ / فوزي ( المشكله قد تفشت فى جميع الطبقات والطوائف, كما لو كانت عدوى أصابت الجميع, والمواطن كما اسميه جدلا, لا يرقى الى درجه مواطن بالقياس الى اى دولة اخرى نصف متحضره, المواطن قد رضى تماما بدوره , فهنيئا لهم جميعا حاكما ومحكوما.)
وأكتب هذا مأنا في شدة الأسف لما وصلت إليه حدة لهجتي ، وأخيرا أقدم للجميع كل الاحترام والتبجيل .


ولربما يرى الأستاذ شعبان ان مصر والشعب المصرى مازالوا بخير وان كان من الصعب تقييم كلمة ( بخير) تقييما محايدا من جهة الكم والكيف, فالجهاز الذى يحكم مصر يقول ان مصر تعيش أزهى عصور الديموقراطيه والرخاء والسلام والحريه فى عصر مبارك, وجماعات المعارضه تقول عكس ذلك تماما, ولكى نجد الحقيقه المجرده دون مبالغات يجب ان ننظر الى الصورة التى وصلت اليها مصر وأن نسأل عددا من الأسئله التى قد نستطيع من خلال الإجابه عليها ان نقيس درجة ( الخير) الذى يعم ويشمل مصروالمصريين, أما بالنسبه للأمراض النفسية التى أشار اليها, فهذا موضوع أخر لن اتعرض له الآن.


وقبل ان اقترح بعض المؤشرات التى أرجو ان ننافشها, أرجو ان اشرح لماذا كنت قاسيا الى حد ما فى تعليقى الذى أثار حفيظة الأستاذ شعبان.


ان المواطن الذى رضى ان يحكم ( بضم الياء وفتح الكاف) تحت قانون الطوارئ لأكثر من ربع قرن, ولم يحرك ساكنا ولم يثور ولم يغضب ولم يوحده مثل ذلك الحدث الجلل والمعاملة التى لا يمكن ان توصف بأقل من الإستهجان به وبرأيه من قبيل الحكومة, المواطن الذى لايؤرقه ذلك, الذى لا يخرج الى الشارع ليعلن عن غضبه وعصيانه ورفضه لذلك التصرف الهمجى الغير قانونى والغير مسبوق لشعب اخر من شعوب العالم فى تاريخ العالم, هذا المواطن يستحق ما يحدث له من معاملة كمواطن غير متحضر فى دولة غير متحضرة يحكمها ديكتاتور لا يهتم ولا يكترث ولا يفكر ولا يعتنى بمن يحكمه بل ربما يحتقرهم ويستهين بهم تماما.

 
ان المواطن الذى لايدرى ان العمل بقانون الطوارئ يعنى تعطيل الدستور الشرعى للبلاد , ويعنى ان يسمح الجهاز الحاكم لنفسه بإتخاذ آية إجراءات مهما كانت مضادة للقانون او العرف او المنطق بحجة اتخاذها فى ظروف "الطوارئ", ان المواطن الذى لايدرك ان الطوارئ لاتعلن إلا فى حالات تهديد امن الدوله او حالات الحرب او الحالات الأستثنائيه للغاية مثل عمليات التخريب او الإرهاب الداخلى الذى يحصد ارواح عدد لا يستهان به من المواطنين, والتى لا يجب ان تدوم اكثر من عدة أسابيع او عدة شهورعلى اقصى تقدير( أقصد هنا حالة الطوارئ), وان دامت لمدة أطول من ذلك فإن هذا اعترافا صريحا وضمنيا بفشل الحكومه والجهاز الحاكم فى معالجة الموقف, وفى اى دولة محترمة او حتى نصف متحضرة يطالب الشعب الحكومة بالتنحى ويطالب بتغييرها بأكملها ان لم تكن غير قادرة على التصدى لما يستدعى اعلان الطوارئ لفترة تتعدى بضعة شهور.


ان المواطن الذى لايعرف حتى كيفية ممارسه العصيان المدنى, وهو ليس بإختراع جديد, فقد عرفته شعوب كثيرة من قبل وكانت له نتائجا ايجابية كثيرة, يستحق ما يفعله الحاكم به.


ان المواطن الذى يرى الحاكم مخالفا للقانون لأكثر من ربع قرن, ضاربا عرض الحائط بأى صورة ولو شكلية لأحترام القانون, فلا يسمى او يعين نائبا له لأكثر من ربع قرن, بحجة انه اما لم يجد الشخص الذى هو كفؤا بالمركز( من بين سبعين مليونا!!!) او بأن قانون الطوارئ يعفيه من ذلك الإلتزام او ربما فى الحقيقه حتى يجهز ارض المسرح كى يورث الرئاسه لإبنه كما يفعل الملوك والأباطره, ان ذلك المواطن الذى يرى ذلك, ولا يخرج فى مظاهرة مطالبا الحاكم بإحترام القانون ولو اضطر ان ينام امام " قصره الجمهورى او الملكى " حتى يمتثل لمطالبه, هو مواطن لايستحق لقب او حق المواطنه.


ان المواطن الذى لا يشغله سوى " لقمة العيش" واشباع معدته ولا يطلب الا " الستر" لايستحق ولا يرتفع ولا يساوى فى مستواه الحضارى أكثر مما يطلبه من "لقمة العيش والستر" بصرف النظر عن الذى الثمن الذى يدفعه من أجلهما.


ان المواطن الذى يعتقد انه ليس له "فى الطور او الطحين" عند اختيار من سيحكمه وعندما يسأل ( بضم الياء) عن ذلك يقول" ان صوته لا قيمه له لأنهم سوف يفعلون ما يريدون" لا يستحق ان يعطى حتى ذلك الصوت ليدلى به.


ان المواطن الذى يرى الظلم يرتكب حوله ليلا ونهارا ويرى الفساد وقد استشرى فى كل اركان المجتمع, سواء فى عدم تكافؤ الفرص او فى بطالة لم تنتشرمن قبل فى بلده حتى فى اسوأ درجات الكساد الإقتصادى والركود , ولا يعترض على ذلك, يستحق ذلك الظلم وأكثر.


ان المواطن الذى يرى العالم من حوله يتقدم ويرى نفسه وبلاده تتراجع, يرى دولا كانت اقل من بلدة حضارة وقوة وتاريخا ومكانة بين الدول قد تفوقت عليه واجتازته فى سباق الحضارة والحريه والتقدم , ولا يعترض على ذلك بكل ما لديه من قوة وامكانيات, ولا يسأل لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا, لايستحق ان يكون له مكانا متقدما فى العالم, ولا يكترث العالم له.


ان المواطن الذى يؤمن بفلسفة او نظرية " مشى حالك ومعلهش" والذى يدفع الرشوه عن رضا تام , ومن ثم يقبلها عندما يكون فى موضع له ان يقبلها , لا يستحق ان يعتبر نفسه سوى مواطنا متخلفا فى دولة متخلفة .


ان المواطن الذى ينتمى الى اكثر من سبعين مليونا من المواطنين الآخرين, يحكمهم عدة مئات لا أكثر من الأفراد ومهما قيل عن طغيان الجهاز فلن يستطيع ان يضع سبعين مليونا فى السجن و لا حتى عشرة ملايين منهم, ولا حتى مليونا واحدا, اى لو ان مواطنا واحدا من كل عشرة مواطنين, او حتى من كل سبعين مواطنا, اعلن عصيانه للجهاز الحاكم فلن يستطيع ذلك الجهاز مهما كان جبروته وطغيانه واعتماده على الجيش او البوليس وهم اصلا من أبناء ذلك الشعب, لن يستطيع ذلك الجهاز ان يسكتهم وان يكتم اصواتهم, خاصة فى عصر الأنترنيت الذى فتح نافذة للشعوب التى كانت سجينة تحت سيطرة اجهزتها الحاكمه فلم ترى او تقرأ او تسمع الا ما أراد جهازها الحاكم ان تراه او تقرأه او تسمعه, هذا المواطن لا أجد له اسما فى قاموس اللغة سوى متخاذل.

 
ان الحاكم الذى يحكم مصر منذ اكثر من ربع قرن, مثله مثل اى حاكم اخر يود ان يبقى فى الحكم اطول مدة يسمح له القانون بها, ولو ان بوش يستطيع ان يغير الدستور كى لايكون هناك سقفا لمدة الحكم لفعل, ولكن القانون لايسمح له بذلك, ومبارك يحكم بالقانون الذى يسمح له بالحكم دون اى تحديد لعدد المرات, غير ان القانون لم يأتى من السماء بحيث يصبح غير قابل للتعديل, والقانون وضعه رجال ولدتهم امهات مثلك ومثلى ومثل اى مواطن أخر, يأكلون الطعام وربما لايمشون فى الأسواق مثلك ومثلى , ولكنهم يمرضون وينامون ويصابون بالأمساك والأسهال ...الخ, انهم ليسوا سوبرمان, ليسوا مخلوقات غير عادية, ولو اتيحت لك الفرصه لتجالسهم على الطبيعة دون ان يتخفوا خلف مناصبهم لربما وجدتهم اقل منك ذكاء ومعرفة ولربما لما وجدت نفسك تحمل لهم شيئا من الإحترام او الخوف او الهيبة والرهبة التى اضفوها على انفسهم من خلال مراكزهم. مبارك وأبنه والشرذمة التى من حوله ليسوا سوى ادميين من امثالنا , لهم ضعفهم ولهم ما يخافونه ويخشونه بل ربما كان هناك مما يخشونه ما هو اكثر اضعافا مما يخشاه المواطن المتوسط, الا ترى انهم لايتحركون الا فى حراسه مشدده , فهل تساءلت لماذا!!!!!!!

 
من الممكن ان اعطى عشرات الأمثلة الأخرى , ولكن اعتقد اننى قد وضحت لماذا كنت قاسيا فى تعليقى,لأنننى فى مكان استطيع منه ان أرى ما لايراه غيرى ممن عاشوا فى مكان واحد وتحت نظام واحد, بل ان هناك فى مصر اكثر من ثلث سكانها ممن ولدوا ولم يروا فى حياتهم كلها غير زعيم واحد لاغير. غير اننى لا اعنى ولم اعنى ان كل مواطنى مصر بأكملهم ينطبق عليهم ما ذكرته اعلاه, اذ من المستحيل ان اعمم بينما قلت فى كثير من مقالاتى ان التعميم الشامل خطأ فادح وظلم كبير, هناك مما لا شك فيه ولا جدل بشأنه من المواطنين فى مصر من يدركون ويتفقون تماما مع كل كلمة قلتها اعلاه بل هناك من لديه وما يقول ما هو اقسى من ذلك بكثير, ولكنهم قلة لا تأثير لها بين اغلبية ساحقه, كقطرة من الحبر ذابت فى حمام السباحه فلم يراها احد ولم يسمعها احد ولم يدرك وجودها احد.

الأسئلة التى اقترح ان نسألها تدور حول عدد من المحاور والمؤشرات, فهناك المحور الثقافى, والمحور الإفتصادى, والمحور السياسى, والمحور العسكرى, والمحور التجارى, والمحور الصحى, والمحور الخدماتى ان صحت تلك التسميه, ومحور العدالة الإجتماعيه, والمحور الإسكانى, ومحور حريات الفرد, وأكتفى بذلك الأن وان كانت هناك عدة مؤشرات اخرى ولكن اختصارا للوقت سأتركها جانبا الأن ولربما قد أعود اليها ان كانت هناك حاجة لذلك. فأى من تلك المؤشرات او المحاور نرى ان هناك تقدما وأنها قياسا الى ما كانت عليه مصر منذ عشرة أعوام او عشرون عاما او ربع قرن منذ تولى الجهاز الحاكم مسؤلية الحكم, او حتى نصف قرن منذ بعد قيام ثورة يوليو ( المباركه !!! ) قد خطت الى الأمام أوقد كان هناك تقدما بها, سواء ملموسا او حتى قليلا يمكن ملاحظته, سواء بالمقارنه بمصر قبل ذلك او بالمقارنه بالشعوب الأخرى فى المنطقه او فى العالم, مع الأخذ فى الإعتبار حتمية التطور والتغيير الذى ساد العالم ولا دخل لحكومة ما فى التحكم فيه او فى الإدعاء بأنها كانت السبب فى ذلك.

لقد طلب الأستاذ شعبان ان نقترح ( استراتيجية الإصلاح) , ولذلك كتبت هذه المقالة التى سوف افتحها له وللجميع للإدلاء بما يراه كل منا كحل لما وصلت اليه مصر, والى ما وصل اليه العالم العربى, والى ما وصل اليه العالم الإسلامى, ولا يمكن ان ينكر احد اننا فى موقف لا نحسد عليه وأن الكثير من الأمم الأخرى تنظر الينا سواء فى مصر او العالم العربى او العالم الإسلامى بإستهجان وازدراء ولا يكترث منهم احدا لما وصلنا اليه, بل يتمنى البعض ان نستمر فى تراجعنا حتى نختفى من على وجه البسيطه. يقول البعض ان الحل هو الرجوع الى الإسلام الذى مارسه المسلمين اربعة عشر قرنا مضى( الإسلام هو الحل !!!), بينما يرى البعض ان هذا فى حد ذاته تخلفا ولن يؤدى بنا الا الى المزيد من التراجع والتخلف عن الأخرين . يرى البعض ان الديموقراطيه هى الحل, بينما يشير البعض الى مساوئ المجتمعات الديموفراطيه والتى تختلف عن المجتمعات الإسلاميه اختلافا بينا. ما هو الحل على وجه التحديد, كيف يمكن حل مشكلة مصر ام ان ليس هناك مشكلة تستوجب الحل وأنها ( بخير), وما هى ( الإمكانيات) التى تنقص فى مصر و أشار اليها الأستاذ شعبان, وان استطعنا ان نحددها ما هو السبيل الى توفيرها. وما هو الحل بالنسبه للدول العربيه , وهل ينطبق عليها نفس ما ينطبق على مصر, وماذا بشأن العالم الإسلامى عامة هو الأخر وكيف يمكن ان نصلحه. اسئلة قليلة لمشكلة اكبر من ان يتم وصفها على صفحة واحده, او حتى صفحات كثيرة, ولكن كما يقال ان اول الألف ميل خطوة واحده, ولابد ان نبدأ من مكان ما, لذلك ارجو من كل من يود المشاركه بأفكاره ان يتفضل وان يشارك بما يعتقد انه الحل او بداية الحل من وجهة نظره, ربما هناك حلا يمكن تطبيقه على مصر والعالم العربى والإسلامى , او حلا يمكن ان يطبق على احدهما فقط دون الأخر, فما هو الحل؟


ان وضع الحل على الورق, اى الحل النظرى كما يسمى, غالبا ما يكون اسهل من التطبيق العملى, وقد قلت لعدد من أصدقائى ان المشكله فى مصر على الأقل قد اصبحت متشابكه بطريقة قد يصعب حلها حتى على الورق, فما بالك عندما نتخيل ترجمة ما نضعه على الورق الى التطبيق العملى.


لايمكن ان نتخيل ان هناك حلا بدون قائد او قائدا بلا حل, ولابد ان يكون القائد اهلا لذلك وأن يكون الحل على مستوى المشكله. فمهما كانت عبقرية القائد , فلن تجدى ان لم يكن هناك حل جيد ومنطقى وعملى قابل للتنفيذ, ومهما كان الحل منطقيا وجادا وعمليا, فلن يكن له اى تأثير مع قائد غير كفؤ له , كما لايمكن ان يخرج من تلك المعادله العنصر الأكبر تأثيرا على نتائجها, ألا وهو رجل الشارع, المواطن الذى هو موضوع القضية. والذى هو السبب فى المشكله والسبب الذى يجب ان تحل المشكله والذى به وليس بغيره تحل المشكله.


دعنا نتبادل الافكار, يقال ان اول خطوه فى حل مشكله هو تحديدها و الإعتراف والأقتناع بوجودها, وقد تحددت المشكله فى الكثير من المقالات والأراء والنقد والشكوى ....الخ, لقد حان الوقت ان نتصدى لها وان نتجاوز تلك المرحله فمرحبا وأهلا وسهلا بكل من يود ان يشارك بالحل , ان كان هناك حلا.


مع تقديرى وشكرى للجميع

اجمالي القراءات 22289