حساب الملكين

Inactive User في الجمعة ٢٩ - سبتمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

حساب الملكين
تساؤل قديم يؤرقنى دائمأ لماذا يريد كل إنسان فى العالم العربى خصوصأ ان يحاسب الآخرين على أعمالهم وأن ينصب من نفسه قاضيأ وجلادا لكل إنسان يتعامل معه فى أى مكان ولماذا يفسرون كل همسة وكل كلمة وكل حركة على أساس هذه الأيدولوجية الوراثية الكريهة والبغيضة وما هذه السلطة المستفزة التى يسمح بها كل عربى لنفسه ويفسح له المجتمع مساحة شاسعة ليمارس فيها إرهابه كيفما شاء , بل إن دولأ كاملة قد أنشأت وزارات وأسست هيئات لممارسة هذه الهواية الدخيلة ليس على دين الإسلام وحده بل وعلى كل دين نزل من السماء , فأى دين هذا الذى يعطى السلطة لإنسان لا يعدو كونه إنسان بكل صفات الضعف والمرض والخطأ والنسيان أى دين هذا الذى يسمح لذلك الضعيف الميت آجلا أو عاجلأ ان يتدخل بأنفه السخيف ليحاسب ويعاقب شخصأ آخر قد يكون أنظف وأطهر منه وأقرب إلى محبة الله تعالى من ذلك المحاسب
بالطبع لا أتحدث عن معاقبة القانون لمجرم على جريمته , كلا وألف كلا فلا بد من قانون يعاقب المجرم على جرائمه ويكافىء المحسن على إحسانه وإنما يتركز كلامى على أولئك المفتشين فى دخائل قلوب العباد والمنقبين فى دهاليز العقول بحثا عن بغيتهم فى وجود ثغرة أو غلطة أو خطيئة حتى يتم إدخال الضحية فى أقفاص سجونهم المحصنة بالغلظة والضلال والجريمة الكبرى المنظمة ضد كل ما هو إنسانى 0
فلان لا يصلى .. علان لا يصوم .. ولا يزكى .. إنه يتحدث كثيرا إلى النساء , لماذا لا يصلى معنا فى المسجد ؟ إذأ هو ضال بل خارج عن الدين , لماذا لا يصوم رمضان ؟ إنه ضائع ومصيره جهنم ..
هل صليت الصبح ؟ هل أخرجت زكاتك ؟ هل قمت الليل ؟
أسئلة كثيرة ومكررة وإذا ذكر أمامك إسم النبى محمد تراه قد سكت هنيهة حتى يسمعك تقول ( صلى الله عليه وسلم ) وإذا لم تقلها سألك لماذا لا تصلى على النبى ؟
ألا يمكن أن تصلى عليه دون أن يسمعك صاحبك ؟ ولماذا يريد التأكد من صلاتك على النبى ؟ علمأ بأنه لن يسألك هل تذكر الله كثيرأ ولماذا يسألك ؟ وهل من حقه معرفة حقيقة صلتك بربك ؟ هل من حقه الإطلاع على هذا الغيب المكنون ؟ وماذا سيستفيد إذا كان العمل الصالح لا يفيد غير صاحبه والعمل الفاسد لا يضر غير فاعله فماذا يعود على هؤلاء المفتشين ؟ هل هم مكلفون بتوكيل رسمى من الله بذلك وبناءأ على هذا التوكيل مطلوب من كل واحد منهم تسليم عدد كذا من المصلين وعدد كذا من الصائمين وعدد كذا من المزكين وعدد كذا من المنقبات وعدد كذا من المحجبات ثم يقوم كل منهم بتسليم عهدته كاملة إلى الله ثم يأخذ أجره ويرحل ؟؟
ثم أليس هؤلاء المفتشون بشر مثلنا مكلفون بأعمال مثل أعمالنا وعبادات مثل عباداتنا ومناسك مثل مناسكنا فمن يفتش عليهم ومن يعرف حقيقتهم ؟ أم أنهم فوق المساءلة ؟ وإذا كانوا فوق المساءلة فمن الذى أعطاهم هذه الفوقية ؟ ومن الذى زكاهم هذه التزكية وما هى الآيات القرآنية التى يستندون عليها والأحكام الدينية التى بنوا نظرياتهم فوق قواعدها ؟
أم أنه التأليف والتزييف والتخريف وإعطاء النفس سلطة دينية ما أنزل الله بها من سلطان وهى سلطة محاسبة الغير وإقامة الحجج على الآخرين مع إعلاء أنفسهم فوق الشبهات والمساءلات , أريد أن أسأل هؤلاء الذين يؤذون الناس لكى يقيموا صلاة الجماعة أو يؤذون إمرأة بحجة كشفها لوجهها أسألهم من منا يجب أن يضربكم من أجل الصلاة ومن منا يحاسب نساءكم إذا خرجن كاشفات ؟
مبلغ علمى أننا جميعأ بشر سواسية فى كل الحقوق والتكليفات والتشريعات والمناسك فمن الذى نصبهم هذه المناصب ورفعهم إلى هاتيك المراتب ؟
ألا يعلم هؤلاء أن الله الذى خلقنا جميعأ هو أرحم الراحمين وقد وسعت رحمته كل شىء ؟ لماذا يريدون تضييق رحمة الله التى وسعت كل شىء ؟ وماذا يفهمون من كلمة ( كل شىء ) وماذا يفهمون من قوله عز من قائل ( إن الله يغفر الذنوب جميعأ ) وماذا فهموا أو فقهوا من كلمة ( جميعأ ) التى لم يستثنى منها الله شيئأ ؟ ألم يقرؤا قول المولى تعالى ( أهم يقسمون رحمة ربك ) إنه إستفهام بغرض الإستنكار لأن الله يستنكر عليهم التدخل لقسمة رحمته تعالى فهو الذى يقسمها فى الدنيا والآخرة فمال هؤلاء القوم لا يفقهون حديثأ ؟
وما معنى أن الله هو أرحم الراحمين ؟ إنه –سبحانه--- أرحم على الناس من هؤلاء المتعجرفين المتدخلين بسخفهم بين الله وعبيده أقول لهم أفيقوا من غفلنكم الطويلة ولتفهموا حقيقة الرب سبحانه من كونه أرحم الراحمين وكون رحمته قد وسعت كل شىء من قديم الأزل أقول لهم دعوا الناس يعبدون الله كما علمهم وليس كما تعلمونهم أنتم لأن الله أقرب إليهم من حبل وريدهم أما أنتم فبشر أموات تذهبون إلى دنياكم ومكاسبكم ونسائكم وفراشكم بعد أن تقرفوا الناس بأعمالكم البغيضة وتدخلكم الشائن الممقوت بينهم وبين خالقهم سبحانه .
عندما كان الله يختار الرسل كان يختارهم من أرحم وأكرم عباده فها هو إبراهيم يعد أباه الكافر قائلأ ( سلام عليك سأستغفر لك ربى ) وهاهو يوسف يقول لأهله (أدخلوا مصر إن شاء الله آمنين) وهاهو عيسى يقول لربه ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم ) وهاهو محمد يقول عنه مولاه ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم ) ثم يقول له ( ولو كنت فظأ غليظ القلب لانفضوا من حولك ) أى أن النبى محمدأ كان عطوفأ طيب القلب لذلك تجمعوا حوله حبأ فى الله ودينه ورسوله .
متى يأتى اليوم الذى لا نتدخل بأنوفنا فى عبادة غيرنا أو سلوكياته أو تصرفاته طالما عاش فى حاله ليس بضار أحدأ ؟ متى نحترم حريات بعضنا فلا نسأل اين كان واين كانت وأين يذهب ومن أين تأتى ؟ هل صلى فلان ؟ هل صام علان ؟ هل ذكر ترتان ؟ متى نترك الملك لخالقه فلا ننصب من أنفسنا مفتشين على أعمال بعضنا البعض ولا ننصب من أنفسنا محاسبين على الآخرين فليس مع أحدنا توكيل من الله لمحاسبة الغير حتى الرسل ليس معهم هذا التوكيل , يقول الله لرسوله
( وما جعلناك عليهم وكيلأ )
( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ؟ )
( لعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا )
(وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين)




اجمالي القراءات 15371