المعرفة
أين تذهب المعرفة بعد الموت

زهير قوطرش في السبت ٢٩ - سبتمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً


أين تذهب المعرفة بعد الموت ؟ 

 
 
قصة قصيرة :
 مرض  أحد الحكماء, وشعر بقرب اجله . حيث جلس إليه أحد مريديه ، تلميذه الذي تتلمذ على يديه  , وتعلم منه العلم الحكمة   , فصار يواسيه  ويخفف عنه الآم الرحلة الأخيرة . وعندما جاءت كما يقال صحوة الموت, بدا أكثر تفاعلاً مع من حوله.. واستغل التلميذ ذلك, وسأله  أيها الحكيم ، أخبرني بالله عليك ...ممن تعلمت الحكمة؟ ....نظر إليه الحكيم وقال له  يا بني أساتذتي هم كثر ، وأنت ترى يا عزيزي أنه  ما عاد لدي من الوقت الكثير  حتى اسرد لك أسمائهم.... ألح التلميذ عليه بسؤاله قائلاً :أخبرني  بالله عليك , أشهرهم فقط .شرد الحكيم بعد إلحاحه  ,وقال له يا بني :أشهر  هؤلاء  الذين علموني الحكمة ، هم ....حمار ،وكلب، وطفل صغير. تعجب التلميذ وقال للحكيم كيف هذا؟ أجاب الحكيم نعم يا ولدي.
أما الحمار ... فكان يدور حول حجر الرحى طيلة اليوم ..جلست أراقبه لساعات طويلة ، وهو يعمل ويعمل  دون كلل أو ملل ،  لينتج قيمة مفيدة ، تعلمت منه أن المعارف والقيم التي علينا اكتسابها , وتعلمها لا تأتي إلا من خلال العمل المضني والصبر على تحصيلها لتكون قيمة نافعة للآخرين  .
 أما الكلب ... ففي أحد الأيام جلست على ضفة النهر أتأمل وأفكر.... وإذ بكلب يجري نحو الماء ،ويكاد العطش الشديد يقضي عليه.... فما أن  وصل الى ضفة النهر ..ونظر الى الماء حيث تراءت له صورة كلب  أخر على سطحه , في الحقيقة  كانت صورته   المنعكسة على سطح الماء.... فارتد خائفا. أعاد الكرة أربع أو خمس مرات... لكنه في المرة الأخيرة وبمنطق حب الحياة ،ورفض الموت . استجمع كل قواه وجرى بسرعة مذهلة و بدون النظر إلى سطح الماء ورمى بنفسه في النهر, وسبح وشرب حتى ارتوى ، ثم خرج يجري بسرعة.... تعلمت من هذا الكلب أن الخوف الذي يعترينا  أحياناً ,هو وهم نحن نصنعه في أكثر الحالات . وما علينا إلا أن نستجمع قوانا الذاتية , ونتجاوز عقدة الخوف هذه.
 أما الطفل الصغير . فقد كان معلمي الأهم يا ولدي.  التقيت به وهو يقف وحيدا على رصيف الشارع  المجاور لمنزلي هذا, وكانت بيده شمعة مضيئة . اقتربت منه وسألته من أين لك هذه الشمعة, وكيف أشعلتها  بالنار.... لم يعرني الطفل أدنى اهتمام ... لكنه بالوقت نفسه نفخ على الشمعة حتى انطفأت الشعلة.... ثم نظر إلي, وببراءة  الأطفال سألني أين ذهب النور؟..... صدقني يا ولدي ،إلى جانب  كل تجارب الحياة التي مرت عليًّ  ,وكل الأساتذة الكبار الذين غرفت من علمهم وحكمتهم, كان هذا الطفل بسؤاله هذا  معلمي الأول....وحرتُ, وأنا أفكر وابحث عن الجواب.... أين ذهب النور؟ يومها عاهدت نفسي على أن أنقل كل معارفي وعلمي إلى الأخريين ... لأن الطفل بسؤاله هذا  ،وضعني أمام حكمة عظيمة ..ما نفع العلم والمعرفة "النور" الذي سينتهي  بعد انطفاء نور الحياة ,إذا لم يستفد منه الآخرون .
 

اترك هذا الموضوع لأهل القرآن . ليفكروا معي هل تنتهي المعرفة والعلم بنهاية صاحبها؟

اجمالي القراءات 5993