العدل ليس إحسانا.. والمواطنة حق وليست منحة

عمرو اسماعيل في الجمعة ٢٨ - سبتمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً


مرة أخرى وثانية وعاشرة لأنها قضية الساعة ..قضية مستقبل مصر وأمنها واستقرارها.. لا بد من التأكيد على أن العدل والمساواة ليس منه أو إحسان ولكنه حق إنساني.. حق للمسلم مثلما هو حق للمسيحي أو أتباع أي دين آخر.. وهذا هو الإسلام الحق وليس أقوال بعض أتباعه الذين يعتبرون العدل والمساواة إحسانا نمنحهما لغير المسلمين.. مثلما ظهر جليا في برنامج الإخوان الذي ظهر الي العلن بعد طول انتظار ...فأظهر عوارهم ..وأن مايدعون اليه هو دولة دينية متسلطة ستكون في أحسن الأحوال مثل إيران بنكهة سنية .. وف أسوأها لن تختلف عن طالبان ..ولهم أقول وأكرر :
العدل والمساواة هو حق المواطن في أي دولة يحمل جنسيتها وليس منه أو إحسانا من أغلبية أو أقلية.. سواء كانت دينية أو عرقية..
أي دولة تحترم نفسها وتحترم شعبها.. حقوق المواطن الأساسية فيها واضحة ولا تحتاج ندوات لمناقشتها.. ولكنها تحتاج شعبا قادراً على فرض حقوقه الأساسية على حكامه.. تحتاج نخبة سياسية قادرة على التضحية في سبيل شعبها وليس في سبيل مصالحها..
فما هي حقوق المواطن الأساسية وبالتالي ما هي المواطنة؟ والتي نعرفها جميعا ورغم ذلك نتفذلك في تعريفها لأننا في الحقيقة لا نؤمن بالمساواة الحقيقية في بلادنا تعيسة الحظ!! والموبوءة بثقافة اللامساواة على أساس الدين والجنس والعرق واللون مهما إدعينا العكس..
حقوق المواطن الأساسية ببساطة تعني التالي مهما كان اسم النظام الذي يحكم الدولة التي يعيش فيها هذا المواطن:
* حق المواطن في الأمن والقضاء العادل وسيادة القانون بصرف النظر عن جنس أو دين أو لون هذا المواطن أو درجة غناه أو فقره أو المركز الإجتماعي له أو لعائلته..
* حق هذا المواطن في التعليم الأساسي (قبل الجامعي) والذي لا يختلف في مضمونه أو مستواه بصرف النظر عن دين أو جنس أو قدرة هذا المواطن المادية.. وحقه على دولته أن تسهل له التعليم الجامعي الراقي والذي يصب في مصلحة وحاجة المجتمع.. مرة أخرى بصرف النظر عن دينه أو جنسه أو قدرته المادية.. الأمر فقط يتوقف على قدرته التعليمية والعقلية وقدرته على التحصيل العلمي والعملي..
* حق هذا المواطن في الرعاية الصحية بصرف النظر عن قدرته المادية من خلال نظام تأمين صحي عام وخاص تشرف عليه الدولة وتراقبه من خلال نظام واضح يضمن جودة هذه الرعاية الصحية وأداء المؤسسات التي تقدم هذه الرعاية سواء كانت علاجية أو وقائية.. نظام يعاقب المقصر.. ويحصل فيه العاملون على تقديم هذه الرعاية على مرتبات كافية للحياة الكريمة كل حسب درجة خبرته ودرجاته العلمية وليس على حوافز توزع بطريقة غير عادلة حسب العلاقات والنفاق الوظيفي أو من خلال معاملة المريض بالقطعة والرأس.. فتتحول الخدمة الصحية من علاج المريض على أساس مرضه إلى علاجه حسب قدرته المادية وما يمكن إستنزافه منه.. خدمة صحية تحتكرها قلة... تحتكر فرص التدريب المهني وتحتكر في نفس الوقت العائد المادي..
* حق هذا المواطن في حريته الدينية وأداء مشاعره الدينية علنا والدعوة للدين الذي يؤمن به بصرف النظر عن هذا الدين طالما يفعل ذلك بطريقة سلمية ليس فيها تحريض على العنف.. وحقه في بناء دور العبادة تبعا لقانون موحد لكل الأديان لا يفرق بين هذا الدين أو ذاك.. حرية الإعتقاد هي حق إنساني وأي حرمان من هذا الحق يعني انتقاصا شديدا من حق من حقوقه الأساسية كمواطن.. ومهما قالت أي دولة من دولنا.. ومهما إحتوى دستورها من مواد فإن عدم إحترام الحرية الدينية للمواطنين مهما كانوا أقلية هو انتقاص بشع من حقوق المواطنة..
* حق المواطن بالاشتراك مع باقي الشعب بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو اللون أو الوضع الاجتماعي في اختيار حكامه وتغييرهم سلميا ودوريا واختيار ممثليه في مجلس رقابي وتشريعي فعال يقوم بعمله في رقابة السلطة التنفيذية ويكون قادرا على إسقاطها إن فشلت في أداء عملها ويصدر التشريعات الضرورية التي تحمي حقوق هذا المواطن..
* حق المواطن بصرف النظر عن الدين او الجنس أو اللون أن يتولى الوظائف العامة ويكون الإختيار لها بناء على معيار واحد هو الكفاءة أو اختيار الشعب.. ومن ضمن هذه الوظائف وأهمها وظيفة رئيس الدولة..
هذه هي الحقوق الأساسية لأي دولة تحترم شعبها وبالتالي تحترم نفسها..
فهل تحترم هذه الحقوق في بلادنا؟
وأنا من هذا المنطلق أدعو الأقباط والمرأة بالمشاركة السياسية والترشح لجميع المناصب.. وإن أحس أي مواطن مصري بالغبن أو أنه ظلم نتيجة ديانته أو طائفته أو جنسه سواء كان مسلما سنيا أو شيعيا أو مسيحيا من أي طائفة.. أن يرفع قضيته إلى القضاء والإعلام وقوى المجتمع المدني ..
هذه هي الطريقة للوصول إلى مجتمع المساواة والعدل سلميا.. وأي قوة في المجتمع ترى أن لها حقوقا يجب أن تكون قوة إنتخابية ضاغطة وعندها سيسعى الجميع لإرضاءها..
وأنا والكثيرون لا يوافقون أن الدين والوطن لله كما يدعي بعض الإسلاميين بل يعتبرون أن الدين لله والوطن للجميع ومنا رئيس جمهوريتنا.. لسبب وحيد أن الوطن به غير المسلمين بالملايين وغير السنة بالآلاف.. ويجب أن يسعهم الوطن جميعا لأن هذا حق لهم وليس منه أو إحسان من أحد..
أنا لا أقبل العدل إحسانا من غير مسلم أو مخالف لي في الملة.. ومن حق غير المسلم أيضا نفس الشيء.. هذا الوطن هو ملكه تماما مثلما هو ملكي حتي لو كان ديننا مختلفا..
العدل هو طريق ذو إتجاهين وهو حق وليس منة أو إحسان.. هو حق إنساني وليس ديني..
وأنا أعلنها صريحة وعالية.. أنني أرفص العدل من أي مخالف لي في الدين أو اللون إن كان منة أو إحسانا.. ولكني أعتبره حقا لي مثلما هو حقا لغيري.. حقا أستحقه كمواطن وأنتزعه بهذه الصفة ولن أنتظر أن يحسن علي به أحد، وأدعو كل مواطني مصر بصرف النظر عن ديانتهم أو جنسهم.. نساءا كانوا أو رجالا.. إلى نفس الشيء..
إنه عصر الحقوق وليس الإحسان.. العدل حق للجميع فلا تقبلوه إحسانا أو منة..
متى نتوقف عن إعتبار حقوق المواطنة في بلادنا كلمة للإستهلاك المحلي!! نتكلم عنها دون أن نطبقها أو نحاول التحرك الفعلي نحو تطبيقها.. تماما مثل الديمقراطية.. مجرد كلمات تلوكها ألسنتنا.. دون أن تتحول إلى سلوك عام أو ثقافة عامة.. على مستوى الشعب أو النخب السياسية والثقافية وبالتالي على مستوى السلطة الحاكمة..
نحن نعيش للأسف في مجتمعات تسيطر عليها ثقافة اللا مساواة وثقافة الديكتاتورية.. ثقافة السادة والعبيد..
الحقوق ليست منحة وهي ليست عدلا أو إحسانا أو صدقة..

عمرو اسماعيل

اجمالي القراءات 7587