الساعة قائمة إلى مرساها
الموت و الوفاة و النفس

Abo Al Adham في الأربعاء ١٩ - سبتمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

الفصل السابع
الموت و الوفاة و النفس

الميت هو الكائن الميت فلا يقال مثلا رأيت ميتا في مكان لايوجد فيه شئ ، فإذا كان هناك ميت اي هناك كائن لا حراك فيه أكان جمادا او حيوانا او انسانا فهل تقول رأيت في الحجرة ميتا وليس فيها شئ ، اما ان كانت فيها حجر تقول رأيت حجرا ميتا ، وان كان فيها انسانا نقول رأيت انسانا ميتا ، فالموت واقع وليس عدم ، والوفاة هي انهاء الواقع وتوفيته اي عندما تكلفني بعمل فعندما انهيه اقول لك لقد وفيتك عملك ، وعندما تعطيني اجري تقول لقد وفيتك اجرك فالله يوفينا اجلنا الذي اجله لنا ثم يوفينا حسابنا يوم موتنا فكما كنا في الدنيا امواتا في ارض الاخره. يصبح على العكس امواتا في الدنيا واحياءا في ارض الاخره ، فقد توفانا الله أجل الدنيا وتوفانا حساب الاخره والنفس هي الكائن الحسي الذي لا نلمسه باليد وانما نحسه بالقلب فهو سر الحياة وهو روحها الذي لا يعلمه الا الله وهو من أمر الله الذي أختص به نفسه ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً )( سورة الاسراء الاية 85 )
وقد جمع الله الموت والوفاة والنفس في آية واحدة توضح العلاقة بينهم ، جميع البشر يتوفون كل يوم وهذه الوفاة هي النوم وعندما يستيقظ تعود اليه النفس التي توفاها الله واخذها في السماء ويرسلها الى الدنيا اذا كان اجلها لم يأت بعد فطالما جسد الدنيا ينبض بالحياة فالنفس لا تبرحه ، فالنفس مخلوق حساس جدا لا يسكن الا المكان الجيد الذي يأويه دون عذاب شديد وطالما رآى اقامة مثليين احدهما في السماء واحدهما في الارض الدنيا التي ألفها وعاش حياته فيها وقد اخلد اليها وأطمئن لها ، ولكن القاهر فوق عباده هو وحده يمسك زمام الأمور ولم يترك الأمر للأختيار الإنساني فهو وحده القاهر فوق عباده ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ) اي عندما يموت الكائن الحامل لها ( وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ) اي التي تأجل موت جسدها يتوفاها في منامها ( فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ ) اي يمسكها عنده ويوفيها حسابها ولا يرسلها الى الدنيا حيث انها اصبحت من المبعوثين عنده في الاخره وقد امسكها الله الذي يمسك السموات والارض ان تزولا ولئن زالتا إن امسكهما من احد من بعده ( وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى ) اي التي لم تمت حاملها ( إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) عند رب العالمين ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )( سورة الزمر الاية 42 ) هل تعلمون الارسال التليفزيوني واللاسلكي كيف في لمح البصر يأتي بالذاتي والقاصي مهما بعدت المسافات ؟ هذه آية للناس ليعلموا ان الله يأتي بالنفس في لمح البصر عندما تستيقظ ، سبحانك ياربنا تبعثنا كل يوم ولا نؤمن انك ستبعثنا يوم موتنا وتقوم ساعتنا يومها وذلك يوم القيامة ( بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )( سورة التغابن الاية 7 ) ولابد لكل نفس ان تذوق الموت قبل يوم القيامة الذي يأتي يوم الموت مباشرةً ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) فهذا الكائن الحسي وهو اصل الكائنات فبمصيره يصبح الكائن جماداً لا يحس بشئ فلابد ان يذيقه الله الموت ثم يقيمه في مثل آخر ويترك مثله الآدنى بيننا ويوفيه آجره يوم قيامه في المثل الآخر
( وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وانما توفون اجوركم يوم القيامة فيوم القيامة هو يوم إذاقة النفس للموت ( فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ )( سورة آل عمران الاية 185 ) طالما الحياة الدنيا او الصغرى لابد وان تعقبها حياة كبرى وهي الاخرة ثم الاخرة وفي مكان اخر من الكتاب ( وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى )( سورة الضحى الاية 4 ) فالدنيا فيها الغرور والاخرة فيها العذاب الشديد والمغفرة من الله والرضوان ( وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ )( سورة الحديد الاية 20 )
واذا كانت الدنيا متاع الغرور فعلى العكس الاخرة القائمة فهي دار الحق وهي دار القرار فلو لم تكن الاخرة قائمة ما قال مؤمن آل فرعون ( يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ )( سورة غافر الاية 39 ) ونحن الان اموات ننتظر البعث والله يقول كيف تكفرون وأنتم الان أموات وأحياكم وأنتم على حالكم الميت ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ) وكنتم أمواتا ( وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ) ( وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ) ( وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ) ( وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ) دلوني على جملة من الاربعة تفيد غير الكنيونة الدائمة. اذا عندما قال ربنا لرسوله ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ) اراد ان يخبره انك الان ميت وهم الان ميتون وتنتظرون البعث ( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ) ويوم خروج النفس يدخل الانسان مصيره فالمؤمن يقول له ربه ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ) والكافر تقول له الملائكة ( أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ) وقال ولو ترى اذ يتوفون فهذا مصيرهم ( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ ) متى عذاب الحريق أليس يوم القيامة وعن المؤمنيين قال ربنا ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) وفي المقابل آهل النار ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ) هؤلاء وهؤلاء يوم وفاتهم دخلوا مصيرهم المحتوم ويم الموت يحل العذاب على الكافرين فقد قال نوح لقومه محذراً ( فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ )( سورة هود الاية 39 ) وقد أمر الله خاتم النبيين أن يقول لقومه نفس الكلام لا زيادة ولا نقصان ( قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ )( سورة الزمر الاية 39 و 40 ) والكفار الذين سبقوا الى الاخرة حاق بهم العذاب واصابهم سيئات مكرهم وهم الان في اشد العذاب ( فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ )( سورة النحل الاية 34 ) ولقد اخبرنا الله اننا لسنا اول من يكذب بايات الله ولسنا اول من تعذب في النار ووجه الى رسوله مثلا من الذين من قبله كيف فعلوا برسلهم واستهزؤا ولم يتركهم الجبار الا بعد ان ادخلهم مصيرهم المحتوم وهذه اشارة الى انهم بعد وفاتهم حاق بهم العذاب وذاقوا مرارة الاستهزاء بالرسل ونظير الاستهزاء بالرسل هو الاستهزاء بالقرآن فالقرآن فيه جميع الرسل فالذي يرفض القرآن فكأنما رفض جميع المرسلين واستهزأ بهم وقد قص علينا القرآن مصير الذين فعلوا ذلك أين هم الان ( وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ )( سورة الانعام الاية 10 )( سورة الانبياء الاية 41 ) مكرره في السورتين ، ورسل الله التي تتوفى الناس هم الملائكة يقومون بأمر الله بوفاة الاجل ثم بوفاة الحساب على ارض القيامة ثم يسوقون الكافرين الى جهنم ورداً ثم يحشرون المتقين الى الرحمن وفداً ولكل من الملائكة عمل من هذه الاعمال يقوم به بأذن الله تعالى ولا يفرط في شئ ( حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ )( سورة الانعام الاية 61 و 62 ) وقد تعجبت الكفار من كلام القرآن وقالوا ما يفيد تعجبهم ( وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ )( سورة السجدة الاية 10 )
هم يقولون أنتيه في الارض ولا يعرف احد عنا شيئا ونكون في خلق جديد ؟ ما هذا الافتراء وما هذا الزعم ولكن الله يحسم الامر أن السبب في هذا انهم ( بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ ) فكفرهم بلقاء ربهم المحتوم يجعلهم لا يصدقون ويحسبون البعث خلقا جديدا ولا يعلمون ان الله خلقهم من قبل ( مِّن طِينٍ لَّازِبٍ ) ولكنهم يرفضون الايمان بالغيب ووضح لهم ربنا الامر اكثر فقال رب العزه ( قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ )( سورة السجدة الاية 11 ) وتأتي الاية التاليه تبين كيف بعد الموت مباشرة يحدث لهم عند لقاء ربهم في السماء ( وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ )( سورة السجدة الاية 12 ) متى يطلب الانسان الرجوع الى الدنيا أليس يوم الموت حيث علموا ببقاء الدنيا ( حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ) إن الحساب جميعه يتم ساعة الموت التي فيها البعث وفيها الحساب على أرض السماء ( وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) ...
يتبع

الفصل الثامن
الخلق الأول فرادى

اجمالي القراءات 14126