ٱلإنسان خليفة للّه وٱبن له!

سمير حسن في الخميس ١٩ - يوليو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

ٱلإنسان خليفة للّه وٱبن له!

فى بعض أعمالى قلت بما تشابه لى فهمه من كتاب ٱللّه أنّ ٱلأب وٱلابن مفهومان يختلفان عن مفهوم ٱلوالد ومفهوم ٱلولد. فٱلوالد يذرّ ذرّية وفيها كتاب خلقٍ هو ما يسميه علم ٱلبيولوجيا بٱلجينوم. وبه يتكوّن ٱلولد وتتحدد تسويته وسبيلها وهيئتها ولونها.
أما ٱلأبُ فهو ٱلذى يؤيّد ٱلابن بٱلنور وبٱلمنهاج وبهما يعلم ٱلابن ويعرف وتتحدد مفاهيمه ومواقفه وأقواله وأعماله. فٱلابن يتبع ٱلأب ومنهاجه ولا ينقضه. وٱلولد يأخذ من ٱلوالد كتاب خلقه وتسويته كما ذرّه.
وقلت إذا كان ٱلأبُ هو ٱللّه فإنّ ٱلابن هو ٱبن ٱللّه (كتاب "منهاج ٱلعلوم ٱلأوّل"). فٱللّه بيّن أنّه نفخ فينا من روحه وجعلنا بٱلروح خلفآء له فى ٱلأرض. وبيّن لناۤ أنّ ٱلروح ٱلقدس (وهو قوّة علم تنير كلّ أشيآء ٱلحقِّ من دون نقص) قد أيّد به عيسى ٱبن مريم. وبذلك ٱمتلك عيسى قوّة علم من أبٍ هو ٱللّه جعتله ٱبنًا له ونورا لكلِّ شىء. وهو ما يبيّنه قول عيسى عن نفسه:
"أنا نور ٱلعالم. مَن يتبعنى فلا يمشى فى ٱلظلمة بل يكونُ لهُ نورُ ٱلحيٰوةِ" (إنجيل يوحنا ٱلأصحاح ٱلثامن 12).
فقوله يبيّن خلافته وألوهته ٱلتى تستند على تأييد ٱللّه له فيها بٱلروح ٱلقدس. وهو ما يتبيّن من قوله:
"متى رفعتم ٱبنَ ٱلإنسانِ فحينئذٍ تَفهمونَ أنِّىۤ أنا هو ولست أفعلُ شيئًا من نفسى بل أتكلَّمُ بهذا كما علَّمنِى أبى. وٱلذىۤ أرسلنى هو معى ولم يتركنى ٱلأبُ وحدى لأنِّى فِى كلِّ حِينٍ أفعلُ ما يرضيه" (يوحنا 28-29 ٱلأصحاح ٱلثامن).
فهو إنسان خلف فتألّه بنور ٱللّه بفعل ٱلروح ٱلقدس. وهذا ما يبيّنه قول ٱللّه له فى كتابه ٱلقرءان ويصدّقه:
"وإذ قالَ ٱللّهُ يَٰعيسى ٱبنَ مَريمَ ءَأنتَ قُلتَ لِلناسِ ٱتخذونِى وأُمِّىَ إِلَٰهَينِ مِن دونِ ٱللّهِ؟" 116 ٱلمآئدة.
فهو إنسان إلٰه وكذلك هى أُمُّه بتأييد ٱللّه لهما وليس من دونه. فهو لم يزعم بنور وألوهة مقطوعين عن مسألة ٱلخلافة وٱلتأييد بٱلروح ٱلقدس "من دون ٱللّه". وهو ما بيّنه فى جوابه:
"قال سُبحَٰنَكَ مَا يكونُ لىۤ أن أقولَ ما ليسَ لِى بحقٍّ".
فعيسى يعلم أنّ ٱلقول بألوهة من دون ٱللّه ليس حقًّا فلا يقول هذا بما يملك من تأييد بٱلعلم ٱلقدس. كمآ أنّه يبيّن فى جوابه ٱلفرق بين علمه وعلم مرسله فيقول:
"إن كُنتُ قلتُهُ فَقَد عَلِمتَهُ تعلَمُ ما فِى نفسِى ولآ أعلمُ ما فِى نفسِكَ إنَّكَ أنتَ عَلَّٰمُ ٱلغُيُوبِ".
عيسى هو ٱلمثل للناس على خلافة ٱلإنسان فى ٱلنّور وبٱلنور تكون للإنسان ٱلألوهة. فٱلروح ٱلقدس ٱلذى تأيّد به عيسى أرسله ٱللّه للناس من بعد ٱلمثل عيسى فى كتاب هو ٱلقرءان وهو ما نزل على قلب رسول ٱللّه محمّد. وهذا ٱلروح لن يكون للإنسان نفع به ما لم ينزّل فى قلبه ويثبّت به فؤاده كما تنزّل مناهج ٱلكومبيوتر على قرصه ٱلصلب.
سبق لى وقلت بما تشابه لى فهمه من كتاب ٱللّه أنّ ٱلمرء يخلف بٱسم ٱللّه فينير ٱلحقِّ بسيره فى ٱلأرض وبما يوصل بصره ونظره إليه. وهو بمتابعة سيره ونظره يخلف بجميع أسمآء ٱللّه ٱلحسنى فيكون سمعيا بصيرا عليما قويًّا قديرا مقتدرا جبارا إلىۤ أخر ٱلأسمآء ٱلحسنى فيرث ٱلأرض ويصلح فساد ٱلناس فيها.
ولن يكون له خلافة فىۤ أىِّ ٱسم ما لم يقطع صلته بما يقوله ٱلكهنوت ٱلمجنون جهلا ونفاقا ويقطع صلته بما يعلّمه ذلك ٱلكهنوت للناس من فتاوى وأقوال وقصص محدثين جاهلين بٱلحقِّ وبٱلروح ٱلقدس. وهؤلآء هم ٱلذين يكذبون على ٱلناس بٱسم دين ٱللّه. فدين ٱللّه لا يظهر للناس إلا فيما يقرأون من ٱلحقِّ وأشيآئه. وهذا لن يكون للناس علم به من دون ٱلسير فى ٱلأرض وٱلنظر فى كيف بدأ ٱلخلق. ولن تكون لهم خلافة كاملة إلا بٱلعقل لما كشفه ٱلنظر من دين ٱلحقِّ مع بيان ٱللّه ٱلعربىّ. وبٱلعقل يحدث ٱلتصديق للبيان وهو ٱلروح ٱلقدس ٱلذى جعل عيسىۤ إنسانا إلٰها. وبفعل ٱلتصديق يعمل ٱلمصدِّق على تنزيل ٱلروح ٱلقدس فى قلبه ويثبّت به فؤاده فيوارى سوءاته ويكمل خلافته وميراثه للأرض ولجميع أسمآء ٱللّه ٱلحسنى. فيكون إنسانا إلٰها كٱلمثل عيسى لا يشرك ولا يفسد ولا يقتل ولا يزنى ولا يسرق ولا يكذب ولا ينقض ٱلناموس ولا يزعم أنّه إلٰه من دون ٱللّه ولا يصدّق زعما بذلك لغيره من ٱلناس.
بهذا ٱلمفهوم لخلافة ٱلابن أبيه ينكشف أمر كهنوت ٱلمسلمين ٱلبخاريين وٱلجعفريين وأتباعهم. فهم ليسوۤا أبنآء للّه بل أبنآء لإبليس وأبوهم صاحب حجّة ساقطة. وهم ٱليهود ٱلذين هادوا بقولهم:
"إنَّا وجدناۤ ءَابآءَنا علىٰۤ أُمَّةٍ وإِنَّا علىٰۤ ءَاثَارِهِم مُهتَدُونَ" 22 ٱلزخرف.
فٱلذين يقولون هذا ٱلقول هم ٱلسّلفيون ٱلذين يرجعون إلى ماۤ أدركه وقاله ءابآؤهم. وهم ٱلذين كفروا من بنىۤ إسراۤءيل فلُعنوا على لسان داوود وحملوا بكفرهم وتهوّدهم لأبآئهم ٱسم يهود وسقط عنهم ٱسم إسراۤءيل. وهم ٱلذين جادلوا عيسى نور ٱلحقِّ وطلبوا قتله بسبب ٱلنّور:
"أنا عالم أنكم ذرية إبراهيم. لكنكم تطلبون أن تقتلونى لأَنَّ كلامى لا موضع له فيكم. أناۤ أتكلم بما رأيت عند أبى. وأنتم تعملون ما رأيتم عند أبيكم.
أجابوا وقالوا له: أبونا هو إبراهيم.
قال لهم يسوع: لو كنتم أبنآء إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم. ولكنكم ٱلأَن تطلبون أن تقتلونى وأناۤ إنسان وقد كلمكم بٱلحقِّ ٱلذى سمعه من ٱللَّه. هذا لم يعمله إبراهيم. أنتم تعملون أعمال أبيكم.
فقالوا له: إننا لم نولد من زنًا. لناۤ أب واحد وهو ٱللَّه.
فقال لهم يسوعُ: لو كان ٱللَّه أباكم لكنتم تحبوننى لأننى خرجت من قِبَلِ ٱللَّه وأتيت. لأنى لم أَتِ من نفسى بل ذاك أرسلنى. لماذا لا تفهمون كلامى. لأنكم لا تقدرون أن تسمعوا لىۤ. أنتم من أبٍ هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا. ذاك كان قتَّالاً للناس من ٱلبَدءِ ولم يثبت فى ٱلحقِّ لأن ليس فيه حقّ. من تكلم بٱلكذب فإنَّما يتكلم مما له لأنـه كذّاب وأبو ٱلكذّاب. وأمّـاۤ أنا فلأَنِّىۤ أقول ٱلحقَّ لستم تؤمنـون بى. من منكم يبكّتنى على خطيَّةٍ. فإن كنت أقولُ ٱلحقَّ فلماذا لستم تؤمنون بى. ٱلذى مِنَ ٱللَّه يسمع كلام ٱللَّه. لذلك لستم تسمعون لأنكم لستم من ٱللَّه" إنجيل يوحنا ٱلأصحاح 8/37/47.
هؤلآء هم من ذرية إبراهيم لكن أباهم هو إبليس وليس إبراهيم. فهم يظنون أنّهم أبنآء إبراهيم وأبنآء ٱللّه لأنهم من ذرية إبراهيم. وهو ما يبيّنه قولهم: "إننا لم نولد من زنًا. لناۤ أب واحد وهو ٱللَّه.
أما ذريّة إبراهيم فليست سوآء. وهو ما يبينه ٱلبلاغ ٱلعربىّ:
"وإذِ ٱبتَلَىٰۤ إبرٰهيمَ رَبُّهُ بكلمٰتٍ فأتمَّهُنَّ قالَ إِنِّى جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَامًا قالَ ومِن ذُريَِّّتِى قالَ لا يَنَالُ عَهدِى ٱلظَّٰٰلِمِينَ" 124 ٱلبقرة.
فٱلذى يتبع ٱلحق يكون ٱبنًا له وٱلذى يتبع ٱلباطل يكون ٱبنا له. ومن ذرية إبراهيم ظالمون لا عهد لهم عند ٱللّه ومنهم أولئك ٱلمحاورين لعيسى. وحوارهم مع عيسى يشبه ما يجرى ٱليوم بين كهنوت ٱلمسلمين ٱلبخاريين وٱلجعفريين وأتباعهم وبين ٱلذين يتبعون كتاب ٱللّه ٱلقرءان على ٱختلاف ألوانهم وعلومهم. فكهنوت ٱلأزهر ٱليهودىّ يزعم أنّه صاحب ٱلدين وله تعود ملكيته وملكية ٱلقول فيه. وهو يزعم أنّ رسول ٱللّه للناس كاۤفّة وخاتم ٱلنّبيين له وحده من دون ٱلناس وله وحده ٱلحقّ فى ٱلحديث بٱسمه وعنه وعن ٱلرسالة ٱلتى حملها للناس.
هذا ٱلكهنوت ٱلمجنون هو كما قال عيسى لأسلافهم من ٱليهود ٱلمحاورين له: "أنتم من أبٍ هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا". فقد حرّض كهنوت ٱلأزهر ٱليهودىّ سلطة طاغوت مصر على حبس أشخاص يتبعون كتاب ٱللّه كما يتشابه لكلٍّ منهم. وهم فعلوا ذلك كما بيّن قول عيسى لليهود:
"لكنكم تطلبون أن تقتلونى لأَنَّ كلامى لا موضع له فيكم. أناۤ أتكلم بما رأيت عند أبى. وأنتم تعملون ما رأيتم عند أبيكم".
وما فعله ٱلمحبوسون هو ٱتباع لقول ٱللّه كما تشابه لكلٍّ منهم بما توسع له نفسه من علم. وهو فعل مطابق لأساس ٱلتكليف:
"لا تكلّف نفسا إلاّ وسعها" 152 ٱلأنعام.
أما كهنوت ٱلأزهر ٱليهودىّ فلا يقبل بذلك ٱلتكليف وله وحده حقّ تكليف ٱلناس كما يظنّ بجنونه. ومَن يخرج عن تكليفه ويتبع تكليف ٱللّه ٱلمبيّن فى كتابه يكفّره ويحرض على حبسه وقتله كما فعل ٱليهود بعيسى.
لقد رأيت بما تشابه لىۤ أنّ ختان ٱلذكر وٱلأنثى خطأ يستوجب ٱلتوبة وٱلعفو. وهو ما فهمته من قول عيسى:
"لا تظنُّوۤا أَنِّى جِئتُ لأَنقُضَ ٱلنَّاموسَ أو ٱلأنبيآء. ما جئتُ لأنقُضَ بل لأُكمِّلَ. فإنِّى ٱلحقَّ أقولُ لكم إلىۤ أن تزولَ ٱلسمآءُ وٱلأرضُ لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من ٱلناموس حتَّى يكونَ ٱلكُلُّ" متى 5.
فلو كان ٱلختان من ٱلناموس لن ينقضه عيسى ولن ينقضه أتباعه. فأتباعه إلى ٱليوم لا يختنون أنفسهم. أما ٱليهود فقد نقضوا ٱلناموس بكفرهم وختنوۤا أنفسهم. وهؤلآء هم كما قلت ٱلذين كفروا من بنىۤ إسرآءيل ولعنوا على لسان داوود. ومثلهم يفعل ٱليوم كهنوت ٱلأزهر بكفره ويهوديّته إلىۤ ءَابآئه وبنقضه للناموس فلا يقبل من ذكور وإناث مصر أن يكفّوا عن ٱلختان وما يلحق بهم من خطإٍ وأذى. فقد أحلّ ٱللّه للذين ختنوۤا أنفسهم من ٱلمؤمنين ٱلرّفث إلى نسآئهم لأنهم مرضى بفعل أذى ختانهم فلا يستطيعون صبرا على ٱلصيام عن شهوة ٱلنسآء. أما ٱلمؤمنون ٱلذين لم يختنوۤا أنفسهم فلا يحلّ لهم ماۤ أحلّه ٱللّه للمريض بأذى ٱلختان. ويكون صيامهم عن ٱلشهوات جميعها فى شهر رمضان. فلهم أن يأكلوا ويشربوا فى ٱلّيل وليس لهم رفث إلى نسآئهم كٱلذين ختنوۤا أنفسهم من ٱلمؤمنين.
لو تابعت مع ما يقوله ويفعله كهنوت ٱلأزهر ٱليهودىّ لأخذ ذلك منى صحف كثيرة ووقتا طويلا. وماۤ أكتبه هنا بما تشابه لى فهمه من كتاب ٱللّه يحرّض مَن يريد لنفسه خلافة ونورا على ٱلمشاركة فى ٱلأمر بما يتشابه له فهمه وتوسع له نفسه. وهذا هو ٱلجهاد فى سبيل ٱللّه فلا تخشوا ٱلكهنوت أيها ٱلتابعون لكتاب ٱللّه وٱخشوا ٱللّه وحده فهو مرسل ٱلروح ٱلقدس فى كتابه ٱلقرءان. وعليكم تنزيله فى قلوبكم وتثبيت أفئدتكم به. فقد حرف ٱلكهنوت ٱلمجنون كلمة "جهاد" عن موضعها وجعلها تدلّ فيما يعلّمه من دين علىۤ أفعال ٱلرّجف فى حياة ٱلناس وقتلهم وعلى ٱلفساد فى ٱلحرث وٱلنّسل. وهو ما يفعله أتباعهم فى ٱلعراق وفى باكستان وفىۤ أفغانستان وفىۤ أماكن كثيرة من أرض ٱللّه. وعلىۤ أبنآء إبراهيم أتباع كتاب ٱللّه ٱلقرءان ٱلسّاعين لخلافة فى نوره جهاد فى سبيله ينير للناس ذلك ٱلسبيل بما تملك أنفسهم من علم وبما يتشابه لهم من فهم فى كتاب ٱللّه. فسبيل ٱللّه لا ينكشف إلا بٱلنظر وٱلعلم وبهما يكون للمرء نوره وجهاده فى سبيل ٱللّه.

اجمالي القراءات 10796