ثم نفخت فيه من روحى

Inactive User في الأربعاء ٢٧ - سبتمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

ثم نفخت فيه من روحى
(سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق)
الإنسان يتكون من أربعة مؤسسات سلطوية هى
1—العقل ويمثل السلطة التشريعية :
العقل هو أعظم جهاز فى الجسم البشرى وتقع عليه مسئوليات التفكير والإدراك والإحساس وإصدار الأوامر للأعضاء الأخرى للقيام بأدوارها المختلفة فهو الذى تنعكس عليه الصور المرأاية فيعطى العين أمرأ بأن ترى الشىء الفلانى أو تغمض عنه فلا تراه بشكل إرادى كما يعطى التعليمات للأذن بالسمع وللسان بالكلام ولليدين والقدمين بالحركة وهكذا
ولأن العقل هو الوحدة الفكرية الوحيدة القادرة على كل ذلك
( إن فى خلق السماوات والأرض وإختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب)
( قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدا الخلق)
( إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون)
فالعقل هو المسيطر على كل صغيرة وكبيرة فى الجسم البشرى وهو الذى يضع القوانين والأنظمة التى يعيش عليها صاحبه وهى بلا شك قوانين متعددة فمنها ما هو إرادى مثل قوانين الحركة والحس والأفعال ومنها ما هولا إرادى مثل الأحاسيس الداخلية فى الأجهزة المختلفة كالإحساس بالألم من مغص بالبطن أو جرح خارجى فلا يستطيع هنا العقل منع الإحساس بالألم أو المغص أو الوجع لأنها أحاسيس لا إرادية , ويقوم العقل بترتيب القوانين التى يحيا عليها صاحبه وتتكون هذه القوانين من الخبرة الحياتية اليومية التى يكتسبها الإنسان من المعارف والتعليمات التى ينشأ عليها فى بيئته ومدرسته والجو المحيط به وهذه القوانين المكتسبة قد تكون من منابع دينية أو سياسية أو إجتماعية عرفية أو تقاليد موروثة أو كلهم جميعأ يقوم العقل بوضع الأسس والأطر المناسبة لصاحبه والتى سيعيش عليها بقية عمره مع التحفظ الهام وهو إمكانية تغيير هذه القوانين وتلك المفاهيم كلما تقدم العمر بالإنسان وإتسعت مداركه وعظمت ثقافته وإكتشف وجوب التخلى عن بعض آرائه ومفاهيمه وقوانينه وإستبدالها بأخرى أكثر تحديثأ وتطويرا وتقدما من المفاهيم السابقة وهذا ما يشار له بالعقل الواسع المثقف المتفتح ألقادر على التكيف دون أن يتنازل عن قيمه ومبادئه
أما إذا تجمد هذا العقل عند مفاهيم وقوانين معينة ثابتة ثبات الجبال لا تتغير ولا تتبدل مهما تقدمت الحياة وتطور ركبها وإرتفع شأن الإنسان بها ورفض هذا العقل روح التطور والحداثة التى تفرض نفسها على الحياة فيمكن تسمية هذا العقل بالعقلية الثابتة أى الجامدة وهو نوع لا ترتقى به الأمم ولا تكبر به الشعوب ولا تزدهر معه الحياة
وبناءأ على ما سبق فإن العقل يشرع القوانين والنصوص التى على أساسها يعيش صاحبه ويمارس حياته وخبراته فى الكون0
2—الضمير(الروح) ويمثل السلطة القضائية:
( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلأ)
كل إنسان بداخله قوة قضائية هائلة تكمن فى داخله ويشعر بها ويخاطبها وتخاطبه ويكلمها وتكلمه ويختلف معها أحيانأ ويتفق معها أحيانأ , قوة قضائية تسمى الضمير البشرى وهى التى تقف فى وجهه وتحاربه كلما هم بفعل جريمة أو مصيبة أو ذنب فإنها تقف له بالمرصاد وتحاول منعه وتذكره ببشاعة الفعل الذى هو مقدم عليه فإذا كان الإنسان مؤمنأ بالله ذكره ضميره بربه وبيوم القيامة والعذاب والنعيم
( وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا )
وحتى لو كان بلا دين فإن ضميره يحذره من عواقب فعلته أمام القانون والمجتمع وتذكره بالعقاب الشنيع الذى ينتظره لأن الله تعالى خلق الروح (الضمير) فى كل إنسان سواء كان مؤمنأ أو كافرا
( هو الذى خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن)
والروح هى القسم الطيب فى الكيان البشرى الذى ليس له هم سوى توجيه صاحبه لفعل الخيرات والبعد عن الشرور والآثام والذنوب , مهمة الضمير فى الكيان البشرى هى المقاضاة والمحاسبة على كل صغيرة وكبيرة بل على كل السلوكيات والتحركات والكلمات والأفعال التى يقوم بها الإنسان
( ما ينطق من قول إلا لديه رقيب عتيد)
فإذا خلا إنسان من هذا الضمير أو قتله فى داخله فأصبح لا يعاتبه ولا يقاضيه ولا يعنفه على جرائمه بل أصيح صامتأ ساكتأ كأنه ميت يمكن وصف صاحبه بأنه ميت الضمير ميت الروح
( لقد كنت فى غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد)
هؤلاء هم الأشخاص الذين يظلمون الآخرين ويجرمون فى حق الناس ويقتلون بلا خوف ويعذبون الناس ويلقون بهم فى السجون ويحاربونهم فى لقمة عيشهم ويسرقون مقدراتهم وينشرون الفاحشة بينهم , وهؤلاء هو معدومو الضمائر الذين قتلوا فى كيانهم البشرى كل معانى الحب والسلام والعواطف الكريمة والمشاعر النبيلة فتحولوا بمزاجهم إلى وحوش شرسة تأكل لحوم الآخرين وهؤلاء قد أعد الله لهم جهنم وبئس المصير
( إن جهنم كانت مرصادأ للطاغين مآبأ لا بثين فيها أحقابا )
يلقيهم الله تعالى فيها غير عابىء بهم ولا يسمع لصراخهم ولا يهتم ببكائهم بما حطموا أرواح المحبة والعدالة والسلام فى كيانهم البشرى0ومعلوم طبعأ أن الضمير يحاسب ويقاضى ويحارب طبقأ للمكتسبات التى يحصلها الإنسان فى رحلة حياته فإذا كانت مكتسبات خير كان الضمير داعيأ للخير والمحبة داخل صاحبه وإذا كانت مكتسبات شر كان الضمير ميتأ لا يحاسب صاحبه بل يسير معه فى منظومة حياته التى شب عليها والدليل على ذلك هو أن القتلة ينامون ملأ جفونهم ويقتلون آخرين فى اليوم التالى ويحرقون ويفسدون فى الأرض ولا يندمون معتقدين أن ذلك حق من حقوقهم وذلك طبقأ لما نشأوا عليه من ثقافة تحليل القتل والغدر والخيانة والسرقة فلا يتحرك ضميرهم قيد أنملة ولا يعاقبهم بل يساندهم لأن ثقافة الضمير الحى لم يألفوها ولم يكبروا عليها ولم يدرجوا معها0
3--- النفس ( السلطة التحريضية)
( وما أبرىء نفسى إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى)
( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)
( فسولت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من النادمين)
(ياأيتها النفس المطمئنة إرجعى إلى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى)
( ولا أقسم بالنفس اللوامة)
تقوم النفس بدور السلطة التحريضية فى الكيان البشرى فهى إن كانت نفسأ طيبة طاهرة أمرت صاحبها بفعل الخير دائمأ ومد يد العون للمحتاجين والمساكين والعمل الدائم على الإصلاح فى الكون ونشر أسباب السعادة والأمن فى المجتمع أما إذا كانت نفسأ شريرة ضالة فإنها تحرض صاحبها على الأذى والجريمة والظلم والتدمير والكراهية والأحقاد والضغائن والتخريب
4----الجسم البشرى ويمثل السلطة التنفيذية:
( وفى الأرض آيات للموقنين وفى أنفسكم أفلا تبصرون)
( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعأ بصيرا)
( ألم نجعل له عينين ولسانأ وشفتين وهديناه النجدين )
( لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنو وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون)
الجسم البشرى هو السلطة التنفيذية فى الكيان البشرى فاللسان يتكلم ويعبر عن آراء وأفكار وأحلام ومتطلبات صاحبه والعين ترى الاشياء والأذن تسمع واليد تكتب أو تبطش أو تفعل الخير أو الشر طبقا لرغبات العقل وتجليات الروح (الضمير) وتحريض السلطة االتحريضية (النفس) على أفعال الخير أو الشر طبقا للفكر والثقافة المسيطرين على الإنسان والقدمان تحركا هذا الإنسان إلى المكان الذى يريد أن يقدم فيه خيرأ أو يرتكب فيه جرمأ أو فحشأ 0
وهكذا بقليل من التدير فى كتاب الله المرئى وهو الكون وكتابه المقروء وهو القرآن الكريم نجد أن الله تعالى قد خلق فى كل كيان بشرى مؤسسات للتشريع والقضاء والتتنفيذ والتحريض وهى العقل والضمير( الروح) والنفس والجسم وهى أمور جديرة بالفكير والتدبر والتعمق والبحث حتى يتأكد كل إنسان من حقيقة كنهه وسبب وجوده وأنه لم يخلق عبثا
( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثأ وأنكم إلينا لا ترجعون)؟
( سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق)
اجمالي القراءات 15699