تدخل البشر في تقسيم فريضة الله تعالى في الميراث.

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الجمعة ٠١ - أكتوبر - ٢٠٢١ ١٢:٠٠ صباحاً

تدخل البشر في تقسيم فريضة الله تعالى في الميراث.

يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ.

عزمت بسم الله،

إن الله تعالى قسم الميراث بعلم وحكمة، فأعطى لكل ذي حق حقه، ولم يفرق الله سبحانه بين الجنسين الذكر والأنثى، ففي بعض الحالات نجد أن الله تعالى سوى بين الذكر والأنثى مثل قوله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ. (11). النساء. وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ. (12).النساء.
هذه أول آية في الكلالة ثم أنزل الله تعالى آية أخرى في آخر سورة النساء قال فيها:
يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(176).النساء.

الملاحظة الأولى: فإن الله تعالى يقول: (إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) أي أن ( الولد) يكنى به الذكر والأنثى. الوَلَدُ : كلُّ ما وُلِدَ [ويُطلَقُ على الذكر والأُنثى والمثنى والجمع]. ( معجم المعاني الجامع). وهذا الموضوع فيه مخالفة لشرع الله تعالى، إذ أن المعمول به هو إن كان الهالك لم يولد له إلا الإناث، فإن التركة تقسم على البنات وعلى إخوان الهالك، أي أعمام البنات، وهذا تعد على شرع الله تعالى ومخالف لما أنزل الله في الكتاب.

الملاحظة الثانية: لقد أفتى الحكيم العليم وفصل كيفية ميراث الكلالة، فبدأ بالهالك الذي لم يكن له ولد ( أي عاقر كما يقال). رَجُلٌ عَاقِرٌ : لاَ يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ. ( معجم المعاني الجامع).
قال رسول الله عن الروح عن ربه: إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ. لاحظوا فإن الله تعالى يبني نصيب الميراث على الإناث. فقال: فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ. ثم يجمع الله سبحانه بين الذكر والأنثى فيقول: وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ. وفي الأخير يحذر الله تعالى أن نضل فنغير شيئا في الميراث ونتبع الهوى بعد أن بيََّن وأفتى في الكلالة.
لكن المعمول به عند المسلمين هو أن بنت الأخ لا ترث مع الذكور في الكلالة، وهذا مخالف صريح لشرع الله تعالى وهو الضلال بعينه. قال رسول الله عن الروح عن ربه: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(176).النساء.

ننزل إلى كلام البشر ولهو الحديث لنرى ما جاء في تفسير القرطبي:
فيه خمس مسائل:
الأولى: قال البراء بن عازب: هذه آخر آية نزلت من القرآن; كذا في كتاب مسلم. وقيل: نزلت والنبي صلي الله عليه وسلم متجهز لحجة الوداع, ونزلت بسبب جابر; قال جابر بن عبدالله: مرضت فأتاني رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبو بكر يعوداني ماشيين, فأغمي علي; فتوضأ رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم صب علي من وضوئه فأفقت, فقلت: يا رسول الله كيف أقضي في مالي ؟ فلم يرد علي شيئا حتى نزلت آية الميراث "يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة" رواه مسلم; وقال: آخر آية نزلت: "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله" [البقرة: 281] وقد تقدم. ومضى في أول السورة الكلام في "الكلالة" مستوفى, وأن المراد بالإخوة هنا الإخوة للأب والأم أو للأب وكان لجابر تسع أخوات.
الثانية: "إن أمرؤ هلك ليس له ولد" أي ليس له ولد ولا والد; فأكتفى بذكر أحدهما; قال الجرجاني: لفظ الولد ينطلق على الوالد والمولود, فالوالد يسمى, والدا لأنه ولد, والمولود يسمى ولدا لأنه ولد; كالذرية فإنها من ذرا ثم تطلق على المولود وعلى الوالد; قال الله تعالى: "وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون" [يس: 41].
الثالثة: والجمهور من العلماء من الصحابة والتابعين يجعلون الأخوات عصبة البنات وإن لم يكن معهن أخ, غير ابن عباس; فإنه كان لا يجعل الأخوات عصبة البنات; وإليه ذهب داود وطائفة; وحجتهم ظاهر قول الله تعالى: "إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك" ولم يورث الأخت إلا إذا لم يكن للميت ولد; قالوا: ومعلوم أن الابنة من الولد, فوجب ألا ترث الأخت مع وجودها. وكان ابن الزبير يقول بقول ابن عباس في هذه المسألة حتى أخبره الأسود بن يزيد: أن معاذا قضى في بنت وأخت فجعل المال بينهما نصفين.
الرابعة: هذه الآية تسمى بآية الصيف; لأنها نزلت في زمن الصيف; قال عمر: إني والله لا أدع شيئا أهم إلي من أمر الكلالة, وقد سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم عنها فما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيها, حتى طعن بإصبعه في جنبي أو في صدري ثم قال: (يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي أنزلت في آخر سورة النساء). وعنه رضي الله عنه قال: ثلاث لأن يكون رسول الله صلي الله عليه وسلم بينهن أحب إلي من الدنيا وما فيها: الكلالة والربا والخلافة; خرجه ابن ماجة في سننه.
لخامسة: طعن بعض الرافضة بقول عمر: (والله لا أدع) الحديث.
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.
اجمالي القراءات 2027