نسخ ما فات وقت تدمير الموقع
لمجرد التذكير : هل القرآنيون فرقة جديدة ظهرت فى الاسلام ؟

آحمد صبحي منصور في الأحد ٢٦ - سبتمبر - ٢٠٢١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

لمجرد التذكير : هل القرآنيون فرقة جديدة ظهرت فى الاسلام ؟


أحمد صبحى منصور
 
الحوار المتمدن-العدد: 6800 - 2021 / 1 / 27 - 17:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    أولا :
(1 )
نبدأ بتصحيح السؤال ، فالصحيح أن يكون : هل القرآنيون فرقة جديدة ظهرت بين المسلمين ؟
الاسلام شىء واحد هوأوامر ونواهى وعقائد وتشريعات وأخلاقيات جاء بها القرآن الكريم المحدد ببدايته ونهايته و سوره وآياته، والمحفوظ بيد الله تعالى الى قيام الساعة. ولا شأن للاسلام بما يفعله المسلمون إن خيرا وإن شرا.
المسلمون طوائف شتى بعقائد و تشريعات شتى؛ من عقائدهم ما يناقض الاسلام إذ يدور حول تقديس البشر والحجر بدءا من تقديس النبى محمد وآله وأصحابه وألأولياء والأئمة وتقديس القبور و الأضرحة والأوثان ، ومن تشريعاتهم قتل المسالم المخالف فى المذهب والدين وتأكيد الاستبداد الفساد والعصيان .
عموما طوائف المسلمين الكبرى ثلاث وهم الصوفية و السنيون والشيعة. وهناك أقليات كثيرة من الاباضية وغيرهم. الطوائف الكبرى للمسلمين يتفرعون الى فرق ومذاهب كثيرة، ولا يزال التشعب والانقسام ساريا.
لو رجعنا الى طوائف المسلمين الكبرى لوجدنا أن الأغلبية العظمى من المسلمين هم الذين يجمعون بين عقائدالتصوف فى تقديس الأضرحة والقبور وبين الشريعة السنية فى العبادات والمعاملات. انهم الصوفية السنيون ، أو أتباع التصوف السنى الذى قام بتأطيره وتقعيده الغزالى فى كتابه ( إحياء علوم الدين ) وقام بتنفيذه وتطبيقه صلاح الدين الأيوبى ثم ساد المسلمين من القرن السادس الهجرى حتى الآن . والى التصوف السنى ينتمى أكثر من 90 من المسلمين خصوصا فى أكثر بلاد المسلمين سكانا فى آسيا (اندونيسا وباكستان والهند وماليزيا وأواسط آسيا فى جمهوريات الاتحاد السوفيتى القديم ) وفى أفريقيا ( مصر ونيجيريا والمغرب والسودان) . وبالتالى فان أتباع التصوف السنى هم أغلبية السنيين والصوفية. وتبقى أقلية صوفية متطرفة فى عقائد الصوفية ( مثل وحدة الوجود والحلول والاتحاد ) وأقلية سنية متطرفة تنتمى للوهابية ، ثم الشيعة وهم أقلية بالنسبة للتعداد العام للمسلمين.
(2 )
بالاضافة الى تنوع المسلمين الطائفى فانه يمكن تقسيمهم قسمين حسب التفاعل والحركة أو السلبية والسكون. الأغلبية الأعظم من المسلمين هى معسكر الأغلبية الصامتة الساكنة الغائبة المغيبة عن الأحداث. وتستطيع أن تراهم فى كل الطوائف المسلمة.
أتباع التصوف السنى المسلمون يمثلون معظم الأغلبية الصامتة من جماهير المسلمين ، وكلهم مسالمون، السلبية هى دينهم الحقيقى ، وشعارهم المقدس كلمة ( وأنا مالى ) . وهناك أغلبية صامتة أخرى تنتمى للسنيين الوهابيين قد تكون حانقة متشدة ولكن تنغمس فى أعمالها وطموحاتها ودنياها . والصوفية أصحاب عقائد التصوف ينتمون الى الحياة الساكنة بلا متاعب. الأغلبية الصامتة فى الشيعة تركز على مراسم عبادتها تاركة لشيوخ الطوائف حرية الحركة والتعبير عنهم.
وبالتالى فاذا نظرنا الى الأغلبية الصامتة فى المسلمين نجدهم أكثر من 99, 99 % من عدد السكان تقريبا ؛ فاذا كان عدد المسلمين اليوم يقترب من 1250 مليونا فان عدد القوى المتحركة والنشطة فيهم يزيد قليلا عن المليون شخص. والى هذه القوى المتحركة ينتمى كل نشطاء المسلمين من كل الاتجاهات بدءا من من القادة الى العوام المتظاهرين فى الشوارع .
وهنا ندخل على تقسيم آخر غاية فى التعقيد لأنه متنوع ايدلوجيا و فكريا وحركيا و تنظيميا. هناك من ينتمى الى معسكر التطرف والارهاب السنى أوالشيعى ، منهم من يعمل مع الحكام المستبدين ومنهم من يعمل ثائرا على اولئك الحكام المستبدين ، وهناك من يلعب على الحبال يعمل مع وضد النظم الحاكمة فى نفس الوقت . وهناك من ينتمى الى تيار الاصلاح والتنوير ، وهذا التيار منه العلمانى على اختلاف أطيافه ( الاشتراكى و التقدمى و الغربى و القومى ، والعامل فى حقوق الانسان) ، ومنه المصلح من داخل الاسلام ( كالقرآنيين ). ومنهم من يتخصص فى الناحية الحركية ومن يكتفى بالتأطير الفكرى والنظرى . يسرى هذا على كل التيارات من القاعدة و الاخوان المسلمين و منظماتهم المختلفة السرية والعلنية الى جمعيات حقوق الانسان العلمانية و المفكرين العلمانيين المستقلين. وبعد الاختلافات النوعية فهناك اختلافات أخرى كمية تتراوح بين الاعتدال الحقيقى والاعتدال المنافق و التطرف العادى والتطرف المتشدد.
فى كل هذا التنوع فى الحركات المسلمة الحالية تجد جماعات الارهابيين والمناصرين لهم . هم أقلية حقيقية ولكنها أقلية تتسلح بالثروة والنفوذ ، وفكرها تتسلح به وتنشره دول بترولية ونظم عسكرية علمانية بهدف الاستمرار فى السلطة.
وفى كل هذا التنوع فى الحركات المسلمة ( ولا تقل الحركات الاسلامية ) فهى ترجع أولا وأخيرا للمسلمين وليس الى الاسلام الذى يشجب التفرق فى الدين و يجعله من ملامح الشرك : ( الأنعام 153 ، 159 الروم30 ـ 32) ، ولهذا فاننا ـ نحن القرآنيين ـ ندعو الى الرجوع الى القرآن الكريم ـ المصدر الوحيد والأوحد للاسلام والاحتكام اليه وقراءته وفق مصطلحاته قراءة علمية ، وعندها لن يكون هناك خلاف بين المسلمين طالما أذعنوا لكتاب الله تعالى و رضوا بحكمه تائبين منيبين.
( 3 )
وندخل هنا عن القرآنيين الذين ظهروا أخيرا على الساحة كرد فعل لعلو النفوذ الوهابى السلفى فى مصر وغيرها...
هل القرآنيون فرقة جديدة ظهرت فى الاسلام ؟
قد يقال لنا : إنكم ضد تفرق المسلمين فى الدين ولكنكم تطلقون على أنفسكم لقب القرآنيين فتضيفون بذلك فرقة جديدة للمسلمين. ونقول لم نطلق على انفسنا لقب القرآنيين ، ولكن السلطات المصرية التى قبضت علينا هى التى أطلقت علينا لقب ( القرآنيين ) والتصق بنا هذا اللقب منذ الثمانينيات فى القرن الماضى، ونود أن نكون بلا اسم ولقب ، أى مجرد مسلمين فقط عند الله تعالى ، وكفى بهذا فخرا. ولكن بعد أن التصق بنا اللقب وبعد تكفيرنا من هنا وهناك قلنا لا باس من الانتساب للقرآن العزيز الذى ننتمى اليه و نتميز به عمن ينكره و يتخذ معه مصادر اخرى فى الدين.
إلا أن القرآنيين ليسوا طائفة أو فرقة أو جماعة منظمة بشيخ ومريدين أو رئيس وأتباع . ان القرآنيين اتجاه بحثى فى الاسلام يعنى الاكتفاء بالقرآن الكريم وحده مصدرا لفهم الاسلام ،وألاّ ننسب للنبى محمد عليه السلام أكاذيب لم يقلها ، ونعنى بها كل تلك الأحاديث المنسوبة له فى تراث المسلمين, ولا ننسب لله تعالى قولا خارج القرآن ولذلك ننكر ما يسمونه بالحديث القدسى. وبعد اعتمادنا على القرآن وحده فى فهم الاسلام فاننا ننكر بشدة أن يكون تراث المسلمين وتاريخهم جزءا من الاسلام دين الله تعالى العظيم، لذا نتعامل مع التراث والتاريخ على أنه جهد بشرى يحوى الصحيح والخطأ بمقاييس العلم البشرى ، ليس محلا للايمان وانما هو موضع للنقد والتحليل و التكذيب و الموافقة ، و أئمته بشر مثلنا يخطئون ويصيبون ، وأكبر خطاياهم أنهم نسبوا علمهم لله تعالى ولرسوله الكريم فافتروا على الله تعالى كذبا وكذبوا بآياته .
ولاصلاح المسلمين سلميا من داخل الاسلام و نبذ الفرقة والاختلاف بينهم فان القرآنيين أنشأوا المركز العالمى للقرآن الكريم فى واشنطن ، وأطلقوا موقع ( أهل القرآن ) 
http://www.ahl-alquran.com/arabic/main.php
ليكون منبرا لكل الاصلاحيين المسلمين.
( 4 )
موقع ( اهل القرآن) مفتوحة أبوابه أمام كل انسان حر يكتب دون أن يفترى على الله تعالى كذبا أو أن ينسب للنبى محمد عليه السلام ما لم يقل.
ومن الطبيعى أن نخطىء ونصيب، وأن ما نكتبه معروض للنقاش والنقد. فالكاتب إذا اجتهد فأصاب فلنفسه وإن أخطأ فعليها و لا شأن للاسلام باجتهاداتنا وأخطائنا. المهم أننا نتعلم من بعضنا البعض ، ويصحح بعضنا بعضا ، ومن المحاولة والخطأ والنقد نتقدم و نتطور الى الأحسن. ولن نستطيع مهما كبرنا و تعلمنا أن نكون معصومين من الخطأ . المهم ألا نصرّ على الخطأ وأن نكون على استعداد للتعلم وتغيير الرأى اذا ظهر خطؤه. ونحن نرحب بالبراعم الجديدة الشابة ونشجعها على الكتابة والتعليق أملا فى أن تتعلم وتتطور لتصبح أعلام الفكر والثقافة فى المستقبل. نقول لهم : لا بأس من المحاولة والخطأ فهذه هى البداية الحقيقية للتعلم. ويشجع موقع ( اهل القرآن) كل المثفقين المسلمين العلمانيين على الكتابة فى الاسلاميات ، حتى لا تكون حكرا علي الشيوخ المحترفين .
( 5 )
من أسف أن الشيوخ المحترفين نجحوا فى اقناع المثقفين العلمانيين بأن الاسلام كهنوت وأسرار وأقفال لا يملك مفاتيحها الا أولئك الشيوخ. هذه الخديعة الكبرى انطلت على جمهور المتعلمين والمثقفين المسلمين فابتعدوا عن ساحة الكتابة الاسلامية وتركوها لجهل أولئك الشيوخ فانفردوا بعقول الناس يتبولون فيها عفن التراث وينسبون ذلك الرجس للاسلام ورب العزة جل وعلا ورسوله الكريم. وكانت النتيجة أن انتشرت الخرافة وارتدت ثوب القداسة ، وتضخم الجهل ولبس وشاح العلم.
ولينظرالمثقفون المسلمون الى ما يحدث الآن نتيجة لانفراد الشيوخ الجهلة السلفيين بمقاليد الفكر الدينى. أصبحت كل البدهيات المسلّم بها معروضة للحظر والتحريم فى سوق الفتاوى السلفية ، وأصبح التشدد و التزمت رائد التدين مع ان الاسلام هو دين التيسير ورفع الحرج و المشقة والعنت ، و أصبح التنمر والتوجس من الجار غير المسلم ومعاداته واضطهاده هى أساس التعامل معه، مع أن الاسلام هو دين الرحمة والاحسان ، وقد بعث الله تعالى محمدا عليه السلام بالقرآن ليكون رحمة للعالمين وليس لارهاب العالمين.
ليس هذا فقط هو ما فعله أولئك الشيوخ حين سمحنا لهم بالانفراد بالفكر الدينى للمسلمين . أكثر من هذا ، أنه أخذت فى الانتحار الجماعى والبطىء بعض الشعوب العربية والمسلمة ، وتتابعت شعوب أخرى لتلحق بمصير الهلاك، وكل ذلك يحدث فى ظل سيطرة لأولئك الشيوخ. وهم يسعون لاستمرار المذابح وتشجيع السكوت عليها خوف البحث فى أسبابها . ولذلك تثور قضايا هامشية تافهة مثل الحجاب لالهاء الناس عن آلاف القتلى ، وحتى تظل الأزمات بدون نقاش حقيقى يسفر عن حل معتدل. بالله عليكم ما هو الأخطر والأهم : أنهار الدم اليومى فى بلاد المسلمين أم تغطية شعر المرأة ؟
هذه بعض مظاهر المرض الذى تسبب فيه الشيوخ حين سيطروا على عقلية المسلمين وارتدوا بها الى الوراء والسلف غير الصالح.
( 6 )
ليس فى الاسلام كهنوت، و ليس فيه أسرار ورموز وطلاسم.
القرآن الكريم كتاب مفتوح ضمن الله تعالى حفظه الى قيام الساعة. وهو كتاب ميسر للذكر والفهم والتعلم. والمثقفون المسلمون العلمانيون اذا قرءوا القرآن بقلب مفتوح دون أن يجعلوا بينهم وبينه حاجزا أو حائلا من كتب التراث والتفاسير والأحاديث فسيكتشفون أن أعدى أعداء الاسلام هم أولئك الشيوخ المحترفون المتكسبون بالدين . ولأكتشفوا أن الاسلام دين علمانى حقيقى فى جوهره القائم على العدل وحرية الدين والفكر والسلام والتسامح والاحسان والرحمة والبر و التقوى، وسيكتشفون أخيرا انهم أخطأوا فى حق أنفسهم وحق دينهم الاسلام العظيم حين تركوه أسيرا بين يدى أعدائه من شيوخ السلف غير الصالح ـ شيوخ هذا ما وجدنا عليه آباءنا.
( 7 )
يتمنى الموقع من كل المثفقين من كل الملل والنحل ـ غير الكارهين للاسلام ـ أن يلتفوا حوله بالكتابة والتأييد أملا فى حل مشاكل العالم الراهنة التى تسبب فيها شيوخ التخلف .
ليس أولئك الشيوخ متخصصين فى الاسلام. ليس لديهم وقت للاجتهاد او القراءة ، وهم أجهل الناس بالقرآن وأكثرهم عداءا له. إن المثقفين المسلمين هم أقدر الناس على فهمه اذا أرادوا.
تستطيع أن تهتدى بالقرآن وتستطيع أيضا أن تضل به. المهم كيف تتعامل معه؟ هل بالانتقاء أم بالمنهج الموضوعى ؟.
من الممكن أن تضل بالقرآن كما فعل أئمة التراث الذين دخلوا على القرآن بآراء مسبقة وهوى دفين ينتقون ما يوافقهم من الآيات ويتجاهلون غيرها أو يقولون أنها منسوخة..الى آخر هذا الهراء التراثى. وعلى طريقهم يسير شيوخ التخلف فى عصرنا يرددون ثقافة العصور الوسطى من احاديث كاذبة و خرافات ما أنزل الله تعالى بها من سلطان.
إذا أردت أن تهتدى بالقرآن فابحث فيه بعقلك بمنهج علمى ، أى بالتدبر فى آياته وقراءته بمصطلحاته هو وبمفاهيمه هو ، وليس بمفاهيم التراث ومصطلحاته ، وأن تكون مستعدا لأن تضحى فى سبيل القرآن بكل الثوابت المخالفة له والتى وجدنا عليها آباءنا.
( 8 )
وهذا ما نفعله فى موقع ( أهل القرآن )
أهلا بكم فى موقع أهل القرآن .
ملاحظة
هذا المقال سبق كتابته من سنوات ونسيت أن أنشره في موقع ( أهل القرآن ) المأسوف عليه . وفيه أسباب تدميره للمرة الخامسة . ندعو الله جل وعلا أن ينصرنا على القوم المجرمين .

اجمالي القراءات 2134