نسخ ما فات وقت تدمير الموقع
نوال السعداوى .. أيضا :!!

آحمد صبحي منصور في الأحد ٢٦ - سبتمبر - ٢٠٢١ ١٢:٠٠ صباحاً

نوال السعداوى .. أيضا :!!


أحمد صبحى منصور
 
الحوار المتمدن-العدد: 6850 - 2021 / 3 / 26 - 21:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    
مقدمة :
جاءنى هذا التعليق على الخاص : ( شيخنا الكريم أنا لا أومن إلا ما جاء في القرآن الكريم و أطرح كل الموروث من وفاة الرسول إلى 26 مارس 2021 هلا تكرمت علينا جزاك الله خيرا و حفظك و أهلك أن تقدم لنا تفسيرا للآية 22 من سورة المجادلة ) . أحسستُ أن السائل يومىء الى موضوع دفاعى عن الراحلة د نوال السعداوى . وأحسست أنه يجد حيرة بين موقفى وهذه الآية الكريمة ، وكان حتما التوضيح ، ونحتسب عند الله جل وعلا جهدنا وجهادنا في تكرار التوضيح لحقائق الإسلام التي هجرها ونبذها المحمديون . وأقول :
1 ـ قوله جل وعلا : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (22) المجادلة ) هو في تحريم موالاة العدو الكافر المعتدى حربيا على المؤمنين المسالمين . هذا لا ينطبق على المخالف في الدين الذى لا يعتدى على المؤمنين المسالمين .
2 ـ ونبدأ بأول ما نزل في هذا السياق الموضوعى ، وهى سورة الممتحنة التي تنهى المهاجرين عن موالاة أهاليهم المعتدين الذين أخرجوا النبى والمؤمنين . نزلت السورة تلوم وتستنكر وتُشرّع . ونعطى تفصيلا :
2/ 1 بدأت السورة بقوله جل وعلا في خطاب مباشر لهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1). هم أعداء الله جل وعلا وأعداء المؤمنين بسبب كفرهم وإعتدائهم وإخراجهم النبى والمؤمنين . فلا تجوز موالاتهم ولا تجوز مودتهم حتى المودة القلبية . ومن يفعل ذلك فقد ضلّ السبيل .!
2 / 2 : وقتها لم يحدث بعدُ صدام حربى ، لذا قال جل وعلا يُخبر مقدما عن أولئك الكافرين الذين أخرجوا النبى والمؤمنين ـ أنهم سيهجمون على المؤمنين ليرجعوهم الى الكفر : ( إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2).
2 / 2 / 1 : وقد تحقّق هذا فعلا في غارات متتابعة تهدف الى فتنة المؤمنين وإرغامهم على العودة في الكفر ، وكان بعضها يحدث في الأشهر الحرم ، و بعد نزول الإذن بالقتال الدفاعى تحرّج المؤمنون من القتال في الشهر الحرام فقال جل وعلا : ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنْ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) البقرة ).
2 / 2 / 2 : كان المؤمنون مأمورين بكفّ اليد عن القتال الدفاعى الى أن يستعدوا . وانتهزتها قريش فرصة في تكثيف غاراتهم على المدينة . فلما نزل الأمر بالقتال رفضه بعض المؤمنين الذين إستمرءوا الاستسلام ، وطلبوا تأجيل القتال خوفا من الموت ، فقال جل وعلا عنهم : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77) النساء ).
2 / 2 / 3 : كرهوا القتال الدفاعى مع إنه الخير لهم وبدونه كان يمكن أن يستأصلهم الكافرون المعتدين . عن كراهيتهم للقتال الدفاعى قال جل وعلا لهم : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (216)، وبعدها : ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنْ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) البقرة )
2 / 2 / 4 : الدولة المُسالمة إن كانت ضعيفة فإن ضعفها يُغرى عدوها المعتدى على الاعتداء . لذا نزل الأمر بالاستعداد القتالى لارهاب العدو المعتدى وردعه وليس للهجوم عليه ، بالردع يكفُّ المعتدى ويكون بهذا قد حقن دمه ودم المؤمنين المسالمين ، وهذا معنى الإرهاب في المصطلح القرآنى ، وفى نفس الوقت فإذا جنح المعتدى للسلم فلا بد أن يستجيب المؤمنون للسلم معتمدين على الله جل وعلا وهو حسبهم ونعم الوكيل . قال جل وعلا : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) الانفال ) .
2 / 2 / 5 : بعد تمام الاستعداد الحربى نزل ( الإذن ) بالقتال الدفاعى لمن يتعرض للهجوم ، وفى حيثياته نعرف أن المؤمنين قوتلوا بعد أن ظُلموا و أُخرجوا من ديارهم ، وجاء أيضا المقصد التشريعى للقتال ، وهو حصانة بيوت العبادة للجميع من صوامع وبيع ( أديرة ) ومساجد . قال جل وعلا : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج )
2 / 2 / 6 : في هذه المراحل التشريعية للقتال وفى المعارك الحربية التي خاضها النبى محمد دفاعيا ظل بعض الصحابة يوالى المعتدين ، برغم ما جاء ( من قبل ) في سورة الممتحنة.
ونعود الى إستعراضها .
2 / 3 : قال جل وعلا في التأكيد على أن الأقارب لا ينفع بعضهم بعضا يوم القيامة : ( لَنْ تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3) الممتحنة )، . تكرر هذا من قبل في سور مكية ، منها قوله جل وعلا :
2 / 3 / 1 : ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) عبس )
2 / 3 / 2 : ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ (101) المؤمنون )
2 / 3 / 3 : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) لقمان )
2 / 4 / 1 : بعدها أمرهم الله جل وعلا بالتأسّى بإبراهيم عليه السلام والمؤمنين معه حين تبرءوا من قومهم المعتدين لأنهم فتنوهم أي اضطهدوهم في الدين . قال جل وعلا : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) الممتحنة ).
2 / 4 / 2 : جدير بالذكر أن النبى محمدا عليه السلام كان يستغفر لعمّه أبى لهب الذى نزل فيه قوله جل وعلا : ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ (3) المسد ) ، ومع أنه تبيّن للنبى محمد أن أبا لهب من أصحاب الجحيم فقد كان يستغفر له ، وكان بعض المؤمنين يستغفرون أيضا للكافرين المعتدين بسلوكهم الحربى وفتنة المؤمنين واضطهادهم ، لذا قال جل وعلا للنبى محمد عليه السلام وللمؤمنين في سورة التوبة ( أواخر ما نزل من القرآن الكريم ) في التذكير بما سبق في سورة الممتحنة : (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115) . التوبة) .
ونعود لسورة الممتحنة :
2 / 5 : نزل التشريع الحاكم في التعامل مع المخالف في الدين . وهو حسب الإسلام السلوكى بالسلام وعدم الاعتداء ، أو الكفر السلوكى بالاعتداء والإكراه في الدين.
2 / 5 / 1 : هناك مخالفون في الدين ولكنهم غير معتدين . جاء عنهم التشريع في نفس السورة : ( لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) ) طالما لم يخرجونا من ديارنا وطالما لا يقاتلوننا بسبب ديننا فلا بد أن نتعامل معهم بالبرّ والقسط والعدل ، والله جل وعلا يحب المقسطين .
2 / 5 / 2 : أما الذين كفروا ــ حسب سلوكهم ـ فقد قال جل وعلا في النهى عن موالاتهم وباسلوب القصر والحصر ( إنّما ) : ( إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9) الممتحنة ). المعتدون والمؤيدون للمعتدين تحرم موالاتهم . ينطبق هذا على ما فعلته قريش مع النبى والمؤمنين ، ثم ما فعلته بعد موت النبى محمد بالفتوحات ، ثم تشريعات قتل المرتد زتارك الصلاة ، مجرد أمثلة .!!. وينطبق هذا أيضا على من ظاهروهم وايدوهم وجعلوا الخلفاء الفاسقين آلهة ورمزا للاسلام ظلما وعدوانا وإفتراءا على الله جل وعلا ورسوله .!.
2 / 5 / 3 : الراحلة نوال السعداوى لم تعتد على أحد ، بل وهبت حياتها في الدفاع عن المستضعفين المُعتدى عليهم ، متفقة مع شريعة الإسلام ، وبالاتفاق مع شريعة الإسلام واجهت الذين ظلموا الناس ورب الناس ، من المؤمنين بحديث الردة وقتل المسالمين . ثم بعدها ينسبون هذا للاسلام ورب العزة والرسول عليه السلام ، ويعطون لأنفسهم الحق في الحديث باسم رب العزة زاعمين الدفاع عنه ، وهم بما يفترون وبما يفعلون أعدى أعداء الله جل وعلا ورسوله ودينه .
ونعود لسورة الممتحنة .
2 / 6 : ولأن السورة نزلت في أوائل استقرار المهاجرين في المدينة فقد جاء بعدها التشريع الخاص بالمهاجرات ، فقد كان محتملا أن يكون بينهن جاسوسات يزعمن الإسلام ، لذا أوجب رب العزة إجراء إختبار ( أمنى ) للمهاجرات ــ لا علاقة له بما في القلوب لأن الله جل وعلا هو الأعلم بما في الصدور . فإذا علموهن مؤمنات مأمونات الجانب حسب الايمان الظاهرى فيحرم إرجاعهن ، ثم تشريع لمن تركن أزواجهن والمهاجرين الذين تركوا زوجاتهم، وأصبح مستحيلا استمرار الرابطة الزوجية بين الزوجين ، قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)
2 / 7 : ثم مبايعة النساء للنبى في دخول الدولة الإسلامية : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12).
2 / 8 : وكما بدأت السورة بالنهى عن موالاة المعتدين فقد جاء نفس النهى في خاتمة السورة . قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنْ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13) الممتحنة )
3 ـ مع هذا لم ينقطع بعضهم عن التحالف وموالاة المعتدين ، فنزل قوله جل وعلا في أواخر ما نزل وفى سورة التوبة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) التوبة ) .
4 : والمنافقون الصحابة أدمنوا التحالف وموالاة المعتدين حربيا من أهل الكتاب ، فقال جل وعلا فيهم :
4 / 1 : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (15) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (16) المجادلة ) الى أن يقول جل وعلا : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (22) المجادلة )
4 / 2 : ( بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (139) النساء ).
4 ـ 3 : ( أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (12) الحشر )
5 ـ واعتدى بعض أهل الكتاب من اليهود والنصارى على دولة النبى ، ونصر الله جل وعلا المؤمنين ، وجاءت إشارة عن هذا في أواخر ما نزل من القرآن في قوله جل وعلا : ( لَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ) (25) التوبة ). وفى بعضها تحالف بعض المؤمنين مع المعتدين اليهود والنصارى ، وكانوا يوالونهم فقال جل وعلا في أواخر ما نزل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) المائدة ).

اجمالي القراءات 2314