تعليقا على الاعتقال الثالث للكاتب الاسلامى : رضا عبد الرحمن على
( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) الفجر)

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٣ - سبتمبر - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) الفجر)

تعليقا على الاعتقال الثالث للكاتب الإسلامي رضا عبد الرحمن على

أولا : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) للفراعنة الى نهاية الزمان

1 ـ في سورة الفجر يقول جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ  كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)).

المستفاد الآتى :

1 ـ  الله جل وعلا ذكر الطُّغاة السابقين وإهلاكهم بالعذاب ، وختم بقوله جل وعلا بجملة إسمية مؤكدة هي : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) . الجملة الاسمية تفيد الثبوت ، وأن تأتى في الكتاب الالهى الخاتم المحفوظ الى نهاية العالم ـ  فهذا يعنى تحذيرا إلاهيا للطُّغاة من البشر من وقت نزول القرآن الى قيام الساعة .

2 ـ جىء بفرعون ( المصرى ) في نهاية الطُّغاة . و ( فرعون ) تكرر في القرآن الكريم باللقب دون الاسم ، وفى القصص القرآنى عنه تتجلى كل ملامح المستبد ، والتكرار في قصص فرعون يحوى إعجازا ضمنيا ، فالذين يزعمون الايمان بالقرآن أنتجت بيئاتهم فراعنة بعد نزول القرآن الكريم ، ليس أولهم الخلفاء الفاسقين ، وليس آخرهم المستبدين في عصرنا البائس الحزين ، فهذا القصص القرآنى حُجّة عليهم مُقدّما .

3 ـ والله جل وعلا جعل فرعون وجنده أئمة لكل الطُغاة بعده ، قال جل وعلا عن فرعون وجنوده :

3 / 1 : (  وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ (41) القصص ). أي إن فرعون وجنوده أو قومه أو نظام حكمه هم أئمة للطغاة بعدهم ، ودُعاة الى النار .

3 / 2 : وقال جل وعلا عن فرعون وجنوده أو قومه أو نظام حكمه : (  فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ (56) الزخرف  )، أي إن فرعون وجنوده أو قومه أو نظام حكمه هم ( السّلف والمثل ) لكل الطُغاة اللاحقين .

4 ـ  وقال جل وعلا عن فرعون ومن سبقه من الطُّغاة

4 / 1 : ( كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11) ، بعدها يتوجّه الحديث للكافرين الظالمين بالهزيمة في الدنيا والخلود في الجحيم في الآخرة :(  قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) آل عمران )

4 / 2  : ( كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52)الانفال )( كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54)  الانفال ) .

4 / 3 : هذا التكرير ليس عبثا ، تعالى الله جل وعلا عن هذا عُلُوّا كبيرا ، فالقرآن الكريم قول فصل وما هو بالهزل ( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) الطارق ). وإذا نظرنا في أحوال المحمديين اليوم وهم تحت قهر الفراعنة لا بد أن نقول : سبحان من انزل هذا الكتاب الحكيم عبرة وعظة لمن يخشى .

5 ـ ولا بد أن نتأكّد أن مصير فراعنة اليوم هو الخزى والعذاب في الدنيا ، ثم الخلود في جحيم الاخرة ، أي لا بد أن ترتعش قلوبنا ـ إن كنّا مؤمنين ـ بقوله جل وعلا للفراعنة في عصرنا ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ )، وكيف لا ؟ ونحن في زمن وجيز شهدنا ما حدث لفراعنة كثيرين ، من صدام والقذافى وعلى صالح و مبارك وبن على والبشير. فهل سينجو الباقون ؟ ألا نتذكر قوله جل وعلا : ( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51) القمر) . من يعتقد نجاتهم فهو لا يؤمن بقوله جل وعلا : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ )

ثانيا : ربك جل وعلا بالمرصاد لفرعون وكل جنده

1 ـ لم تأت كلمة ( جيش ) في القرآن الكريم . ولكن جاء مصطلح ( الجنود ) . وهذا أروع ، لأن الجيش يعنى الاقتصار على العمل الحربى ، أما ( الجنود ) في التعبير القرآنى فيعنى كل قوم فرعون ، من مدنيين وعسكريين ، وبهم يُدير دولته حربيا وأمنيا وإقتصاديا . فرعون كشخص واحد لا يمكن أن  (يتفرعن ) بمفرده على شعب . لا بد له من نظام حكم من (ملأ ) و ( قوم ) و كلهم له : ( جنود ) ، من أعلى المستويات الى أصغر جندي وأمين شرطة ومخبر وموظف . هؤلاء هم الذين يحملون عرش فرعون ، بهم يقهر فرعون الشعب ، وبهم يُعذّب الشعب ويعتقل الأحرار ودُعاة الإصلاح السلمى .

2 ـ ومن قادة جنود فرعون موسى أو نظام حكمه نعرف إثنين ، قارون وهامان .

2 / 1 : قال جل وعلا عنهما مع فرعون : (  وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (25) غافر ). قارون كان من بنى إسرائيل الذين يضطهدهم فرعون ، ولكنه بغى عليهم وانضم بخبرته ليكون من أعمدة جنود فرعون ، مشرفا على أمواله وخزائنه . ولما خرج فرعون بجنوده يطارد بنى إسرائيل تخلّف قارون ليحرس خزائن الفرعون . غرق فرعون وقومه وجنده ونظام حكمه ، فاستولى قارون على كنوز فرعون . قال جل وعلا : ( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) القصص ) .

2 / 2 : القائد الأبرز في جنود فرعون كان (هامان ) .

2 / 2 / 1 : فرعون علا في أرض مصر بقوة جنده ، وقام بتفريق أهلها يستضعف طائفة منهم ، قال جل وعلا :(  إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً  إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) القصص ). نلاحظ هنا  تكرار ( جنودهما ) لفرعون وهامان مرتين : ( وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا ) ( إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ  ). هذا يعطى الصفة الحربية لهامان .

2 / 2 / 2 : وكانت لهامان وظيفة أخرى ، هي التشييد المعمارى بما يؤكّد أن جيش فرعون لم يقتصر على العسكرية بل إحتكر الاقتصاد والبناء، وهذا ما كان معروفا عن دولة الرعامسة العسكرية الإقطاعية ، لذا كان ( هامان ) كبير جنرالات فرعون هو نفسه القائم بالعمارة والتشييد ، لذا طلب منه الفرعون أن يبنى له صرحا يطاول السماء . قال جل وعلا :

2/ 2 / 2 / 1  : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَوَاتِفَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً )(37) غافر )

2 / 2 / 2 / 2 :( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِينَ (38) القصص ) . ( فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ ) يعنى صناعة الطوب الحجرى من الطين .

قال جل وعلا بعدها عن فرعون وجنوده وعسكره : ( وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنْ الْمَقْبُوحِينَ (42) القصص). هنا مذكور ( هامان ) بوظيفة مدنية ، وتكررت كلمة ( جنوده ) مرتين ، وهم منسوبون لفرعون وحده بما يعنى أن هامان بكل سلطته هو من جنود فرعون ، أي إن فرعون هو الذى يملكهم .

3 ـ ما عدا قارون ، فقد بقى هامان مع فرعون وكل جنوده ، وهو يطارد بهم بنى إسرائيل ، غرقوا معه جميعا في البحر الأحمر . قال جل وعلا :

3 / 1 : ( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) القصص )

3 / 2 :  ( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40) الذاريات)

3 / 3 : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90)  يونس )

3 / 4 : ( فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنْ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79)  طه)، أي إن ( جنوده ) هم ( قومه ).

3 / 5 : أما أهل مصر فهم أصفار على الشمال ، لذا كان صوتهم خافتا في قصص فرعون ، مع إن مصر وقتها كانت عامرة بالمدائن وملايين السكّان ولكن كان يحرّكهم جنود فرعون كالأنعام . قال جل وعلا :

3 / 5 / 1 : (  قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) الاعراف  )

3 / 5 / 2 : ( قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (38) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (39) لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمْ الْغَالِبِينَ (40)  الشعراء )

3 / 5 / 3 : (  وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56)  الشعراء )

4 ـ ويقول جل وعلا عن تدمير منشئات فرعون موسى : ( فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) الأعراف ). لهذا فلا توجد آثار باقية لفرعون موسى ، فقد تمّ تدميرها بأسرها . الذي قام بالاستيلاء على الكنوز هو قارون ، وما لبث أن خسف الله جل وعلا به وبداره الأرض ، قال جل وعلا : ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ المُنْتَصِرِينَ (81)  القصص ). ورجع بنو إسرائيل من سيناء فتملكوا مصر بعد غرق فرعون وجنده وقومه ، وقاموا بتدمير منشئات فرعون ، وجمعوا بعض ما عثروا عليه من الذهب ، ثم صنع منه السامرى عجلا ذهبيا ليعبده بنو إسرائيل في غياب موسى حين ذهب الى لقاء ربه عند جبل الطور . ( طه 83 : 88 ).

5 ـ وكان يحلو لفرعون أن يجمع جنده وقومه في مؤتمرات عامة يخطب فيهم يقول ما يحلو له :

5 / 1 :، كأن يزعم الألوهية (  فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26) النازعات ). جعله الله جل وعلا عبرة لمن يخشى .. فمن اليوم يخشى ؟!!

5 / 2 : أو يُعلن ملكيته لمصر وما عليها ويتندّر على موسى ، وجنده يهللون له مع إنه يستخفّ بعقولهم ، قال جل وعلا  : ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) الزخرف ).

ثالثا : فرعون وجنده في سورة البروج :

1 ـ قال جل وعلا : ( قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) البروج ) ثم قال جل وعلا عمّن يضطهد المؤمنين ثم لا يتوب: ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) البروج ) ثم يقول جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) البروج ) . هذا البطش الشديد يهدّد به الرحمن جل وعلا أولئك الذين يضطهدون المؤمنين ولا يتوبون .

2 ـ ثم يكون ختم السورة بجنود فرعون المكذبين للقرآن المجيد . قال جل وعلا:  ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22) البروج ).

أخيرا :

1 ـ  ألا من يؤمن بالقرآن المجيد أيها الناس ؟

2 ـ أليس فيكم رجل رشيد ؟ 

اجمالي القراءات 2963