سِحْر أمْ تخويف المصريين؟
عـــبــــقـــريـــة الديكتاتور الـــفـــاشــي!

محمد عبد المجيد في الثلاثاء ٠٨ - سبتمبر - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

عـــبــــقـــريـــة الديكتاتور الـــفـــاشــي!
 
لقد استطاع في سبع سنوات أنْ يقنع المصريين بأنهم مجموعةُ أصفار!
وأنَّ نهرَ النيلِ بحيرةٌ إثيوبية!
وأنَّ جيشَه الوطني لا يستطيع أنْ يعترض على التفريط في جزيرتين استراتيجيتين؛ ولا أن يقضي على ثلاثة آلاف من الإرهابيين في مساحة مكشوفة في سيناء طوال سبع سنوات، بل وخبرته العسكرية تجعل الإرهابيين يقتلون الجنود المساكين في نفس المكان عدة مرات وبنفس الطريقة اعتمادا على الجهل العسكري للقيادات.
وأنَّ كنوزَ جبلِ الحلال ومليارات الغاز كانت فياسكو!
وأن حدود مصر البحرية والصحراوية والنهرية ليست خطوطا حمراء إلا في عقله الأجوف.
وأنَّ المصريين يعملون خدمــًا لديه؛ رغم أن الطبيعي أنه يعمل لديهم!
وأنَّ الدستور لُعبة يقوم بتغيير قواعدها فيخرس الشعب كله!
وأنه قام بشراء كل الجنرالات في الجيش والشرطة.
وأن كل مصري يريد أن ينجو بحياته فقط فلا يدافع عن سجين أو مظلوم أو منهوب أو بريء يتعذب في زنزانة بقبو تحت الأرض.
وأن معتقلاته أصبحت أكثر شُهرة من معتقلات هتلر وموسوليني وأنور خوجة والقذافي وصدام حسين وفرانكو وبينوشيه وعيدي أمين دادا...
وأن المصري إذا اختفى أخوه أو أبوه أو ابنه في معتقلات السيسي يكتفي بالدعاء، ويطلب من الله التعجيل في الإفراج عنه.
وأنه لو أعاد الله بعث كل الأنبياء والرُسل مرة واحدة بكل الكتب المقدسة وتوصية خاصة من رب العالمين أن يرفع السيسي يده عن شعب مصر لما اهتزت شعرة في جسده.
وأنه يعرف كراهية المصريين للقراءة وعدم تأثرهم بالكلمة، فعاذ فسادا.
وأن السيسي يؤمن أن بناء طوبة في قصر منيف له ولأسرته أفضل من أن يأكل فقير عشاءه بثمنها.
وأنَّ مواطنــًا يرفع لافتةَ اعتراض عليه ستنتظره زنزانة.
وأنَّ عشرة ملايين مصري في الخارج يرتعشون ويرتعدون خوفا من قائمة المُترَقَب وصولهم.
وأنَّ الذين قاموا بثورة ضد الحرامي المجرم حسني مبارك سيعاقبهم السيسي.
وأنَّ القضاة والمستشارين يأتمرون بتوجيهاته وليس بقانون العدالة.
وأنَّ الجنرالات في الجيش والشرطة يملكون حق تقسيم أراضي الدولة بينهم .
وأن الخطاب الديني السلفي هو المُعبّر عن الرئيس.
وأن 25 يناير لن تتكرر.
وأن الإعلامي الذي لا يمتدح في الديكتاتور السيسي لن تفتح له أي قناة مصرية شاشتها واستوديوهاتها.
وأن الإعلاميين أنصاف الأميين والمطبّلين والمهللين والقردة والمنافقين هم خط الدفاع عنه.
وأنه على يقين من أن فترة حُكمه قد تمتد حتى تصعد روحه إلى بارئها ثم يرث ابنه المصريين ووطنهم وأرضهم.
وأن مجلس نوابه مكانه الطبيعي حديقة الحيوانات مع رئيسه ذي القدرات العقلية الضحلة.
وأن جهله وفاشيته وحماقاته وخربطاته هي فلسفة العصر فهو طبيب الفلاسفة.
وأن المثقفين والأدباء والشعراء والعلماء والأكاديميين مهمتهم خدمته أو لعق حذائه.
وأن عبقريته في التسَوّل من الأثرياء.
وأنه صنع مصرَ من جديد في إنشاء بعض الطرق والكباري في مقابل إهمال التعليم والعلاج والمستشفيات.
وأن فلسفة القروض فكر متقدم ينفق منها على عصره، ويسددها وفوائدَها أحفادُ المصريين.
وأن البحر وشواطيء الاسكندرية ينبغي أن تحتجب عن الشعب.
وأن مسجد "الفتاح" العليم المقصود به السيسي وليس الله.
وأن شمّاعة استمراره هي الحرب ضد الاخوان حتى بعد أن أصبحوا لا يملكون إلا بعض الإذاعات والقنوات الفضائية.
وأن إسرائيل لم تجد منذ النكبة عام 1948 عرّابا لها أفضل منه.
وأنه لا يحب العربَ الفقراء، فيدُه في جيوب الأثرياء وهم يتحكمون فيه.
وأن رئيسَ مصر الأقل احتراما في العالم من أي زعيم آخر.
وأن الإثيوبيين يحتفلون بسذاجته وعباطته وتخلفه فحصلوا على ما لم يحلموا به منذ آلاف السنين.
وأن فرحته بوصف ترامب له بــ"ديكتاتوري المفضَّل" لن تدوم طويلا.
وأنه لا يلتقي مصريان إلا ويسخران منه، لكن السخرية لا تُسقط الطواغيت.
وأن مئة ألف معتقل هي الوجبة الأولى لاستعباد المصريين قبل اعتقال الشعب كله.
وأن الجبان فقط من تتفتح له كل الأبواب.
وأن الوشاة هم حُماة القصر.
وأن عددا هائلا يعتقلهم بدون محاكمة ولكن بقانون الطواري:" أنا أو ولاد الكلب"!
وأن مئة مليون مصري يعادلون فِرْدة حذاء في قدمه اليُسرى، حتى لو أغضبهم هذا الكلام وصاحوا: لا تقترب من كرامتنا.
كيف أقنع السيسي المصريين بأنهم صُمٌّ، بُكْمٌ، عُميٌ.. في عهده.
وأن كل كلمة في الهاتف والنت والتلفزيون والراديو وقسم الشرطة تصل إليه قبل أن ينطقها المواطن.
وأن تأثير المسيحية والإسلام في مناهضة الظلم صفر على الشمال.
وأن المصريين يخشونه أكثر من خشيتهم رب الكون العظيم.
وأن من لا يخافون منه، يفزعون من الأصدقاء والأحباب والزملاء والأهل فالوشاية أضحت دينَ الشعب .
كيف استطاع السيسي الجاهل والفاشي والمتعاون مع الاحتلال والقاتل ورافض علاج المرضى السجناء السيطرة على أعرق شعوب الأرض؟
لابد أن يكون هذا الديكتاتور الجاهل عبقريا في معرفة كلمة السر التي تُدخله في صدور المصريين فيتحولون إلى أرانب تجري إذا شمّتْ رائحتــَه؟
يُضْرَب المثل بالمصريين في الدنيا كلها في عهده بأنهم يخافون من خيالــِهم، ويخشون بعضَهم، ويعرفون أن الزنزانة الضيقة القذرة هي السكن الملائم لمن يتنفس أمامه.
لو نزل إبليس بنفسه واستولىَ على الحُكم فسيترك للمصريين دقائق معدودة يصرخون أو يتنفسون أو يعترضون على استحياء؛ أما هذا الرجل فهو مصنوع في المجلس العسكري وأكمل المصريون صناعته ليتحول إلى دراكيولا العصر بابتسامة ومَســْكــَـنَة قبل أن يُرهب و..  يُخيف.
صدّقوني إذا قلت بأننا قد نستيقظ ذات صباح ونكتشف أن السيسي باع مصر كلها، شعبا وأرضا وبحرا ونيلا وخيرات، وأنه قبض الثمن، وأن رقابَ المصريين ستنتقل إلى ديكتاتور آخر، عربي أو عبري أو أمريكي أو سلفي متطرف أو قائد عسكري.
لو اقتنع المصريون بأن من حقهم الغضب إذا سُرقوا، وأهينوا، وظُلموا، وتعذبوا، وحُرموا من السكن أو التعليم أو الطعام أو الشراب أو التنفس أو حق الكلام والاحتجاج؛ فإن نهاية السيسي تصبح قاب قوسين أو أدنى من الهروب من قصر الاتحادية.
لو ألهمني اللهُ كلمةَ السرِّ التي تُغضب أبناءَ شعبي لما ترددت لحظة في كتابتها أو الصراخ بها!
لي رغبة أن أطرح سؤالا حرجا لن يغضب منه السيسي؛ لكن أبناء مصر سيغضبون!
هل هناك من يملك دليلا واحدًا أنَّ المصريين أحياء؟
يقرأ المصري هذه الكلمات التي تتصدع لها الجبال عن الظلم والقهر فيقول: المهم أنا وأبنائي وأسرتي وليذهب الآخرون إلى الجحيم، فلست أنا الذي سيغير الكون.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 8 سبتمبر 2020
اجمالي القراءات 2292