النبى محمد لم يكن يعلم الغيب فكيف يخبر عن نزول المسيح ؟!

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٢١ - أغسطس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

النبى محمد لم يكن يعلم الغيب فكيف يخبر عن نزول المسيح ؟!

أولا : من عشرين عاما قلنا في كتابنا ( القرآن وكفى ) ــ وهو منشور هنا ـ الآتى :

( * وأكثر من ذلك فهناك حقيقة قرآنية مؤكدة وكررها القرآن ، وهى أن النبي لا يعلم الغيب ولا يعلم موعد قيام الساعة ولا ما سيحدث له أو للناس ، واقرأ في ذلك قوله تعالى ﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ (الأنعام 50) ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ..﴾ (الجن 25: 27) ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ﴾ (الأنبياء 109) وهل هناك أوضح من قوله تعالى ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ..﴾ (الأحقاف 9)
ومع ذلك فهناك آيات أخرى كثيرة تؤكد أن علم الساعة عند الله وحده ﴿
إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ﴾ (لقمان 34) ﴿إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ (فصلت 47) ﴿وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ (الزخرف 85)
كلها آيات تؤكد أن النبي لا يعلم الغيب وأن علم الساعة لله وحده وكانت تكفى آية واحدة ولكنهم سألوا النبي مرة ومرات عن الساعة ، ومع ذلك لم يبادر بالإجابة بأن يقرأ عليهم الآيات السابقة ، وإنما انتظر الوحى ، وكان الوحى ينزل دائماً بنفس الإجابة وهى أن علم الساعة لله وحده وأن النبي لا يعلم الغيب.
سألوا النبي عن الساعة فلم يبادر بالإجابة وهو بلا شك يعلم أن القرآن لا يمكن أن يأتي بإجابة تناقض ما سبق ، وأن الإجابة ستكون نفس المعنى الذى تكرر وتأكد من قبل،.. انتظر النبي الإجابة ونزل قوله تعالى ﴿
يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ  قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ ...﴾ (الأعراف 187: 188) وهذا توضيح فيه أكثر من الكفاية.
ولكنهم سألوه أيضاً عن الساعة ونرى النبي عليه السلام أيضاً ينتظر الإجابة فنزل قوله تعالى يجيب ﴿
يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا  فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا  إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا  إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا ﴾ (النازعات 42: 45) والآيات الأخيرة ملئت بأسلوب الاستفهام الإنكاري ﴿فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا  ﴾ وجاء أسلوب القصر يقصر علم الساعة على رب العزة ﴿إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا ﴾ ويقصر وظيفة النبي على الإنذار ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا ﴾.
كان ذلك في مكة ثم في المدينة سألوا النبي عن الساعة، وانتظر النبي أيضا نفس الجواب من رب العزة ﴿
يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنْ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً﴾ (الأحزاب 63)
كان بإمكان النبي أن يجيب، ولديه الكفاية من الآيات، ولكنه كان ينتظر الإجابة، وينزل الوحى بالإجابة المعروفة سلفاً، ثم يسألون النبي نفس السؤال وينتظر النبي إلى أن تأتى الإجابة.. وتأتى نفس الإجابة ثم يسأله آخرون نفس السؤال ، وأيضاً ينتظر الإجابة التي يعرفها إلى أن ينزل الوحى.. وهكذا.. ولو كان من حقه الاجتهاد لأجاب منذ السؤال الأول.
على أن هذه التأكيدات القرآنية لم تأت عبثاً- وتعالى الله عن العبث- فمع كل التأكيدات التي كانت تكرر وتكرر وتؤكد أن النبي لا يعلم الغيب ولا يعلم شيئاً عن الساعة وموعدها وأحداثها - مع ذلك فإن الناس أسندوا للنبي بعد موته عشرات الأحاديث عن علامات الساعة وأحداثها والشفاعات وأحوال أهل الجنة وأهل النار. وهذه الأحاديث التي ملأت الكتب (الصحاح) تؤكد اعجاز القرآن لأننا نفهم الآن لماذا كرر القرآن تلك التأكيدات سلفا ومسبقا ليرد عليها سلفا ومسبقا. هذه الأحاديث الضالة تضعنا في موقف اختبار أمام الله تعالى فإما أن نصدق القرآن ونكذبها، وإما أن نصدقها ونكذب الله وقرآنه.. ولا مجال للتوسط.. ونسأل الله السلامة والهداية.. ). انتهى النقل .

ثانيا : ونقول المزيد :

1 ـ قال جل وعلا عن من يكذّب بآيات القرآن الكريم : ( وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ) ، بعدها كان الأمر له عليه السلام أن يعلن أنه لا يعلم الغيب : ( قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ ) ( الانعام 49 : 50 ) . المحمديون ضمن الذين كذبوا ويكذبون بآيات الله ، ولذلك يمسهم عذاب الدنيا ، ثم سيمسهم عذاب الآخرة بما كانوا يفسقون .

2 ـ قال جل وعلا عن كُفر من يؤمن بحديث آخر غير حديث القرآن الكريم : (  أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) ، ثم قال جل وعلا عن إستحالة هدايتهم :( مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) ، بعدها كان الأمر له عليه السلام بأن يعلن أنه لا يعلم شيئا عن الساعة لأن علمها عند الله جل وعلا ولأنه عليه السلام لا يعلم الغيب : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) الأعراف  185 : 188) .

3 ـ في القصص القرآنى عن تعامل محمد عليه السلام مع الناس تتأكّد حقيقة أنه كان لا يعلم الغيب . ولو كان يعلم الغيب لاستكثر من الخير وما مسّه السوء ، وما وقع في هزيمة ( أُحُد ) مثلا . ونعطى أمثلة أخرى :

3 / 1 : قال جل وعلا عن المنافقين المعروفين الظاهرين الذين فضحهم نفاقهم :

3 / 1 / 1 : (  وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ) ( فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ) ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا ) النساء 61 : 63 ). الله جل وعلا وحده هو الذى يعلم ما في قلوبهم ، وليس النبى مع إنه كان يعايشهم ويُعانى منهم ، وأمره ربه جل وعلا بالاعراض عنهم .

3 / 1 / 2 : ( وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ) النساء 81 ) . بعضهم كان يدخل على النبى يقدم له فروض الطاعة ، ثم يخرج من عنده يتآمر عليه ويكذب عليه ، وهو عليه السلام لا يعلم الغيب ، لذا كشفهم عالم الغيب والشهادة وأمره بالاعراض عنهم.

3 / 1 / 3 : (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ) ( هَاأَنتُمْ أُولاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) ( إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ )( آل عمران 118 : 120 ). المؤمنون ومعهم النبى محمد إنخدعوا بقول المنافقين ( آمنا ) ، وهم لا يعرفون ما في قلوبهم من كفر وبغض .

3 / 1 / 4 : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ  ) المائدة 41 ). كان النبى ينخدع بإعلان بعضهم الايمان ، ثم يحزن إذا سارع في الكفر بعد إيمانه القولى الزائف .

3 / 1 / 5 : (  وَإِذَا جَاؤُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ ) المائدة 61 ). بعضهم كان يدخل على النبى بقلب كافر ولسان يزعم الايمان. يدخل بالكفر القلبى ويخرج بنفس الكفر القلبى، والنبى محمد لا يعلم . الذى يعلم ما يكتمون هو علام الغيوب جل وعلا.

3 / 2 : ثم هناك الذين مردوا على النفاق ، وهم شياطين وأساطين النفاق ، الذين كتموا الكفر وضبطوا سلوكهم وأقوالهم بحيث لا يمكن تسجيل قول أو فعل يدينهم ، وبهذا أحرزوا مكانة بالقرب من النبى ، ثم كانوا بعد موته هم الخلفاء ، وهم الذين أنبأ الله جل وعلا مقدما أنه جل وعلا سيعذبهم مرتين في الدنيا ثم ينتظرهم عذاب أشد في الآخرة . هؤلاء كانوا أقرب الناس للنبى ، ولم يكن يعرف نفاقهم لأنه عليه السلام لا يعلم السرائر ، قال جل وعلا عنهم : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ) التوبة 101 )

4 ـ وهناك مؤمنون من الصحابة وصفهم رب العزة جل وعلا بالخائنين الذين يختانون انفسهم والذين يتآمرون في الخفاء يستخفون من الناس ولا يستخفون من علام الغيوب . سرق إبن لهم ، وشاع أمره فأصبح الأمر عارا عليهم ، فتآمروا بوضع المسروق عند شخص برىء ، ولفّقوا التهمة للبرىء ، وأظهروا براءة مزيفة لابنهم ، ولم يكتفوا بهذا بل ذهبوا للنبى محمد يطلبون منه أن يدافع عن إبنهم الذى ظهرت براءته . ولأنه عليه السلام لا يعلم الغيب فقد صدّقهم ودافع عن إبنهم . ونزلت آيات تلوم النبى محمدا عليه السلام ، وتؤكد أنه عليه السلام ليس معصوما من الخطأ ، وأن القرآن الكريم هو الذى يوضّح له ويرشده ، وأنه لا يعلم الغيب ، وأنه عليه السلام لا يشفع ، وانهم كادوا بكذبهم وتآمرهم ـ أن يضلوا النبى ، لولا أن الله جل وعلا تفضّل عليه وأنقذه من تضليلهم . الله جل وعلا لم يذكر أسماء الناس ، وكالعادة كان التركيز على العبرة ، لأن العادة السيئة أن كبار المجرمين يضعون الأبرياء في السجون بالتلفيق والتآمر .

نقرأ قوله جل وعلا في سورة النساء ( 105 : 113 ):  (  إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ) ( وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ) ( وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ) ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ) ( هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ) ( وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا ) ( وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) ( وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) ( وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا )  

5 ـ المؤمنون والنبى محمد سواء في عدم العلم بالغيب ، لأنه جل وعلا لا يطلع على بعض الغيب سوى بعض الرسل ، وليس منهم النبى محمد عليه السلام. قال جل وعلا : (  مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) (  آل عمران 179 ) .

6 ـ بعد الهجرة ظل في مكة مؤمنون يُخفون إيمانهم ، لا يعلمهم المؤمنون في المدينة . الله جل وعلا وحده هو الأعلم بهم . لو حدث صدام حربى في مكة فسيكون أولئك المؤمنون ضحايا إذ سيحسبهم المؤمنون كفارا، لذا أوقف الله جل وعلا القتال . قال جل وعلا : (   وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ) (  هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) الفتح 24 : 25 ).

أخيرا

كل هذه الآيات يكفر بها المحمديون لأن دينهم الشيطانى مؤسس على أكاذيب تعتدى على غيب الله جل وعلا. ومنها خرافة نزول المسيح . 

اجمالي القراءات 2951