حقيقة الجهاد والقتال الدفاعي-لا إكراه في الدين-الجزء الأول.

يوسف ترناصت في الخميس ٢١ - مايو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

    مقدمة عامة :

  إن الله سبحانه وتعالى لم يشرع الاعتداء على الناس لاعتقاداتهم أو ملتهم، باجبارهم على الدخول في دين معين، أو الخروج منه أو اجبار أحد على أداء العبادات، كما أن الدولة الإسلامية ليست مسؤولة على إدخال الناس الى الجنة، لأن ذلك قرار شخصي للفرد يصدر عن قناعته ورغبته، ولا يمكن معاقبته على عدم تأديته لعبادة ما أو منسك معين، وانما الدولة تتدخل لمعاقبة المعتدين وتطبيق الحدود، وتنظيم المعاملات بين الناس وتقنينها.

  فالله سبحانه وتعالى، قد أمر النبي شأنه شأن باقي الأنبياء والرسل  بتبليغ الرسالة الإلهية بأساليب راقية تعتمد على الدليل والحجة والبرهان، حتى يطمئن الناس لدين الله واتباع أوامره، لكن المشركين والكفار كانوا يضطهدون الرسول ويمنعوه من تبليغ تلك الرسالة، رغم صحة كلامه لعنادهم وجحدهم، الا ان الرسول قد أمره الله بالصبر عن أذاهم، والعفو والصفح عنهم.

  وقد يصل الإضطهاد الى محاربة الرسول والمؤمنين معه بقتالهم، وإخراجهم من ديارهم، واستضعافهم ونهب أموالهم، لذلك فالله سبحانه قد أمر الرسول عليه السلام والمؤمنين، بقتالهم كما يقاتلونهم.

 

الفرع الأول : لا إكـراه فـي الــدين. 

   الله سبحانه وتعالى هو صاحب الدين، لقوله : "وَلله الدِين وَاصِبًا"، لذلك لم يرخص لأحد أي كان في أن يتدخل في الدين، أو يجبر الناس عليه، فالله أنزل الدين للناس للإختبار والإبتلاء، وجعل لهم الحرية في ذلك، ليكشف ويُعلم المهتدي، من مظل، وهذا الدين، جعل له الله سبحانه يوم وهو يوم الدين والحساب، وفي ذلك اليوم سيتجلى الله سبحانه بصفته الرحمان المالك ليوم الدين.

  وقد بعث الله رسله الكرام، لتوجيه الناس وتربيتهم على عقيدة التوحيد، وإخلاص الدين لله، والالتزام بالأوامر واجتناب النواهي، وذلك بأساليب الحكمة والموعظة الحسنة، وليس بالإكراه والإجبار.

 المحور الأول - أساليب الرسل في تبيلغ الرسائل الربانية :

    أولا - أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة  :

   فالله سبحانه وتعالى قد أمر النبي بأن يبلغ رسالته الى الناس، ودعوتهم الى طريق الهدايا، والإيمان به، بأساليب راقية تكفل إطمئنان الناس إلى قوله واتباعه فيما يقول، ومن هذه الأساليب أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة (وليس ما يسمى بالفتوحات)، يقول سبحانه : {..اِدعُ اِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَة وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن(النحل 125)، وقوله عن أهل الكتاب : {..وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِي أَحْسَن إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُم وَقُولُوا ءَامَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُم وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُم وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(العنكبوت 46)}.

  1 - الرسل والحكمة:

  فبدون حكمة وموعظة حسنة وحجة بالغة لا يمكن للرسول أن يقنع الناس بفحوى رسالته، لذلك فالله سبحانه، إنما يُعَلِّم رسله الكرام الكتاب و الحكمة، لِيُعَلِّمُوهَا بدورهم للناس، يقول سبحانه عن ءال ابراهيم عليهم السلام : {..أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَتَاهٌم الله مِن فَضْلِهِ فَقَد ءَاتَيْنَا ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الكِتَابَ وَالحِكْمَةِ وَءَاتَيْنَاهُم مُلْكًا عَظِيمًا(النساء 53)}.

  ويقول سبحانه عن عيسى عليه السلام : {..إِذْ قَالَ الله يَا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَم اِذْكُرِ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ القُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَاَلْإِنْجِيلِ..(المائدة 112)}، فالحكمة التي تعلمها عيسى عليه السلام من ربه كان يعلمها بدوره للناس، يقول سبحانه : {..وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالبَيِّنَاتَ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِاَلْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاِتَّقُوا الله وَأَطِعُونِ، إِنَّ الله هُوَ رَبِّي وَرَبَّكُم فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (الزخرف 64 و66)}.

  ويقول سبحانه عن لقمان الحكيم: {..وَلَقَد ءَاتَيْنَا لُقْمَانَ الحِكْمَةَ أَنْ اَشْكُر لله وَمَن يَشْكُر فَإِنَّمَا يَشْكُر لِنَفْسِه وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِّيٌّ حَمِيد(لقمان 12)}.  

  ويقول سبحانه عن سيدنا داوود : {..فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ الله وَقَتَلَ دَاوودُ جَالُوتَ وَءَاتَاهُ الله اَلْمُلْكَ وَ الحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمّا يَشَاءُ..(البقرة 252)}، وقوله : {..وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَءَاتَيْنَاهُ الحِكْمَةَ وَفَصْلَ الخِطَابِ(ص 20)}.

  أما عن الرسول محمد عليه السلام فيقول سبحانه : {..وَأَنْزَلَ الله عَلَيْكَ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَم وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيمًا (النساء 113)}.

 3 - كيف كان الرسل يستخدمون الحكمة ؟ :

   نقف هنا مع قصة الفتى إبراهيم عليه السلام، الذي حطم أصنام قومه باستثناء الكبير فيهم، لعل القوم يرجعون إليه فيسؤلوه عن من قام بذلك التحطيم للأصنام الأخرى، فلما تبين للقوم أن تلك الأصنام أنهم لا تنطق ولا ترجع إليهم القول، قالوا لإبراهيم لقد عَلِمْتَ أن هؤلاء الآلهة لا تنطق، وحتى لا يشعرون بالهزيمة والعار، أجمعوا على إحراقه، وانصار آلهتم، فنجاه الله من تلك النار، يقول سبحانه : {..وَتَالله لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تَوَلَوا مُدْبِرِينَ، فَجَعَلَهُم جُذُاذًا إِلاَّ كَبِيرًا لَهم لَعَلَّهُم إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ، قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِءَالِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ، قَالُوا سَمِعْنَا فَتَّى يَذْكُرُهُم يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمَ، قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُم يَشْهَدُونَ، قَالُوا ءَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِءَالِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُم هَذَا فَسْءَلُوهُم إِن كَانُوا يَنْطِقُونَ، فَرَجِعُوا إِلَى أَنْفُسِهِم فَقَالُوا إِنَّكُم أَنْتُم الظَّالِمُونَ، ثُمَّ نَكَسُوا عَلَى رُءُوسِهِم لَقْد عَلِمْتَ مَا هَؤُلاَءِ يَنْطِقُونَ (الأنبياء 57 الى 65)}.

 4 - الكتب السماوية هي مصدر الحكمة البالغة :

  القرءان الكريم شأنه شأن كل كتب السماوية، فهو الحكمة بذاته، ومجرد تلاوته على المؤمن التقي، يجده موعظة له، أما الذي لا يؤمن بالله ينفر منه، ويكفر به، فالله يوصف كلامه بالحكمة والحجة البالغة، يقول سبحانه : {..وَلَقَدْ جَاءَهُم مِنْ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَر، حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تَغْنِ النُّذُرُ (القمر 4 و5)}، ويقول سبحانه : {..وَاِذْكُرُوا نِعْمَتَ الله عَلَيكُم وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُم مِنَ الكِتَابِ وَالحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ..(البقرة 231)}.

 وبعد أن نهى سبحانه عن قتل الأولاد والنفس التي حرم الله وعن الإقتراب من الزنا ومال اليتيم وأمر بالوفاء بالكيل والميزان والاعتدال في المشي، قال لرسوله الكريم : {..ذَلِكَ مِمَّا أُوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الحِكْمَةِ..(الإسراء 39)}.

  ويقول سبحانه عن التوراة : {..قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اِصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَلَتِي وَبِكَلَمِي فَخُذْ مَا ءَاتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ، وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُر قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُورِيكُم دَارَ الفَاسِقِينَ(الأعراف 145 و146)}.

  ويقول سبحانه عن الإنجيل : {..وَقَفَّيْنَا عَلَى ءَاثَرِهِم بِعِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَءَاتَيْنَهُ اَلْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ(المائدة 46)}.

  أما عن القرءان الكريم : {..يَأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُم وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ(يونس 57 و58)}.

 

************

  ومن المواعظ الربانية التي يسخرها سبحانه للناس من أجل العبرة والتفكر والتعقل نجد : 

   أ - ضرب الأمثال، ب - القصص القرءاني، ج - الآيات والمعجزات الحسية، د - الآيات المعنوية، ز – القسم، و - التكرار.

  أ - ضرب الأمثال :

   فلله المثل الأعلى والحجة البالغة، والقرءان الكريم غني بالكثير من الأمثلة، يضربها الله سبحانه للناس من أجل العبرة والموعظة والتفكر، والقليل ممن يعتبر ويتفكر، يقول سبحانه : {..وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا القُرْءَانِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَر النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا(الإسراء 89)}، وقوله : {..وَلَقَد صَرَّفْنَا فِي هَذَا القُرْءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ اَلْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً(الكهف 54)}، وقوله : {..وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا القُرْءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُم بِءَايَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُم إِلاَّ مُبْطِلُونَ (الروم 58)}، وقوله : {..وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا القُرْءَانِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرُونَ(الزمر 27)}.

  والمثل الذي يضرب الله للناس، قد يكون مثلا عاما موجه الى كافة الناس، وقد يكون مثلا خاصا يوجه الى صنف معين من الناس.

  - من الأمثلة العامة : 

  فمن الأمثلة العامة نجد قول الله عز وجل : {..إِنَّ الله لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّهِم وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ الله بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفَاسِقِينَ(البقرة 26)}.

  فعن أهمية الإنفاق، يقول سبحانه : {..ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْدًا مَمْلُوكًا لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُو يَنْفِقُ مِنْهُ سِرًا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الحَمْدُ لله بَلْ أَكْثَرُهُم لاَ يَعْلَمُونَ(النحل 75)}.

  وفي الفرق بين المهتدي والمضل، يقول سبحانه : {..أَوَمَنْ كَانَ مَيِّتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِه فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُه فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(الأنعام 122)}.

  وعن أهمية العدل وإحقاق الحقوق، يقول سبحانه : {...وَضَرَبَ الله مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاَهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَل يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (النحل 76)}.

  وعن الكلمة الطيبة يقول سبحانه : {...أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ الله اَلْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرُونَ، وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْثُثَّت مِن فَوْقِ اَلْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ(ابراهيم 24 الى 26)}.

  وعن الحياة الدنيا وزينتها وزخرفها، يقول سبحانه : {..وَاضرِبَ لَهُم مَثَلَ اَلْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاِخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا(الكهف 45)}،

  وعن الذين يتخذون من دون الله آلهة يقول سبحانه : {..يَأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلاً فَاِسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَو اِجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبُهُم الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَاَلمَطْلُوبِ(الحج 73)}، فالله سبحانه أشار الى إعجاز في الآية فالآلهة التي يعبد البشر لا يمكنها أن تخلق ذبابة بنسيجها ودماغها وتركيبها المعقد ولو اجتمعوا كلهم لذلك، واذا سلب الذباب منهم شيءا، أي أخذ من جسمهم مادة ما لا يمكن استردادها من تلك الذبابة لأن تلك المادة تتحول بفعل الذبابة الى مادة أخرى وتتغذى عليها، ونجد في نفس السياق قوله تعالى : {..مَثَلُ الَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِ الله أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ اَلْعَنْكَبُوتِ اِتَّخَذَت بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ البُيوتِ لَبَيتُ العَنكَبوتِ لَو كَانُوا يَعْلمُونَ، إِنَّ الله يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُو العَزِيزُ الحَكِيمُ، وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ العَالِمُونَ(العنكبوت 41 الى 43)}.

- من الأمثلة الخاصة : 

  وهي أمثلة توجه الى صنف معين من الناس، نجد قوله تعالى عن بعض أهل الكتاب : {..مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ القَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِءَايَاتِ الله وَالله لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ(الجمعة 5)}، فالآية تقول أن أهل الكتاب الذين أوتوا الكتاب ولم يعملوا به كمثل الحمار الذي يحمل أسفارا (أي كتبا) فهو لا يفقه ما يحمل وماذا يحمل، وهو ما يقع حاليا في زمننا فالأئمة وكبار الشيوخ حُمِّلُوا القرءان ولا يفقهون ما فيه، يقرءون القرءان طمعا فالحسنات، وجعلوه قراطيس يبدون ويخفون ما يشاءون، وجعلوا منه الناسخ والمنسوخ، وناقصا تكمله السنة والإجماع، وغامضا ومبهما يحتاج الى البشر ليفسره.

  ومن الأمثلة الخاصة كذلك، نجد قوله تعالى : {..ضَرَبَ الله مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَتَ نُوحٍ وَاِمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ الله شَيْءًا وَقِيلاَ اِدْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (التحريم 10)}، وقوله : {..وَضَرَبَ الله مَثَلاً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا اِمْرَأَتَ فِرْعَونَ إِذْ قَالَت رَبِّ اِبْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَونَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ(التحريم 11)}.

  ب - القصص القرءاني :

  لقد تعرض الرسول محمد عليه السلام للتكذيب والتشكيك في رسالته من طرف قومه شأنه في ذلك، شأن سائر الرسل الذين سبقوه، لذلك فالله سبحانه كان يوحي له قصص وأنباء الأمم السابقة، ليعتبروا ويستيقنوا من كلام الله، يقول سبحانه : {..وَمَا تَأْتِيهِم مِنْ ءَايَةٍ مِن ءَايَاتِ رَبِّهِم إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ، فَقَدْ كَذَّبُوا بِالحَقِّ لَمَّا جَاءَهُم فَسَوْفَ يَأْتِيهِم أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ (الأنعام 4 و5)}، وقوله : {..وَمَا يَأْتِيهِم مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَانِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ، فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيْأْتِيهِم أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ (الشعراء 5 و6)}.

 وفعلا فقد أتاهم الله سبحانه بأنباء الأمم السابقة التي كذبت بدورها برسلهم فعذبهم الله بظلمهم واعتدائهم، كأنباء قوم نوح الذين أغرقوا بالطوفان، وقوم عاد الذين أهلكوا بالريح، وقوم ثمود الذين عقروا الناقة، فأهلكوا بالصيحة، وقوم لوط الذين أمطروا مطر السوء (حجارة السجيل)، وقوم مدين الذين أهلكوا بالصيحة كذلك كما وقع لثمود، وقوم فرعون الذين اغرقوا في اليم (هود من الآيات 25 الى 99).

 * فكان قَصَصِهم ءاية وعبرة لمن يعتبر، يقول سبحانه : {..وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِي ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَءَايَةٌ لِمَن خَافَ عَذَابَ الءَاخِرَة ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (هود 103)}، وفي سورة الشعراء هناك أنباء قوم فرعون فلما دمرهم الله بظلمهم قال سبحانه : "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَءَايَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُؤْمِنِينَ"، وقد تكررت نفس العبارة مع نبأ قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط، وقوم شعيب، ونجد كذلك قوله تعالى : {..تِلْكَ القُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِن أَنْبَائِهَا وَلَقَد جَاءَتْهُم رُسُلُهُم بِالبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله عَلَى قُلُوبِ الكَافِرِينَ(الأعراف 101)}.

 * والقرى التي أهلكت وعذبت منها ما يزال قائما ومنها ما دمر تدميرا، يقول سبحانه : {..ذَلِكَ مِن أَنْبَاءِ القُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ(هود الاية 100)}، فالقائم يبقى عبرة للناس، ونجد ذلك في قوله سبحانه عن قوم لوط التي ظلت أجسامهم متحجرة : {..وِإِنَّكُم لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُصْبِحِينَ، وَبِالَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ(الصافات 137 و138)}، وقوله كذلك : {..قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ، لِنُرْسِلَ عَلَيْهِم حِجَارَةً مِن طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ للمُسْرِفِينَ، فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ المُؤْمِنِينَ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْر بَيْتٍ مِن المُسْلِمِينَ، وَتَرَكْنَا فِيهَا ءَايَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ العَذَابَ الأَلِيمَ(الذريات 32 الى 37).

  وكذلك جسد فرعون الذي ظل على هيئته، يقول سبحانه عنه : {.. وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ البَحْرَ فَأَتْبَعَهُم فِرْعَوْنُ وَجُنُودَهُ بَغْيَّا وَعَدوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الغَرَقُ قَالَ ءَامَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَه إِلاَّ الَّذِي ءَامَنَت بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ، ءَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ المُفْسِدِينَ، فَاليَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَن خَلْفَكَ ءَايَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ ءَايَاتِنَا لَغَافِلُونَ (يونس 90 و91 و92)}.

 * وإهلاك القرى كان بسبب ظلمهم واعتدائهم علاوة على كفرهم العقيدي، وبعبارة أخرى كفرهم العقيدي كان سببا غير مباشر في اهلاكهم، بينما ظلمهم واعتدائهم كان هو السبب المباشر في إهلاكهم، يقول سبحانه وتعالى : {..ذَلِكَ مِن أَنْبَاءِ القُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ، وَمَا ظَلَمْنَاهُم وَلَكِن ظَلَمُوا أَنْفُسَهُم فَمَا أَغْنَت عَنْهُم ءَالِهَتَهُم الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ الله مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادَهُم غَيْرَ تَتْبِيبٍ، وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِي ظَالِمَة إِنَّ أَخْذَه أَلِيمٌ شَدِيدٌ(هود الاية 100 الى 103)}.

  لأنهم كانوا بالإضافة الى كفرهم العقيدي، يعتدون ويؤذون الرسل والمؤمنين ويطردونهم، يقول سبحانه وتعالى : {..أَلَم يَأْتِكُم أنَبَؤُاْ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُم قَوْمَ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِم لاَ يَعْلَمُهُم إِلاَّ الله جَاءَتهُم رُسُلُهُم بِالبِيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُم فِي أَفْوَاهِهِم وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكِّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٌ، قَالَتْ رُسُلُهم أَفِي الله شَكٌّ فَاطِر السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُم لِيَغْفِرَ لَكُم مِن ذُنُوبِكُم وَيُؤَخِرَكُم إِلَى أَجَلِ مُسَمَّى قَاُلوا إِن أَنْتُم إِلاَّ بَشَرٌ مثِلْنُاَ تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَ عَمَّا كَانَ يَعْبُد أَبَائُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ، قَالَت لَهُم رُسُلُهُم إِنَّ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُم وَلَكِن الله يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مَن عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكّلِ المُؤْمِنُونَ، وَمَا لَنَا أَنْ نَتَوَكَّل عَلَى الله وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا ءَاذَيْتُمُونَا وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ، وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِم لَنُخْرِجَنَّكُم مِنْ أَرْضِنَا أَو لَتَعُودَنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيهِم رَبُّهُم لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ، وَلَنَسْكُنَنَّكُم الأَرْضَ مِن بَعْدِهِم ذَلِكَ لِمَنَ خاَفَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيد، وَاِسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ(إبراهيم 9 الى 15)}.

  فمثلا قوم صالح (ثمود)، أهلكوا بسبب عقرهم للناقة، وذلك علاوة على كفرهم العقيدي وجحدهم وعنادهم، يقول سبحانه : {..فَعَقَرُوا النَّاقَة وَعَتَوْا عَن أَمْرِ رَبِّهِم وَقَالُوا يَاصَالِحُ اِئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنْتَ مِنَ المُرْسَلِينَ، فَأَخَذَتْهُم الرَّجْفَة فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِم جَاتِمِينَ(الأعراف 78 و79)}.

  وقوم لوط اهلكوا بسبب ظلمهم واعتدائهم وقطعهم للطرقات واغتصابهم الناس، علاوة على كفرهم واتيانهم للفاحشة المثلية، يقول سبحانه : {..وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِن قَرَيَتِكُم إِنَّهُم أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (الأعراف 82)}.

  وقوم شعيب (مدين)، الذين كانوا يأكلون أموال الناس بالباطل، ويخسرون الميزان والمكيال : {..قَالَ المَلَأُ الَّذِينَ اِسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيبُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودَنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَو كُنَّا كَارِهِينَ(الأعراف 88)}.

  وقـوم موسى (فرعون وآله)، بظلمهم واعتدائهم وكفرهم العقيدي الشديد، ومحاولـة الاعتـداءهم علـى موسـى وبنـي اسرائيـل، يقـول سبحـانه : {..وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ البَحْرَ فَأَتْبَعَهُم فِرْعَوْنُ وَجُنُودَهُ بَغْيَّا وَعَدوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الغَرَقُ قَالَ ءَامَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَه إِلاَّ الَّذِي ءَامَنَت بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ(يونس 90)}.

  ج - الآيات والمعجزات الحسية :

  لقد كان الله سبحانه وتعالى يسخِّر مع بعض رسله الكرام، الآيات الحسية لتؤكد صدق نبوتهم ورسالتهم، ورغم ذلك فالقليل من قومهم من كان يصدقهم ويؤمن بهم، فمثلا موسى جاء لفرعون بعدة آيات ومعجزات فكذب بها فرعون، يقول سبحانه : {..ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فَرْعَوْنَ وَمَلإَيِهِ بِءَايَاتِنَا فَاِسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ، فَلَمَّا جَاءَهُم الحَقُّ مِن عِنْدِنَا قَالُوا إِن هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ(يونس 74 و75)}، وقوله سبحانه : {..وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِينَا بِهِ مِن ءَايَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ، فَأَرْسَلْنَا عَلَيهِم الطُوفَانَ وَالجَرَادَ وَالقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ ءَايَاتً مُفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ(الأعراف 132 و133)}.

  كما سخر سبحانه للنبي عيسى عليه السلام الآيات والمعجزات الحسية، ومن قبله يوسف، وداوود وسليمان..الخ.

   - هل أوتي محمد عليه السلام المعجزات الحسية ؟ 

  الرسول محمد عليه السلام وبعض الرسل كنوح وغيرهم، لم تكن معهم أي آية حسية إطلاقا ما عدا كلام الله، وكان قوم محمد يطلبون منه الآيات الحسية، وكان يُرفَض لهم الطلب، يقول سبحانه : {..وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا الله أَو تَأْتِينَا ءَايَة كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِثْلَ قَوْلِهِم تَشَابَهَت قُلُوبُهُم قَد بَيَّنَا الءَايَاتِ لَقَوْمِ يُوقِنُونَ(البقرة 118)}.

  وقوله : {..وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِن رَبِّهِ قُل إِنَّ الله قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلَ ءَايَة وَلَكِنَّ أَكْثَرُهُم لاَ يَعْلَمُونَ(الأنعام 37)}.

 وقوله : {..وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيهِ ءَايَة مِن رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الغَيْبُ لله فَاِنْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِنَ المُنْتِظِرِينَ(يونس 20)}.

 ويقول سبحانه : {..وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيهِ ءَايَة مِن رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ(الرعد 7)}.

 ويقول سبحانه : {..وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تُفَجِّرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا، أَو تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِن نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلاَلَهَا تَفْجِيرًا، أَو تَسْقُطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَو تَأْتِي بِالله وَالمَلاَئِكَةِ قَبِيلاً، أَو يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أو تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَن نُؤْمِنَ لِرُقِّيكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُه قُل سُبْحَانَ رَبِّي هَل كُنْتُ إِلاَّ بَشَرًا رَسُولاً(الإسراء 90 الى 93)}.

   - لماذا لم يؤتى محمد عليه السلام المعجزات الحسية ؟

  يقول سبحانه : {..إِنْ نَشَأْ نُنَزِّل عَلَيْهِم ءَايَةٍ فَظَلَّت أَعْنَاقُهم لَهَا خَاضِعِينَ (الشعراء 4)}، فالله سبحانه على كل شيء قدير، لكنه لم ينزل على قوم محمد أية ءاية حسية لحكمته وعلمه وخبرته، ويقول سبحانه في كتابه الحكيم : {..وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا(الإسراء 59).

  وقوله : {..وَلَو نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوه بِأَيْدِيهِم لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ(الأنعام 7)}.

  وقوله : {..وَلَو فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ، لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَت أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ(الحجر 14 و15)}.

  وقوله : {..وَأَقْسَمُوا بِالله جَهْدَ أَيْمَانِهِم لَئِنْ جَاءَتْهُم ءَايَةً لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُل إِنَّمَا الءَايَاتُ عِنْدَ الله وَمَا يُشْعِرَكُم أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ(الأنعام 109)}.  

  وقوله : {..وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُم فَإِن اِسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِي نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَو سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِءَايَةٍ وَلَو شَاءَ الله لَجَمَعَهُم عَلَى الهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ(الأنعام 35)}.

   - القرءان الكريم هي المعجزة الوحيدة التي أنزلت على محمد وقومه :

  فكان القرءان الكريم هو المعجزة الوحيدة التي أرسلت الى قوم محمد الكامل والتام والمحفوظ بحفظ المولى عز وجل، والرسالة الخاتمة، يقول سبحانه : {..أَوَلَمْ يَكْفِهِم أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيهِم إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةٌ وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(العنكبوت 51)}.

  وقوله : {..وَإِذَا تُتْلَى عَلَيهِم ءَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا اِئْتِ بِقُرءَانٍ غَيْرَ هَذَا أو بَدِّلْهُ قُل مَا يَكُون لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِن أَتَّبِع إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِن عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(يونس 15)}.

  وقوله : {..وَلَو أَنْزَلْنَا هَذَا القُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِن خِشْيَّةِ الله وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ(الحشر 21)}.

    - كلام الله بما أنه المعجزة الوحيدة، فلا مثيل له :

  وبما أن القرءان الكريم كلام الله، كان هو المعجزة الوحيدة، فالله سبحانه وتعالى كان يتحدى قوم محمد بأن يأتوا بمثله أو بسورة منه، يقول سبحانه : {..وَإِن كُنْتُم فِي رَيْبٍ مِمَّا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِن مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِن دُونِ الله إِن كُنْتُم صَادِقِينَ، فِإن لَم تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاِتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَة أُعِدَّت لِلكَافِرِينَ(البقرة23 و24)}، وقوله : {..أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَرَاه قُل فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَّرٍ مِثْلِه مُفْتَرَيَاتٌ وَادْعُوا مَنِ اِسْتَطَعْتُم مِن دُونِ الله إِن كُنْتُم صَادِقِينَ، فَإِلَّم يَسْتَجِيبُوا لَكُم فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ الله وَأَنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَل أَنْتُم مُسْلِمُونَ(هود 13 و14)، وقوله : {..أَم يَقُولُونَ اِفْتَرَاه قُل فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اِسْتَطَعْتُم مِن دُونِ الله إِن كُنْتُم صَادِقِينَ(يونس 38)}، وقوله : {..أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لاَ يُؤْمِنُونَ، فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ(الطور 33 و34)}، وقوله : {..قُل لَو اِجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْءَانِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَو كَانَ بَعْضُهُم لِبَعْضٍ ظَهِيرًا(الإسراء 88)}.

  ورغم ذلك فما آمن من قوم محمد إلا المؤمنون، وما كذب به إلا الكافرون، يقول سبحانه : {..وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ فَالَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُم الكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِن هَؤُلاَءِ مَن يُؤْمِن بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِءَايَاتِنَا إِلاَّ الكَافِرُونَ (العنكبوت 47)}، وقوله : {..وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُؤْمِنَ بِهَذَا القُرْءَانِ وَلاَ بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ..(سبأ 31)}.

   د - الآيات المعنوية : 

   يقول سبحانه : {..وَكَأَين مِن ءَايَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُم عَنْهَا مُعْرِضُونَ(يوسف 105)، وقوله : {..وَمَا تَأْتِيهِم مِن ءَايَةٍ مِن ءَايَاتِ رِبِّهِم إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ(الأنعام 4)}، وقوله : {..وَمَا تَأْتِيهِم مِن ءَايَةٍ مِن ءَايَاتِ رَبِّهِم إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ(يس 46)}.

 فالقرءان الكريم غني بالآيات المعنوية، المتعلقة بخلق السموات والأرض وسائر المخلوقات، يبينها سبحانه ويوضحها للعبرة والتفكر، كقوله : {..هُوَ الَّذَي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُم مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ، يُنْبِت لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابِ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَءَايَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (النحل 11)}.

  وقوله : {..وَسَخَّرَ لَكُم الَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَءَايَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(النحل 12)}، وقوله : {..وَمَا ذَرَأَ لَكُم فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُه إِنَّ فِي ذَلِكُم لَءَايَةٌ لِقَوْمٍ يَذَّكَرُونَ(النحل 13)}.

  * وقوله في سورة النحل : {..وَالله أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَّرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَءَايَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ(النحل 65)}.

 وقوله : {.وَإِنَّ لَكُم فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُم مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرَثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا للشَّارِبِينَ(النحل 66)}.

وقوله : {..وَمِنَ ثَّمَرَاتِ النَّخِيلِ وِالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَءَايَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (النحل 67)}.

  وقوله : {..وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَن اِتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمّا يَعْرِشُونَ، ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُج مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتُلِفٌ أَلْوَانُه فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَءَايَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(النحل 69)}.

 *وقوله في سورة الزمر : {..الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَم تَمُت فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِك الِّتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِل الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَءَايَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(الزمر 42)}، وقوله : {..أَوَلَم يَرَوا أَنَّ الله يَبْسِطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِر إِنَّ فِي ذَلِكَ لَءَايَاتٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(الروم 37)}.

   ومن الآيات العظيمة التي تتطلب تفكر واسع نجد قوله : 

- في خلق السموات والأرض : 

 *يقول سبحانه : {..أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتَ وَالأَرْضِ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِن المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيِّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ، وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِم وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا وَسُبُلاً لَعَلَّهُم يَهْتَدُونَ، وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُم عَن ءَايَاتِهَا مُعْرِضُونَ، وَهُوَ الَّذْي خَلَقَ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ كُلُّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ، وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِن قَبْلِكَ الخُلْدَ أَفَإِن مِتَّ فَهُم الخَالِدُونَ(الأنبياء 30 الى 34)}.

 - في سؤال عن من خلق السموات والأرض :

 يقول سبحانه : {..وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَن خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَيَقُولُنَّ الله فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ(العنكبوت 61)}.

 * وقوله : {..وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَن نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِه الأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ الله قُل الحَمْدُ لله بَلْ أَكْثَرُهُم لاَ يَعْقِلُونَ(العنكبوت 63)}.

  وقوله : {..وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَن خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَيَقُولُنَّ الله قُل الحَمْدُ لله بَلْ أَكْثَرُهم لاَ يَعْلَمُونَ(لقمان 25)}.

  وقوله : {..وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَن خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَيَقُولُنَّ الله قُل أَفَرَءَيْتُم مَا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله إِن أَرَادَنِي الله بِضُرِّ هَل هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَل هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُل حَسْبِيَ الله عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المُتَوَكِّلُونَ(الزمر 38)}.

  وقوله : {..وَلَئِن سَأَلَتَهُم مَن خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العَزِيزُ العَلِيمُ(الزخرف 9)}.

  وقوله : {..وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالحَقِّ وَهُم يَعْلَمُونَ، وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَن خَلَقَهُم لَيَقُولُنَّ الله فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ(الزخرف 87)}.

    ز - القسم والمقسوم به :

  حيث يقسم سبحانه بالمخلوقات والظواهر الكونية العظيمة، ليلفت نظر الناس حول أهمية ومدى صدق المقسوم به، ونجد ذلك في الكثير من الءايات القرءانية منها : 

 * كقوله تعالى : {..فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِع النًّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَو تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لاَ يَمَسَّهُ إِلاَّ المُطَهَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِن رَبِّ العَالَمِينَ(الواقعة 76 الى 80)}.

 وقوله : {..فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ، وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ، إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَمَا هُو بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ، وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَّكّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِن رَبِّ العَالَمِينَ(الحاقة 38 الى 43)}.

 وقوله : {..فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشَارِقِ وَالمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ، عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُم وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ(المعارج 40 و41)}.

 وقوله : {..لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَّامَةِ، وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ الَّلوَامَةِ(القيامة 1 و2)}.

 وقوله : {..فَلاَ أُقْسِمُ بِالخُنَّسِ، الجَوَارِ الكُنَّسِ، وَالَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ، وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ، إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي العَرْشِ مَكِين، مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ، وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ(التكوير 15 الى 22)}.

  وقوله : {..فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ وَالَّيْلِ وَمَا وَسَقَ، وَالقَمَرِ إِذَا اِتَّسَقَ، لَتُرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ، فَمَا لَهُم لاَ يُؤْمِنُونَ(الإنشقاق 16 الى 20)}.

  وقوله : {..وَالفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ، وَالشَّفْعِ وَالوَتْرِ، وَالَّيْلِ اِذَا يَسْرِ، هَل فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذي حِجر(الفجر 1 الى 5)}.

  وقوله : {..لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا البَلَدِ، وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا البَلَدِ، وَوَالِدٌ وَمَا وَلَد، لَقَد خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ(البلد 1 الى 4)}.

* وقوله : {..وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الحُبُكِ، إِنَّكُم لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ(الذريات 7 و8)}

* وقوله : {..فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُم تَنْطِقُونَ (الذريات 23)}، وقوله : {..كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ، الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْءَانَ عِضِينَ، فَوَرَبِّكَ لَنَسْءَلَنَّهُم أَجْمَعِينَ(الحجر 90 الى 92)}، وقوله عن الكافرين والشياطين : {..فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُم وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنَحْضِرَنَّهُم حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيَّا(مريم 68)}.

 * وقوله : {..تَالله لَقدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُم الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُم فَهُوَ وَلِيُّهُم اليَوْمَ وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ(النحل 63)}، وقول : {..وَيَجْعَلُونَ لِمَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُم تَالله لَتُسْءَلُنَّ عَمَّا كُنْتُم تَفْتَرُونَ(النحل 56)}.

   و - تكرار المعنى :

  وهو أسلوب مستعمل في القرءان الكريم، حيث تتكرر العبرات مرات عديدة حتى يستوعب الناس كلام الله، يقول سبحانه : {..الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم ثُمَّ تَلِينُ جُلُودَهُم وَقُلُوبَهُم إِلَى ذِكْرِ الله، ذَلِكَ هُدَى الله يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِل الله فَمَا لَهُ مِن هَادٍ(الزمر 23)}.

***************

 ثانيا – أسلوب الترغيب والترهيب :

  يقول سبحانه وتعالى : {..وَمَا نُرْسِلُ المُرْسِلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَن ءَامَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِم وَلاَ هُم يَحْزَنُونَ، وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِءَايَاتِنَا يَمَسَّهُم العَذَابُ بَمَا كَانُوا يَفْسِقُونَ(الأنعام 48 و49)}.

  وقوله : {..وَرُسُلاً قَصَصْنَاهُم عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَم نَقْصُصْهُم عَلَيْكَ وَكَلَّمَ الله مُوسَى تَكْلِيمًا، رُسُلاَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونُ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُلِ وَكَانَ الله عَزِيزًا حَكِيمًا(النساء 164 و165)}.

  فمن أساليب تبليغ الرسائل الربانية، نجد الإنذار والتبشير، فالله سبحانه يبشر المؤمنين الصالحين بالجنة الخالدة، وينذرهم من عذابه، ويبشر الكافرين والعصاة بعذاب جهنم الشديد الخالد وينذرهم به.

 أ – فما يتعلق بالترغيب :

  يقول سبحانه وتعالى عن تبشير المؤمنين : {..وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَّنَّ لَهُم جَنَاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُوتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُم فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُم فِيهَا خَالِدُونَ(البقرة 25)}.

ب – فيما يتعلق بالترهيب :

  يقول سبحانه : {..وَأَنْذِر النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِم العَذَابَ فَيَقُولُ الَّذِينِ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِب دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِع الرُّسُلَ أَوَلَم تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِن قَبْلُ مَا لَكُم مِن زَوَالٍ(ابراهيم 44)}.

* وقوله : {..وَأَنْذِرْهُم يَوْمَ الءَازِفَةِ إِذِ القُلُوبَ لَدَى الحَنَاجِر كَاظِمِينَ مَا للظَّالِمِينَ مِن حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاع (غافر 18)}.

* وقوله : {..إِنَّا أَنْذَرْنَاكُم عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ مَا قَدَّمَت يَدَاهُ وَيَقُولُ الكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَبًا(النبأ 40)}.

* وقوله : {..وَأَنْذِر بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِم لَيْسَ لَهُم مِن دُونِهِ وَلِيُّ وَلاَ شَفِيعٌ لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ(الأنعام 51)}.

* وقوله : {..ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُقُوا عَذَابَ الخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُم تَكْسِبُونَ، وَيَسْتَنْبِءُونَكَ أَحَقٌ هُوَ قُل إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌ وَمَا أَنْتُم بمُعْجِزِينَ (يونس 52 و53)}.

* وقوله : {..فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِن دُونِهِ قُل إِنَّ الخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُم وَأَهْلِيهِم يَوْمَ القِّيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُو الخُسْرَانُ المُبِين، لَهُم مِن فَوقِهِم ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِم ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ الله بِهِ عِبَادَهُ يَعِبَادِ فَاتَّقُونِ (الزمر 15 و16)}.

 ثالثا - أسلوب الخطـاب والنصـح اللـين :

  وهو أرقى أسلوب لدى الرسل، وقد أمرهم الله به، حتى يصغى الناس اليهم ويصدقونه، ولا ينفرون منهم، فعندما أرسل الله سبحانه موسى وأخيه الى فرعون قال لهم : {..اِذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى(طه 43 و44)}.

 * ومن أقوال نوح عليه السلام، يقول سبحانه : {..لَقَد أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اِعْبُدُوا الله مَا لَكَم مِن إِلَه غِيْرِهِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم عَذَابَ يَومٍ عَظِيمٍ، قَالَ المَلأَ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ظَلاَلٍ مُبِينٍ، قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةً وَلَكِنِّي رَسُول مِن رَبِّ العَالَمِينَ، أَبْلِغُكُم رِسَالَتَ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُم وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ، أَوَ عَجِبْتُم أَن جَاءَكُم ذِكْرٌ مِن رَبِّكُم عَلَى رَجُلٍ مِنْكُم لِيُنْذِرَكُم وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُم تُرْحَمُونَ(الأعراف 59 الى 63)}، وقوله سبحانه : {..وِاتْلُ عَلَيهِم نَبَأَ نُوحٍ إَذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَومِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِءَايَاتِ الله فَعَلَى الله تَوَكَّلْتُ فَأْجْمِعُوا أَمْرَكُم وُشُرَكَاءَكُم ثُمَّ لاَ يَكُن أَمْرُكُم عَلَيْكُم غُمَّة ثُمَّ اِقْضُوا إِلَيَّ وَلاَ تَنْظِرُونِ، فَإِن تَوَلَّيْتُم فَمَا سَأَلْتُكُم مِن أَجْرٍ إِن أَجْرِي إٍلَّا عَلَى الله وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ (يونس 71 و72)}.

 * ومن أقوال هود عليه السلام، يقول سبحانه : {..وَإِلَى عَاد أَخَاهُم هُودًا قَالَ يَقَوْمِ اِعْبُدُوا الله مَا لَكُم مِن إِلَه غَيْرِه إِن أَنْتُم إِلاَّ مُفْتَرُونَ، يَاقَوْمِ لاَ أَسْأَلُكُم عَلَيْهِ أَجْرًا إِن أَجْرِي إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ، وَيَا قَوْمِ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِل السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِدْرَارًا وَيُزِدْكُم قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُم وَلاَ تَتَوَلَّوا مُجْرِمِينَ، قَالُوا يَا هُود مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْن بِتَارِكِي ءَالِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ، إِن نَقُول إِلاَّ اِعْتَرَاكَ بَعْضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أَشْهَدُ الله وَاَشْهِدوا أَنِّي بِرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُون، مَن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنْظِرُونِ، إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى الله رَبِّي وَرَبَّكُم مَا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُو ءَاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، فِإِن تَوَلَّوا فَقَد أَبْلَغْتُكُم مَا أُرُسِلْتُ بِهِ إِلَيكُم وَيَسْتَخْلِف رَبِّي قَوْمًا غَيْرُكُم وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْءًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٍ(هود 50 الى 57)}.

 * كما وقد أمر الله سبحانه الرسول محمد عليه السلام أن يبلغ رسالة ربه، بالموعظة والحكمة، وبالقول الطيب واللين، يقول سبحانه عن صحابة النبي : {..وَلَو كُنْتَ فَظَّا غَلِيظَ القَلْبِ لَأَنْفَضُّوا مْن حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُم وَاِسْتَغْفِر لَهُم وَشَاوِرْهُم فِي الأَمْرِ..(آل عمران 159)}، وقوله سبحانه : {..وَلَو شاءَ رَبُّكَ لَءَامَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُم جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِه النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(يونس 99)}، وقوله سبحانه : {..اِدعُ اِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَة وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن(النحل 125)}.

 * كما أمر سبحانه المؤمنين بعدم إيذاء الناس لمجرد اعتقاداتهم، لقوله سبحانه : {..وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله فَيَسُبُّوا الله عَدُوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُم ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَرْجِعُهُم فَيُنَبِّئَهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(الأنعام 108)}.

   رابعا - الإعـراض عمن تولى :

  لقد أن كان الرسول عليه السلام يأتي لقومه بكل ءاية فكانوا يكذبونه، ويكفرون به ويجحدون بءايات الله ويسعون فيها معاجزين، ويطلبون منه الآيات الحسية لتؤكد صدق نبوته ورسالته، لذلك فقد كان يتحسر ويقلق من ذلك، ويضيق صدره، فكان الله عز وجل يأمره بالأعراض عنهم وترك طريقهم، واتباع طريقه، يقول سبحانه : {..فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَو جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَالله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٍ(هود 12).

   - كما يقول سبحانه : {..وَلَقَد نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ، فَسَبِّح بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِنَ السَّاجِدِينَ، وَاعْبُد رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ(الحجر 97 الى 99)}.

  - وقوله سبحانه في سورة الكهف الآية 6 : {..فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى ءَاثَارِهم إِن لَم يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفًا}.

  - وقوله في سورة الشعراء الآيتين 3 و4 : {..لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ، إِن نَشَأ نُنَزِّل عَلَيْهِم مِنَ السَّمَاءِ ءَايَةً فَظَلَّت أَعْنَاقِهم لَهَا خَاضِعِين}.

1 - النبي كان مأمورا بالإعراض عمن تولى : 

  والله سبحانه وتعالى قد أمر النبي عليه السلام بالإعراض عن الكافرين والمشركين، الذين يكذبونه، ويكفرون به، ولا شأن له في التدخل في عقيدتهم أو إكراههم على الإيمان، لأن وظيفته كانت محصورة في التبليغ فحسب.

- يقول سبحانه : {..فَأَعْرِضْ عَن مَن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَم يُرِد إِلاَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا(النجم 29)}.

 * وقوله : {..وَإِذَا قِيلَ لَهُم تَعَالُوا إِلَى مَا أَنْزَلَ الله وَإِلَى رَسُولِهِ رَأْيْتَ المُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا، فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَت أَيْدِيهِم ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِالله إِن أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا، أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ الله مَا فِي قُلُوبِهِم فَأَعْرِضْ عَنْهُم وَعِظْهُم وَقُل لَهُم فِي أَنْفُسِهِم قَوْلاً بَلِيغًا(النساء 61 الى 63)}.

 * وقوله : {..اِتَّبِع مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ لاَ إِلَه إِلاَّ هُو وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ(الأنعام 106)}.

 * وقوله : {..وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الفَتْحُ إِن كُنْتُم صَادِقِينَ، قُل يَوْمُ الفَتْحِ لاَ يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُم وَلاَ هُم يُنْظَرُونَ، فَأَعْرِض عَنْهُم وَاِنْتَظِر إِنَّهُم مُنْتَظِرِينَ (السجدة 28 الى 30)}.

 - وقوله سبحانه : {..إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِم ءَأَنْذَرْتَهُم أَم لَم تُنْذِرْهُم لاَ يُؤْمِنُونَ(البقرة 6)}.

* وقوله : {..رُبَمَا يُوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَو كَانُوا مُسْلِمِينَ، ذَرْهُم يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِم الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ(الحجر 2 و3)}.

* قوله : {..فَذَرْهُم فِي غَمْرَتِهِم حَتَّى حِين (المؤمنون 54)}، وقوله : {..فَذَرْهُم يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يَلْقَوا يَوْمَهُم الَّذِي يُوعَدُونَ (الزخرف 83)}.

* وقوله : {..فَذَرْهُم حَتَّى يَلَقَوا يَوْمَهُم الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ(الطور 45)}.

  2 - النبي لم يكن يتدخل في إجبار الناس على اتباعه والإيمان به :

 * فالرسول كان مجرد مبلغ لرسالة الله؛ يقول سبحانه : {..وَأَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولِ وَاحذَرُوا فِإِن تَوَلَّيْتُم فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا البَلاَغ المُبِينَ (المائدة 67)}، وقوله : {..اِعْلَمُوا أَنَّ الله شَدِيدُ العِقَابِ وَأَنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ، مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ البَلاَغُ وَالله يَعْلَم مَا تَبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ(المائدة 98 و99)}، وقوله : {..فَإِن تَوَلَوا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البَلاَغُ المُبِينُ(النحل 82)}، وقوله سبحانه : {..فَإِن أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِم حَفِيظًا إِن عَلَيْكَ إِلاَّ البَلاَغ..(الشورى 48)}.

 * والرسول لم يكن يتدخل في حساب الناس أبدا، بل كانت وظيفته محصورة فقط في التبليغ رسالة الله، وأن الحساب من حق الله تعالى، عند يوم الحساب؛ يقول سبحانه : {..وَإِنَّ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدَهُم أَو نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البَلاَغَ وَعَلَيْنَا الحِسَابُ(الرعد 40)}، وقوله : {..فَذَكِّر إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِر، لَسْتَ عَلَيهِم بِمُصَيْطِرٍ، إِلاَّ مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ، فَيُعَذِّبَهُ الله العَذَابَ الأَكْبَرَ، إِنَّ إِلَيْنَا إِيَّابَهُم، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم (الغاشية 21 الى 26)}.

  * وعقاب الناس ليست أبدا وظيفة أو تفويضا للرسل والأنبياء وحتى المؤمنين الذين يسيرون على نهجهم، فالرسل مجرد مبلغين لرسالة ربهم، يقول سبحانه مخاطبا رسوله الكريم : {..وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُو الحَقُّ قُل لَسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ، لِكُلِّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ(الأنعام 66 و67)}، وقوله : {..وَلَو شَاءَ الله مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِم حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ(الأنعام 107)}، وقوله : {..قُل يَأَيُّهَا النَّاسُ قَد جَاءَكُم الحَقُّ مِن رَبِّكُم فَمَن اِهْتَدَى فِإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيل(يونس 108)}، وقد تكرر نفس المعنى في سورة الإسراء الآية 54، وسورة الزمر الآية 41، وسورة الشورى الآية 6.

   3 - الهدايا والإيمان من مشيئة الله المطلقة :

  الله سبحانه وتعالى خلق آدم وذريته للإختبار والإمتحان في الدنيا، وأنزل الفرقان أو الميزان الذي يحدد ما ينبغي على الإنسان اتباعه وما ينبغي عليه تركه، وهذا الفرقان هو "المنهاج أو الدين"، وجعل سبحانه الآخرة للحساب أو ما يسمى "بيوم الدين"، الذي يكون فيه الله سبحانه هو المالك المطلق له "مالك ليوم الدين" وتوفى كل نفس دينها، يقول سبحانه : {..يَوَمَئِذٍ يُوَّفِيهِم الله دِينَهُم الحَقُّ وَيَعْلَمُونَ اَنَّ الله هُوَ الحَقُّ المُبِينُ(النور 25)}.

 * لذلك فالله سبحانه وتعالى خلق النفس البشرية وفطرها على التقوى والفجور، وعلى الطاعة والمعصية، وخلق لها الحرية في أن تهتدي وفي أن تضل، فان اهتدت فلنفسها وان ضلت فعلى نفسها، وحسابها على الله غدا يوم القيامة، يقول سبحانه : {..وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَد أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَد خَابَ مَن دَسَّاهَا(الشمن 7 الى 10)}، ويقول سبحانه : {..مَن اِهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِه وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (الإسراء 15)}، وقد تكرر معنى هذا الآية، في سورة يونس الآية 108، وفي سورة النمل الآية 92، وفي سورة الزمر الآية 41، وفي سورة النجم الآية 30.

 * لذلك ففي مسائل العقيدة والعبادات، ليس لنفس بشرية في أن تتدخل في حساب نفس أخرى ولا في عقابها، ما عدا النصيحة، لأن الإيمان من ميشئة الله المطلقة، لأنه لو شاء الله  أن يهدي الناس أجميعن فهو بيده الأمر، ولكنه قد منح لناس الحرية والإختيار في ذلك، يقول سبحانه : {..قُل فَلِلَّهِ الحُجَّة البَالِغَة فَلَو شَاءَ لَهَدَاكُم أَجْمَعِينَ( الأنعام 149)}، ويقول أيضا : {..وَلَو شَاءَ الله لَجَعَلَكُم أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِيَبْلُوَكُم فِي مَا اَتَاكُم فَاِسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُم جَمِيعًا فَيُنَبِّئَكُم بِمَا كُنْتُم فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (المائدة 48)}، وقوله : {..وَلَو شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّة وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُم وَتَمَّت كَلِمَة رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَّنَمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(هود 1118 و119)}، وقوله سبحانه : {..وَلَو شَاءَ الله لَجَعَلَكُم أُمَّة وَاحِدَةً وَلَكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْءَلُنَّ عَمَّا كُنْتُم تَعْمَلُونَ(النحل 93)}، وقوله : {..وَلَو شَاءَ الله لَجَعَلَهُم أُمَّة وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِل مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِن وَلِيِّ وَلاَ نَصِيرٍ(الشورى 8)}.

 * ويقول سبحانه مخاطبا رسوله الكريم بالذات : {..وَإِن كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُم فَإِن اِسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِي نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَو سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِءَايَةٍ وَلَو شَاءَ الله لَجَمَعَهُم عَلَى الهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ (سورة الأنعام 335)}، وقوله : {..وَلَو شَاءَ الله مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِم حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ(الأنعام 107)}،: {..وَلَو شَاءَ رَبُّكَ لَءَامَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُهُم جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (يونس 99)}.

 * وقد أكد سبحانه وتعالى، على أن القلة القليلة من الناس من تؤمن وتصدق الرسل والرسالات الربانية، وأن للناس الحرية التامة في ذلك، فمن يؤمن فإنما يؤمن بإرادته المطلقة، وليس إجبارا وأنه ليس في دين الله الإجبار على الإيمان إطلاقا، وإلا سيكون النفاق بمعنى أن الناس تؤمن ظاهريا حتى لا تتعرض للإكراه، بينما تكتم الكفر في وجدانها، يقول سبحانه : {..وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَو حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ(يوسف 103)}.

  وهو الأمر نفسه الذي كان يقع مع جميع الأنبياء والرسل، ما عدا قوم يونس، فقوم نوح يقول سبحانه : {..وَأُوحِيَ اَلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مِن قَد ءَامَنَ فَلاَ تَبْتَئِس بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ، وَاصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُغْرَقُونَ(هود 36 و37)}.

  بينما يقول سبحانه عن قوم يونس : {..فَلَوْلاَ كَانَت قَرْيَةٌ ءَامَنَت فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا ءَامَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُم عَذَابَ الخِزْيِ فِي الحَيَاةِ الدُنْيَا وَمَتَّعْنَاهُم إِلَى حِينٍ(يونس 98)}.

 

                                                                            خاتمة الجــزء الأول : 

  خلاصة لهذا الجزء، فالله سبحانه هو صاحب الدين، ولم يرخص أي كان في أن يتدخل في الدين، أو يجبر الناس عليه، فالله أنزل الدين للناس للإختبار والإبتلاء، وجعل لهم الحرية في ذلك، وهذا الدين، جعل له الله يوم وهو يوم الدين والحساب، الذي سيكون فيه الله سبحانه بصفته المالك المطلق له فتنعدم أنذاك الحرية التي كانت متاحة في الدنيا.

  ولإنذار الناس بذلك اليوم العصيب فقد بعث الله رسله الكرام، لتوجيه الناس وتربيتهم على عقيدة التوحيد، وإخلاص الدين لله، والالتزام بالأوامر واجتناب النواهي، مستخدمين في ذلك الأساليب الراقية التي تكفل إطمئنان الناس إلى قول الرسول واتباعه فيما يقول وتصديقه، وليس بالإكراه والإجبار.

  فالله سبحانه وتعالى خلق آدم وذريته للإختبار والإمتحان في الدنيا، وأنزل الفرقان أو الميزان الذي يحدد ما ينبغي على الإنسان اتباعه وما ينبغي عليه تركه، وهذا الفرقان هو "المنهاج أو الدين"، وفطر النفس البشرية على التقوى والفجور، وعلى الطاعة والمعصية، وخلق لها الحرية في أن تهتدي وفي أن تضل، فان اهتدت فلنفسها وان ضلت فعلى نفسها، وحسابها على الله غدا يوم القيامة.

  لذلك ففي مسائل العقيدة والعبادات، ليس لنفس بشرية في أن تتدخل في حساب نفس أخرى ولا في عقابها، ما عدا النصيحة، لأن الإيمان من ميشئة الله المطلقة، لأنه لو شاء الله  أن يهدي الناس أجميعن فهو بيده الأمر، ولكنه قد منح لناس الحرية والإختيار في ذلك، يقول سبحانه : {..قُل فَلِلَّهِ الحُجَّة البَالِغَة فَلَو شَاءَ لَهَدَاكُم أَجْمَعِينَ( الأنعام 149)}، ويقول سبحانه مخاطبا رسوله الكريم بالذات : {..وَلَو شَاءَ رَبُّكَ لَءَامَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُهُم جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (يونس 99)}.

*ذ.يوسف ترناصت، باحث في الثراث الإسلامي.

اجمالي القراءات 2189