حوار صحفي خيالي مع صاحب كتاب ايديولوجية الظهير البربري تعادي اسلام الامازيغ بمناسبة الذكرى 90 سنة على صدور ظهير 16 ماي 1930 الجزء الاول ؟

مهدي مالك في الأحد ١٧ - مايو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

حوار صحفي خيالي مع صاحب كتاب ايديولوجية الظهير البربري تعادي اسلام الامازيغ بمناسبة الذكرى 90 سنة على صدور ظهير 16 ماي 1930 الجزء الاول ؟

                          مقدمة مطولة

لا شك ان ظهير 16 ماي 1930 قد شكل محطة فاصلة في تاريخ المغرب لان هذا الظهير هو وطني و  ليس استعماري على الاطلاق حسب رايي المتواضع باعتباره قد وقعه ملك المغرب اي محمد الخامس رحمه الله .

 و وجه الرسائل الى كافة مساجد المغرب قصد قراءتها على عامة الناس بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف الموافق لسنة 1930 و الحاملة لعبارات الغضب ضد اطفال لم يبلغوا الحلم بعد الذين اجتمعوا في مساجد فاس و الرباط و  سلا لمناهضة هذا الظهير الوطني  بصفته جاء لتنظيم شيء اصيل عندنا منذ عهود ساحقة حيث جاء الاسلام ليجعله شيء ثمين الا هو العرف الامازيغي او بصيغة اخرى القانون المدني الامازيغي الذي لا يتعارض مع مقاصد الاسلام الكبرى ..

 ان اجدادنا الامازيغيين كانوا مسلمين  علمانيين كما شرحته  مرارا و تكرارا في كتابي الغير مطبوع حاليا لاسباب ايديولوجية بالاساس و شرحته في مقالاتي المنشورة منذ سنة 2011 اي منذ النقاش المجتمعي حول الاصلاحات الدستورية.

ان اجدادنا اذن كانوا مسلمين اي يصلون  و يصومون و يحجون الى مكة المكرمة شرفها الله.

 لكنهم بالمقابل كانوا علمانيين في تدبيرهم اليومي لحياتهم السياسية من خلال استخدام عقولهم لابداع قوانين و تشريعات علمانية تصون كرامة الانسان و عرضه حيث مثلا لا توجد في هذه القوانين عقوبة الاعدام نهائيا و توجد في مكانها عقوبة النفي من الارض .

و مثل نظام الكيد و السعايا  اي اقتسام الاموال بين الزوجان اذا وقع الطلاف و مثل شرط امام مسجد القريىة و قوانين ايكودار اي الصحون الجماعية الخ من هذه النماذج لمئات القوانين العرفية التي اقرتها مختلف الدول المتعاقبة على حكم المغرب بشكل متفاوت.

  و اقرتها ملوك الدولة العلوية الحالية الى عهد الملك محمد الخامس بمعنى ان العرف الامازيغي ليس شيء او واقع فرضته فرنسا بل شيء اصيل يستمد شرعيته الدينية و الوطنية من رسائل الملوك و اراء فقهاء سوس الحقيقيين امثال المرحوم امحمد العثماني الذي له بحث قيم تحول الى كتاب طبعته وزارة الاوقاق و الشؤون الاسلامية سنة 2004 و هو تحت عنوان الواح جزولة و التشريع الاسلامي .

انني اعتقد ان شرعية الحركة الوطنية التي تاسست على ما يسمى بالظهير البربري هي شرعية خيالية لا علاقة لها بتاريخنا الامازيغي الاسلامي نهائيا حيث انها كانت تريد تقديم الامازيغيين وقتها للعالم الاسلامي باعتبارهم تركوا الاسلام و اعتنقوا المسيحية بمجرد تطبيقهم للاعراف الامازيغية اي ان الحركة الوطنية قصدت ذلك مع سبق الاصرار و الترصد لمحو الثقافة الامازيغية عموما و القوانين الوضعية الامازيغية التي عاشت قرون طويلة في تكامل تام مع الشرع الاسلامي .

قد شكلت مرحلة الاستقلال امتحانا لشعارات الحركة الوطنية ذات الجذور السلفية حيث ان المخزن انذاك قد قرر تطبيق القوانين  الوضعية الفرنسية الكافرة حسب قول اغلب شيوخ التيار السلفي اي ان المخزن لم يطبق الشريعة الاسلامية كنظام شامل كما وعدت الحركة الوطنية سنة 1930 بمعنى ان السلفية الوطنية لم تعادي اصلا القوانين الفرنسية الوضعية بل عادت قوانيننا الامازيغية بصفتها كافرة اي بعيدة كل البعد عن ديننا الاسلامي و بالتالي بعد الاستقلال قرر المخزن تبني شعار العروبة و الاسلام المخزني و صياغة هوية اسلامية تمجد العروبة و تحتقر الامازيغية بناءا  على ايديولوجية الظهير البربري كما اسميها شخصيا .

انني كما يعلم الجميع كتبت كتابا منذ سنة 2013  و الذي تحت عنوان الامازيغية و الاسلام و اسطورة الظهير البربري ايمانا مني بضرورة اعادة تاهيل حقلنا الديني على اساس امازيغية المغرب كفكرة شخصية اي لا احد قد طالب بهذا الامر في صفوف الحركة الامازيغية.

و ايمانا مني بضرورة القضاء على هذه الايديولوجية الحقيرة بصفة نهائية في مختلف مناحي الحياة العامة كالتعليم و الاعلام و الحقل الديني الرسمي بالدرجة الاولى لان لا يعقل ان دستورنا الحالي قد اقر بان الامازيغية هي لغة رسمية منذ سنة 2011 و وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية لازالت تتعامل معها باحتقار شديد على طول الخط من خلال المئات من السلوكات لنخبتنا الدينية الرسمية او لفقهاء تيار الاسلام السياسي الذين قالوا اشياء سلبية للغاية ضد الامازيغية كلغة و كثقافة و كتاريخ بدون ان يحاسبونهم احد من هذه الوزارة الوصية على الشؤون الاسلامية و يديرها الاستاذ احمد التوفيق الذي اكن له الاحترام و التقدير لكنه لم يفعل اي شيء ذا قيمة لصالح الامازيغية منذ سنة 2001 الى الان اللهم طبع بحث المرحوم امحمد العثماني في سنة 2004 كما  اشرت سالفا ..

و خلاصة القول ان معركتنا ضد ايديولوجية الظهير البربري لم تنتهي بعد خصوصا في هذه الظروف حيث منذ اكتوبر الماضي ارسلت كتابي الى داران للنشر بهدف الطبع لكن بدون جدوى حيث رفضتا طلبي دون تقديم الاسباب لكنني ادركت انذاك ان المناخ العام السائد الان بالمغرب هو مناخ سلفي يميل الى المشرق كاننا نعيش في السعودية زمن ما يسمى بالصحوة الاسلامية و هذا اعتبره شيء خطير بالنسبة لهويتنا الاسلامية ببلادنا .

الى صلب حواري الخيالي

يشرفني عظيم الشرف ان اجري هذا الحوار الصحفي مع سيدي الفقيه يحي ايت باعمران صاحب كتاب ايديولوجية الظهير البربري تعادي اسلام الامازيغ الصادر سنة 2010 بالدار البيضاء و هو ايضا شاعر امازيغي او انظام ن ؤسايس اي يشارك في رقصة احواش مع الرجال و النساء كما هو معروف في بادية سوس العالمة.

السؤال 1 من هو يحي ايت باعمران ؟

الجواب ولدت سنة 1920 في مدينة الدار البيضاء اي ابلغ من العمر الان 100 عام حيث انني بصحة جدية رغم بعض علامات التعب

الشيخوخة بحكم الزمن الطويل و مشاكل الدنيا العديدة و على كل حال فانني نشات بين الدار البيضاء و القرية المتواجدة في منطقة ايت باعمران لان الوالد كان تاجر كبير في الدار البيضاء كغيره من ابناء سوس المقاومين للاستعماران الفرنسي و الاسباني .

و كنت  اتابع دراستي بالكتاب و نفس الوقت في المدرسة الفرنسية بالدار البيضاء وقتها برغبة من الوالد رحمه الله في هذه الايام المباركة.

و بعد ذلك سافرت الى مدينة فاس العريقة سنة 1929 مع عمي بيهي قصد الدراسة بجامع القرويين الشهير في الافاق حيث كنت طفل ذو 9 سنوات يحب اللعب مع الاطفال لكنني كنت طفل مجتهد في حفظ القران الكريم كله وقتها الخ و كنت قوي الملاحظة و الاستماع لاخبار اهل فاس حيث سمعت مثلا ان فاسي قد تنصر سنة 1926 بدون اية مقدمات و سمعت وقتها ان بعض الاسر الفاسية كانت ترسل ابنائهم الدكور الى فرنسا قصد الدراسة بينما كان اباءنا في الصفوف الامامية لمقاومة الاستعمار المسيحي  في الجبال و في السهول .

السؤال 2 كيف عشت اجواء ظهير 16 ماي 1930 بمدينة فاس ؟

الجواب وقتها مازلت طفل  في وسط هذه المسرحية الكبيرة بمدينة فاس حيث اخذ صبيان يجتمعون في المساجد و يقولون دعاء اللطيف المعروف و هؤلاء الصبيان وراءهم رجال ما يسمى بالحركة الوطنية يسييرهم نحو اهدافهم المعروفة من قبيل اشاعة ان الامازيغيين قد تنصروا و اصبحوا فرنسيين الخ  من هذه الاكاذيب .

عندما رجعت الى قريتي صيف تلك السنة مع احد افراد الاسرة وجدت ابي قد استشهد من طرف الاستعمار الاسباني بسبب احضاره للاسلحة من الدار البيضاء الى المقاوميين في حماره و وجدت كذلك مجتمع متدين و مطبق للعرف الامازيغي و يقاوم الاستعمار بعز النفس و محافظا على الارض و على العرض و على الاسلام .

في سنة 1940 اي بعد انتهائي من تكويني الديني بفاس اتجهت نحو مشارطة في احد مساجد بمدينة تيزنيت كامام يصلي بالناس و يعلم اطفالهم كتاب الله .

السؤال 3 هل كنت في صفوف الحركة الوطنية؟

الجواب نعم لكنني اختلف معها وقتها حول العرف الامازيغي باعتباري كنت اتوفر على وثائق لفقهاء سوس تظهر موقفهم الايجابي من هذا الموضوع منذ قرون طويلة .

السؤال 4 هل حاولت اظهار هذه الوثائق بعد الاستقلال ؟

الجواب انتقلت الى الدار البيضاء سنة 1960 قصد الاستقرار هناك و الزواج مع بنت احدى الاسر العلمية بسوس و قدمت طلبي للفرع الجهوي لوزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية بغرض العمل كامام في احدى مساجد المدينة فقبل طلبي .

انذاك يستحيل ذكر الامازيغية بالاسم في الفضاء العام و بالاحرى ذكر العرف الامازيغي  وقتها .

السؤال 5 متى دخلت الى ميدان الشعر الامازيغي التقليدي؟

الجواب يظن عامة الناس ان الفقيه لا يمارس بعض الاعمال الاخرى من قبيل الشعر او الغناء تحت ذريعة بعض الفتاوى الشادة التي تحرم هذه الفنون الجميلة و الخادمة لرسالة الاسلام .

و من هذا المنطلق دخلت الى هذا الميدان سنة 1969 بشكل رسمي في حفل زفاف احد الاصدقاء بمدينة تيزنيت و كنت قبل هذا التاريخ اكتب الشعر الامازيغي و استمع الى اغاني الروايس و الى اغاني الطرب العربي بالرغم من انني فقيه اصلي بالناس في المسجد و اخطب عليهم خطبة يوم الجمعة .

نتوقف على هذا القدر و للحديث بقية .

توقيع المهدي مالك

اجمالي القراءات 2825