ضرورة اطلاق سراح معتقلي حراك الريف في هذه الظروف الاستثنائية لماذا ؟

مهدي مالك في الجمعة ١٧ - أبريل - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

ضرورة اطلاق سراح معتقلي حراك الريف في هذه الظروف الاستثنائية لماذا ؟

                                       مقدمة لا بد منا

اننا نعيش الان في حالة الطوارئ الصحية بسبب وباء كورونا المستجد كباقي دول العالم حيث ان المغرب قد ادرك مبكرا خطورة هذا الوباء القاتل بمعنى اخر ان الملك محمد السادس قد اعطى الاولوية العظمى للانسان اكثر من المصالح الاقتصادية من قبيل السياحة و النقل الجوي الخ من هذه المنافع حيث ان هذا الدرس البليغ يعطينا الثقة بالمؤسسة الملكية الصريحة على تدبير هذه المرحلة الاستثنائية لكي نخرج باقل الخسائر البشرية و المادية و الايديولوجية و اقصد هنا تقوية نفوذ تيارات الاسلام السياسي في مجتمعنا اضعاف مضاعفة بعد وباء كورونا ..

ان كل الحركات التقدمية تتطلع الى مغرب جديد بعد  وباء كورونا المستجد ك ان الله سبحانه و  تعالى اراد انزال هذا الوباء لكي يغير حركة التاريخ و اعادة تقييم الاشياء حسب مستويات دول العالم الانسانية اولا ثم الصحية ثانيا و الحقوقية ثالثا حيث انني لست هنا عالما بالغيب حشى لله و انما هذا احتمال ضمن مئات الاحتمالات الواردة ..

ان من باب الانسانية اولا و اخيرا ينبغي استحضار ملف حقوقي ثقيل قد اساء كثيرا الى صورة المغرب كدولة قطعت اشواط كثيرة في درب المصالحة مع ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان من خلال هيئة الانصاف و المصالحة كتجربة فريدة من نوعها على صعيدنا الاقليمي اي منطقة شمال افريقيا و منطقة الشرق الاوسط حيث لم نسمع بدولة داخل هذا المحيط قد قامت  بربع ما قام به المغرب على الصعيد الحقوقي حيث هنا لا ادافع عن المخزن لانني عبرت في كثير من مقالاتي عن مواقفي تجاه الموضوع كما سياتي ضمن هذا المقال .

اذن فان استحضار ملف معتقلي حراك الريف في هذه الظرفية الاستثنائية يدخل من باب الانسانية اولا و اخيرا و يدخل كذلك في المغرب ما بعد هذا الوباء الخطير اي يجب ان نعي جيدا اننا نتطلع بعد مرور هذه الجائحة الى نموذج تنموي جديد على مختلف الاصعدة و المستويات حيث لن يتحقق هذا الرجاء الا بقيام السلطة بعدة اجراءات بهدف ارسال رسائل ايجابية الى الشعب و منظماته المدنية و الحقوقية و من بين هذه الاجراءات هي اطلاق سراح معتقلي حراك الريف في فاتح رمضان القادم انشاء الله .

الى صلب الموضوع 

للتذكير فقط فان  محطة حراك الريف المبارك كما نسميه هي محطة  بارزة في تاريخ المغرب الحديث حيث قلت في مقال سابقبتاريخ اكتوبر 2017  ان الملاحظ لمحطات احداث الحسيمة الاخيرة اي منذ الحادث المهين الذي تعرض له المرحوم محسن فكري الى اعتقال رموز حراك الريف سيسجل العديد من الملاحظات حول تاريخ الريف و تعامل المخزن مع هذه المنطقة طيلة هذه العقود من الزمان بمنطق الاحتقار و سياسة الانتقام الخ بمعنى ان احداث الحسيمة الاخيرة لا يمكن باي حال من الاحوال فصلها عن الملاحظات التالية

اولا ينبغي القول ان منطقة الريف المغربي لها تاريخ عظيم من المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الاسباني ابتداء من عشرينات القرن الماضي بقيادة امير الريف عبد الكريم الخطابي الذي انتصر في معركة انوال الخالدة في يوم 21 يوليوز 1921 ثم اسس جمهورية الريف الاسلامية شتنبر سنة 1921 حيث ارسل الرسائل الى دول العالم بغية الاعتراف بهذه الجمهورية و كما احدث المجلس التاسيسي و وضع دستور  الخ من الاسس الدالة على ان جمهورية الريف الاسلامية كما تسمى كانت حقيقة تاريخية لا غبار عليها على الاطلاق ...

ثانيا ينبغي القول في هذا السياق ان جمهورية الريف تم إجهاضها من طرف المخزن و الاستعماران الفرنسي و الاسباني سنة 1926 بكل الصراحة بحكم ان المغرب قبل سنة 1912 كان بلدا امازيغيا حيث كانت اغلب مناطق الامازيغيين تمتع بالحكم الذاتي عن السلطة المركزية بمعنى ان اجدادنا الكرام يدبرون شؤونهم وفق انظمتهم الديمقراطية لكن بعد دخول الاستعمار الفرنسي تم تقوية نفوذ المخزن تدريجا حتى سطر هذا الاخير على كامل التراب الوطني بعد سنة 1956 اي ان جمهورية الريف الاسلامية كانت نوعا من الحكم الذاتي حسب اعتقادي المتواضع بدليل ان الراحل محمد الخامس زار عبد الكريم الخطابي في القاهرة سنة 1960 و اتفق معه على عودته الى ارض الوطن حسب بعض الاراء ...

ثالثا ينبغي القول ان اهل فاس كانوا في عشرينات القرن الماضي يكرهون المقاومة المسلحة و يحبون الاستعمار الفرنسي لدرجة ان المقيم العام ليوطي قد زار ضريح مولاي ادريس الاول حسب قول الاستاذ عصيد في احدى الفيديوهات الاخيرة و يضيف ما معناه ان فقهاء اهل فاس كانوا يعادون الخطابي اشد العداء الخ من هذه الحقائق الصادمة التي تم تغييبها بغية جعل المغاربة بعد الاستقلال الشكلي يعتقدون ان ما يسمى برموز الوطنية امثال علال الفاسي و المكي الناصري الخ هي من حررت  المغرب من اغلال الاستعمار الاجنبي بينما رموز المقاومة الحقيقية ظلت في طي النسيان .........

رابعا ينبغي القول ان منطقة الريف المغربي منذ سنة 1956 تعرضت لانتهاكات جسيمة لحقوق الانسان حيث قام ولي العهد انذاك الحسن الثاني بقمع انتفاضة الريف سنتي 1958 و 1959 بشكل وحشي للغاية حيث يشير الاستاذ علي الادرسي المتخصص في تاريخ الريف في  مقال له منشور سنة 2010 قد عمد موظفو الدولة و عناصر حزب الاستقلال الى التنكيل بالناس و حرمان سكان الريف من ابسط حقوقهم و من الحياة الكريمة  في دولتهم المستقلة حين حولوا فرحتهم بالاستقلال الى كآبة الاحتقلال و خططوا لتعويض  الاستعمار بالاستعمار على حد  قوله و يقول نحن المغاربة لا نعرف اشياء كثيرة حدثت في بلادنا حيث لا يتعلق بما حدث من مجازر بالريف في تلك المرحلة بل بكثير من المجازر و التجاوزات غير المبررة قانونيا و اخلاقيا على طول المغرب و عرضه  و ذلك منذ السنوات الاولى من الاستقلال الذي أمسى احتقلالا الى حد تعبير الخطابي...........

اذن ان هذه الملاحظات التي اعتمدت عليها في هذا المقال المتواضع هي كفيلة لفهم لماذا خرج اهل الريف للاحتجاج  طيلة هذه الشهور بغية تحقيق مجموعة من المطالب الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و بالاضافة الى إلغاء ظهير عسكرة منطقة الريف الصادر في اواخر عقد الخمسينات و المانع لاية مبادرات للاستثمار حسب كلام اصحاب حراك الريف الوطني حيث يمكن القول ان الحكومة الحالية تعاملت مع هذه الاحتجاجات المشروعة بنوع من عدم المسؤولية التاريخية خصوصا بعد تصريحات احزابها التي اتهمت حراك الريف بالانفصال ثم جاءت المسيرة الكبرى التي نظمت في الحسيمة بتاريخ 20 ماي الماضي تعبيرا لغضب اهل الريف من هذه التصريحات الخطيرة حيث رفعت هذه المسيرة الحاشدة اعلام جمهورية الريف كتراث سياسي وطني اي ان جمهورية الريف هي او بالاحرى كانت نوعا من الحكم الذاتي او الفدرالية كنظام تدبير جهوي متطور حسب رايي المتواضع  .....

اذن فان حراك الريف بالنسبة لي له اسبابه المجتمعة بين التاريخي و السياسي و التنموي و الثقافي و الديني حتى لان ناصر الزفزافي باعتباره قائد هذا الحراك له خلفية سلفية في خطابه بحكم تكوينه التعليمي و محيطه الاجتماعي ربما .

 لكن مع ذلك لا نرى اقطاب التيار السلفي ان صح التعبير بالمغرب يدافعون عنه او عن حراكه السلمي ذو مطالب مشروعة دينيا اي محاربة الفقر و احسان الفقراء و رفع الظلم الخ من شعارات الاسلاميين الظاهرة للعامة من الناس بمعنى ان مشايخ الوهابيين عندنا يهتمون بمعتقلي حركة حماس و جبهة نصرة الخ اكثر معتقلي حراك الريف الامازيغ اي ان عقولهم مشغولة بوضع العراقيل و تحريم كل شيء جميل في ثقافتنا الاصيلة .

ان من باب الانسانية تم نشر عريضة على الفايسبوك تطالب باطلاق سراح معتقلي حراك الريف حيث ان الجميل في هذه العريضة هو التضامن بين كل حركات التقدم من قبيل الحركة الامازيغية و الحركة النسائية و الفنانيين الامازيغيين الخ بهدف انطلاق نحو مغرب اخر بعد هذه الجائحة بالثقة التامة في المؤسسة الملكية الضامنة للاستقرار و السلامة الصحية للشعب المغربي ..

تحرير المهدي مالك     

 

 

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 2812