اختلاف الأرزاق والحكمة الإلهية

يوسف ترناصت في الخميس ١٦ - أبريل - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

   من الأشياء التي لا سلطان للإنسان في جلبها لنفسه الحياة والرزق، أو درأها عن نفسه الموت والمصائب الخارجة عن ارادته، فهي من الحتميات التي لا يمكن له المفر منها في حياته الدنيا.

  وقضية الرزق من القضايا الأساسية التي تناولها الذكر الحكيم بشيء من التفصيل من لدن الحكيم القدير، ذلك انه لا يمكن للإنسان ان يبسط الرزق لنفسه كيف يشاء، فقد يكون للإنسان طموح للوصول الى مراكز عليا في الوظيفة او العلم او الشهرة او السلطة لكن لا يمكنه ان يجني أكثر من الأرباح المقدرة له من الله سبحانه وتعالى، فقد يصبح مليونيرا أو مليارديرا أو تريليارديرا (بصرف النظرعن مصدر هذه الأموال)، والمليونير قد يصبح كذلك ويظل على حاله وقد يصير مليارديرا وقد يصبح أفقر الناس، وهو لا تكون له السلطة التامة في ذلك، الا بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى.

  والقضية الأساسية هنا هو ان الرزق المبسوط للإنسان قد يستثمره في الفلاح في دنياه وآخرته، أو قد يكون سببا في هلاكه في دنياه وفي آخرته وكل ذلك بمشيئته هو، فقد يكون مليونيرا يبدو كالملياردير لحكمته وفطنته وحسن تدبيره لثروته، وقد يكون الملياردير كأفقر الناس وأتعسها لتعلقه بالحياة الدنيا والسعي ورائها بدون هدف محدد.

  وسنتحدث من خلال تدبر آيات القرءان الحكيم عن كيفية تدبير الله عز وجل للأرزاق، وكيف يبسطها ويقدرها، وحكمته في ذلك.

   أولا - سنن الله تعالى في تدبير أرزاق ملكوته :

1 - ونبدأ الرحلة مع بداية خلق السماوات والأرض :

    لقد خلق الله سبحانه وتعالى السماوات والأرض وكانتا في البداية عبارة عن كتلة مجمعة ومكدسة من الطاقة ففتقها ونشأت الأرض ثم بعد الأرض السماوات يقول سبحانه وتعالى في الآية 30 من سورة الأنبياء : {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلّ شَيْءٍ حَي أَفَلَا يُؤْمِنُون}، ويقول سبحانه وتعالى في سورة البقرة : {هُوَ الّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمّ اِسْتَوَى اِلَى السّمَاءِ فَسَوّاهُنّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ(29)}، ويقول سبحانه : {إِنّ رَبَكُم الله الّذِي خَلَقَ السّمَوَات وَالأرْضِ فِي سِتَةِ أَيَامٍ ثُمّ اِسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إلّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِه ذَلِكُمُ الله رَبَّكم فَاعْبُدُوه أَفَلاَ تَذّكَّرُونَ}.

   وقد أخذ منه هذا الخلق ستة أيام أي ستة آلاف سنة لأن يوم عند الله كألف سنة عند البشر يقول سبحانه وتعالى في سورة الحج : {...وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ(47)}، و من ستة أيام خصص سبحانه أربعة ايام منها للأرض، يومين في تكوينها ويومين في تقدير أرزاقها، واليومين الأخيرين للسماوات، يقول سبحانه وتعالى في سورة فصلت : {قُلْ أَئِنَّكُم لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَومَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبًّ الْعَالَمِينْ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينْ (10) ثُمَّ اِسْتَوَى اِلَى اْلسَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٍ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينْ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَومَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلّْ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَا السَمَاءَ الدُّنْيَا بَمَصَابِيحَ وَحِفْظَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)}.

    2 - كيف سوَّى الله السماوات والأرض ؟.

  أ- القاعدة هو أن الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء اذا أراد لشيء أن يقول له كن فيكون.

 يقول سبحانه : {...ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير(المائدة 17)}، إلا انه سبحانه يخلق كل شيء بمقدار وبالأسباب وبأجل مسمى عنده، يقول سبحانه وتعالى : {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار(الرعد 8)}، كما يقول سبحانه : {إنا كل شيء خلقناه بقدر(القمر 49)} كما يقول عز وجل في سورة الفرقان : {الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرًا(2)}، كما أن الله سبحانه وتعالى قدر الموت لكل مخلوقاته جميعا بإستثناء ملائكته الكرام، فكل شيء خلقه الله زائل من أصغر مخلوقاته الى أعظمها يقول سبحانه وتعالى : {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين(الأنبياء 104)}، كما يقول سبحانه : {أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى...(الروم 8)}.

  ب - يمكن تصنيف صور الخلق عند الله سبحانه وتعالى إلى ثلاث صور:

 الصورة الأولى، الخلق بدون مادة أولية طبقا لقاعدة كن فيكون كما هو الحال بالنسبة للسَّماوات والأرض، والصورة الثانية الخلق باستعمال مادة أولية كما هو الحال بالنسبة لآدم وحواء، حيث خلق سبحانه وتعالى آدم من التراب والماء والنار (التراب ثم أضاف للتراب الماء فأصبح طينا لازبا ثم عرَّضه للحرارة فأصبح صلصالا كالفخار أو حمأ مسنونا ثم صوره على الهيئة التي شاء ان تكون) ثم نفخ فيه من روحه فأصبح إنسانا ذا بعد روحي (نفسا) وجسدي (بشرا)، وخلق الله حواء من آدم، ومنهما بدأت سلالة بني آدم يقول سبحانه وتعالى في سورة النساء : {يَأَيُّهَا اُلنَاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءً..(1)}.

   أما الصورة الثالثة للخلق هي الجعل والصيرورة وذلك بخلق الأسباب، فالله سبحانه وتعالى خلق آدم وحواء ومنهما نشأت سلالة بني آدم عن طريق الاتصال الجنسي يقول سبحانه : {هُوَ الَّذِي خًلًقًكٌم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ليَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمَلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَّعَوَا الله رَبَّهُمَا لَئِنْ ءَاتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينْ (الأعراف 189)}، فلو ان البشر لم يتدخل في التناسل لا يمكن أن يحصل الإنجاب وهذا هو الأصل، إلا بقدرة المولى عز وجل وهذا استثناء، وهو ما حصل لمريم العذراء، وقس على ذلك كل الأمور التي يتدخل فيها الإنسان بشكل مباشر او غير مباشر يقول سبحانه على لسان سيدنا ابراهيم عليه السلام ردا على المشركين : {وَالله خَلَقَكُم وَمَا تَعْمَلُونَ(الصافات 93)}،

 ج - وقد خلق الله سبحانه وتعالى سبع سماوات طبقة فوق أخرى، وزيَّن سبحانه الطبقة الدنيا بالمصابيح أي النجوم التي تضيء الكون وبدونها يكون الكون في عتمة شديدة، وجعل فيها الى جانب النجوم، الكواكب والكويكبات والأقمار ومختلف الدواب أخرى وكلها تجري وتَسْبح في الفلك لأجل مسمى، وكما يثبته علم الفلك فالكون به العديد من المجرات لا حصر لها تدب في مسار حلزوني حول نفسها وفي مسار شبه دائري حول المجرات الأخرى في التجمع المجري المحلي، وكل مجرة بها العديد من النجوم والتي تدور في مسار دائري حول نفسها في مسار شبه دائري مدركةً النجوم الأخرى داخل المجرة الأم، وكل نجم يدب حوله بشكل شبه دائري كوكب على الأقل مدركا الكواكب الأخرى خلال دورانه، وهذا الأخير يدور حول نفسه دورة كاملة تختلف مدتها من كوكب لأخر ومن مجموعة نجمية الى أخرى ومن مجرة الى اخرى ومن تجمع مجري محلي الى آخر وهكذا دواليك، يقول سبحانه وتعالى عن مجموعتنا النجمية : {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ الَّليْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُون(الأنبياء 33)}.

  أما الأجالات التي تستغرقها حركات الدواب في مجموعتنا النجمية تكاد معروفة لدينا كلها بفضل تطور العلم الفلكي فهي تجري وتدورفي مساراتها لأجل مسمى، يقول سبحانه وتعالى : {يُولِجُ الَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي الَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمَّى ذَلِكُمْ الله رَبّكُم لَهُ الْمُلْكَ وَالّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ(فاطر 13)}، ويقول سبحانه : {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ اَلْعَزِيزِ اَلْعَلِيمِ(يس 38)}، ومستقر الشمس هو مسارها داخل المجرة التي تسبح فيه وليس نهايتها كما فسر السلف هذه الآية، ذلك ان المستقر هو الاقامة المستمرة في حيز زمكاني معين يقول سبحانه وتعالى : {وَمَا مِنْ دَابّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرُّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ(هود 6)}، ويقول سبحانه عن الجنة : {خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًا وَمُقَامَا(الفرقان 76)}، ويقول عن جهنم : {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًا وَمُقَامًا(الفرقان 66)}.  

  فالشمس بدورها على غرار النجوم الأخرى تسبح في الفلك في مسارها داخل المجرة، يقول سبحانه : {لَا الشَّمْسَ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ القَمَرَ وَلَا الَّيْلَ سَابِقُ الَّنَهَارَ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(يس 40)}، يعني حتى الشمس تجري وتسبح في الفلك "وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ"

  وتعتبر الشمس مركز المجموعة النجمية في مجرتنا الطريق اللبنية، وحولها تدور الأرض  والكواكب الأخرى وخلال هذا الدوران تدرك الكواكب بعضها بعضا، كما أن الكواكب تدور حول نفسها والقمر يدور حول الأرض وكل لأجل مسمى، وبما أن الشمس هي المركز والكواكب تدور حولها فقد أشار الذكر الحكيم الى حقيقة علمية في قوله تعالى : {لَا الشَّمْسَ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ القَمَرَ وَلَا الَّيْلَ سَابِقُ الَّنَهَارَ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(يس 40)}.

   د - وقد سخر سبحانه الشمس والقمر والنجوم خدمةً لكوكب الأرض يقول سبحانه وتعالى في سورة النحل : {وَسَخّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَءَايَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُون}، وقد سبحانه خلق النجوم كان الكون قبلها في ظلمة معتمة جدا فأخرج مصدر النور النور يقول سبحانه : {ءَآنْتُمُ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ الَسَّمَاءُ بَنَاهَا(27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا(28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا(29 النزعات)}، وقد سخر سبحانه الشمس ضيائا ومصدرا للنهار، والقمر والنجوم نورا بالليل لأن بدونهما سنكون في ظلمة شديدة يقول سبحانه وتعالى : {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الَبِّر وَالبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الأَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}، كما أن الله سبحانه سخر القمر لمعرفة عدد السنين واستخلاص الحساب يقول سبحانه : {هُوَ الذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَاَلْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لَتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَاَلْحِسَابَ مَا خَلَقَ الله ذَلِكَ إِلَّا بِاَلْحَقِّ يُفَصِّلُ اَلْءَايَاتِ لِقَومٍ يَعْلَمُونَ(يونس 5)}، كما يقول سبحانه : {وَاَلْقَمَرُ قَدّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالعُرْجُونِ الْقَدِيمِ(يس 39)}.

  فكل شيء سبحانه خلقه بمقدار : {فَالِقُ اَلْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اَّليْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَاَلْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ اَلْعَزِيزِ اَلْعَلِيمِ(الأنعام 96)}.

   وهذه الدواب التي تسبح في الفلك لأجل مسمى، فأنها في يوم ما ستفنى بقدرة العزيز الجبار، فهي تسبح وتجري في الفلك لأجل مسمى، وفي نفس الوقت تجري إلى أجل مسمى يقول سبحانه وتعالى عن مجموعتنا الشمسية : {أَلَمْ تَرَ أَنّ الله يُولِجُ الّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النّهَارَ فِي الّيْلِ وَسَخّرَ الشّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلُّ يَجْرِي' إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى وَأَنّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(لقمان 28)}، فالنجوم عندما ينفذ وقودها تنفجر وتصبح ثقبا أسودا مختفيا يدور ويجري بسرعة هائلة جدا ويحدث صوتا كصوت الطرق على الباب، فينكس ويجذب كل شيئ حوله، من كواكب وكويكبات والأقمار والمذنبات والأجرام والكسف وحتى الضوء يجذبه بحيث لا يسمح له بالمغادرة يقول عز وجل عن هذه الظاهرة الكونية : {فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنّسِ(15)الْجَوَارِي الْكُنّسِ(16)(التكوير)}، كما يقول سبحانه : {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى(النجم 1)} كما يقول سبحانه {وَالسّمَاءِ وَالطَّارِقِ(1)وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقِ(2)النَّجْمُ الثّاقِبُ(3)(الطارق)}، فالله سبحانه يلفث نظرنا حول ظواهر كونية عظيمة والتي كانت غائبة عن الناس في زمن نزول القرءان ولكن بفضل تطور العلم أصبحنا ندرك هذه الحقائق، وهذه الظاهرة ستحدث عند قيام الساعة لمجموعتنا الشمسية وللكون كله يقول سبحانه عن علامات القيامة : {وَجُمِعَ الشَّمسُ وَالقَمَرُ(القيامة 9)}، كما يقول سبحانه : {وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ(1)وَإِذَا النُّجُومُ اِنْكَدَرَتْ(2)(التكوير)}، وقوله : { وَإِذَا الكَوَاكِبُ اِنْثَتَرَتْ(الإنفطار 2)}، وقوله : {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَت(المرسلات 8)}.

  ز- وقد أولى سبحانه لكوكب الأرض أهمية كبيرة فقد أصلحه وهيئه، فجعل الأرض ممدودة مبسطة ومسطحة وجعل فيها الجبال لتحقيق توازنها وبث فيها من كل دابة وسخر لها الشمس والقمر والنجوم والرياح والبحار والأنهار وجعل الماء مصدرا لحياتها، وكل ذلك  خدمةً للبشر لستعمارها والإصلاح فيها وليس تخريبها والإفساد فيها يقول سبحانه : {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الَّيل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لءيات لقوم يعقلون(البقرة 164)}، ويقول سبحانه : {وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا..الرعد 3)}، ويقول : {أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أءله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون(النمل 61)}، ويقول كذلك : {خلق السموات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم(لقمان 10)}.

  كما ان سبحانه قد صان الأرض وحفظها من غضب الدواب الأخرى التي تجري وتسبح في الفلك يقول سبحانه : {وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن ءاياتها معرضون(الأنبياء 32)}، ويقول سبحانه : {وَالله جَعَلَ لَكُمُ مِمَّا خَلَقَ ضِلاَلً وَجَعَلَ لَكُمُ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمُ سَرَابِيلَ تَقِيكُم الحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُم كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُم لَعَلَّكُم تُسْلِمُونَ(النحل 81)}.        

3 - كيف قدر سبحانه في الأرض أقواتها ؟

  أ - عندما خلق الله سبحانه وتعالى الأرض قدر فيها رزقها وأقواتها وجعل مصدر حياتها الماء وبث فيها الدواب والأنعام الكثيرة (أزواجا)، وجعل البشر يخلف بعضه فيها باعمارها واستعمارها، يقول سبحانه : {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلُّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِنَ الفُلكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (الزخرف 12)}، ويقول سبحانه ويقول سبحانه : {فَاطِر السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِنْ أَنْفُسِكُم أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكم فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٍ وَهُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ(الشورى 11)}.

   ب - فسخر سبحانه وتعالى للبشر نعمة الماء الذي هو المصدر الأساسي لكل حياة يقول سبحانه : {وَجَعَلْنَا مِنَ الْماَءَ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ} فبدونه تنعدم الحياة، وقد أخرجه سبحانه من الأرض، ومن الأرض يصعد الى السماء بخارا فيتحول الى سحاب ثقيل جدا ويسخر له الرياح، ثم من السماء ينزل الى الأرض ماءا وبردا فيصيب به ما يشاء ويصرفه عما يشاء يقول سبحانه : {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا(30)أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا(31 النازعات)}، ويقول سبحانه : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَينْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ(النور 43)}، ويقول سبحانه : {هُوَ الَّذِي يَرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثّمَرَاتِ..(الأعراف 57)}، وبفضل الماء تخرج الثمرات يقول سبحانه : {وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخيل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه انظروا الى ثمره اذا أثمر وينعه إن في ذلكم لءايات لقوم يؤمنون الانعام 99}، ويقول : {وَءَايَةٌ لَهُمُ الأَرْضَ المَيِّتَة أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبَّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ(33)وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ العُيُونِ(34)لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهُمُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ(35)سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُّلُهَا مِمَّا تَنْبِثُ الأَرْضَ وَمِنْ أَنْفُسِهُمُ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ(36)(يس)}، ومع ذلك لا نعترف بنعم الله علينا يقول سبحانه : {أَمَّن خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُم مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَة مَا كَانَ لَكُمُ أَنْ تَنْبِتُوا شَجَرَهَا أَءِلَهٌ مَعَ الله بَلْ هُم قَوْمٌ يَعْدِلُون(النمل 60)}

   ج -  وقد جعل الله كل رزق في الأرض بقدر معلوم يقول سبحانه : {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُه وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلٌومٍ(الحجر 21)}، كما يقول سبحانه : {وَالّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ...(الزخرف 11)}. 

   د - وقد بسط للبشر الأرض ومهدها ليطؤوها ويتخذون مساكنهم فيها ويبنون فوقها ما يشأون يقول سبحانه : {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (الذريات 48)}، ويقول سبحانه : {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لله أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ(البقرة 22)}. 

    ز -  كما جعل من الأنعام منافع كثيرة مأكلا وثوبا وأثاثا فمصدر أثاثنا ولباسنا من الأنعام يقول سبحانه : {وَالله جَعَلَ لَكُمُ مِنَ بُيُوتِكُم سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِّفُونَهَا يَوْمَ ظَغْنِكُم وَيَوْمَ إِقَامَتِكُم وَمِنَ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ(النحل 81)}، ويقول سبحانه : {وَإِنَّ لَكُم فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نَسْقِيكُمُ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُم فِيهَا مَنَافِعَ كَثِيرَةٍ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ(المؤمنون 21)}.

    و -  كما سخر سبحانه المعادن والثروات الباطنية يقول سبحانه : {..وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعٌ لِلنَّاسِ..(الحديد 25)}.

   ثانيا - سنن الله سبحانه وتعالى في تدبير أرزاق البشر.

  لقد خلق سبحانه وتعالى آدم من تراب الأرض واستعمره هو وزوجه فيها وأَعدَّ لهم جنةً في الأرض نفسها يقول سبحانه وتعالى : {والله أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا(17 نوح)}، كما يقول سبحانه : {..هُوَ أَعْلَمُ بِكُم إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ...32 النجم)}.

   ولقد مكن الله لأدم جنة الأرض ورزقه فيه من كل الثمرات وحذره من الأكل من شجرة واحدة، إلا أن أدم قد أكها منها بعد أن زله الشيطان وغواه، فكان نتيجة ذلك أن طُرِدَ هو وزوجه من تلك الجنة، : {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى ءَادَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمَا(115)وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اِسْجُدُوا لِءَادَمَ فَسَجَدُوا إِلّا إِبْلِيسَ أَبَى'(116) فَقُلْنَا يَءَادَمُ إِنّ هَذَا عَدٌّو لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يَخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجَنّةَ فَتَشْقَى(117)إِنّ لَكَ أَلّا تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى(118)وَأَنّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا وَلاَ تَضْحَى(119)فَوَسْوَسَ إِليْهِ الشّيْطَانَ قَالَ يَاءَادَمُ هَلْ أَدُلُكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى(120)فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْسِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنَ وَرَقِ الجَنّةَ وَعَصَى ءَادَمَ رَبّهُ فَغَوَى(121)ثُمّ اِجْتَبَاهُ رّبُه فَتَابَ عَليْهِ وَهَدَى(122)قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُم لَبْعْضٍ عَدُّو فَإِنَمَا يَأْتِيَنّكُم مِنِّي هُدًى فَمَن اِتّبَعَى هُدَايَ فَلاَ يَضِلُ وَلاَ يَشْقَى(123 طه)}.

   وبعد أن طُردَا أدم وزوجه من الجنة، أصبحت أرزاقه في الأرض محدودة وأصبح من اللازم أن يشقى ويتعب ويكد للحصول على رزقه يقول سبحانه : {وَقُلْنَا يَاءَدَمُ اَسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّة وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِيئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَة فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35)فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأْخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اِهْبِطُوا بَعْضُكُم لِبَعْضٍ عَدُّو وَلَكُمُ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌ وَمَتاعٌ إِلَى حِين(36)(البقرة)}.

 ومن هنا بدأت مسألة بسط الرزق وتقديره للبشر، وفضل سبحانه بعضهم على بعض، ختبارا لهم في حياتهم الدنيا، بعد أن كان ابوا البشر رويانين وشبعانين وفرحانين وسعدانين وكسيانين.

   1 - بسط الرزق وتقديره :

   يعتبر بسط الرزق وتقديره من آيات الله سبحانه التي ينبغي التفكر فيها، يقول سبحانه : {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَءَايَتٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (الروم 37)}، كما يقول سبحانه وهو يخاطب النبي : {قُل إِنَّ رَبِي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِر وَلَكِن أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ(سبأ 36)}.

   فالله سبحانه يبسط لمن يشاء الرزق ويقدره على من يشاء، فتجد شخصا مليء الذمة المالية لا يوجد عنده خصاصا ويسد كل حاجاته، في حين تجد شخصا آخرا يعاني من أجل الحصول على لقمة العيش، وقد تجد شخصا لديه مالا ولكن لا يكفيه لسد بعض الحاجات الأخرى الأساسية...وهكذا درجات، يقول سبحانه : {أَهُم يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَعِيشَتَهْم فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفْعنَا بَعْضَهُمُ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيَا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (الزخرف 32)}.

  أما الذين يجهلون او يتجاهلون هذه الحكمة اللإلهية فهم لا يؤمنون أصلا بالله، يقول سبحانه وتعالى عن كفار اليهود زمن النبي : {وَقَالَتِ اليَهُود يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يَنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمُ مَا أَنْزَلَ إْلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةَ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا الله وَيَسْعَوْنَ فْي الأَرْضِ فَسَادًا وَالله لاَ يُحِبُّ المُفْسِدِينَ(المائدة 64)}، كما يقول سبحانه : {لَقَدَ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءٌ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ (آل عمران 181)}، ويقول سبحانه : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْكَمُ الله قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَنَطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ الله أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمُ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ(47 يس)}.  

  وفي زمن النبي كان بعض العرب يقتلون أبنائهم مخافة الفقر وجاء الرد عليهم في الآيات الكريمة التالية؛ يقول سبحانه : {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ الله اِفْتِرَاءً عَلَى الله قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ(الأنعام 140)} لذلك فقد نها سبحانه المؤمنين عن ذلك، يقول سبحانه وتعالى : {...وَلاَ تَقْتِلُوا أَوْلاَدَكُمُ مِنْ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَاهُمْ...(الأنعام 151)}، كما يقول سبحانه : {وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمُ خِشْيَةَ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُم وَإِيَّاكُم إِنَّ قَتْلَهُمُ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا(الإسراء 31)}.

 

  وأخيرا فإن مسألة بسط الرزق وقدره فهي من سنن الله الكونية نابعة عن حكمته وعلمه، ولا يميز سبحانه في ذلك بين مؤمن أو كافرا، او بين مشرك أو مسلم، وانما يفعل ما يريد يقول سبحانه ردا على الكافرين : {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَعِيشَتَهُم فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُم فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضَهُم بَعْضًا سُخْرِيَا وَرَحْمَتَ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ(32)وَلَوْلاَ أَنْ يَكُونَ النَّاسَ أُّمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمُ سَقَفًا مِن فِضَّة وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا  يَظْهَرُونَ(33)وَلِبُيُوتِهِم أَبْوَابَا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِءُونَ(34)وَزُخْرُفًا وَإِنَّ كُلُّ ذَلِكَ لَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالَءَاخِرَةِ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتّقِينَ(35 الزخرف)}، كما أن مسألة الرزق من الحتميات التي لا دخل للإنسان ولا سلطان له فيها، وهو مجرد اختبار يقول سبحانه : {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ(155)الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ(156 البقرة)}.

  أ - ماذا لو بسط الله الرزق لناس جميعا :

   كما سبق القول فالله سبحانه وتعالى يبسط لمن يشاء الرزق ويقدر، وذلك لحكمته وعلمه وخبرته، اختبارا للناس في ما أتاهم، يقول سبحانه : {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِر إِنّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا(الإسراء 30)}، ويقول سبحانه : {الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِره لَهُ إِنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ(العنكبوت 62)}، و يقول سبحانه : {وَهُوَ الّذِي جَعَلَكُم خَلاَئِفَ الأَرْضَ وَرَفَعَ بَعْضُكُم فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمُ فِي مَا ءَاتَاكُم إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ العِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}.

   وسبحانه فهو الخبير بعباده وعنده خزائن كل شيء ولكن ينزل بقدر معلوم، وسبب عدم بسطه الرزق للعباده تجيب عنه الآية الكريمة التالية : {وَلَو بَسَطَ الله الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّل بَقَدْرِ مَا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ(الشورى 27)}، كما يقول سبحانه : {قُل لَو أَنْتُم تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةَ رَبِّي إِذًا لأَمْسَكْتُم خَشيَةَ الإِنْفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا(الإسراء 100)}.

  ب - بسط الرزق وتقديره علاقته بالحياة الدنيا :

   نستهل بالآية الكريمة في قوله سبحانه : { الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِر وَفَرِحُوا بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ(الرعد 26)}، فالله متكفل بأرزاق عباده وهو خبير وعليم بأحوالهم فالمبسوط له الرزق عليه أن يشكر الله على النعم التي أتيت له ويستخدمها في الفلاح في دنياه بحيث لا ينسى نصيبه في الدنيا والفلاح كذلك في آخرته باستعمالها فما يرضي الله عز وجل لا أن تلهيه عن الدار الآخرة، أما المقدر له الرزق عليه ان يشكر الله على ذلك الرزق المقدر، وينفق على قدر سعته ويستثمر طاقته وماله في جلب المزيد من المال الحلال، أو الترقي في وظيفته، واذا كان لا يزال شابا عليه ان يستثمر شبابه في العلم والحصول على الشواهد العليا التي تمكنه من كسب الرزق الطيب ولا يلتفث الى الذي بسط له الله الرزق لأنه لا دخل له في بسط الرزق لنفسه، يقول عز وجل وهو يخاطب نبيه الكريم ردا عن الكافرين وليس كل الناس : {وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُم زَهْرَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُم فِيهِ وَرِزْقُ رَبِكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى(131 طه)}، واذا لم يريد الإنسان ان يكون من المقربين السابقين ويكون من أصحاب اليمين فستنطبق عليه الآية التالية : {فِإذَا قَضَيْتُم مَنَاسِكَكُمُ فَاذْكُرُوا الله كَذِكْرِكُمُ ءَابَاءِكُمُ أَو أَشَدُّ ذِكْرًا فَمَنِ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الءَاخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ(200)وَمِنْهُم مَنْ يَقُول رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الءَاخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(201)أُولَئِكَ لَهُمُ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا والله سَرِيعُ الحِسَابِ(202 البقرة)}.

  أما ذلك الذي يبسط له الله الرزق ولا يستعمله في مرضاة الله، ويستمتع بالدنيا ويلغي ويكره الآخرة فحكمه تجيب عنه هذه الآيات يقول سبحانه : {إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجَونَ لِقَائَنَا وَرَضَوْا بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاِطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُم عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7)أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارَ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ(8 يونس)}، ويقول سبحانه : {وَمَا أُوتِيتُم مِن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا وَمَا عِنْدَ الله خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلاَ تَعْقِلُونَ(القصص 60)}، كما يقول سبحانه : {المَالُ وَالبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالبَاقِيَاتُ الصَالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرُ أَمَلاً(الكهف 46)}،

  أما المقدر له الرزق الذي لا يشكر الله على رزقه ولا يستثمر طاقته وجهده في كسب المال الحلال والرزق الطيب، أو يظل يطارد الأمل ويسعى لكسب مال الدنيا بمختلف الطرق، اعتقادا منه انه يبسط او سيبسط الرزق لنفسه وينسى الآخرة ولا يعمل لها، فحكمه تجيب عنه الآيات التالية يقول سبحانه : {مَنْ كَانَ يُرِيدُ اَلْعَاجِلَةَ عَجَلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنُ نُرِيدُ ثُّمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاَهَا مَذْمُومَا مَدْحُورًا(18)وَمَنْ أَرَادَ الءَاخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَشْكُورًا(الإسراء 19)}، كما يقول سبحانه : {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَّفِّ إِلَيْهِمُ أَعْمَالُهُم فِيهَا وَهُم فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارَ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(16هود)}، كما يقول سبحانه : {يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌ فَلاَ تَغُرَّنَكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَكُمُ بِالله الغَرُور(5 فاطر)}، ويقول سبحانه : {الله لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ القَوِيُّ اَلْعَزِيزُ(19)مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الءَاخِرَةَ نُزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْءَاخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ(20 الشورى)}، وقد لا يعجل الله قطه في الدنيا فيخسر الإثنين لأن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر-"عَجَلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنُ نُرِيد"-، فيظل يطارد الأمل حتى يؤتيه الموت فجأة، يقول سبحانه عن الكافرين : {ذَرْهُم يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ(الحجر 3)}.

   لذلك فأموال الدنيا تبقى في الدنيا وتهلك ولا نسأل عنها غدا يوم القيامة يقول سبحانه : {إِنَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنَّ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْءَلْكُمُ أَمْوَالُكُم}، ويقول سبحانه عن هلاك أموال الدنيا : {اِعْلَمُوا أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمُ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكُّفَّارَ نَبَاتُهُ ثُّمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًا ثُّمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الءَاخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ الله وَرِضْوَانٌ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورَ(الحديد 20)}، كما يقول سبحانه في سورة يونس الآية 24 : {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءَ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَت وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُم قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاَ أَوْ نَهَارًا فَجَعْلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْءَايَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، ويقول سبحانه في سورة الكهف الآية 46 : {الْمَالُ وَالبَنُونَ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً}.

   فمسألة الرزق من الحتميات ويجب ألا يقنط الإنسان من رحمة الله ولا نتأسى على ما فاتنا من أرزاق، يقول سبحانه وتعالى : {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها أن ذلك على الله يسير + لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما ءاتاكم والله لا يحب كل مختال فخور + الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتولى فإن الله هو الغني الحميد(الحديد 22 و23 و24)}.

  وخلاصة هذا العنوان يجب ألا نكون ممن تخاطبهم هذه الآية الكريمة في قوله تعالى : {فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا اِبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ(15)وَأَمَّا إَذَا مَا اِبْتَلاَهُ فَقَدَرِ عَلَيْهِ رِزْقَهِ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ(16)كَلاَّ بَلْ لاَ تُكْرِمُونَ اليَتِيمَ(17) وَلاَ تُحُضُّونَ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ(18)وِتِأْكُلُونَ التُرَاتَ أَكْلاً لَمًا(19)وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبَّا جَمًا(20)(الفجر)}.

    2 -  بسط الرزق وتقديره وعلاقة ذلك بالإنفاق :

  يقول سبحانه وتعالى لنبيه الكريم : {قُل إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِر لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُم مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يَخْلُفُه وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ(سبأ 39)}.

   لقد حث سبحانه وتعالى على الانفاق باعتباره من الباقيات الصالحات، وتجارة مربحة لن تبور تعطي للمؤمن الصالح حسن ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة، ولم يميز سبحانه في قضية الإنفاق بين المبسوط له الرزق والمقدر له، فكل منهم يجب أن ينفق على قدر سعته.

   أ - الإنفاق من الأعمال الصالحة :

   لم يميز سبحانه بين المبسوط له الرزق والمقدر له في قضية الإنفاق لأنها من الأعمال الصالحة التي ستنفع الإنسان في الميزان الإلهي يوم الحساب، وينبغي عليه ان يقوم بالإسراع فيها يقول سبحانه :  {يَأَيُّهَا اَّلذِينَ ءَامَنَوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَكُمُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَة وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِموُنَ(البقرة 254)}، كما يقول سبحانه : {وَأَنْفِقُوا مِن مَا رَزَقْنَاكُمُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُكُم الْمَوْتَ فَيَقُولُ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبِ فَأَصَّدَقْ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ(المنافقين 10)}، فالمال نحن مجرد مستخلفين فيه يقول سبحانه : {ءَامِنُوا بِالله وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمُ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُم وَأَنْفَقُوا لَهُمُ أَجْرٌ كَبِيرٌ(الحديد 7)}، ويقول سبحانه : {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تَنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ (آل عمران 92)}.

  أما الذين لا يرجون الآخرة ويظل سعيهم في الحياة الدنيا، فهم ينفقون أموالهم بدون أيَّةِ ضوابط، وقد يكفرون أحيانا بهذا العمل الصالح، يقول سبحانه : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْكَمُ الله قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَنَطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ الله أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمُ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ(47 يس)}، ويقول سبحانه عن منافقي المدينة : {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تَنْفِقُوا عَلَى مِنْ عِنْدِ رَسُولِ الله حَتَّى يَنْفَضُّوا ولله خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ(المنافقون 7)}.

   فالإنفاق من الصالحات والقربات التي تقرب العبد من ربه، وتمحُ الأعمال السيئة، يقول سبحانه ردا عن صنف من الأعراب الذين خلطوا عملا سيئا بآخر صالحا، يقول لنبيه الكريم : {خُذ مِن أَمْوَالُهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِم إِنَّ صَلاَتُكَ سَكَنٌ لَهُم وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ(التوبة 103)}.

  ب – الإنفاق يحقق العدالة الإجتماعية :

  لقد منح سبحانه للإنسان الرزق اختبارا له، فعلى المبسوط له الرزق الانفاق على المحتاج للإنفاق، والمقدر له الرزق ينفق على قدر سعته وهكذا تحقيقا للعدالة الإجتماعية ومحاربة الفقر يقول سبحانه وتعالى : {يأيها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بءاخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد(267)الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم(268 البقرة)}، ويقول سبحانه : {وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار(270)إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيءاتكم والله بما تعملون خبير(271 البقرة)}.

  ومن العدالة الإجتماعية إقراض الفقراء والمحتاجين بدون ربا أو منحهم المهل الاسترحامية يقول سبحانه : {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون(البقرة 280)}، كما يقول سبحانه : {وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار(270 البقرة).

  أما الذين يقرضون الفقراء والمساكين والمحتاجين بالربا مع أنهم محتاجين للصدقة وهم أولى بها حيث عوضا أن يُتصدَّق عليهم أو اقراضهم بدون ربا أو منحهم أجالا استرحامية، يتم استغلال حاجته الى المال فيتم اقراضهم بالفائدة، فهؤلاء المرابين  قد تعامل معهم الذكر الحكيم تعاملا خاصا يقول سبحانه : {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } ويقول سبحانه مقارنة الربا مع الصدقة : {يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم }، وفي آية أخرى : {فءات ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون(37)وما ءاتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما ءاتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون (38)(الروم)}، ويتمم سبحانه في سورة البقرة : {يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بيق من الربوا إن كنتم مؤمنين(278)فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون(279)وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون(280 البقرة)}.

  اما الإقراض بالربا لفائدة غير المحتاجين كالبنك الذي يتعامل مع الشركات الكبرى والمقاولات فانها تسمى فوائد اتفاقية او قانونية وليست ربا محرمة، فالله حظر من اقراض المحتاجين والفقراء بالربا.

  أما الذين يكنزون الأموال ولا ينفقونها في سبيل الله، ولا يحاربون الفقر والبطالة والتهميش، فحكمهم تجيب عنه الآية التالية : {..والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم(34)يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون(35)(التوبة)}.

  ج - ضوابط الإنفاق :

   - ابتغاء مرضاة الله؛

   ينبغي أن يكون الانفاق لوجه الله تعالى وحده، وبدون مَنٍّ أو أذى للمنفق عليه، أو سمعة ورياءً، وما دام الإنسان ينفق لوجه الله تعالى، فان ما ينفقه سيخلفه الله، يقول عز وجل : {ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فءاتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطَلُّ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(لبقرة 265)}، ويقول سبحانه : {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم}، فمرضاة الله خير من خير من المال نفسه، ويقول سبحانه :  {وءاتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب..(البقرة 177)}، ويقول سبحانه : {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا..(الانسان 8)}.

   والانفاق في سبيل الله ينبغي الا يتبعه من أو أذى يقول سبحانه : {الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون(262)قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم(263)يأيها الذين ءامنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الءاخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين(264 البقرة)}.

  يجب أن يعلم الإنسان ان ما ينفقه لوجه الله تعالى فإن الله يخلفه، فكما بسط له الله الرزق في المرة الأولى فسيبسطه له مرة أخرى ومن حيث لا يدري وعليه ان لا ينفق بنية التجارة مع الله عدا ثواب الآخرى،  يقول سبحانه وتعالى : {قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين(سبأ 39)}.

  أما الذين ينفقون أموالهم في سبيل الدنيا أو الطغيان فتجارتهم خاسرة مع الله، يقول سبحانه وتعالى عن الكافرين : {إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون}، ويقول سبحانه : {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون(الأنفال 36)}، ويقول سبحانه عن المنافقين وهو يخاطب رسوله الكريم : {قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين(53)وما منعهم أن تقبل منهم نفقتهم إلا أنهم كفروا بالله ورسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون (54)فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون(55 التوبة)}.

   - التوسط والاعتدال؛

    يقول سبحانه وتعالى : {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما (الفرقان 67)}، كما يقول سبحانه : {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا(29 الإسراء)}، فالله سبحانه وتعالى لم يحدد حدا أدنى أو أقصى للإنفاق فكلما أنفق الإنسان كان خيرا له، يقول سبحانه : {..ويسؤلونك ماذا ينفقون قل العفو..(البقرة 219)}، فالأهم هو المداومة على الإنفاق، كما يقول سبحانه : {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.

  وهذا قول الله عز وجل واذا ما التفتنا الى الفقه السلفي فنجده مليئا بالتخاريف كتحديد عدد رؤوس الغنم والبقر وزكاة الحول ونسبة 2,5 في المائة، ويضاهون بذلك تصرفات المنافقين عهد النبي الذين كانوا ينفقون أموالهم وهم كارهين، وبفقههم أصبح الناس بخلاء يتصدقون مرة في السنة وبنسبة 2,5 في المائة من كل أموالهم..الخ.

   واذا كان الإنسان مقدر له الرزق فينفق على قدر استطاعته يقول سبحانه عن متاع المطلقة : {لاَ جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين}، ويقول سبحانه : {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما ءاتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا وسعها سيجعل الله بعد عسر يسرا(الطلاق 7)}.

   ونقف عند الآية المنسوخة في الفقه السلفي، يقول سبحانه وتعالى في الآية 240 من سورة البقرة التي تقول : {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجم متاعا الى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم} وهذه الآية اعتبروها منسوخة بالآية 234 من نفس السورة لاعتقادهم أن الأولى تحدد فترة التربص في أربعة أشهر وعشر أيام والثانية حولا أي سنة، في حين أن فهمهم خاطئ لأن الآية الأولى تتحدث عن فترة التربص للمتوفى عنها زوجها في حين أن الآية الثانية تتحدث عن متاع المتوفى عنها زوجها والذي يجب ان يكون في طلية فترة التربص لقوله سبحانه : "مَتَاعًا اِلَى الْحَوْلِ"، والحول هنا ليس المقصود به السنة وإنما الحول هنا الأربعة أشهر وعشر ايام، والمتاع هنا يجب أن يستمر طيلة فترة التربص ولا يسقط بخروج المعتدة لقوله سبحانه : "مَتَاعًا اِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ".

   - الإنفاق على من تجب النفقة عليه؛

  لقد حدد الذكر الحكيم أصناف المستحقين للنفقة، لقوله تعالى : {يسءلونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم}، ويقول سبحانه عن صدقة بيت المال أو الفيء: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم(التوبة 60)}، ويقول سبحانه : {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من ءامن بالله واليوم الءاخر والملئكة والكتاب والنبين وءاتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلوَ' ة وأتى الزكاة...}، ويقول تعالى : {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرًا(الإنسان 7)}، ويمكن حصر هذ الأصناف كما يلي؛

1) الوالدين والأقربون 2) الفقراء 3) المساكين 4) ابن السبيل 5) في سبيل الله أي في القتال ودرء الإعتداء 6) الغارمين الذين يحلون محل المدين في الدين 7) المؤلفة قلوبهم 8) أسرى الحرب 9) في الرقاب في زمن العبودية 10) العاملين عليها الذين يجمعون الزكاة لبيت المال 11) السائلين 12) اليتامى.

 

  ونختم بقصة قارون وماله في قوله تعالى : {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغى عَلَيْهِم وَءَاتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزَ مَا إِنْ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالعُصْبَةِ أَوْلِى القُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَح إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ + وَاِبْتَغِ فِيمَا ءَاتَاكَ الله الدَّارَ الاْخِرَةَ وَلاَ تَنْسَى نَصِيبُكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الفَسَادَ فِي الأَرْضَ إِن الله لاَ يُحِبُّ المُفْسِدِينَ + قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَم أَنَّ الله قَدْ أَهْلَكَ مِنَ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَر جَمْعًا وَلاَ يَسْءَلِ عَنْ ذُنُوبِهِمُ المُجْرِمُونَ + فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونَ إِنَّهُ لَذُو حَظِّ عَظِيمٍ + وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُو الْعِلْمَ وَيْلَكُمُ ثَوَابُ الله خَيْرٌ لِمَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلاَ يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ + فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ الله وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ + وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاَ أَنْ مَنَّ الله عَلَيْنَا لَخُسِفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكَافِرُونَ + تِلْكَ الدَّارُ الءَاخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوَّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ(القصص من 76 الى 83)}.

صدق الله العظيم.

ذ. يوسف ترناصت

 باحث في الثراث الإسلامي.

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 3648