تاملاتي الشخصية حول وباء كورونا العالمي

مهدي مالك في الإثنين ٢٣ - مارس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

تاملاتي الشخصية حول وباء كورونا العالمي

                          مقدمة لا بد منها

اولا نؤمن كمسلمين و كمسيحين و كيهود ان الله تعالى هو خالق هذا الكون الواسع و خلقنا كبشر ثم كانسانية في هذه الارض بغرض الاستخلاف و الاستعمار و عبادته عبر الديانات السماوية او الكفر بوجوده اصلا اي ان الله قد اسس هذا العالم على اسس الاختلاف و التعددية بمعنى ان الله هو الملك المطلق لهذا العالم المليء بالتناقضات منذ مئات القرون الى قيام الساعة حيث لو اراد الله جعلنا امة واحدة ذات  الدين الواحد لفعل سبحانه و تعالى لكنه لم يفعله لحكمة عليا يعلمها هو .

لعل وباء كورونا العالمي قد اصبح موضوع الساعة دوليا باعتباره جائحة خطيرة اخذت تنتشر بالسرعة الفائقة بين العالمين دون اي تمييز بين المؤمنين و الكافرين و دون تمييز بين الدول المتقدمة و الدول المتاخرة بمعنى ان الله قد انزل هذا الوباء لحكمة يعلمها هو كملك مطلق لهذا الكون حيث لا احد يعلم الغيب الا الله سبحانه و تعالى.

 و لا احد يمكنه ان يعرف يقينا  ان وباء كورونا هو عقاب اللهي او هو من علامات الساعة لان كتاب الله لم يشير الى هذه العلامات من قريب او  من بعيد بل اشار ان علمها هو عند الله وحده لدى يكفي الادعاء بان وباء كورونا هو عقاب اللهي علينا مهما كانت الاسباب من قبيل الذنوب و المعاصي لان الحساب هو في الاخرة بالنسبة لفهمي المتواضع ..

و هناك مئات الاحتمالات لانزال الله هذا الوباء على الانسانية جمعاء مثل امتحان مدى ايماننا به و برسالاته السماوية و الحاملة لقيم انسانية مثل الخير و بر الوالدين و مساعدة الفقراء الخ من هذه القيم الانسانية اي ان الديانات السماوية عامة و الدين الاسلام خاصة قد جاءت بالخير للانسانية عامة و جاءت لجعل الانسان يتامل في ايات الله في الكون و التفكر في خلق السماوات و الارض .

الى صلب الموضوع

الحمد لله على اننا نتوفر على ملك واعي بخطورة هذا الوباء القاتل حيث قام المغرب باتخاذ العديد من الاجراءات منذ اللحظة الاولى لتفشي هذا الوباء داخل بلادنا من خلال اغلاق الحدود و تعليق الرجلات الجوية و اغلاق المؤسسات التعليمية بمختلف  اسلاكها و اغلاق المساجد و المقاهي و الحانات و توقيف جميع الانشطة مهما كانت نوعها الى اشعار اخر.

 و منذ السبت الماضي فرضت السلطات حالة الطوارئ الصحية على كافة ثرابنا الوطني كاجراء غير مسبوق بالنسبة لتاريخنا المعاصر اي منذ سنة 1956 حيث ان هذا الاجراء يدعو الناس للبقاء في بيوتهم و عدم خروجهم الا لضرورة قصوى الخ .

ان هذه الاجراءات تهدف الى حماية المواطنين و المقيمين بالمغرب من هذا الوباء الذي قتل الاف عبر العالم عموما و اوروبا خصوصابالرغم من التقدم العلمي الهائل في هذه المجتمعات.. لكن هذا السبب لا يمنح الحق و الشرعية لدعاة الاسلام السياسي في بلادنا قصد استغلال هذا الظرف الاستثنائي للمزيد من الاستقطاب و تجييش العواطف الدينية الطبيعية لدى المغاربة باعتبار اغلبيتهم هم مسلمين منذ 14 قرنا.

انني اقول ان الدين الاسلامي بالمغرب تعرض منذ 41 سنة  للتغيير الجذري من التدين الامازيغي العقلاني الى التدين الوهابي المتشدد داخل الدولة و داخل المجتمع و النتيجة نراها اليوم من مظاهر التخلف باسم الاسلام مثل التركيز على ان وباء كورونا هو عقاب اللهي ك ان السلفيين لهم اتصال مباشر بالله او لهم مفاتيح الجنة الخ من هذه الخرافات بالنسبة لي كانسان امازيغي مسلم لم و لن  اتخلى عن هذان التابثان الجوهريان..

ان الله قد انزل هذا الوباء لحكمة يعلمها لوحده باعتباره الملك المطلق لهذا الكون و نحن عباده المؤمنين لحكمه و مشيئته لكن الله قد اعطى العقل و حرية الاختيار بين الايمان و الكفر و بين الخير و الشر حيث ان الاخرة سيحاسبنا رب العالمين على ذنوبنا و معاصينا ليس السلفيين و فقهاءهم القدمى كالبخاري و مسلم الخ بمعنى ان اختزال الاسلام في الماضي سيساعد في جعله لا يواكب ما وصلته الانسانية اليوم من العلوم و المعارف الدقيقة كما حاول المرحوم الاستاذ محمد شحرور شرحه عبر كتبه القيمة التي جعلتني اؤمن شخصيا بان الاسلام هو قيم انسانية اولا و اخيرا .

                     

                   المهدي مالك      

اجمالي القراءات 3314