نقد كتاب الساري في معرفة خبر تميم الداري

رضا البطاوى البطاوى في الإثنين ٣٠ - ديسمبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

نقد كتاب الساري في معرفة خبر تميم الداري
مؤلف الكتاب هو المقريزي المتوفى: 845 هـ وموضوع الكتاب كما قال :
"فهذه مقالة وجيزة وتحفة سنية عزيزة سميتها ضوء الساري لمعرفة خبر تميم الداري"
استهل المقريزى الكتاب بعدة صفحات عن الأنساب لا علاقة لها بها بموضوع الكتاب وهو تميم الدارى وفى نهايتها ذكر لنا نسب تميما الدارى وهذه الصفحات هى:
"فصل:
اتفق جميع فرق الإسلام وسائر أهل الكتاب من اليهود والنصارى على أن نسم جميع الإنس على اختلاف أجناسهم مخلوقة من آدم عليه السلام
قال الله جلت قدرته: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدةوخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء}
وقال تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}
وأجمعوا مع ذلك أن نوحا عليه السلام هو الأب الثاني وأن العقب من آدم عليه السلام انحصر فيه فليس أحد من بني آدم إلا وهو من ولد نوح عليه السلام
وأهل الهند وأهل الصين لا يقرون بذلك ويقول بعضهم أن الطوفان لم يحدث سوى في إقليم بابل وما وراءه من البلاد الغربية فقط فإن ولد كيومرت الذي هو عندهم آدم كان بالشرق فلم يصلهم الطوفان ولذلك أهل الصين والهند لا يعرفون الطوفان والله أصدق القائلين قال سبحانه وتعالى: (ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم وجعلنا ذريته هم الباقين) فهذا قول الله تعالى: {ومن أصدق من الله قيلا}
وأجمعوا مع ذلك على أن العقب من نوح عليه السلام انحصر في أولاده الثلاثة وهم سام وحام ويافث وأن العرب بأسرها من ولد سام بن نوح واتفق علماء النسب على أن العرب من ولد يعرب بن قحطان وأن العرب قسمان:
العرب العاربة: وهو العرب العرباء وأرادوا المبالغة في العربية وكانوا في الزمن الغابر والدهر القديم فطالت مددهم في الحياة وامتددت مملكتهم في جميع المعمور من الأرض وبنوا مدينة الإسكندرية وهي من مصر وسمرقند وإفريقية وعدة مدائن بالشرق والمغرب
وعمروا آلاف كثيرة من السني وعظمت خلقهم كما ذكرت ذلك في كتاب الخبر عن البشر وهو المدخل إلى كتاب امتاع الأسماع بما للرسول من الأنباء والأحوال والحفدة والمتاع (ص)
والقسم الثاني: العرب المستعربة وهم بنو إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلامواتفقوا مع ذلك على أن العرب ترجع إلى قحطان وعدنان المضرية والنزارية وهي قيس فإذا العرب قيس ويمن
واتفقوا أيضا على أن العرب طبقات:
1 – شعب بفتح الشين المعجمة وقبيلة وعمارة بفتح العين المهملة وبطن وفخذ وفصيلة وما بينهما من الأباء يعرها أهلها كما قد بينته بيانا شافيا في كتاب وفي كتاب عقد جواهر الإسفاط في أخبار مدينة الفسطاط
فإذا تقرر ذلك فاعلم أن يعرب بن قحطان بن عابر بن سالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام على خلاف في نسب قحطان تشعبت من بطون حمير وكهلان أبناء سبأ بن يسخب بنيعرب بن قحطان وانفرد بنوا حمير بالملك فكان منهم التبابعة أهل الدول المشهورة وفي حمير عدة بطون قد ذكرناها بحمد الله ذكرا شافيا فيما تقدم ذكره وتداول بنو كهلان الملك في أول أمرهم ثم انفرد بنو حمير به دونهم وبقيت بطون بني كهلان تحت مملكتهم باليمن فلما ذهب ريح بقيت الرئاسة على العرب البادية لبني كهلان فلم يأس ولا ما مر في العرب إلا من كان منهم على ما بيناه هناك
واعلم أن شعوب كهلان بانفرادها انشعبت من زيد بن كهلان في مالك وغريب ابني زيد بن كهلان فمن مالك بن زيد بن كهلان بطن همدان بإسكان الميم ابن مالك بن زيد بن أوسلة بن ربيعة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان وهو أعظم قبائل اليمن
ومن مالك أيضا الأزد وهو در ابن غوث بن نبت ابن مالك ومنه خثعم وبجيلة أبناء أنمار بن أرائس أخي الأزد بن الغوث فالأزد بطن عظيم متسع ذو شعوب كثيرة وخثعم وبجيلة بطون عديدة أيضا ومن عريب بن زيد بن كهلان طيء والأشعريون ومذحج وبنو مرة وأربعتهم بنو أدد بن زيد بن يسخب بن عريب بن زيد بن كهلان ومن بطن مذحج واسمه مالك بن أدد بن هنس بالنون ومراد واسمه نخابر بن مذحج وسعد العشيرة بن مذحج وهو بطن عظيم لهم شعوب كثيرة وزبيد بن مصعب بن سعد العشيرة ومن بطون مذحج النخع ورها ومسلية وبنو الحارث بن كعب
فأما النخع فهو ابن عمرو بن علة بن خالد بن مذحج وأما بنو الحارث فأبوهم الحارث بن كعب بن علة المذكور "
والخطأ هو ان نوح(ص) كان له ذرية أى نسل عاش بعد الطوفان اعتمادا على تفسير الذرية بالنسل فى قوله" ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم وجعلنا ذريته هم الباقين"
وقد غفل القوم عن قوله "ونجيناه وأهله" فأهله هم المؤمنون به لأن الله استبعد ابنه الكافر من أهله عندما قال "إن ابنى من أهلى " فكان رد الله "إنه ليس من أهلك " وكذلك زوجته الكافرة ومن ثم فالذرية هنا تعنى الأهل وهم الأتباع أى المؤمنين ولذا فحكاية ألأولاد الثلاثة كذبة وخرافة لأن بنى إسرائيل قال الله أنهم من نسل المؤمنين برسالة نوح(ص) فقال "وأتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا"
وما ذكره من تلك الأسماء والآباء هو كلام لا يوجد عليه دليل من وحى الله ومعظمه منقول من كتب اليهود والنصارى المحرفة
بعد هذا ذكر المقريزى نسب تميم الدارى فقال :
"وقد ذكرنا فيما تقدم من الكتابين هذه البطون كلها والغرض هنا أنما هو ذكر بني مرة بن أدد أخوة طيء ومذحج والأشعريين فإنهم أصل لخم وهم عدة بطون كلها تنتهي إلى الحارث بن مرة بن أدد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان وقيل لخم بن عدي بن مرة بن أدد بن مهسع بن عمرو بن عريب بن يشخب بن زيد بن كهلان بن سبأ وهو بطن كبير متسع ذو شعوب وقبائل منهم الدار بن هانيء بن حبيب بن نمارة بن لخم
منهم تميم بن أوس بن خارجة بن سود ويقال سواد وسواد أصح ابن خذيفة بن ذراع بفتح الذال المعجمة بن عدي بن الدار بن هانيء بن حبيب بن نمارة بن لخم بن عدي أبو رقية الداري رقية هنا بضم الراء المهملة وفتح القاف وتشديد الياء آخر الحروف الصحابي "
وبالقطع هذا النسب لا يهم المسلم فى شىء فالنسب المهم هو الآباء الأربعة أو الخمسة الأواخر حيث يتعلق بهم الميراث
ثم بين المقريزى أن حديث الجساسة اختص به تميم الدارى دون غيره ورواه عنه عيره وهو كلام غير مقبول فالوحى يبلغ لكل الناس وليس لفرد واحد وفى هذا قال المقريزى:
" روى عن: النبي (ص)حديث الجساسة وروى عنه: عبد الله بن عباس وأنس بن مالك وأبو هريرة وعبد الله بن موهب وقبيصة بن ذويب على ما قيل وسليم بن عامر وشرحبيل بن مسلم وعبد الرحمن بن غنم وعطاء بن زيد الليثي وروح بن زنباع وكثير بن ضمرة وبرة بن عبد الرحمن وزرارة بن أوفى والأرهر بن عبد الله وطائفة كثيرة وخرج له مسلم في صحيحه وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة
وأما حديث الجساسة فخرجه الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري من طريق:
الحسين بن ذكوان حدثنا ابن بريدة حدثني عامر بن شراحيل الشعبي شعب همدان أنه سأل فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس وكانت من المهاجرات الأول فقال: حدثيني حديثا سمعتيه من رسول الله (ص) لا تسنديه إلى أحد غيره فقالت: لئن شئت لأفعلن فقال لها: أجل حدثيني فقالت: نكحت ابن المغيرة وهو من خيار شباب قريش يومئذ فأصيب في أول الجهاد مع رسول الله (ص) فلما تأيمت خطبني عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحاب رسول الله (ص) وخطبني رسول الله (ص)على مولاه أسامة بن زيد وكنت قد حدثت أن رسول الله (ص) قال: من أحبني فليحب أسامة فلما كلمني رسول الله (ص)قلت: أمري بيدك فأنكحني من شئت فقال: انتقلي إلى أم شريك وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله ينزل عليها الضيفان فقلت: سأفعل فقال: لا تفعلي إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان فإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم وهو رجل من بني فهر فهر قريش وهو من البطن الذي هي منه فانتقلت إليه فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي منادي رسول الله (ص) ينادي: الصلاة جامعة فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله (ص) فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم فلما قضى رسول الله (ص)صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال: ليلزم كل إنسان مصلاه ثم قال: أتدرون لم جمعتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا في البحر ثم أرفئوا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقالوا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة قالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه
إلى خبركم بالأشواق قال: لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة قال: فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا وأشده وثاقا مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد قلنا: ويلك ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري فأخبروني ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم فلعب بنا الموج شهرا ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا: ويلك ما أنت؟ فقالت: أنا الجساسة قلنا: وما الجساسة؟ قالت: اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق فأقبلنا إليك سراعا وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة فقال: أخبروني عن نخل بيسان قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها هل يثمر؟ قلنا له: نعم قال: أما إنه يوشك أن لا تثمر قال: أخبروني عن بحيرة الطبرية قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب قال: أخبروني عن عين زغر قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها قال: أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قالوا: قد خرج من مكة ونزل يثرب قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم قال: أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه وإني مخبركم عني إني أنا المسيح وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة فهما محرمتان علي كلتاهما كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها قالت: قال رسول الله (ص) وطعن بمخصرته في المنبر: هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة يعني المدينة ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟ فقال الناس: نعم فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة ألا إنه في بحر الشأم أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو وأومأ بيده إلى المشرق قالت: فحفظت هذا من رسول الله (ص)
وقد خرج مسلم هذا الحديث من طرق وهو معدود في مناقب تميم الداري لأن النبي (ص)روى عنه هذه القصة وهي من باب رواية الفاضل عن المفضول والمتبوع عن التابع "
وروايات الحديث فى صحيح مسلم تناولتها فى كتابى تناقضات صحيح مسلم فقلت :
"نلاحظ عدة تناقضات أولها فى العين التى بها عور فمرة اليمنى وهو قولهم " أَلاَ وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِئَةٌ »ومرة اليسرى وهو قولهم "« الدَّجَّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى" وثانيها فيما مع الدجال فمرة " وَإِنَّهُ يَجِىءُ مَعَهُ مِثْلُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَالَّتِى يَقُولُ إِنَّهَا الْجَنَّةُ هِىَ النَّارُ ومرة " إِنَّ مَعَهُ نَهْرًا مِنْ مَاءٍ وَنَهْرًا مِنْ نَارٍ ونلاحظ تناقضا فيمن ركب البحر وعرف أمر الجساسة والدجال فمرة تميم الدارى وهو قولهم " وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِىَّ كَانَ رَجُلاً نَصْرَانِيًّا فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ وَحَدَّثَنِى حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِى كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ حَدَّثَنِى أَنَّهُ رَكِبَ فِى سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ ثَلاَثِينَ رَجُلاً مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْرًا فِى الْبَحْرِ" ومرة أولاد عم تميم وهو قولهم " فَقَالَ « إِنَّ بَنِى عَمٍّ لِتَمِيمٍ الدَّارِىِّ رَكِبُوا فِى الْبَحْرِ"
وبالقطع هذا الحديث ليس صحيحا نظرا لتناقض رواياته التى ذكرتها وقد استدل المقريزى به على قبول خبر الواحد فقال:
"وفيها دليل على قبول خبر الواحد "
وخبر الواحد قد يقبل فى القضايا بين الناس ولكن فى الوحى الذى تم تبليغه للناس فلا يقبل لأن الوحى شىء عام إن لم يبلغ للجموع فهذا معناه كتم الرسالة كما قال تعالى "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس" ويتعارض مع تعليم الرسول(ص) الدين كاملا لطائفة من كا قوم كما قال تعالى "وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون"
فتعليم الطوائف من ألقوام المختلفين دليل على أن الدين وصل كاملا لجموع الناس وليس لفرد واحد
وتحدث المقريزى عن الجساسة فقال :
"والجساسة بفتح الجيم وتشديد السين المهملة الأولى سميت بذلك لأنها تتجسس الأخبار للدجال وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنها دابة الأرض المذكورة في القرآن "
وبالقطع لا يوجد شىء اسمه الجساسة كما أن الدجال هو وهم هو الأخر مأخوذ من أديان أخرى كالوحش المرموز له بثلاث ستات فى النصرانية ليس هناك شىء اسمه المسيخ الدجال لسبب هو أن قاتله وهو المسيح (ص)لن يبعث مرة أخرى فى الدنيا لقوله تعالى بسورة الأنبياء "وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون "فهنا لا يمكن رجوع أحد للحياة الدنيا لتجريم الله هذا
ونلاحظ التناقضت فى الدجال بين قوله كافر وقوله تهجاها ك ف ر فليس كافر وإنما هى كفر والتناقض بين قوله "أنه أعور "وقوله الدجال ممسوح العين "فالعور ليس مسح العين لأن العور يعنى سلامة النظر مع وجود مرض فيها يجعل بؤبؤ العينين لا يتحركان حركة منتظمة وأما مسحها فيعنى عدم وجود النظر إطلاقا .
ولا يوجد دجال واحد وإنما يوجد ألوف الألوف من الدجالين والنبى(ص) لا يعلم الغيب مصداق لقوله تعالى بسورة الأنعام "ولا أعلم الغيب"
ثم تناول المقريزى أمورا لا علاقة بتميم الدارى كحكاية تأيم فاطمة بنت قيس وحكاية أم شريك باعتبارها روت الحديث وأم شريك أوتها فقال:
"وفاطمة بنت قيس بن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن وائلة بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر القرشية الفهرية أحد المهاجرات الأول الجميلات العاقلات النبلات كانت عند أبي عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي القرشي واسمه عبد الحميد وقيل اسمه كنيته فطلقها لما بعثه رسول الله (ص)مع علي بن أبي طالب حين وجهه (ص)أميرا على اليمن وبعث إليها تطليقة وهي بقية طلاقها ثم مات هناك مع علي بن أبي طالب فتأيمت أي صارت أيما وهي لا زوج لها فخطبها معاوية وأبو جهم بن حذيفة فاستشارت النبي (ص)فيهما فأشار عليهما بأسامة بن زيد فتزوجته
وذكر البخاري في التاريخ أنه عاش إلى خلافة عمر وقولها فأصيب ليس معناه أنه قتل في الجهاد مع النبي (ص) وتأيمت بذلك بل إنما تأيمت بطلاق البائن ويكون معنى فأصيب أي بجراحة أو أصيب في ماله أو نحو ذلك وأرادت عد فضائله فابتدأت بكونه خير شباب قريش ثم ذكرت الباقي وقوله وأم شريك من الأنصار أنكر هذا بعضهم وقال: إنما هي قرشية من بني عامر بن لؤي واسمها غزية وقيل غزلية وذهب آخرون إلى أنهما اثنتان قرشية وأنصارية فالقرشية العامرية هي أم شريك غزية بنت دودان بن عوف بن عمرو بن عامر بن رواحة بن ضباب بن حجر ويقال: حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي وهي التي وهبت نفسها للنبي (ص)على خلاف في ذلك قد ذكرته في كتاب إمتاع الأسماع بما للرسول من الأنباء والأحوال والحفدة والمتاع (ص)عند ذكر أزواج رسول الله (ص)
وأما أم شريك الأنصارية فمن بني النجار ولم يذكرها بن عبد البروإنما روى الحاكم في المسترك من طريق محمد بن إسحاق حدثنا أبو الأشعث حدثنا زهير بن العلاء حدثنا سعيد بن أبى عروبة عن قتادة قال: وتزوج رسول الله (ص)أم شريك الانصارية من بنى النجار وقال: إنى أحب أن أتزوج من الأنصار ثم قال إني أكره غيرتهن ولم يدخل بها وقوله انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو بن أم مكتوم وهو رجل من بني فهر فهر قريش وهو من البطن الذي هي من ابن أم مكتوم صفة لعبد الله لا لعمرو فإنه عبد الله ابن أم مكتوم وهي أمه فينسب تارة إلى أبيه عمرو وتارة ينسب إلى أمه أم مكتوم فينبغي أنه يكتب في قولنا ابن أم مكتوم بألف في ابن وفي قولها هذا إشكال فإن ابن أم مكتوم بن عامر بن لؤي وفاطمة بنت قيس من بني محارب بن فهر فكيف يكون ابن عمها وأنها من البطن الذي هو منه؟
وقد أجيب عن هذا الإشكال: بأن المراد بالبطن هنا القبيلة لا البطن الذي هو دون القبيلة والمراد أنه ابن عمها مجازا لكونه من قبيلتها وفيه نظر
وقوله ثم ارفوا إلى جزيرة وهو بالهمز يقال رفاء السفينة بالهمز يرفوها رفاء أدناها من الشط وهو المرفأ وقوله فجلسوا في أقرب السفن هو بضم الرآء المهملة وقد اختلف فيه فقيل المراد بأقرب قارب وهي السفينة الصغيرة التي تكون مع الكبيرة يتصرف فيها ركاب السفينة لقضاء حوائجهم الجمع قوارب والواحد قارب بكسر الراء وفتحها وجاء هنا أقرب وهو صحيح لكنه على خلاف القياس وقيل: المراد بأقرب السفينة أخرياتها وما قرب منها للنزول "
وكل هذا لا ينبغى ذكره لكون الكتاب فى تميم ثم شلاح معنى الأهلب ثم ذكر حكاية إسلام تميم فى عشرة فقال :
"قوله دابة أهلب كثير الشعر الأهلب الغليظ الشعر مع الكثرة قوله من قبل المشرق ما هو ما هنا زائدة صلة للكلام وليست بنافية والمراد إثبات أنه في جهة المشرق والله أعلم وقال محمد بن سعد في (الطبقات) : أخبرنا محمد بن عمر يعني الواقدي قال: حدثني محمد بن عبد الله بن عتبة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة (ح) وأخبرنا هشام بن محمد الكلبي أخبرنا عبد الله بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي عن أبيه قالا: قدم وفد الداريين على رسول الله (ص)منصرفه من تبوك وهم عشرة نفر فيهم: تميم ونعيم ابنا أوس بن خارجة بن سواد بن جذيمة بن دراع بن عدي بن الدار بن هانئ بن حبيب بن نمارة بن لخم ويزيد بن قيس بن خارجة والفاكه بن النعمان بن جبلة بن صفارة قال الواقدي: صفارة وقال هشام: صفار بن ربيعة بن دراع بن عدي بن الدار وجبلة بن مالك بن صفارة وأبو هند والطيب ابنا ذر وهو عبد الله بن رزين بن عميت بن ربيعة بن دراع وهانئ بن حبيب وعزيز ومرة ابنا مالك بن سواد بن جذيمة فأسلموا وسمى رسول الله (ص)الطيب عبد الله وسمى عزيزا عبد الرحمن وأهدى هانئ بن حبيب لرسول الله (ص)راوية خمر وأفراسا وقباء مخوصا بالذهب فقبل الأفراس والقباء وأعطاه العباس بن عبد المطلب فقال: ما أصنع به؟ قال: انتزع الذهب فتحليه نساءك أو تستنفقه ثم تبيع الديباج فتأخذ ثمنه فباعه العباس من رجل من يهود بثمانية آلاف درهم وقال تميم: لنا جيرة من الروم لهم قريتان يقال لإحداهما: حبرى والأخرى بيت عينون فإن فتح الله عليك الشأم فهبهما لي قال: فهما لك فلما قام أبو بكر أعطاه ذلك وكتب له كتابا وأقام وفد الداريين حتى توفي رسول الله (ص) وأوصى لهم بجاد مئة وسق فلما ولى أبو بكر أعطاه ذلك وكتب له كتابا هذا الكتاب يأتي ذكره إن شاء الله تعالى ويحمل الإعطاء من أبي بكر على الإحضاء فإن عمر هو الذي أعطى ذلك تميما على ما سيأتي إن شاء الله تعالى فأطلق الراوي عليه عطيه كما سيظهر لك فيما بعد إن شاء الله تعالى "
ونقل المقريزى رواية أخرى تتناقض فى عدد من أسلموا فبدلا من عشرة سنة فقال :
"وخرج الطبراني في المعجم الكبير وأبو نعيم في معرفة الصحابة وابن عساكر في تاريخ دمشق على ما نقلته من طريق سعيد بن زياد بن فائد بن زياد بن أبي هند الداري عن أبي عن جده عن أبي هند الداري قال: قدمنا على رسول الله (ص)بمكة ونحن ستة نفر تميم بن أوس ونعيم بن أوس أخوه ويزيد بن قيس وأبو هند بن عبد الله وأخوه الطيب بن عبد الله فسماه رسول الله (ص)عبد الرحمن وفاكه بن النعمان فأسلمنا"
ثم ذكر المقريزى روايات بعضها متناقض فى أماكن إقامته فقال:
"قال ابن سعد في الطبقة الرابعة: ابن لخم وهو مالك بن عدي بن الحارث بن مرة بن يشخب بن عريب تميم بن أوس بن خارجة بن سود بن جذيمة بن ذراع بن عدي بن الدار بن هانيء بن حبيب بن نمارة بن لخم وفد على النبي (ص)ومعه أخوة نعيم بن أوس وعدة من الداريين
وقال أيضا في الطبقة: تميم بن أوس الداري بطن من لخم ويكنى أبا رقية لم يزل بالمدينة حتى تحول إلى الشام بعد ما قتل عثمان
وذكر البيهقي وغيره من طريق يعقوب بن سفيان: أخبرني أبو محمد الرملي قال: لم يكن لتميم ذكرا إنما كانت له ابنة تسمى رقية يكنى بها
وقال أبو سعيد بن يونس في تاريخ الغرباء: تميم بن أوس الداري كان ينزل دمشق يقال قدم إلى مصر حدث عنه من أهل مصر علي بن رباح بحديث واحد
وقال في (تاريخ مصر) : تميم بن أوس الداري يكنى أبا رقية قدم مصر وقيل إن قدومه كان لغزو البحر روى عنه من أهل مصر: علي بن رباح وموسى بن نصير
ثم ذكر من طريق ابن وهب أخبرنا ابن لهيعة بن موسى بن علي بن رباح عن أبيه أن تميما الداري قال: أتيت النبي (ص)فحييته تحية أهل الجاهلية فقال: إنما تحيتنا السلام
وقال أبو عبد الله بن منده: تميم بن أوس روى عن النبي (ص)حديث الجساسة نزل فلسطين وأقطعه (ص)بها أرضا
وخرج الطبراني في المعجم الكبير وأبو نعيم في معرفة الصحابة وابن عساكر في تاريخ دمشق على ما نقلته من طريق سعيد بن زياد بن فائد بن زياد بن أبي هند الداري عن أبي عن جده عن أبي هند الداري قال: قدمنا على رسول الله (ص)بمكة ونحن ستة نفر تميم بن أوس ونعيم بن أوس أخوه ويزيد بن قيس وأبو هند بن عبد الله وأخوه الطيب بن عبد الله فسماه رسول الله (ص)عبد الرحمن وفاكه بن النعمان فأسلمنا وسألنا رسول الله (ص)أن يقطعنا من أرض الشام فقال رسول الله (ص)سلوا حيث شئتم فقال تميم أرى أن نسأله بيت المقدس وكورها فقال أبو هند وكذلك يكون فيها ملك العرب وأخاف أن لا يتم لنا هذا فقال تميم فنسأله بيت حبرين وكورتها فقال أبو هند هذا أكبر وأكبر فقال فأين فقال أرى أن نسأله القرى التي يقع فيها حصن تل مع آثار إبراهيم فقال تميم أصبت ووفقت قال فقال رسول الله (ص)تميم أتحب أن تخبرني ما كنتم فيه أو أخبرك فقال تميم بل تخبرنا يا رسول الله نزداد إيمانا فقال رسول الله (ص)أردتم أمرا وأراد هذا غيره ونعم الرأي رأى قال فدعا رسول (ص)بقطعة جلد من أدم فكتب لنا فيها كتابا نسخته بسم الله الرحمن الرحيم هذا ذكر ما وهب محمد رسول الله للداريين إذ أعطاه الله الأرض وهب لهم بين عين حبرون وبيت إبراهيم بمن فيهن لهم أبدا شهد عباس بن عبد المطلب وجهم بن قيس وشرحبيل بن حسنة وكتب قال ثم دخل بالكتاب إلى منزله فعالج في زاوية الرقعة وعساه شيء لا يعرف وعقده من خارج الرقعة بسير عقدين وخرج إلينا به مطويا وهو يقول " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ثم قال: انصرفوا حتى تسمعوا بي قد هاجرت قال أبو هند: فانصرفنا فلما هاجر رسول الله (ص)إلى المدينة قدمنا عليه فسألناه أن يجدد لنا كتابا فكتب لنا كتابا نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أنطى محمد رسول الله (ص)تميما الداري وأصحابه إني أنطيتكم عين وحبرون والبرطوم وبيت إبراهيم بدمنهم وجميع ما فيهم نطية بتة ونفذت وسلمت ذلك لهم ولأعقابهم من بعدهم أبد الأبد فمن آذاهم فيها أذله الله شهد أبو بكر بن أبي قحافة وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وكتب "
فلما قبض رسول الله (ص)وولي أبو بكر وجه الجنود إلى الشام فكتب لنا كتابا نسخته بسم الله الرحمن الرحيم من أبي بكر الصديق إلى أبي عبيدة بن الجراح سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد امنع من كان يؤمن بالله واليوم الآخر من الفساد في قرى الداريين وإن كان أهلها قد جلوا عنها وأراد الداريون أن يزرعوها فليزرعوها فإذا رجع أهلها إليها فهي لهم وأحق بهم والسلام عليك"
وهذه الروايات انتقد المقريزى تناقضاتها فقال:
"هذه سياقة ابن عساكر وهو حديث منكر لأن قوله وقع مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة لا يعرف في شيء من الآثار وقدوم تميم على النبي (ص)بلا خلاف كان بالمدينة والأكثر أنه كان في سنة تسع وقيل سنة ثمان ومع هذه النكرة فإن سنده ضعيف
وقد ذكر سعيد بن زياد المذكور أبو حاتم بن حبان وقال: حديثه باطل ولا أدري البلاء منه أو من أبيه أو جده وقال أبو الفتح الأزدي في الضعفاء: سعيد بن زياد متروك "
وترك المقريزى التناقضات فى أسماء القرى ومساحتها وهى
"وهب لهم بين عين حبرون وبيت إبراهيم بمن فيهن لهم أبدا"
" إني أنطيتكم عين وحبرون والبرطوم وبيت إبراهيم بدمنهم وجميع ما فيهم" فهنا زاد البركوم وجعل عين وحبرون اثنين بدلا من واحد فى القول الأول
كما ترك التناقض فى أسماء الشهود على الكتاب فمرة "شهد أبو بكر بن أبي قحافة وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان"ومرة ذكر غيرهم وهم " عباس بن عبد المطلب وجهم بن قيس وشرحبيل بن حسنة"
قم تناول المقريزى روايات أخرى تتناقض مع ما سبق قذكر بعض التناقضات فقال"
"وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال: حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال: قال عكرمة: لما أسلم تميم الداري قال: يا رسول الله إن الله مظهرك على الأرض كلها فهب لي قريتي من بيت لحم قال: هي لك وكتب له بها فلما استخلف عمر وظهر على الشام جاء تميم الداري بكتاب النبي (ص) فقال عمر: أنا شاهد ذلك فأعطاها إياه
قال كاتبه: وفي هذا الخبر مع إرساله انقطاع لأن ابن جريح لم يسمع من عكرمة وقد خالف في تسمية الأرض وبيت لحم في القدس لا في بلد الخليل ويمكن أن يقال لعل بلد الخليل كان من جملة كورة بيت لحم ويؤيده قوله قريتي من بيت لحم أي كورة بيت لحم قال أبو عبيد: وحدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد أن عمر أمضى ذلك لتميم وقال ليس لك أن تبيع قال فهي في أيدي أهل بيته إلى اليوم قال: وحدثني سعيد بن عفير عن ضمرة بن ربيعة عن سماعة أن تميم الداري سال رسول الله (ص)أن يقطعه قريات بالشام عينون وقلاية والموضع الذي فيه قبر إبراهيم وإسحاق ويعقوب صلى الله عليهم قال وكان بها ركحة ووطيئة قال فأعجب ذلك رسول الله (ص)فقال إذا صليت فسلني ذلك ففعل فأقطعهن إياهن بما فيهن ولما كان زمن عمر وفتح الله الشام أمضى له ذلك قال أبو عبيد: الركح: الناحية والجمع أركاح وأهل المدينة إذا اشتروا الدار قالوا بجميع أركاحها قال مؤلفه: هذا السند معضل والسند الأول مرسل ومعضل لكن يستفاد منه صحة أصل هذه القصة عن الليث بن سعد رحمه الله وشهادته بأن ذلك لم يزل في أيدي آل تميم فإن ذلك يقتضي أن عصر الصحابة من لدن عمر ثم عصر التابعين ثم عصر من بعدهم مضى على ذلك من غير إنكار
وخرج ابن عساكر من طريق حميد بن زنجويه في كتاب الأموال قال:
حدثنا الهيثم بن عدي قال: أنبأني يونس عن الزهري وثور بن يزيد عن راشد بن سعد قالا: قام تميم الداري وهو تميم بن أوس رجل من لخم , فقال: يا رسول الله إن لي جيرة من الروم بفلسطين لهم قرية يقال لها حبرى وأخرى يقال لها بيت عينون فإن الله فتح عليك الشام فهبهما لي , فقال: هما لك قال: فاكتب لي بذلك كتابا , فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله لتميم بن أوس الداري , أن له قرية حبرى وبيت عينون قريتها كلها سهلها وجبلها وماءها وحرثها وأنباطها وبقرها , ولعقبه من بعده لا يحاقه فيها أحد ولا يلجه عليهم أحد بظلم فمن ظلمهم أو أخذ من أحد منهم شيئا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وكتب علي فلما ولي أبو بكر كتب لهم كتابا نسخته: هذا كتاب من أبي بكر أمين رسول الله (ص)الذي استخلف في الأرض بعده كتب للداريين أن لا يفسد عليهم مأثرتهم قرية حبرا وبيت عينون , فمن كان يسمع ويطيع فلا يفسد منها شيئا وليقم عمرو بن العاص عليهما فليمنعهما من المفسدين"
وقد حاول المقريزى أن يوفق بين الأخبار المتناقضة فقال :
"فهذا الكتاب من أبي بكر هو وجه قوله في الخبر الماضي أعطاه ذلك أي أمضاه وأما تنجيز العطاء فإنما وقع في عهد عمر كما مضى في الخبر الأول لأن فتح فلسطين وما حولها لم يفتح إلا في خلافة عمر وإلى الدعاء الذي في الأثر يشير ما أخرجه أبو عبيد البكري في كتاب معجم ما استعجم: أن سليمان بن عبد الملك بن مروان أحد خلائف بني أمية كان إذا مر بطريق تميم يعرج عنها ويقول أخاف أن تصيبني دعوة رسول الله صلى الله عليه وجاء الدعاء المذكور من طريق أخرى حسنة المخرج
قال ابن سعد في كتاب الطبقات حدثنا إسماعيل بن عبد الله هو ابن أبي أويس قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم التميمي مولى ابن جدعان عن أبيه عن جده: أن كتاب رسول الله (ص)لتميم الداري: هذا كتاب محمد رسول الله لتميم بن أوس أن عينون قريتها كلها وسهلها وجبلها وماءها وحرثها وكرومها وأنباطها وثمرها له ولعقبه من بعده لا يحاقه فيها أحد ولا يدخله عليهم بظلم فمن أراد ظلمهم أو أخذه منهم فإن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
وقال ابن سعد أيضا: وكتب رسول الله (ص)لنعيم بن أوس أخي تميم الداري أن له حبرى وعينون بالشأم قريتها كلها سهلها وجبلها وماءها وحرثها وأنباطها وبقرها ولعقبه من بعده لا يحاقه فيها أحد ولا يلجه عليهم بظلم ومن ظلمهم وأخذ منهم شيئا فإن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وكتب علي ذكره من طريق الهيثم بن عدي أخبرنا دلهمة بن صالح وأبو بكر الهذلي عن عبد الله بن بريدة الخصيب وحدثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان والزهري وحدثنا الحسن بن عمارة عن فراس وأخرجه الحافظ أبو علي بن السكن وأبو حفص بن شاهين في كتابيهما في الصحابة في ترجمة تميم الداري من طريق إسماعيل بن عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم ورجاله موثون وإسماعيل بن أبي أويس من شيوخ صاحبي الصحيح وإسماعيل بن عبد الله ثقة مشهور وأبوه وثقه أحمد بن صالح المصري وذكره ابن حبان في الثقات وهي تابعي صغير وكأنه وقف على الكتاب المذكور فحكاه وهو يقوي ما تقدم ويعضده
وخرج الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني من حديث أحمد بن ما بهرام الإيذجي حدثنا علي بن الحسين الدرهمي حدثنا الفضل بن العلاء عن الأشعث بن سوار عن محمد بن سيرين عن تميم الداري قال: استقطعت رسول الله (ص) أرضا بالشام قبل أن تفتح فأعطانيها ففتحها عمر في زمانه فأتيته فقلت: إن رسول الله (ص)أعطاني أرضا من كذا إلى كذا فجعل عمر ثلثها لابن السبيل وثلثا لعمارتها وثلثا لنا "
ثم انتقد المقريزى بعض الروايات مبينا ضعفها فقال:
"هكذا أخرجه الطبراني في معجمه الكبير وأورده الحافظ ضياء الدين المقدسي في كتاب الأحاديث المختارة مما لم يخرج في الصحيحين ورجاله أخرج لهم مسلم بن أشعث فصاعدا إلا أن في أشعث بن سوار مقالا وابن سيرين لم يسمع من تميم الداري فإن مولد محمد بن سيرين لسنتين بقيتا من خلافة عثمان وكان قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وتميم الداري مات سنة أربعين ويقال قبلها وكان ابن سيرين مع أبويه بالمدينة ثم خرجوا إلى البصرة فكان إذ ذاك صغيرا وتميم مع ذلك كان بالمدينة ثم سكن الشام وكان انتقاله إلى الشام يوم قتل عثمان فهذه علة خفية تقتضي القدح في صحة هذا الحديث لوجود انقطاع في سنده ولم يبين اسم الأرض المذكور في هذه الطريق وجاء بيانها فيما أخرجه أبو عبيد وغيره كما تقدم "
ثم حكى حكايات سبق ذكر بعضها فقال:
"وقال محمد بن سعد: قال محمد بن عمر يعني الواقدي وليس لرسول الله (ص)قطيعة غير حبرى وبيت عينون أقطعها رسول الله (ص)تميما ونعيما أبناء أوس وغزا تميم مع رسول الله (ص) وروى عنه ولم يزل بالمدينة حتى تحول إلى الشام بعد قتل عثمان وكان تميم يكنى أبا رقية
وقال محمد بن الربيع في كتاب من دخل مصر من الصحابة وتميم الداري شهد فتح مصر فيما أخبرني يحيى بن عثمان ولأهل مصر عنه عن النبي (ص)حديث واحد فذكر من طريق ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة عن موسى بن علي عن أبيه أن تميم الداري كان يبتغي بالدين فأتى اليهود فقالوا إنا مغضوب علينا ثم أتى النصاري فدلوه على راهب فأتاه فقال: إنه خرج من بيت إبراهيم نبي قال تميم فأتيت النبي (ص)فحييته تحية أهل الجاهلية فقال: إنما تحيتنا السلام فرآني أنظر إليه وحدثته بأمر الراهب وسألته فقال: ائتني بما استطعت من قومك وبالراهب ولن تدركه فإنه بقية القسيسين الذين ذكرهم الله في القرآن فانصرف فأتاه بنفر من قومه وفتح الله الشام فأتى بكتابه إلى أبي بكر فأمضى له القريتين فلما كان عمر بن الخطاب كلمه أهل القريتين فأتاه كتابه فقال عمر لتميم هما قريتان من الشام ليس لك أن تستخدم أهلها ولا تبيع ولكن خراجها لك فلم يزل ذلك لهم فلما كان عبد الملك بن مروان أراد أن يتعرض لهم فأتوه بكتابهم فتركهما ثم كان سليمان بن عبد الملك فأراد أن يتعرض لهم فأتوه بكتابهم فخلا عنهم قال ابن لهيعة: هي لهم إلى اليوم "
وحكاية اقطاع النبى (ص) أرضا لمسلم أو أكثر هى حكايات غير صحيحة ويخالف هذا أن الله جعل الأرض وما عليها ملكية مشتركة للمسلمين فقال "إن الأرض يرثها عبادى الصالحون "ومن ثم لا يحق لأحدهم أن يمتلك منها أكثر من الأخر كما أن الإقطاع تكريس لغنى الأغنياء الذى طالب الله بإقلاله قدر الإمكان بعدم إعطاءهم من الفىء والغنيمة فقال "كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم "كما أن الإقطاع مبنى على التمييز بين المسلمين فى العطاء وهو ما يخالف تساوى المسلمين فى العطاء
ثم حكى الرجل حكايات عن رفق تميم بالأسرى فقال:
"قال ابن الربيع ولهم عن تميم حكايات:
فذكر من طريق ابن وهب قال أخبرني ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن يزيد بن مسروق عن موسى بن نصير قال: كان تميم الداري في البحر غازيا فكان يرسل إلي لأرسل إليه بالأسارى من الروم فيتصدق عليهم ويأمر بهم فيغسلوا ويدهنوا ويمشطوا ومن طريق الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن موسى عن ابن لهيعة عن موسى عن ابن لهيعة عن موسى بن نصير قال: كنا في غزاة مع تميم الداري في البحر فكان يأمرنا بمشط رءوس الأسارى ودهنهم "
ثم تناول حكاية السهمى وكون تميم وابن عمه شاهدى زور فقال :
"وخرج البخاري تعليقا فقال وقال لي علي بن عبد الله: حدثنا يحيى بن آدم حدثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس ما قال: خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم فلما قدما بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا من ذهب فأحلفهما رسول الله (ص) ثم وجد الجام بمكة فقالوا: ابتعناه من تميم وعدي فقام رجلان من أوليائه فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما وإن الجام لصاحبهم قال: وفيهم نزلت هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} وأخرجه أبو داود فقال: حدثنا الحسن بن علي قال حدثنا يحيى بن آدم بهذا الإسناد مثله غير أنه قال: جام فضة مخوصا بالذهب وقال: فقام رجلان من أولياء السهمي
ذكره البخاري في أواخر كتاب الوصايا والوقوف وترجم قول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} وخرجه الترمذي أيضا من يحيى بن آدم قال أبو عبيدة الله بن محمد بن نصر الحميدي وليس لعبد الملك بن سعيد عن أبيه سعيد بن جبير ولا لمحمد بن أبي القاسم عن عبد الملك في هذا السند غير هذا الحديث
وخرج الترمذي من حديث محمد بن إسحق عن أبي النضر عن باذان مولى أم هانئ عن ابن عباس عن تميم الداري في هذه الآية{يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت}قال برئ منها الناس غيري وغير عدي بن بداء وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام فأتيا الشام لتجارتهما وقدم عليهما مولى لبني هاشم يقال له بديل بن أبي مريم بتجارة ومعه جام من فضة يريد به الملك وهو عظم تجارته فمرض فأوصى إليهما وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله قال تميم فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم ثم اقتسمناه أنا وعدي بن بداء فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا وفقدوا الجام فسألونا عنه فقلنا ما ترك غير هذا وما دفع إلينا غيره قال تميم فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله (ص)المدينة تأثمت من ذلك فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر وأديت إليهم خمس مائة درهم وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها فأتوا به رسول الله (ص)فسألهم البينة فلم يجدوا فأمرهم أن يستحلفوه بما يقطع به على أهل دينه فحلف فأنزل الله
{يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} إلى قوله: {أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم} فقام عمرو بن العاص ورجل آخر فحلفا فنزعت الخمس مائة درهم من عدي بن بداء قال أبو عيسى: هذا حديث غريب وليس إسناده بصحيح وأبو النضر الذي روى عنه محمد بن إسحق هذا الحديث هو عندي محمد بن السائب الكلبي يكنى أبا النضر قال أبو عيسى: ولا نعرف لسالم أبي النضر المدني رواية عن أبي صالح مولى أم هانئ وقد روي عن ابن عباس شيء من هذا على الاختصار من غير هذا الوجه حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا يحيى بن آدم عن ابن أبي زائدة عن محمد بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد عن أبيه عن ابن عباس قال:خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم فلما قدمنا بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب فأحلفهما رسول الله (ص)ثم وجد الجام بمكة فقيل اشتريناه من عدي وتميم فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وأن الجام لصاحبهم قال وفيهم نزلت{يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم}قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب وهو حديث ابن أبي زائدة وقال ابن عساكر: وذكره مقاتل بن سليمان المفسر في (تفسيره) منقطعا وقال مولى لبني سهم إلا أنه قال ابن أبي مارية بدلا من ابن أبي مريم
قال مقاتل في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} نزلت في بديل بن أبي مارية مولى العاص بن وائل السهمي كان خرج مسافرا في البحر إلى أرض النجاشي ومعه رجلان نصرانيان أحدهما يسمى تميم بن أوس الداري وكان من لخم وعدي بن بداء فمات بديل وهم في السفينة في البحر قال: "حين الوصية " وذلك أنه كتب وصيته ثم جعله في متاعه ثم دفعه إلى تميم وصاحبه وقال لهما بلغا هذا المتاع أهلي فجاءا ببعض المتاع وحبسا جاما من فضة مموها بالذهب فنزلت " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية " يقول عند الوصية يشهد وصيته " اثنان ذو عدل " من المسلمين في دينهما " أو آخران من غيركم " يعني من غير أهل دينكم النصرانيين تميم الداري وعدي بن بداء " إن أنتم " يا معشر المسلمين " ضربتم في الأرض التجارة فأصابتكم مصيبة الموت " يعني بديل بن أبي مارية حين انطلق تاجرا في البحر فانطلق معه تميم وعدي صاحباه فحضره الموت فكتب وصية ثم جعله في المتاع فقال أبلغا هذا المتاع أهلي فلما مات بديل قبضا المال فأخذا منه ما أعجبهما وكان فيما أخذا إناء من فضة فيهما ثلاث مئة مثقال منقوشا مموها بالذهب فلما رجعا من تجارتهما دفعا بقية المال إلى ورثته ففقدوا بعض متاعه فنظروا إلى الوصية ووجدوا المال فيه تاما لم يبع منه ولم يهب فكلموا تميما وصاحبه فسألوهما هل باع صاحبنا شيئا أو اشترى فخسر فيه أو طال مرضه فأنفق على نفسه قالا لا قالوا فإنا قد فقدنا بعض ما أبدى به صاحبنا قالا مالنا علم بما أبدى ولا بما كان في وصيته ولكنه دفع إلينا هذا المال فبلغنا كما أتاه فرفعوا أمرهما إلى النبي (ص)فنزلت " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت " يعني بديل بن أبي مارية " اثنان ذوا عدل منكم " من المسلمين عبد الله بن عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان " أو آخران من غيركم " غير أهل دينكم يعني النصرانين " إن أنتم " يا معشر المسلمين " ضربتم في الأرض " تجارا " فأصابتكم مصيبة الموت " يعني بديل بن أبي مارية مولى العاص بن وائل السهمي تحسبونهما " يعني النصرانيين تقيمونهما " من بعد الصلاة " يعني صلاة العصر فيقسمان بالله " يقول فيحلفان بالله " إن ارتبتم " يعني إن شككتم أن المال كان أكثر من هذا الذي آتيناكم به " لا نشتري به ثمنا " يقول لا نشتري بأيماننا عرضا من الدنيا " ولو كان ذا قربى " يقول ولو كان الميت ذا قرابة منا " ولانكتم شهادة الله " [إنا إذا كتمنا شيئا من المال] " إنا إذن لمن الآثمين " فحلفهما النبي (ص)عند المنبر بعد صلاة العصر وحلفا أنهما لم يخونا شيئا من المتاع فخلى سبيلهما فلما كان بعد ذلك وجد الإناء الذي فقده عند تميم الداري قالوا هذا كان من آنية صاحبنا الذي كان أبداها وقد زعمتما أنه لم يبع ولم يشتر ولم ينفق على نفسه فقالا قد كنا اشتريناه منه فنسينا أن نخبركم به فرفعوهما إلى النبي (ص)الثانية فقالوا يا نبي الله إنا وجدنا مع هذين إناء من فضة من متاع صاحبنا فأنزل الله تعالى: {فإن عثر على أنهما " يقول فإن اطلع على أنهما يعني النصرانيين كتما شيئا من المال أو خانا " فآخران " من أولياء الميت وهما عبد الله بن عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان " يقومان مقامهما " يعني مقام النصرانيين " من الذين استحق عليهم الأوليان أي استحق عليهم الإثم فيقسمان بالله " يعني يحلفان بالله في دبر صلاة العصر أن الذي قال في وصية صاحبنا حق وأن المال كان أكثر مما أتيتمانا به وأن هذا الإناء من متاع صاحبنا حق وأن المال كان أكثر من الذي أتيتما به معه وكتبه في وصيتة وأنكما خنتما فذلك قوله تعالى: {لشهادتنا " يعني عبد الله بن عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة " أحق من شهادتهما " يعني النصرانيين " وما اعتدينا في الشهادة عليكما يعني النصرانيين بشهادة المسلمين من أولياء الميت " إنا إذا لمن الظالمين ذلك أدنى " يعني أجدر " أن يأتوا يعني النصرانيين بالشهادة على وجهها " كما كانت ولا يكتما شيئا " أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم " يقول أو يخافوا أن يطلع على خيانتهما فترد شهادتهما بشهادة الرجلين المسلمين من أولياء الميت فحلف عبد الله والمطلب كلاهما أن الذي في وصية الميت حق وان هذه الآنية من متاع صاحبنا فأخذوا تميم بن أوس الداري وعدي بن بداء النصرانيين بتمام ما وجدوا في وصية الميت حتى أطلع الله تبارك وتعالى على خيانتهما في الإناء ثم وعظ الله المؤمنين أن يفعلوا مثل هذا أو يشهدوا بما لم يروا أو لم يعاينوا فقال يحذرهم نقمته (واتقوا الله واسمعوا مواعظه والله لا يهدي القوم الفاسقين) ثم إن تميم بن أوس الداري اعترف بالخيانة فقال له النبي (ص)ويحك يا تميم أسلم يتجاوز الله عنك ما كان في شركك فأسلم تميم الداري وحسن إسلامه ومات عدي بن بداء نصرانيا "
مما سبق من روايات نلاحظ تناقض الروايات فى التالى :
-الشهود السهميين فمرة عمرو بن العاص ومرة ابنه عبد الله بن عمرو
-مواد صناعة الإناء فمرة من الذهب والفضة كما فى قولهم " فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب" وقولهم" إناء من فضة فيهما ثلاث مئة مثقال منقوشا مموها بالذهب " ومرة من الفضة فقط فى قولهم "إنا وجدنا مع هذين إناء من فضة من متاع صاحبنا"
- أن تميم أسلم قبل اكتشاف القوم فقد الإناء وأدى ما اخذه فلا اكتشاف القوم الخيانة وهو قولهم " قال تميم فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله (ص)المدينة تأثمت من ذلك فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر وأديت إليهم خمس مائة درهم وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها" وناقض ذلك انه اسلم بعد اكتشاف خيانته بطلب الرسول(ص) منه أن يسلم فى قولهم " ثم إن تميم بن أوس الداري اعترف بالخيانة فقال له النبي (ص)ويحك يا تميم أسلم يتجاوز الله عنك ما كان في شركك فأسلم تميم الداري"
وهذا يناقض ما سبق ذكره فى أول الكتاب من أنه اسلم مع تسعة او خمسة من قومه وليس فى حادثة خيانة الإناء والشهادة الزور
والغريب أن المقريزى أورد خبرا أخر يتناقض مع تلك الروايات فى إسلام تميم فقال :
"وقد ذكر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري عن قتادة وابن سيرين عن عكرمة وابن زيد ومقاتل بن حيان هذه القصة يعني ما تقدم وقال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني العطاف بن خالد عن خالد بن سعيد قال: قال تميم الداري: كنت بالشام حين بعث رسول الله (ص) فخرجت إلى بعض حاجتي فأدركني الليل فقلت: أنام في جوار عظيم هذا الوادي الليلة قال: فلما أخذت مضجعي إذا مناد ينادي لا أراه: عذ بالله فإن الجن لا تجير أحدا على الله فقلت: ايم الله تقول؟ فقال: قد خرج رسول الأميين رسول الله (ص) وصلينا خلفه بالحجون وأسلمنا واتبعناه وذهب كيد الجن ورميت بالشهب فانطلق إلى محمد فأسلم فلما أصبحت مضيت إلى دير أيوب فسألت راهبا به وأخبرته الخبر فقال: قد صدقوا تجده يخرج من الحرم ومهاجره الحرم وهو آخر الأنبياء فلا تسبق إليه
[قال تميم:] فتكلفت الشخوص حتى جئت رسول الله (ص)فأسلمت وقال عبد الرزاق: حدثنا معمر , عن قتادة , في قوله تعالى: {ومن عنده علم الكتاب} , قال: كان منهم عبد الله بن سلام , وسلمان الفارسي , وتميم الداري "
الرواية هنا تقول أن تميم اسلم وحده وليس مع وفد من قومه وهو ما يناقض رواية العشرة ورواية الستة فى اول الكتاب
قم ذكر المقريزى أن تميما ممن حفظوا القرآن وجمعوه فقال :
"وقال محمد بن سعد: أخبرنا مسلم بن إبراهيم أخبرنا قرة بن خالد أخبرنا محمد بن سيرين قال: جمع القرآن على عهد النبي (ص)أبي بن كعب وزيد بن ثابت وعثمان بن عفان وتميم الداري
وقال سليمان بن حرب: حدثنا حماد عن أيوب وهشام عن محمد قال: جمع القرآن على عهد رسول الله (ص)أربعة لا يختلف فيهم: معاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو زيد قال: واختلفوا في رجلين من ثلاثة قالوا: عثمان وأبو الدرداء وقالوا: عثمان وتميم الداري
وقال ابن سعد: أخبرنا هوذة بن خليفة أخبرنا عوف عن محمد قال: قبض رسول الله (ص)ولم يجمع القرآن من أصحابه غير أربعة نفر كلهم من الأنصار والخامس يختلف فيه والنفر الذين جمعوه من الأنصار زيد بن ثابت وأبو زيد ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب والذي يختلف فيه تميم الداري
أخبرنا عفان بن مسلم حدثنا وهيب حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن أبي بن كعب: أنه كان يختم القرآن في ثماني ليال وكان تميم الداري يختمه في سبع
وقال سعد: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا محمد بن أبي بكر عن أبيه قال: زارتنا عمرة فباتت عندنا فقمت من الليل فلم أرفع صوتي بالقراءة فقالت: يا ابن أخي ما منعك أن ترفع صوتك بالقراءة؟ فما كان يوقظنا إلا صوت معاذ القارئ وتميم الداري "
هذه الروايات عن جمع تميم القرآن وحفظه له تتناقض مع كونه اسلم بعد خيبر كما جاء فى أول الكتاب كما تتعارض مع تأخر إسلامه فى روايات الوصية وخيانتها ومن ثم فلن تكفى أربع أو ثلاث لحفظ القرآن حسب التاريخ المعروف فالمعروفين فى الروايات مكث بعضهم عشرة أو عشرين سنة لجمعه وحفظه كما تقول الروايات
ثم ذكر الرجل روايات جنونية وهى:
"وقال ابن المبارك: أخبرنا عاصم بن سليمان عن ابن سيرين أن تميم الداري كان يقرأ القرآن في ركعة
وقال: خارجة بن مصعب ختم القرآن في ركعة أربعة من الأئمة عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير وأبو حنيفة "
بالقطع هذا غير ممكن فطبقا للمصحف الحالى توجد أكثر من ست ألاف آية ولو قلنا أن كل آية تستغرق قراءتها نصف دقيقة فى القراءة فهذا معناه حوالى 3000 دقيقة أى يومين كاملين اليوم 1440 دقيقة لصلاة ركعة واحدة دون اكل او شرب أو نوم وهو كلام من يصدقه مجنون
ثم حكى لنا روايات تبين بعض صلواته فقال:
"وقال أبو الضحى: عن مسروق قال: قال لي رجل من أهل مكة: هذا مقام أخيك تميم الداري صلى ليلة حتى أصبح أو كرب أن يصبح يقرأ آية ويرددها ويبكي: [أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون]
وفي رواية عن مسروق: أن تميم الداري ردد هذه الآية حتى أصبح: " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم "
وعن منكدر عن أبيه أن تميم الداري نام ليلة لم يقم يتهجد فيها حتى أصبح فقام سنة لم ينم فيها عقوبة للذي صنع "
والرواية الأخيرة رواية مجانين لا يصدقها إلا مجنون فكيف عاش الرجل سنة كاملة دون نوم ولو دقيقة واحدة ؟
لو بقى الإنسان من غير نوم أسبوع وليس شهر سينهار جسمه انهيارا تاما أو يجن
ثم روى معجزة لتميم فقال:
"وروى الجزري عن أبي العلاء بن السخير عن معاوية بن حرمل أن تميما الداري أضافه وأن نارا خرجت بالحرة فجاء عمر بن الخطاب إلى تميم فقال له: قم إلى هذه النار فقال: ومن أنا وما أنا فما زال به حتى قام معه فتبعتهما فانطلقا إلى النار معا فجعل تميم يحوشها بيده حتى دخلت الشعب فدخل خلفها فجعل عمر يقول: ليس من رأى كمن لم ير "
رواية أخرى مجنونة تثبت آية معجزة لتميم وهو انه لم يحتلاق وهو يحمل النار بيده وهو ما يخالف منع الله الآيات المعجزات عن الناس فى عهد النبى(ص) كما قال تعالى "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا ان كذب بها الأولون"
قم حكى الرجل حكايات أخرى لا اصدق كشراء الرجل حلة بألف درهم وهو تبذير محرم وحكاية كون قاص يقص القصص فقال:
" وقال قتادة عن أنس: أن تميما الداري اشترى حلة بألف درهم يخرج فيها
وقال السائب بن يزيد: أول من قص تميم استأذن عمر فأذن له فقص قائما عن تميم الداري أنه قال: لثلاث ركعات نافلة أحب إلي من أقرأ القرآن في ليلة ثم أصبح فأقول قرأت القرآن الليلة وعن أبي سعيد قال: أول من أسرج في المساجد تميم الداري رواه ابن ماجة"
وأنهى الروايات بأن الرجل مات سنة اربعين هجرية فقال:
" ووجد علي نصب قبر تميم أنه توفي سنة أربعين "
ثم عقد فصلا لمناقشة إقطاع تميم نقل فيه آراء بعض الفقهاء فقال :
"فصل
قال القاضي أبو بكر محمد بن العربي في شرح الموطأ لما تكلم في البيوع على حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: هي صحيفة صحيحة وإنما تركنا من تركها لقولهم أنها غير مسموعة وهذا لا يمنع من الإحتجاج وقد كان عند تميم الداري كتاب النبي (ص)في قطعة أديم بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أنطى محمد رسول الله تميما الداري أقطعه قريتي جبرون وبيت عينون بلد الخليل فبقي ذلك في يده ويد أهله إلى أن غلب الفرنج على القدس والخليل سنة اثنين وسبعين وأربع مئة قال: ولقد اعترض بعض الولاة على آل تميم أيام كنت بالشام وأراد انزاعها مهنم فحضر القاضي الهروي الحنفي واحتج الداريون بالكتاب فقال القاضي هذا الكتاب ليس بلازم لأن النبي (ص)أقطع تميما ما لم يملك فاستفتى الوالي الفقهاء وكان الطوسي يعني الشيخ أبا حامد الغزالي حينئذ ببيت المقدس فقال: هذا القاضي كافر فإن النبي (ص)قال: رويت لي الأرض كلها وكان يقطع الجنة فيقول: قصر كذا الفلان فوعده صدق وعطاؤه حق قال فخري القاضي والوالي وبقي آل تميم على ما بأيديهم وقد ذكر القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله ونصه ما قوله أدام الله علوه: فيما أقطع رسول الله (ص)تميما الداري من الشام قبل أن يملكه أهل الإسلام ما وجه صحته مع أنه جرى قبل الملك ولم يتصل به القبض ولم يجر تحديد محل الإقطاع هل يجوز للإمام أن ينزع ذلك من يد آل تميم؟ ومتى يحصل الملك للمقطع؟فأجاب: ذلك الإقطاع صحيح لتميم ومنتقل إلى أعقابه ووقت حصول الملك عند تسليم الإمام المستولي على تلك الأرض له ذلك ووجه صحته أن النبي (ص)كان مختصا بالصفايا من المغنم حتى كان يختار من المغنم ما يريدرويدفع ملك المسلمين عنه بعد استيلائهم عليه فكذلك كان له أن يستثني بقعة من ديار الكفر عن ملك المسلمين ويعينها لبعض المسلمين فتصير ملكا له ويكون سبب الملك تسليم الإمام بأمر رسول الله (ص)وهي من التخصيصات قبل الإستيلاء وليس ذلك لغيره من الأئمة فإنه (ص)كان مطلعا بالوحي على ما سيملك في المستقبل وعلى وجه المصلحة في التخصيص والإستثناء وغير ذلك ولا يطلع غيره عليه وأما قول من قال لا يصح إقطاعه لأنه قبل الملك فهو كفر محض لأنه يقال له هل حل لرسول الله (ص)ما فعل أو كان ظالما بتصرفه ذلك فإن جعله ظالما كفر وإن قال بل حل له ذلك قيل أفعلم أن ذلك يحصل أم لا فإن جهله كفر وإن قال أنه علم لكن علم أنه لا يحصل قيل له فلا يبقى إلا أنه أقدم عليه مع علمه ببطلانه فطيب قلب من سأله بما لا يحصل له وهذا محض الخداع والتلبيس ومن نسبه إلى ذلك فقد كفر وأما قوله أن القبض لم يحصل فهو مردود من وجهين:
أحدهما أن أفعاله (ص)حجة كما لو وهب امرأة رجل لرجل آخر فإنها تحرم على الأول ويحمل على أنه أوحي إليه أنها حرمت عليه وحلت للآخر بل الإقطاع المذكور نظير ما لو أقطع الإمام شخصا من موات الأرض شيئا فإن الإقطاع يصح ولا يملكه المقطع في الحال بل إنما يملكه بالأحياء والقبض ليس بشرط في صحة هذا التخصيص وأما الحد فليس شرطا للصحة ولا سيما في الأمور العامة وإنما يشترط التسليم والإمام عند التسليم أن يقول فيه على الشهرة وله أن يتسامح فيما يقع منه في محل الإشتباه فإن مبنى هذه الأمور على المساهلة بخلاف التصرفات الجزئية انتهى
ففي كلام الغزالي أنه يرى أن اعطاء ذلك لتميم الداري من الخصائص النبوية ويجعله من الصفايا المختصة به (ص)فلا يكون لأحد من الأئمة بعد النبي (ص)أن يقطع أحدا من الرعية شيئا لم يدخل في ملكة المسلمين وطريقة أبي الحسن الماوردي على ما ذكر في الأحكام السلطانية وطريقة القاضي أبي يعلى من الحنابلة في الأحكام السلطانية يرى جواز ذلك عموما وهي أقوى لأن الأصل التأسي والخصائص لا تثبت بالإحتمال وفي كلام الغزالي أيضا ما يشير إلى أن ذلك من جملة وعوده (ص)ولم يعد أحد هذا من الخصائص سواه وعد أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال ذلك من النفل ما يرى فيه المصلحة لكن هل يختص ذلك بالمنقولات أو يدخل فيه العقار وهل يكون ذلك بعد الظفر وقبل القسمة أو قبل الظفر هذا محل النظر؟ وبالجملة فقد وجد النقل عن أئمة السلف وأئمة المذاهب بتصحيح الصورة المسئول عنها بخصوصها وقال الشيخ تقي الدين السبكي في احياء الموات من شرح المنهاج اقطاعات النبي (ص)كانت في الموات قال الماوردي: إلا ما كان شأن تميم الداري وأبي ثعلبة الخشني فيحتمل أن يكون أقطعهما اقطاع تقليد لا اقطاع تمليك ويجوز أن يكونا مخصوصين بذلك لتعلقه بتصديق خبر وتحقق اعجاز وأما الأئمة بعده فأبو بكر وعمر ما لم يقطعا الأموات إلا أن عمر اصطفى من أموال كسرى من أرض السواد فكان يغل شيئا يصرفه في مصالح المسلمين ولم يقطع منها شيئا ثم إن عثمان أقطعهما اقطاع اجازة أي أمرهم أن يؤجروها بأجرة معلومة لينتفعوا بها مع بقاء الرقبة انتهى
فيستفاد من هذا أن الماوردي تردد في مآخذ الإقطاع الذي وقع لتميم وجواز أن يكون من الخصائص بعد أن حكى الخلاف هل لغير النبي (ص)أن يفعل ذلك؟ والله أعلم
فصل في مسائل
الأولى هل صحت دعوى الداريين العطية المذكورة؟
الجواب:
أن يدهم ثابتة ومستندها الآثار المتقدمة فإن مجموعها يدل على أن لذلك أصلا مع ما انضم لذلك من شهادة الليث بن سعد أحد الفقهاء الأمصار كما تقدم بالنقل عنه وعن غيره بأصل العطية وإن وقع التغاير في صفتها
الثانية هل كانت على حهة الوقفية أو الهبة أو غيرها؟
الجواب:
أنه ليس في شيء من الآثار التصريح بالوقفية أما في الأثر السابق عن عمر أنه شرط عليه أن لا يبيع وأن يخرج ثلثا في العمارة وثلثا لأبناء السبيل والذي يتحرر أن ذلك ارصادا له ولذريته إلى آخر الدهر فامتثل الأئمة ذلك إلى اليوم
الثالثة هل يختص ذلك بتميم وذريته وإذا اختص هل يعم ذكورهم واناثهم وإذا لم يختص بذريته هل يدخل فيه أقاربه؟
الجواب
أنه يختص بعد تميم بذريته سواء كانوا ذكورا أم اناثا لأن أهل النسب متفقون على أن تميما لو يعقب سوى ابنته رقية وبها كان يكنى وأما أقاربه فوقع في بعض الآثار المتقدمة أن لهم مدخلا في ذلك فإن ثبت ذلك دخلوا وكانوا في الإستحقاق سواء
الرابعة هل يثبت كونهم أقارب تميم بمجرد قولهم وهل تكفي شهادة بعضهم لبعض؟
الجواب
أن من كان بيده شيء كفاه وضع يده ومن رام الدخول لم يكفه مجرد دعواه ويكفي في ثبوت كونه منهم وجود الشهرة لمن يدعى ذلك فإن النسب مما يثبت بالإستفاضة الآن ما يخالفه وتقبل شهادة بعضهم لبعض
الخامسة إذا ثبت كونه من أقارب تميم بالشهرة هل يكون ذلك أقوى من عموم تصرف الإمام في أراضي بيت المال
الجواب
أن الشهرة قد صحبها العمل المستمر مع ترك النكير من عهد الفتوح إلى الآن وقد نازع في ذلك قوم أحيانا وخصموا واستمر ذلك بأيدي المذكورين فخص ذلك من عموم تصرف الإمام إلا أنه لا يرفع بالنسبة لنقل ذلك عنهم إلى غيرهم وأما مع بقايه عليهم فلا
السادسة هل تقبل دعواهم أن البلدتين المذكورتين الموجودتين الآن هما المراد بما في العطية المذكورة؟
الجواب
ان مهما كان بأيديهم فإنه يحمل على أنه من العطية ومهما كان ليس بأيديهم لم يقبل أنه داخل في العطية الأبينة لأنه يطرقه احتمال حدوث أحياء فيما يجوز فيه الأحياء مما كان خارج البلد مثلا ثم اتصل بها فلا تنزع ممن هو بيده بمجرد دعواهم أن ذلك في عموم عطية البلدين فمهما ثبت أنه كان مبنيا أو وغروسا أو مسكونا في وقت العطية فإنها تشمله وما لا بد فيه من إقامة البينة ومهما تعذرت فيه البينة أو على من هو بيده
السابعة هل يستحقوا حكر جميع البلدتين حتى المغارة؟
الجواب
أن الأصل استحقاقه لذلك جميعه إلا أنه يستثني ما كان فيهما من مساجد ومقابر المسلمين فإنها لا تدخل في العطية وكذلك من وجد بيده غير ذلك شيء لا ينزع منه أولا بعد ثبوت أنه مما دخل في العطية وأما المغارة التي فيها قبور الأنبياء عليهم السلام فلا يحل لأحد المطالبة بحكرها فإنها لم تدخل في العطية لكون الخليل عليه السلام اشتراها لدفن أهله فإن العطية إنما وقعت على ما لا ملك فيه لمسلم ولا اختصاص فكيف إذا كان لنبي من أنبياء الله تعالى
الثامنة هل لهم المطالبة بأكثر من أجرة المثل؟ وهل لهم الزام أحد بقلع بنائه أو غراسه قبل العلم بأنه وضع بغير حق؟
الجواب
أنهم في استحقاق أجرة الأرض والبناء لغيرهم فمهما كان في أيديهم على ما تقدم تقريره ووضع أحد يده بغير حق وجب انتزاعه منه فإن بنى في أرضهم بغير حق وجب ازالته إلا أن ظهر أن الأحظ لهم ابقاؤه بأجرة المثل فيجوز تبقيته وإن وجد بناء وضع بحق كأن استؤجر ليبني واستوفيت شروط ذلك وانقضت مدة الإجارة فإن اللازم بعد ذلك أجرة المثل وإن جهل هل وضع بحق أولا ينزع إلا أن يثبت أنه وضع بغير حق وليس لهم أن يطالبوا من ثبت لهم عليه أجرة إذا لم يكن بيده إجارة صحيحة باكثر من أجرة المثل
التاسعة هل للإمام أن يولي على هذا المرصد ناظرا يوصل إلى كل ذي حق حقه وإذا كان له ذلك هل يقتصر على ناظر واحد ويجوز تعدد النظار أو يولي كل واحد النظر على ما يستحقه؟
الجواب
أن له جميع ذلك لكن الأولى اجتماع الكلمة في واحد ولا سيما عند وقوع التنازع
العاشرة إذا ساغ للإمام إقامة ناظر عليهم فهل يشترط أن يكون الناظر منهم؟ أو يجوز أن يكون من غيرهم؟ وهل يجوز أن يقرر الناظر على عمله أجرة أو لا؟
الجواب
أن الأولى أن يكون الناظر عليهم منهم فإن لم يكن منهم متأهل فيتعين أن يكون من غيرهم وأما الأجرة فلا يقررها إلا إن لم يجد متبرعا فيقرر حينئذ أجرة المثل من غير زيادة فإن وجد من يعمل بدونها تعين وإن وجد متبرعا تعين أيضا والله أعلم
تنبيه
الذي استفيض في الأخبار أن القريتين ما زالتا منذ فتحت البلاد في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بيد الداريين إلى أن استولى الفرنج على القدس والخليل وفلسطين فلما استولوا على تلك الديار خلت من جميع المسلمين لأنهم قتلوا بها من كان من المسلمين وفر من بقي منهم إلى أمصار أهل الإسلام كالعراق والشام ومصر والمغرب والحجاز واليمن فلما أعاد الله تعالى البلاد إلى الإسلام بعد اقامتها بأيدي الفرنج نحو مئة سنة لم يتبين لي إلى الآن كيف وضع الداريون يدهم على القريتين فإنه لم يتأخر بتلك البلاد ممن كان قبل أخذ النصارى أحد من الداريين إلى أن استردها المسلمون فيحتاج إلى كيف وضع من عاد منهم إلى البلاد بطريق شرعي أم لا والله أعلم بالصواب "
سبق تناول أنه لا يوجد إقطاع فى الإسلام والرسول (ص) لا يمكن أن يقطع أحد شيئا لأن المال مال المسلمين جميعا لا يمكن اختصاص بعضهم به وإنما يقتسم الكل ثمرة الأرض جميعا بالعدل لأن الاختصاص يكرس جمع المال فى يد الأغنياء وهو ما حرمه الله بقوله "كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم"
واعتماد الكفار جميعا فى نظم حكمهم على هذا الأمر وهو اختصاص بعض الناس بتملك اراضى واسعة دون بقية الناس وهو أمر جاء الإسلام فى كل العصور للقضاء عليه ولذا كان مطلب الكبار من قوم شعيب (ص) أن يعبدوا الله شرط أن يفعلوا فى الأموال ما يشاءون كما قال تعالى "قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد "
والسبب هو أن فساد الدين يكون عن طريق وجود المال فى أيدى فئة صغيرة
اجمالي القراءات 3779