ماهية العلاقة الجامعة بين المرحوم الرايس محمد البنسير و الدين الاسلامي على هامش مرور 30 سنة على وفاته ؟

مهدي مالك في السبت ٠٩ - نوفمبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

ماهية العلاقة الجامعة بين المرحوم الرايس محمد البنسير و الدين الاسلامي على هامش مرور 30 سنة على وفاته ؟

مقدمة متواضعة                                          

اننا نخلد اليوم بكل الاعتزاز و الاسى كذلك الذكرى 30 سنة لوفاة الرايس الحاج محمد احجود البنسير الذي شكل علامة فارقة في تاريخ فن الروايس كاحد الفنون التقليدية الامازيغية ببلادنا و المهمشة على مستوى السلطة منذ سنة 1956 الى حدود الان بدون اية مبالغة او ظلم لان ثقافة المركز هي غالبة في وسائل الاعلام الوطنية المختلفة و في مقرراتنا الدراسية حيث نحن نعتز بمغربيتنا الشمولية و نعتز بملكنا الحبيب الذي يريد الخير لشعبه الوافي ..

عندما ماتت الفنانة امينة رشيد في الصيف الماضي قامت وسائل الاعلام الوطنية بواجبها الاخلاقي تجاهها كفنانة ساهمت بشكل كبير في الدراما المغربية الناطقة بالدارجة.

لكن الامر يختلف عندما يتعلق بموت فنان امازيغي من سوس او من الاطلس المتوسط الخ  بشكل جدري حيث ان هذه الوسائل الاعلامية لا تقوم بنفس هذا الواجب الاخلاقي اي التعريف بمسار الفنان الميت او بمناقبه او اعداد برنامج خاص على قنواتنا التلفزيونية  اللهم ما تقوم به القناة الامازيغية من حين الى اخر...........

و هنا ساستحضر مثال المرحوم ايحيا بوقدير الذي مات صيف 2018 كانه ليس فنان مغربي جاب العالم بفن احواش باعتباره كان سفير للثقافة الامازيغية المغربية عقود طويلة من الزمان لكن ذلك لم يشفع له ان يكرم قبل مماته او بعد مماته في قنواتنا التلفزيونية من قبيل القناة الاولى او القناة الثانية  او القناة السادسة حتى لان هذه القنوات هي موجهة للمركز و فنونه المقدسة مثل الطرب الاندلسي بكل الصراحة و الموضوعية..........

انني احب مشاهدة الدراما المغربية سواء الناطقة بالامازيغية او بالدارجة على حد السواء لكي لا يسجل علي احد انني عنصري ادافع عن الثقافة الامازيغية لوحدها او عن نظام الحكم الذاتي لتقسيم البلاد الى مناطق امازيغية و مناطق عربية الخ من هذه الخرافات حيث كنت واضحا في مقالي الاخير حول ضرورة احياء حركة الحكم الذاتي لسوس الكبير في نطاق الوحدة الوطنية و الثرابية لان منطقة سوس هي مهمشة  على مختلف الاصعدة و المستويات و الخطاب الملكي الاخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء هو خير دليل على ما اقوله الان.......

الى صلب الموضوع                                  

ان المسالة الدينية في فن الروايس هي مسالة طبيعية للغاية بحكم ان منطقة سوس الكبير تحتضن العديد من المدارس العتيقة منذ قرون من الزمان حتى سميت سوس بالعالمة نظرا لنشاطها الديني الكبير حيث كان في القرون الماضية  الذي له القيمة و التقدير هو الفقيه و الرايس باعتبارهما يساهمان في نشر الخير و الارشاد الديني في صفوف المجتمع حسب رايي المتواضع...

فان وظيفة الرايس في المجتمع ليس مجرد ترفيه فاجر يشجع الفجور و الاباحية كما نسمعه اليوم من طرف فقهاء تيار الاسلام السياسي..

 بل ان وظيفة فن الروايس في المجتمع هي كثيرة و متنوعة من قبيل نشر الارشاد الديني باللسان الامازيغي الى البوادي السوسية او الى المدن المغربية او الى خارج حدود الوطن كذلك لان في العقود الماضية لا توجد اية سياسية هادفة الى تمزيغ الخطاب الديني الرسمي على علته و نواقصه سواء من طرف السلطة او من طرف تيارات الاسلام السياسي على الاطلاق حيث كانت السلطة وقتها حاولت اقبار الامازيغية بشموليتها تحت ذريعة احياء ما يسمى بالظهير البربري و تحت ذريعة ان الامازيغية هي نعرة جاهلية الخ من افكار الحركة الوطنية........

ان فن الروايس بعد الاستقلال وجد نفسه يقوم بادوار الدولة في تفسير الاسلام كاركان و كقيم اخلاقية اي ان امارك ن لدين اي الشعر الديني لدى فن الروايس هو غزير للغاية حيث ان المرحوم  الحاج محمد البنسير له اسهاماته القيمة في هذا الميدان باعتباره خريج احدى المدارس العتيقة بقريته نواحي اقليم مراكش و باعتباره كان قريب من الطرق الصوفية الخ من هذه الاشياء المحيطة به وقتها اي سنة 1956 كتاريخ انطلاقة مساره الفني .....

لقد سال البنسير احد الفقهاء بمنطقة سوس عن حكم الغناء في الاسلام فاجاب الفقيه على سؤاله بالقول ان الغناء هو حلال و ينبغي ان يكون شعرك طيب و خال من الاشياء التي تتعارض مع الحياء و الاذاب العامة ..

و هكذا انطلق البنسير في مسيرته الفنية محاولا ان يكون في المستوى الرفيع من خلال قصائده المتنوعة من حيث المواضيع و القضايا من قبيل قضية الثقافة الامازيغية و قضية الواقع السياسي و الواقع الاجتماعي الخ .

غير ان المرحوم البنسير اهتم بالدين من منطلق انه يعيش في مجتمع متدين مثل مجتمعنا الامازيغي ..

و من منطلق انه ربما شعر ان المخزن وقتها قد همش البعد الديني لدى الامازيغيين  للغاية تطبيقا لايديولوجية الظهير البربري كما اسميها اليوم حيث اتساءل هنا هل البنسير كان يدرك هذا المعطى ؟ خصوصا انه كان يجتمع مع اعضاء الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي انذاك مثل الاستاذ مستاوي و الاستاذ عصيد الخ بمعنى ان البنسير له علاقات مع الحركة الثقافية الامازيغية .....

و هناك من يطلق عليه اسم العالم لغزيرة شعره الديني و المتناول لعدة قضايا مثل الحث على القيام بالصلوات الخمس و اكرام اهل العلم الشرعي و كما له قصيدة حول الخمر و حول فريضة الحج كغيره من الروايس الذين قاموا بتفسير اركان هذه الفريضة بشكل دقيق لامازيغي سوس و المدن المغربية الاخرى و خارج حدود الوطن بمعنى ان فن الروايس قد قام بوظيفة المخزن و وزارته المسماة بالاوقاف و الشؤون الاسلامية في تمزيغ الاسلام اي شرحه بالامازيغية في ذلك السياق الذي يمنع فيه اي حديث عن الامازيغية كلغة و كثقافة و كبعد ديني ضخم بغية تعريب المغرب بالكامل .

ان البنسير من طبيعة الحال لا يمكنه ان يتجاهل موضوع الغزل الرمزي في فن الروايس لاننا مجتمع محافظ بمعناه الايجابي و السلبي على حد السواء حيث ان الرمزية في شعر الروايس الغزلي هي مهمة لان لا يمكن  ذكر امراة بالاسم عند الروايس القدامى الا في حالات نادرة جدا حيث يفضل الروايس استعمال بعض الرموز مثل الحمام الابيض و احبيب اي الحبيب الخ من هذه الرموز الدالة على المراة الصالحة للزواج..

ثم ان موضوع الغزل في شعر البنسير له جمهوره خاصة الشباب و الشابات الخ بمعنى انه يكتب قصائده لكل فئات المجتمع مثل الفقهاء و الفقراء و الشباب و حتى الحركة الثقافية الامازيغية وقتها ...........

  اننا نخلد اليوم بكل الاعتزاز و الاسى كذلك الذكرى 30 سنة لوفاة البنسير كاننا مازلنا نعيش في عصر الراحل الحسن الثاني لان المخزن مازال يتجاهل البنسير كانه ليس فنان مغربي على الاطلاق من خلال اطلاق اسمه على مؤسسات الدولة الثقافية او شارع من بين شوارعنا في مدينة اكادير باعتبارها عاصمة جهة سوس او في مدينة الدار البيضاء باعتبارها كانت مقر اقامته...

و على المستوى الاعلامي فاحيي الاستاذ عبد الله بوشطارت الذي قام باعداد وثائقي ضخم حول حياة البنسير بثته القناة الامازيغية بتاريخ فاتح مارس الماضي ................

و كما احيي الاستاذ محمد ولكاش الذي يعمل في اذاعة راديو بلوس اكادير و الذي يحرص تام الحرص على احياء ذكرى وفاته في كل سنة و هي 11 نونبر 1989 ..

اما قنواتنا التلفزيونية الاخرى فانها مازالت تتجاهله كانه غير موجود اصلا في تاريخنا المعاصر حيث انني اتساءل اين هو ارشيف سهراته القليلة في القناة الاولى التي كانت تسمى وقتها بالتلفزة المغربية؟؟؟

و خلاصة القول ان المرحوم الحاج محمد البنسير قد ترك العز لاهل سوس و لفن الروايس و ترك ايضا الوعي الامازيغي  كشيء يتطور مع مرور الايام و السنوات و العقود و العاقل سيفهم معنى رسالتي انتهى الكلام.............

تحرير المهدي مالك  

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 3999