ما الدنيا إلا مسرح كبير

فوزى فراج في الإثنين ١٨ - يونيو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

                                     ما الدنيا إلا مسرح كبير

يوسف ( بك) وهبى , كان من اعظم وأقدر فنانى مصر فى السينما والمسرح رحمه الله, كلما تذكرته تذكرته وهو يقول ( ما الدنيا الا مسرح كبير) والتى كان يرددها حتى اصبحت تكاد ان تكون من علاماته المميزه بل إن الكثيرين ممن تفوه بهذه الجملة من بعده كان يقلده تماما فى طريقة إلقائها. حقا ما الدنيا الا مسرح كبير, تخيل ان الدنيا عباره عن مسرح, وعلى خشبة المسرح وعندما ترتفع الستاره, تعرض المسرحيه, ويظهر الممثلون لأداء ادوارهم, بعضهم يؤدى دوره ببراعه تنتزع اعجابك, وبعضهم لايكاد يتذكر كلماته , بعضهم يسيطر على المسرحيه ويطول دوره ولا يكاد يمر اى مشهد الا وهو فى وسط المسرح , وبعضهم لاتراه الا للحظات قليله , حتى انك قد تنساه تماما بعد دقائق , بعضهم تحبه وبعضهم تكرهه , بعضهم تشعر بالشفقةعليه وبعضهم تكاد تقفز من مقعدك كى تركل مؤخرته بأقصى ما لديك من قوة , بعضهم يضحكك و بعضهم يبكيك, وهكذا تدور احداث المسرحيه على المسرح.

 
اما المسرحية التى نشاهدها الأن على مسرح ( الدنيا) فهى مسرحيه لا تدرى ان كانت من الكوميديا المضحكه ام من التراجيديا المبكيه, ام من (الفارس) الساخر, ام السرياليه الرمزية التى لا يفهمها الا من يدعى انه يفهمها, وعندما تسأله عن معناها, يرفع حاجباه فى دهشة ويقول, اتريد ان تخبرنى انك لم تفهمهابعد... حقا!! ثم يستدير وهو يهز رأسه فى تعجب ويمضى دون ان يعطيك اجابة , اى إجابة. انها خليط غير متمازج من الكوميدى والدراما المأساويه مع بعض الرمزيه الهزليه التى لامعنى لها. لقد احتل خشبة المسرح جمع من الممثلين غالبيتهم العظمى للأسف ممن يطلق عليهم لقب المسلمين تجاوزا او العرب بصفة عامه,الذين يؤدون ادوارا فى مسلسل من مسلسلات الرعب والهلع التى تمتلئ بالعنف والدماء , القتل والإنفجارات, الإغتيالات والإنتحارات. وبينما فى نفس الوقت, هناك عدد كبير اخر من الممثلين على مسرح الدنيا يؤدون ادوارهم فى هدوء , الا انك لاتراهم ولا تحس بما يفعلون او بما يقولون, لأن الصوت والضجه والضوء قد تركز بشدة على الممثلين المسلمين والعرب فقط,ورغم ان عددهم اقل من خمس العدد الإجمالى لجميع نجوم وممثلى المسرحيه, الا ان المخرج – جزاه الله – قد اسند اليهم الدور الأكبر فى تلك المسرحيه. لكن هل من الممكن ان نوجه اللوم الى المخرج او المؤلف او المنتج, اليس الأمر أولا وأخيرا يرجع الى الممثل الذى يرى الدور المعروض عليه فإما ان يقبل او يرفض ان يؤديه, لايمكن لذلك الممثل ان يوجه اللوم الى المخرج او المنتج او المؤلف او حتى عامل الستاره, فهو الذى قبل ان يؤدى ذلك الدور بمحض اختياره.

 
لو اننا ننظر الى العالم فى اى لحظه ما, لوجدنا مناطقا ساخنة ومناطقا مشتعله ومناطقا دافئه ومناطقا متجمدة من شدة البرود, اما المناطق المشتعله فهى كما نعرف جميعا حيث تتوقف الكلمات والحوار و المحادثات ليحل محلها العنف والقتل والتدمير, المناطق التى يموت قتلا ويجرح فيها الأبرياء اكثر مما يموت فيها المتقاتلين والمتحاربين, اما المناطق الساخنه فهى المناطق التى اعتمادا على درجة السخونه اما فى طريقها ان تسمى مناطقا مشتعله او تسمى مناطقا دافئه, واذا نظرنا الى خريطة للعالم , فسنجد اليوم ان الغالبية العظمى لتلك المناطق المشتعله بلامناقشة هى مناطق تنتمى الى العرب والمسلمين, هذا هو العامل المشترك الأعلى, اما ان تساءلت عن السبب, فغالبا كما يحدث بعد عرض اى مسرحية ( مع مراعاة ان هذه المسرحية لازالت تعرض) ,ستختلف الآراء, فلن تجد هناك نقصا فى المتطوعين بالشرح والإدلاء بالأسباب, فمنهم من سيقول انه الظلم الذى يجد فيه العرب والمسلمين انفسهم والذى يقع عليهم من العالم بالأخص من الغرب او اسرائيل او كلاهما, ومنهم من سيأول الأمر الى التخلف الحضارى والثقافى والأجتماعى والعلمى والعسكرى والأقتصادى والتكنولوجى و.و.........لتلك الشعوب, ومنهم من سيتهم الشعوب بالبعد عن الدين وعن الأسلام خاصة وان لو انهم تمسكوا بالدين كما تمسك الذين من قبلهم لكانوا أسياد هذا العالم الآن, ومنهم من سوف يلقى اللوم كاملا على الحكام العرب والمسلمين, ومنهم من يؤمن بأن التطرف والأرهاب الذى يقوم به بعضا من هؤلاء المسلمين ضد من لايتفق معهم بصرف النظر عن كونه مسلما او عربيا او غربيا او حتى من كوكب اخر فهم فى نظرهم اعداء الله ويجب ان يتم تدميرهم والقضاء عليهم, ومنهم من يؤمن بنظرية المؤامره المدبره ضد العرب والمسلمين, ومنهم من سيرفض كل ما تم سرده ليقول ان السبب هو طمع الغرب فى البترول العربى والثروات العربيه, ومنهم من سيقسم ان ذلك يحدث لأن اعداء الاسلام يخشون الأسلام خشية الموت ولذا فهم يوجهون له ما يسمى بالضربه الوقائيه او الضربه الأولى, ومنهم ومنهم ومنهم الى مالانهايه. فأيهم ياترى على حق وأيهم قد جانبه الصواب.


هل هناك عامل مشترك أعلى فعلا بين كل تلك المناطق المشتعله, هل من الممكن ان نربط ما يحدث فى العراق بما يحدث فى الصومال او السودان او فلسطين , هل هناك اصابع خفية تحرك تلك الدمى على المسرح, هل هى امريكا, اسرائيل , الحكام العرب, هل هى ايران , السعوديه, ودول الخليج , حماس وحزب الله, ماذا بشأن ما يحدث الأن فى غزة ولبنان, وماذا بشأن ما يحدث فى تركيا مع الأكراد بصفة عامة, لا اود ان ننسى باكستان وافغانستان وطالبان وبن لادن, هل هدأت المشاكل فى الجزائر ام انه هدوء مؤقت وماذا بشأن المغرب. هل انتهت مشاكل ليبيا مع جيرانها ربما يكون القذافى تحت نظام علاج مكثف بالمهدئات النفسيه والعصبية والسيكولوجيه يعلم الله انه بحاجة ماسة اليها الآن كما كان فى حاجة ما سة اليها طوال الاحقاب الأربعة الماضية, وماذا آل اليه حال كوسوفو وبوسنيا فى البلقان, وماذا عن كشمير والهند والشيشان , وماذا عن مصر, نعم مصر مبارك, هل تقع فى المنطقة الدافئه ام الساخنه ام انها على وشك ان تدخل فى نطاق المنطقة المشتعله هل وصلتك الفكرة واتضحت لديك الصورة!!!!


يتشدق الجميع بكلمة الديموقراطيه, معذرة, اعرف انك قرأت ذلك من قبل الاف المرات, فأرجو ان تتحمل مرة اخرى, الحكام العرب والمسلمين لا تخلو خطبهم من تلك الكلمه الديموقراطيه وإدعاءاتهم بأنهم خير من يمارسها, وسائل الإعلام التى هى ابواق الحكام تكرر نفس الكلمه, جرائد المعرضة ان وجدت تطالب بنفس الكلمة, الشعوب العربيه وكأنها ( كورس) يردد نفس الكلمه, ولو جئت سيادتك من كوكب اخر لظننت ان تلك الكلمه هى ( الأكسير) السحرى الذى يحيى الموتى والدواء الوحيد لأى داء مستعصى, الديمــــــــــــــــــــــــــــو قـــــــــــــــــــــــــراطـــــــــــــــــــــية, اتحدى ان ارى حاكما عربيا واحدا يعترف ان بلاده تعانى من نقصها او من انعدامها, واتحدى ان وجدت صحيفة عربيه واحدة من ابواق الحاكم تقول انها عملة صعبه لا تتواجد, وأتحدى ( لقد انقطع نفسى من كل تلك التحديات) ان تجد اى معارضه ان سمح بتواجدها تتفق مع الحاكم فى توافر تلك ال....ماهى الكلمه أه ديموقارطيه, ثم اخيرا اتحدى ان تجد شعبا عربيا واحدا يعرف تماما بالتحديد ماهى الديموقراطيه وكيف تمارس. اذن لماذا كل هذه الضجه, انها كلمة ليست عربيه او اسلاميه الأصل, ولم يتم تعريبها بكلمة عربية مماثلة, فمثلا قد وجدوا كلمات عربيه تعادل كلمة التليفزيون, وهى (المرناه) وعربوا كلمة الراديو الى ( الحاكى ) اما التليفون فأصبح ( الهاتف) والكمبيوتر اطلقوا عليه ( الحاسوب) , اما تلك الكلمة الملعونه, فلم تعرب حتى الأن, وبصرف النظر عن ان كانت الشعوب العربيه تستعمل كلمات المرناه او الحاكى او الهاتف, ام لا تستعملها, فعلى الأقل هناك كلمات من الممكن الرجوع اليها مهما ندر استعمالها, فكيف اذن بالله عليك ان لم يكن فى استطاعتنا ان نؤلف , مجرد التأليف, كلمه عربيه لتعبر عن ذلك المعنى فكليف لنا ان ندعى معرفتنا وممارستنا لها. لذلك اقترح بشده ان يجتمع مجمع البحوث العربيه وان لايسمح بفض الإجتماع قبل الوصول الى توليف او تأليف او اختراع كلمة عربيه تعادل او تماثل او يمكن استعمالها فى محل تلك الكلمة الغامضه بين الجماهير, وربما يمكن بعد ذلك ان تبدأ الحكومات والشعوب العربيه فى ( فهم) معناها ثم فهم ممارستها.


اننى ارى البعض من الأصدقاء وهم يسارعون الى شحذ اقلامهم كى يفحموا ويشجبوا ما قلته اعلاه عن الديموقراطيه, وأرى منهم من يقول ان كان ما تقوله صحيحا, فكيف لك ايها العبقرى ( بسخرية طبعا) ان تفسر ان كلمة ديكتاتور هى ايضا كلمة غير عربية وليس لها كلمة عربية مرادفه لها , ومع ذلك فقد فهم حكمانا معناها جيدا ومارسوها خيرا ممن اخترعوا تلك الكلمه, وفهمت شعوبنا معناها جيدا وتقبلوا من حكامهم ممارستها!!! اما ردى عليهم فسيكون بالطبع, ارجو ان تتجاوزا عن تلك الهفوة وان ترحموا بوادر الألزهيمر فى سنى المتقدم. وبس خلاص.

 
مع احترامى وتقديرى حتى لمن لم يشحذ قلمه
.

اجمالي القراءات 34295