تساؤل وليد تساؤل ؟
أفلا يتساءلون عن الخمسمائة وعشرين خطبة جمعة ، كيف طـُـمست ؟

يحي فوزي نشاشبي في السبت ١٧ - أغسطس - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

بسم الله الرحمن الرحيم.

*****  

تساؤل  وليد  تساؤل ؟

أفلا يتساءلون عن الخمسمائة وعشرين خطبة جمعة ، كيف  طـُـمست ؟

*********** 

إنّ  الأستاذ  إبراهيم دادي جدير بالشكر الجزيل لإثارتــــه موضوعــه الأخيـــر،( بتاريخ 11 أغسطس 2019)، تحت عنوان:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ.) – سورة المنافقون الآية رقم 9- ويُعتبر الموضوعُ جريئا  شجاعا. وخلال تتبع ما ورد فيه من تفاصيل بإمعان، شعرتُ بأن هناك تساؤلات عديدة، وكانت تقريبا كلها (حُبلى)، ومن بين ما ولدته  أذكر ما يلي :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ.) – سورة الجمعة – الآية رقم 9 .

الظاهر أن هناك ثلاث إشارات أو علامات أو تنبيهات ذات أهمية قصوى وهي:

الصلاة - والسعي، استجابة  للنداء، لكن لذكر الله وحده، لا شريك له، ولا غير، وإدارة الظهر، والتنكر، والترفع، والإنجذاب عن متعة البيع .

       نعم، إذا اتفقنا أن هناك شيئا ذا أهمية كبرى يتلخص في أن إرادة الله وتعليمته ونصيحته هي: الصلاة التي لا تتم إقامتها وأداؤها إلا بذكر الله وحده، وبما في ذلك ما يسبقها من الخطبة التي لا تتم هي الأخرى، أو المفروض أنها لا تتم إلا بذكر الله وحده لا شريك له.

       عندما نتفق على هذه النقاط، فإننا من المرجح أن نفهم ونعي ما تفضل به الأستاذ إبراهيم دادي، وما عرضه وشرحه بتفصيل - مشكورا-، وعندها فقط سيكون من المحتم أيضا أن نصرح، إن همسا أو حتى جهرا بما يكون قد صال وجال في خواطرنا  وأذهاننا سرا ، ألا وهو :

       ألا يكون هؤلاء الخطباء في صلاة  يوم الجمعة، ألا يكونون حادوا قليلا أو كثيرا عن ما قصده الله  وأراده لنا في تعليماته تلك : (فَاسْعَوْاإِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ) ؟

        ألا تكون خطبُ الجمعة كلها أو نسبة 99 في المائة منها عبارة عن مجرد وعظ  وإرشاد ؟ وبطريقة وأسلوب باهت ( مصاب بفقر دم ) ؟ وتتخلله  حكايات، وروايات، بعضها معقول نوعا ما، ومعظمها غير معقول، بل ومناف للفطرة، وبعضها تنطبق عليه مقولة " خرافة تضحك الحزين " ؟، بل ومعظمها عبارة عن وعظ وإرشاد غريب، بل يحمل مسحة من وقاحة وتحدّ، تصطدم بالحديث المنزل نفسه وتعليماته سبحانه وتعالى ؟

بسبب تلك  الروايات، وتلك الأقوال المأثورة، أو تلك الأبيات الشعرية؟ بل إن هناك ما هو أكثر وأفدح، وهو بسبب تلك المقولات أو الإشاعات التي تفتقر إلى أية مصداقية، بل يمكن أن توصف بترويج أقوال هي عبارة عن إشاعة الفاحشة وزرع البهتان والتهويل، وسرد طابور من أحاديث مزعومة، نسبت إلى رسول الله، كذبا وزورا وبهتانا، ومستقاة من مسندات هي الأخرى مزعومة ؟ وأما عن الظاهرة الأخرى غير المريحة فهي أن معظم خطب الجمعة في شقها الأخير كانت منذ عهود غابرة وما زالت عبارة عن عبارات شكر وتملق وتمجيد ومحاباة ودعوات خير موجهة للحكام والرؤساء والملوك وحتى إلى أسرهم.

       ثم، إن هناك تساؤلا وجيها وذكيا أثاره سابقا مفكر في إحدى مؤلفاته وهو:

       عندما نتفق أن رسول الله نفسه إبان حياته قد استجاب حتما إلى نداء الله وتعليماته الخاصة بالصلاة من يوم الجمعة ( سورة الجمعة – الآية رقم 9) .

       وعندما نتفق أن الفترة التي عاشها رسول الله في أداء صلاة الجمعة في كل  جمعة، وسعيه إلى ذكر الله هي فترة لا تقل عن عشرة أعوام كاملة، وأن عدد أيام الجمعة  في العام الواحــد هي 52 إثنان وخمسون، وأن فترة السنوات العشر تشتمل على (10 x  52) يساوي 520 خمسمائة وعشرين جمعة، وبالتالي على 520 عملية سعي إلى ذكر الله، أو 520 خطبة جمعة، ومعظمها أداها وخطبها رسول الله  نفسه من على منبره.

       وعندما نتصور رسول الله -  عليه الصلاة والتسليم – وهو يخطب أمام عشرات أو عشرات المئات من المؤمنين، أي من المستمعين، وهذا هو المهم ، وهنا  بالضبط  يقع مربط الفرس، ألا يحق لنا أن نعي جيدا ونوافق على تساؤل ذلك المفكر الذي جاء مفاده:

       لماذا لم يرو لنا أي راو من أولئك الرواة كيفية خطبة الجمعة وكيفية صلاة الجمعة؟ أو يروي لنا ما سمعه مباشرة مما قاله النبيّ؟ عليه الصلاة والتسليم؟ من بين الخمسمائة والعشرين خطبة ؟  أفلا يتساءلون عن الخمسمائة وعشرين خطبة جمعة ، كيف  طـُـمست ؟

       ألا يمكن أن تكون هناك مناورة أو مؤامرة أو محاولة ( ناجحة على ما يبدو، إذ تمكنت من طمس كل ما فعله رسول الله أو قاله في بحر 10 سنوات في 520 جمعة ؟

       ألا تنطبق علينا نحن المؤمنين، ونحن نظن أننا كنا نسعى إلى ذكر الله ؟ ألا تنطبق علينا تلك الآية التحذيرية التنبيهيه الخطيرة في سورة يوسف رقم: 106  (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ.) ؟؟؟

       ألا يكون هناك ( فيروس ما، خبيث ) حالا وقابعا في كل زاوية من زوايا مساجدنا وبمنابرها، همه وديدنه هو أن يحبط كل حركاتنا وسكناتنا ؟ ألا تدل حالتنا البائسة على هذا العقم الضارب أطنابه في جمعاتنا وخطبنا ؟  ومنذ  قرون وقرون ؟

وإن الشرك الذي أوقعنا الشيطان في شراكه هو: أننا وعلى الرغم من الظواهر والمظاهر لم نكن نسعى إلى ذكر الله وحده ، بل  استجبنا للنداء من يوم الجمعة فعلا ولكننا كنا نحن ومن على المنبر، من حيث ندري أو لا ندري، أشركنا ذكر الله بذكر غير الله. وألا  نخشى أن تنطبق علينا الآية  35 في سورة الأنفال:(وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ۚ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ) ؟

*******

 

اجمالي القراءات 4935