هل الإسلام بعث للعالم أجمع أم للعرب فقط؟

سامح عسكر في الجمعة ١٢ - يوليو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

سؤال: هل الإسلام بعث للعالم أجمع أم للعرب فقط؟

قلت: الإجابة ستكون من ثلاثة جوانب:

الأول: أن الإسلام بعث للعرب فقط بنص القرآن الواضح، قال تعالى " وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها"..[الشورى : 7] و "كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها "..[الأنعام : 92]

أم القرى هي مكة أو البتراء أو مولد الرسول أيا كان هو، ومن حولها أي القرى التي حولك تتحدث العربية وتفهمك، وهذا مقصود بقوله تعالى "إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون" [يوسف : 2] والمنطقة التي كانت تتحدث العربية وقتها هي الحجاز والصحراء السورية والعراقية، كافة أراضي الشرق الأوسط الأخرى كانت تتحدث العبرية والفارسية والقبطية والسريانية وبالتالي هي غير مخصوصة بالخطاب.

لاحظ القرآن خلا من الحديث عن أي لغات وأقوام وأديان أخرى كالهنود والصينيين والأفارقة والأسيويين والروس والأوروبيين، محدودية الرسالة للعرب هي الأصل الذي بني عليه الإسلام بنقد ما كانوا يعرفونه فقط من "النصرانية واليهودية والمجوسية والصابئة وعبادة الأصنام" لم يذكر أديانا أخرى لا يعرفها العرب، أما طبيعة الرسالة ففي الجانبين التاليين.

الثاني: أن الإسلام دين رحمة وليس دين قسوة أو انتقام أو عذاب، بالتالي فهو يلائم كل البشرية من العرب وغيرهم، قال تعالى " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" [الأنبياء : 107] أي لمن يعلم بك وبرسالتك الإصلاحية ومحتواها، ونَظم العالمية بالرحمة يعني أن المسلم غير مأمور بنشر دينه للعالمين سوى بالرحمة، فلو رفضوك ما لك عليهم سبيلا..قال تعالى " فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ "..[الشورى : 48]

الثالث: الإسلام دين للكافة شرط أن يعلمه الناس ويبلغوه، قال تعالى " وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ"..[الأنعام : 19] و " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته "..[المائدة : 67] والمعنى أن بلوغ الرسالة شرط لعالمية الدين وهو المعنى من قوله تعالى " وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا" [سبأ : 28] أي ما جئت به للكافة شرطه التبليغ، وقد يكون معنى الكافة هنا للعرب خاصة بتقييد العموم كما في قصة نوح ، وكقوله " إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة "[النساء : 101] الأرض هنا جزء وليس الكوكب كله

هنا شرّع الله وسيلة واحدة فقط لنشر الإسلام هي (التبليغ والبلاغ) وسياق الآيات كلها بجوانبها الثلاث لا يقول بوسيلة أخرى كالحرب، لذلك فنشر الدين بالسيف كان خطيئة كبرى فرغت الدين من محتواه وجعلته رهينة لأطماع الحكام ورجال الدين، وعقليا "فعالمية الدين" تلزم أتباعه بالرحمة ، وأما الذي فعلته الجماعات بتفسير عالمية الإسلام بالغزو والأسر والجزية يتناقض مع مبدأ الرحمة في الجانب الثاني، عالمية يعني رحمة قولا واحدا..وعموم الرسالة شرطه البلاغ.

أما خصوص الرسالة للعرب فلأن القرآن بلغتهم، بالتالي فليس المطلوب من الصيني أو الهندي أن يقتل نفسه ليفهم القرآن بلغة صعبة ، ما عليه إلا الجانب الثاني فقط أن يسلك الدين كرحمة وسلام وموعظة حسنة، بالضبط كما فعل من بلّغوه الرسالة..أما من يُبلّغ الرسالة بوحشية أو غباء أو وصاية وظلم فيرفع كلفة البلاغ عن غير العرب الذين لم يصلهم الدين بطريقة صحيحة.

اجمالي القراءات 1437