نقد كتاب آية المباهلة

رضا البطاوى البطاوى في الأحد ٣٠ - يونيو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

نقد كتاب آية المباهلة
الكتاب تأليف علي الحسيني الميلاني وهو من إصدارات مركز الأبحاث العقائدية برعاية السيستانى
رغم كون عنوان الكتاب آية المباهلة إلا أن على الميلانى استغرق نصف الكتاب فى مسألة الإمامة وكيفية إقناع السنى أو منكر السنة بمسألة الإمامة وخلاصة ما قاله وجوب إمامة على وأن أبا بكر لم يكن يستحق الخلافة لأن قاعدة إمامة المفضول مع وجود الفاضل خاطئة واستدل كما فى بقية البحث بقول ابن تيمية
مسألة الخلافة أى الإمامة لا وجود لها فى القرآن فلا ذكر لعلى ولا لأبى بكر ولا لغيرهم من الصحابة ذكر بالاسم فى المصحف حتى يمكن أن يفتى أحد بأن هذا فاضل وهذا مفضول ولو احتكمنا للروايات عند الفرق المختلفة لوجدنا روايات متناقضة وكلها يتنافى مع قوله تعالى:
" هو أعلم بمن اتقى"
فلا أحد من الخلق يعلم من هو الأفضل ولا من هو المفضول
ومن يبحث فى المسألة حاليا يبحث فى مسألة ماتت ومات أصحابها فأبو بكر وعمر وعثمان وعلى والأئمة وغيرهم ماتوا ولم يعد لهم وجود ومن ثم فمن يبحث فى المسألة غرضه واحد هو إثارة الفتنة النائمة ولا أحد يهتم بتلك المسائل من العامة لأن الحياة مبنية على العمل المحلل والمحرم وليس على وجود أشخاص ماتوا ودفنوا والله أعلم بهم
وهذه المسألة سبق أن أثارها اليهود والنصارى فى ادعاء يهودية ونصرانية إبراهيم(ص) وإسماعيل (ص) وإسحق (ص) ويعقوب (ص) فطالبهم الله بالاقلاع عن التحدث عن الموتى لأنهم لا يحاسبوا على عمل الموتى وهو أعلم بهم وهو من يحاسب الكل فقال :
أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله أبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون"
وقال:
"أم تقولون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون"تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون"
إذا القوم جميعا ماتوا كما هو معروف منذ قرون طويلة ولا يصح أن نعيد تاريخ يثير الخلاف والحروب
موضوع الكتاب هو آية المباهلة وقد استهل الميلانى بحثه بها فقال :
طآية المباهلة:
قوله تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)
هذه الآية تسمّى بـ «آية المباهلة»
بعد هذا نقل عن اللغويين معنى جذر بها فقال تحت عنوان المباهلة في اللغة:
"المباهلة: من البهل، والبهل في اللغة بمعنى تخلية الشيء وتركه غير مراعى، هذه عبارة الراغب في كتاب المفردات وعندما تراجعون القاموس وتاج العروس وغيرهما من الكتب اللغوية ترونهم يقولون في معنى البهل أنّه اللعن لكنّي رأيت عبارة الراغب أدق، فالبهل هو ترك الشيء غير مراعى، كأنْ تترك الحيوان مثلاً من غير أن تشدّه، من غير أن تربطه بمكان، تتركه غير مراعى، تخلّيه وحاله وطبعه
وهذا المعنى موجود في رواياتنا بعبارة: «أوكله الله إلى نفسه»، فمن فعل كذا أوكله الله إلى نفسه وهذا المعنى دقيق جدّاً تتذكّرون في أدعيتكم تقولون: «ربّنا لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبداً»، وإنّه لمعنى جليل وعميق جدّاً، لو أنّ الإنسان ترك من قبل الله سبحانه وتعالى لحظة، وانقطع ارتباطه بالله سبحانه وتعالى، وانقطع فيض الباري بالنسبة إليه آناً من الانات، لانعدم هذا الإنسان لهلك هذا الإنسان

ولو أردنا تشبيه هذا المعنى بأمر مادّي خارجي، فانظروا إلى هذا الضياء، هذا المصباح، إنّه متّصل بالمركز المولّد، فلو انقطع الاتصال آناً ما لم تجد هناك ضياءً ولا نوراً من هذا المصباح هذا معنى إيكال الإنسان إلى نفسه، تقول «ربّنا لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبداً»
هناك كلمة لأمير المؤمنين في نهج البلاغة، أُحبُّ أن أقرأ عليكم هذه الكلمة، لاحظوا، أمير المؤمنين يقول:«إنّ أبغض الخلائق إلى الله رجلان، رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام بدعة ودعاء ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضالٌّ عن هدي من كان قبله، مضلٌّ لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته، حمّالٌ لخطايا غيره،رهنٌ بخطيئته»

وجدت عبارة الراغب أدق، معنى البهل، معنى المباهلة: أن يدعو الإنسان ويطلب من الله سبحانه وتعالى أن يترك شخصاً بحاله، وأنْ يوكله إلى نفسه، وعلى ضوء كلام أمير المؤمنين أن يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الشخص أبغض الخلائق إليه، وأيّ لعن فوق هذا، وأيّ دعاء على أحد أكثر من هذا ؟ لذا عندما نرجع إلى معنى كلمة اللعن في اللغة نراها بمعنى الطرد، الطرد بسخط، والحرمان من الرحمة، فعندما تلعن شخصاً ـ أي تطلب من الله سبحانه وتعالى أن لا يرحمه ـ تطلب من الله أن يكون أبغض الخلائق إليه، فالمعنى في القاموس وشرحه أيضاً صحيح، إلاّ أنّ المعنى في مفردات الراغب أدق، فهذا معنى المباهلة"
الرجل لف ودار حول المعنى وانتهى إلى رأى الراغب الأصفهانى وهو أن يدعو الإنسان ويطلب من الله سبحانه وتعالى أن يترك شخصاً بحاله، وأنْ يوكله إلى نفسه والحقيقة أن الابتهال هو الدعاء فقط لقوله" ثم نبتهل إلى الله" أى ثم ندعو الله أى نطلب من الله وأما المطلوب فى الآية فهو جعل لعنة الله على الكاذبين والمعنى بعيد عن ترك الشخص بحاله ووكله لنفسه لأن اللعنة هة العقاب أى العذاب ومن ثم فهى تنزل بالشخص نفسه
ثم ذكر الميلانى حكاية المباهلة فقال :
إذن، عرفنا لماذا أُمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمباهلة، ثمّ عرفنا في هذا المقدار من الكلام أنّه لماذا عدل القوم عن المباهلة، لماذا تراجعوا، مع أنّهم قرّروا ووافقوا على المباهلة، وحضروا من أجلها، إلاّ أنّهم لمّا رأوا رسول الله ووجوه أبنائه وأهله معه قال أُسقفهم: «إنّي لأرى وجوهاً لو طلبوا من الله سبحانه وتعالى أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله»
فلماذا جاء رسول الله بمن جاء ؟ لا نريد الآن أن نعيّن من جاء مع رسول الله، لكن يبقى هذا السؤال: لماذا جاء رسول الله بمن جاء دون غيرهم ؟ فهذا معنى المباهلة إلى هنا"
الرجل هنا يقول رسول الله(ص) لم يقله فالرسول (ص)لا يقول أن القوم يستطيعون إزالة جبل بواسطة كلامهم لعلمه أن الله منع الآيات وهى المعجزات فى عهده بقوله تعالى :
"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
كما ان الآيات المعجزات لا تعطى لغير الرسل(ص) كما قال تعالى :
" وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله"
فكيف يعطيها الله لهؤلاء الكافرين برسالة الله أى منطق هذا ؟
بعد هذا تكلم الرجل عمن كان مع الرسول (ص) فى المباهلة فقال :
"تعيين من خرج مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في المباهلة:
إنّه ـ كما أشرنا من قبل ـ ليس في الآية المباركة اسم لأحد، لا نجد اسم علي ولا نجد اسم غير علي في هذه الآية المباركة إذن، لابدّ أن نرجع إلى السنّة كما ذكرنا، وإلى أيّ سنّة نرجع ؟ نرجع إلى السنّة المقبولة عند الطرفين، نرجع إلى السنّة المتّفق عليها عند الفريقين
ومن حسن الحظ، قضيّة المباهلة موجودة في الصحاح، قضيّة المباهلة موجودة في المسانيد، قضيّة المباهلة موجودة في التفاسير المعتبرة
إذن، أيّ مخاصم ومناظر وباحث يمكنه التخلّي عن هذا المطلب وإنكار الحقيقة ؟

وتوضيح ذلك: إنّا إذا رجعنا إلى السنّة فلابدّ وأن نتمّ البحث دائماً بالبحث عن جهتين، وإلاّ لا يتمّ الاستدلال بأيّ رواية من الروايات:
الجهة الاُولى:
جهة السند، لابدّ وأن تكون الرواية معتبرة، لابدّ وأن تكون مقبولة عند الطرفين، لابدّ وأن يكون الطرفان ملزمين بقبول تلك الرواية هذا ما يتعلّق بالسند
الجهة الثانية:
جهة الدلالة، فلابدّ وأن تكون الرواية واضحة الدلالة على المدعى وإلى الآن فهمنا أنّ الآية المباركة وردت في المباهلة مع النصارى، نصارى نجران، ونجران منطقة بين مكّة واليمن على ما في بالي في بعض الكتب اللغوية، أو بعض المعاجم المختصة بالبلدان وإذا رجعنا إلى السنّة في تفسير هذه الآية المباركة، وفي شأن من نزلت ومن خرج مع رسول الله، نرى مسلماً والترمذي والنسائي وغيرهم من أرباب الصحاح يروون الخبر بأسانيد معتبرة، فمضافاً إلى كونها في الصحاح، هي أسانيد معتبرة أيضاً، يعني حتّى لو لم تكن في الصحاح بهذه الأسانيد، هي معتبرة قطعاً:
خرج رسول الله ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين، وليس معه أحد غير هؤلاء فالسند معتبر، والخبر موجود في الصحاح، وفي مسند أحمد، وفي التفاسير إلى ما شاء الله، من الطبري وغير الطبري، ولا أعتقد أنّ أحداً يناقش في سند هذا الحديث بعد وجوده في مثل هذه الكتب
نعم، وجدت حديثاً في السيرة الحلبيّة بلا سند، يضيف عمر بن الخطّاب وعائشة وحفصة، وأنّهما خرجتا مع رسول الله للمباهلة
ووجدت في كتاب تاريخ المدينة المنوّرة لابن شبّة أنّه كان مع هؤلاء ناس من الصحابة، ولا يقول أكثر من هذا ووجدت رواية في ترجمة عثمان بن عفّان من تاريخ ابن عساكر أنّ رسول الله خرج ومعه علي وفاطمة والحسنان وأبو بكر وولده وعمر وولده وعثمان وولده
فهذه روايات في مقابل ما ورد في الصحاح ومسند أحمد وغيرها من الكتب المشهورة المعتبرة

لكن هذه الروايات في الحقيقة:
أوّلاً: روايات آحاد
ثانياً: روايات متضاربة فيما بينها
ثالثاً: روايات انفرد رواتها بها، وليست من الروايات المتفق عليها
رابعاً: روايات تعارضها روايات الصحاح
خامساً: روايات ليس لها أسانيد، أو أنّ أسانيدها ضعيفة، على ما حقّقت في بحثي عن هذا الموضوع

إذن، تبقى القضيّة على ما في صحيح مسلم، وفي غيره من الصحاح، وفي مسند أحمد، وغير مسند أحمد من المسانيد، وفي تفسير الطبري والزمخشري والرازي، وفي تفسير ابن كثير، وغيرها من التفاسير إلى ما شاء الله، وليس مع رسول الله إلاّ علي وفاطمة والحسنان
دلالة آية المباهلة على إمامة :

أمّا وجه الدلالة في هذه الآية المباركة، بعد بيان شأن نزولها وتعيين من كان مع النبي في تلك الواقعة، دلالة هذه الآية على إمامة علي من أين ؟ وكيف تستدلّون أيّها الإماميّة بهذه الآية المباركة على إمامة علي ؟
فيما يتعلّق بإمامة أمير المؤمنين في هذه الآية، وفي الروايات الواردة في تفسيرها، يستدلّ علماؤنا بكلمة: (وأنفسنا) ، تبعاً لائمّتنا ولعلّ أوّل من استدلّ بهذه الآية المباركة هو أمير المؤمنين نفسه، عندما احتجّ في الشورى على الحاضرين بجملة من فضائله ومناقبه، فكان من ذلك احتجاجه بآية المباهلة، وهذه القصّة، وكلّهم أقرّوا بما قال أمير المؤمنين، وصدّقوه في ما قال، وهذا الاحتجاج في الشورى مروي أيضاً من طرق السنّة أنفسهم "

مما سبق نجد الميلانى يستدل بروايات أهل السنة على أن الذين خرجوا مع النبى(ص) فى المباهلة هم على وفاطمة والحسن والحسين فقط ورفض الروايات الأخرى القائلة بخروج عمر وعائشة وحفصة
الروايات كلها تناقض الآية "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ"
فالأبناء "أبناءنا" لا وجود لهم عند النبى (ص) كما قال تعالى "ما كان محمد أبا ؛د من رجالكم" ومحمد (ص) له بنات ولا ذكر فى الآيات لبناتنا سواء فاطمة أو غيرها ومن ثم لا صحة للروايات وقوله "ونساءنا" تعنى زوجاتنا فنساء النبى(ص) هن زوجاته كما فى قوله تعالى "يا نساء النبى لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا"ولا توجد زوجات فى تلك الروايات ولم يقل ابن عمك ولا قريبك فى الآية ومن ثم فالروايات كلها تعارض الآية
والأهم من هذا هو أن المباهلة لم تقع من الأساس لقوله " فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ" فلم يستطع أحد أن يحاجج النبى(ص) بعد هذا والروايات المعروفة تقول أنهم رحلوا دون مباهلة ففى صحيح البخارى:
4380 - حَدَّثَنِى عَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدَانِ أَنْ يُلاَعِنَاهُ ، قَالَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ لاَ تَفْعَلْ ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلاَعَنَّا ، لاَ نُفْلِحُ نَحْنُ وَلاَ عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا . قَالاَ إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا ، وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلاً أَمِينًا ، وَلاَ تَبْعَثْ مَعَنَا إِلاَّ أَمِينًا . فَقَالَ « لأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ » . فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ » . فَلَمَّا قَامَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ » . أطرافه 3745 ، 4381 ، 7254 - تحفة 3350"
السؤال إذا كيف خرج النبى(ص) بهم والمباهلة لم تقع أصلا لا فى القرآن ولا فى الروايات؟
واستمر الميلانى فى أدلته الواهية الخاطئة فذكر الحكاية التالية:
"وأيضاً هناك في رواياتنا أنّ المأمون العباسي سأل الإمام الرضا قال: هل لك من دليل من القرآن الكريم على إمامة علي، أو أفضليّة علي ؟ السائل هو المأمون والمجيب هو الإمام الرضا المأمون كما يذكرون في ترجمته كما في تاريخ الخلفاء للسيوطي وغيره أنّه كان من فضلاء الخلفاء، أو من علماء بني العباس من الخلفاء، طلب المأمون من الإمام أن يقيم له دليلاً من القرآن، كأنّ السنّة قد يكون فيها بحث، بحث في السند أو غير ذلك، لكن لا بحث سندي فيما يتعلّق بالقرآن الكريم، وبآيات القرآن المجيد فذكر له الإمام آية المباهلة، واستدلّ بكلمة: (وأنفسنا)
لانّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما أُمر أنْ يخرج معه نساءه، فأخرج فاطمة فقط، وأبناءه فأخرج الحسن والحسين فقط، وأُمر بأن يخرج معه نفسه، ولم يخرج إلاّ علي، وعلي نفس رسول الله
بحسب الروايات الواردة بتفسير الآية، كما أشرنا إلى مصادر تلك الروايات، ولم يخرج رسول الله إلاّ عليّاً، فكان علي نفس رسول الله، إلاّ أن كون علي نفس رسول الله بالمعنى الحقيقي غير ممكن، فيكون المعنى المجازي هو المراد"

الخطأ الأول أن فاطمة من نساء النبى(ًص) وكلمة النساء تطلق فى العرف العام على الزوجات وأما البنات فهن شىء أخر غبر نساء الرجل
والخطأ الثانى أن الحسن والحسين ابناء النبى (ص) وهو كلام جنونى فإطلاق اسم الأبناء عليهم يعنى مشكلة كبرى وهى كونهم أولاد زنى نعوذ بالله من ذلك وإطلاق اسم الأبناء عليهم ينافى قوله تعالى "ادعوهم لآباءهم" فأبوهم على المعروف تاريخيا وليس محمد (ص) وكما قلنا المباهلة لم تقع ولم يقع خروج للخوف القوم من نزول اللعنة عليهم
وبعد هذا تطرق الرجل لمسألة أخرى وهى دلالة آية المباهلة على العصمة عصمة النبى (ص) وعلى فقال:
" وأقرب المجازات إلى الحقيقة يؤخذ في مثل هذه الموارد كما تقرّر في كتبنا العلمية، فأقرب المجازات إلى المعنى الحقيقي في مثل هذا المورد هو أن يكون علي مساوياً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلاّ أنّ المساواة مع رسول الله في جميع الجهات وفي جميع النواحي حتّى النبوّة ؟ لا فتخرج النبوّة بالإجماع على أنّه لا نبي بعد رسول الله، وتبقى بقيّة مزايا رسول الله، وخصوصيات رسول الله، وكمالات رسول الله، موجودةً في علي بمقتضى هذه الآية المباركة من خصوصيّات رسول الله: العصمة، فآية المباهلة تدلّ على عصمة علي بن أبي طالب قطعاً
من خصوصيّات رسول الله: أنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فعلي أولى بالمؤمنين من أنفسهم كرسول الله قطعاً"

ولا ذكر للعصمة المزعومة فى القرآن كله فالعصمة للنبى(ص) وحده من أذى الناس كما قال تعالى "والله يعصمك من الناس" وأما الذنوب فلا عصمة لنبى ولا لغيره منهم كما قال تعالى " ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر" فكيف ننفى ما أثبته الله ؟
وتطرق الرجل لمسألة تتعارض مع عقيدة المسلمين فى القرآن وهى كون أفضل جميع الخلائق، أفضل البشر والبشريّة فقال :
"من خصوصيّات رسول الله:
أنّه أفضل جميع الخلائق، أفضل البشر والبشريّة، منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى العالم وخلق الخلائق كلّها، فكان أشرفهم رسول الله محمّد بن عبد الله، وعلي كذلك"
وهو ما يتنافى مع قول المسلمين الذى ذكره الله فقال :
" لا نفرق بين أحد من رسله"
فالمسلمون عقيدتهم فى الرسل كلهم أنهم من أفضل خلق الله على حد سواء
وتطرق الرجل لتفضيل على والأئمة على الأنبياء(ص) فقال :
" وسنبحث إن شاء الله في ليلة من الليالي عن مسألة تفضيل الأئمّة على الأنبياء، وسترون أنّ هذه الآية المباركة ـ وهناك أدلّة أُخرى أيضاً ـ تدلُّ على أنّ عليّاً أفضل من جميع الأنبياء سوى نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم)فحينئذ حصل عندنا تفسير الآية المباركة على ضوء الأحاديث المعتبرة، حصل عندنا صغرى الحكم العقلي بقبح تقدّم المفضول على الفاضل، بحكم هذه الأحاديث المعتبرة وناهيك بقضيّة الاولويّة، رسول الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وعلي أولى بالمؤمنين من أنفسهم"
وهذا القول يشبه قول الصوفية "خضنا بحرا وقفت الأنبياء بساحله" فالصوفية يعتبرون شيوخهم أفضل من الرسل(ص) وكلام الكل يتنافى مع علم الله وحده بالأفضل كما قال :
" هو أعلم بمن اتقى"
ولا ذكر لعلى صراحة فى الوحى حتى يمكن مقارنته بالرسل بل وجعله أفضل منهم وما دامت عقيدة المسلمين التسوية بين الرسل فلا مجال لأفضلية محمد(ص) ولا حتى على غير الرسول للقول "لا نفرق بين أحد من رسله"
والأدهى أن عقيدة تفضيل محمد(ص) تتنافى مع روايات نسبوها له مثل :
"لا ينبغى لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى"
" قيل للنبى يا خير البرية فقال ذاك إبراهيم"
وهذه الروايات موجودة فى الكتب المشهورة مع الروايات الأخرى المناقضة لها مثل "أنا سيد ولد آدم ولا فخر"
وبعد هذا تناول حكاية خطأ تولى المفضول مع وجود الفاضل عند ابن تيمية فقال تحت عنوان :
"مع ابن تيمية في آية المباهلة:
ولو أنّ مدّعياً يدّعي أو متعصّباً أو جاهلاً يقول كما قال ابن تيميّة في منهاج السنّة بأنّ رسول الله إنّما أخرج هؤلاء معه، ولم يخرج غيرهم، يعترف بعدم خروج أحد مع رسول الله غير هؤلاء، يعترف ابن تيميّة، واعتراف ابن تيميّة في هذه الايام وفي أوساطنا العلميّة وفي مباحثنا العلميّة له أثر كبير، لانّ كثيراً من الخصوم يرون ابن تيميّة «شيخ الاسلام»، إلاّ أنّ بعض كبارهم قال: من قال بأنّ ابن تيميّة شيخ الاسلام فهو كافر
المهم، فابن تيميّة أيضاً يعترف بعدم خروج أحد مع رسول الله في قضية المباهلة غير هؤلاء الأربعة، يعترف بهذا، وراجعوا كتابه منهاج السنّة، موجود، إلاّ أنّه يقول بأنّ عادة العرب في المباهلة أنّهم كانوا يخرجون أقرب الناس إليهم، كانوا يخرجون معهم إلى المباهلة من يكون أقرب الناس إليهم، كانت عادتهم أن يخرجوا الأقرب نسباً وإنْ لم يكن ذا فضيلة، وإن لم يكن ذا تقوى، وإنْ لم يكن ذا منزلة خاصة أو مرتبة عند الله سبحانه وتعالى، يقول هكذا
لكنّه يعترض على نفسه ويقول: إنْ كان كذلك، فلم لم يخرج العباس عمّه معه ؟ والعباس في كلمات بعضهم ـ ولربّما نتعرّض إلى بعض تلك الكلمات في حديث الغدير ـ أقرب إلى رسول الله من علي، فحينئذ لِمَ لمْ يخرج معه ؟

يقول في الجواب: صحيحٌ، لكنْ لم يكن للعباس تلك الصلاحية والقابليّة واللياقة لان يحضر مثل هذه القضية، هذا بتعبيري أنا، لكن راجعوا نصّ عبارته هذا النقل كان بالمعنى، يقول بأنّ العباس لم يكن في تلك المرتبة لان يحضر مثل هذه القضيّة، يقول ابن تيميّة فلذا يكون لعلي في هذه القضية نوع فضيلة بهذا المقدار يعترف، ونغتنم من مثل ابن تيميّة أن يعترف بفضيلة لعلي في هذه القضيّة
ولو أنّك راجعت الفضل ابن روزبهان الخنجي، ذلك الذي ردّ كتاب العلاّمة الحلّي رحمه الله بكتاب أسماه إبطال الباطل، لرأيته في هذا الموضع أيضاً يعترف بثبوت فضيلة لعلي لا يشاركها فيها
أحد
نعم، يقول ابن تيميّة: لم تكن الفضيلة هذه لعلي فقط، وإنّما كانت لفاطمة والحسنين أيضاً، إذن، لم تختصّ هذه الفضيلة بعلي وهذا كلام مضحك جدّاً، وهل الحسنان وفاطمة يدّعون التقدم على علي ؟ وهل كان البحث في تفضيل علي على فاطمة والحسنين، أو كان البحث في تفضيل علي على أبي بكر ؟ أو كان البحث في قبح تقدم المفضول على الفاضل بحكم العقل ؟


والعجب أنّ ابن تيميّة يعترف في أكثر من موضع من كتابه منهاج السنّة بقبح تقدّم المفضول على الفاضل، يعترف بهذا المعنى ويلتزم، ولذلك يناقش في فضائل أمير المؤمنين لئلاّ تثبت أفضليّته من الغير
ثمّ مضافاً إلى كلّ هذا، ترون في قضيّة المباهلة أنّ رسول الله يقول لعلي وفاطمة والحسنين: «إذا أنا دعوت فأمّنوا» ، أي فقولوا آمين، وأيّ تأثير لقول هؤلاء آمين، أن يقولوا لله سبحانه وتعالى بعد دعاء رسول الله على النصارى أن يقولوا آمين، أيّ تأثير لقول هؤلاء ؟ ألم يكف دعاء رسول الله على النصارى حتّى يقول رسول الله لفاطمة والحسنين وهما صغيران أن يقول لهم قولوا آمين ؟


إذن، كان لعلي ولفاطمة وللحسنين سهم في تقدّم الاسلام، كان علي شريكاً لرسول الله في رسالته وهذا معنى (فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي) ، فهارون كان ردءاً يصدّق موسى في رسالته، وهارون كان شريكاً لموسى في رسالته وهذا معنى: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي»، وقد قلت من قبل: إنّ الأحاديث هذه كلّها تصب في مصبّ واحد، ترى بعضها يصدّق بعضاً، ترى الآية تصدّق الحديث، وترى الحديث يصدّق القرآن الكريم، وهكذا الأمر فيما يتعلّق بأهل البيت:
رسول الله يجمع أهله تحت الكساء فتنزل الآية المباركة آية التطهير، وفي يوم الغدير ينصب عليّاً ويعلن عن إمامته في ذلك الملا فتنزل الآية المباركة: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)


وأي ارتباط هذا بين أفعال رسول الله والايات القرآنيّة النازلة في تلك المواقف، ترون الارتباط الوثيق، يقول الله سبحانه وتعالى: (قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ) ويخرج رسول الله بعلي وفاطمة والحسن والحسين فقط، وهذا هو الارتباط بين الوحي وبين أفعال رسول الله وأقواله

إذن، فالآية المباركة غاية ما دلّت عليه هو الأمر بالمباهلة، وقد عرفنا معنى المباهلة، لكن الحديث دلّ على خروج علي وفاطمة والحسن والحسين مع رسول الله

الآية المباركة ليس فيها إلاّ كلمة: (وأنفسكم) لكن الحديث فسّر تفسيراً عملياً هذه الكلمة من الآية المباركة، وأصبح علي نفس رسول الله، ليس نفس رسول الله بالمعنى الحقيقي، فكان كرسول الله، كنفس رسول الله، فكان مساوياً لرسول الله، ولهذا أيضاً شواهد أُخرى، شواهد أُخرى من الحديث في مواضع كثيرة يقول رسول الله مهدّداً إحدى القبائل: «لتنتهنّ أو لأرسل إليكم رجلاً كنفسي»، وكذا ترون في قضيّة إبلاغ سورة البراءة، إنّه بعد عودة أبي بكر يقول: بأنّ الله سبحانه وتعالى أوحى إليه بأنّه لا يبلّغ السورة إلاّ هو أو رجل منه، ويقول في قضيّة: «علي منّي وأنا من علي وهو وليّكم من بعدي»، وهو حديث آخر، وهكذا أحاديث أُخرى يصدّق بعضها بعضاً إلى هنا ينتهي البحث عن دلالة آية المباهلة على إمامة أمير المؤمنين "
ما سبق من كلام عن ابن تيمية دون نقل بالنص من كتاب منهاج السنة لا يعنى أن الرجل صدق فيما حكاه عما فى الكتاب لأن الكتاب يناقش الأدلة ولما كان الكتاب مكون من عدة أجزاء ويتناول مسائل كثيرة لا يمكن أن ننقل كل ما قاله ومن ثم ننقل هذه النصوص من الجزء الخامس وهى تفند ما فهمه القوم من الأحاديث المشهورة فى على :
"قوله أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى قاله في غزوة تبوك وهي آخر الغزوات عام تسع من الهجرة فكيف يقال إن الملائكة ليلة المعراج سمعوا قوله أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ثم قد علم أن الإستخلاف على المدينة مشترك فكل الإستخلافات التي قبل غزوة تبوك وبعد تبوك كان يكون بالمدينة رجال من المؤمنين المطيعين يستخلف عليهم وغزوة تبوك لم يكن فيها رجل مؤمن مطيع إلا من عذره الله ممن هو عاجز عن الجهاد فكان المستخلف عليهم في غزوة تبوك أقل وأضعف من المستخلف عليهم في جميع أسفاره ومغازيه وعمره وحجه وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة قريبا من ثلاثين سفرة وهو يستخلف فيها من يستخلفه كما استخلف في غزوة الأبواء سعد بن عبادة واستخلف في غزوة68 بواط سعد بن معاذ ثم لما رجع وخرج في طلب كرز بن جابر الفهري استخلف زيد بن حارثة واستخلف في غزوة العشيرة أبا سلمة بن عبد الأشهل وفي غزوة بدر استخلف ابن أم مكتوم واستخلفه في غزوة قرقرة الكدر ولما ذهب إلى بني سليم وفي غزوة حمراء الأسد وغزوة بني النضير وغزوة بني قريظة وإستخلفه لما خرج في طلب اللقاح التي استاقها عيينة بن حصن ونودي ذلك اليوم يا خيل الله اركبي وفي غزوة الحديبية واستخلفه في غزوة الفتح واستخلف 69با لبابة في غزوة بني قينقاع وغزوة السويق واستخلف عثمان بن عفان في غزوة غطفان التي يقال لها غزوة أنمار واستخلفه في غزوة ذات الرقاع واستخلف ابن رواحة في غزوة بدر الموعد واستخلف سباع بن عرفطة الغفاري في غزوة دومة الجندل وفي غزوة خيبر واستخلف زيد بن حارثة في غزوة المريسيع واستخلف أبا رهم في عمرة القضية وكانت تلك الاستخلافات أكمل من استخلاف علي رضي الله عنه عام تبوك وكلهم كانوا منه بمنزلة هارون من موسى إذ المراد التشبيه في أصل الاستخلاف وإذا قيل في تبوك كان السفر بعيدا قيل ولكن كانت المدينة وما حولها أمنا لم يكن هناك عدو يخاف لأنهم كلهم أسلموا ومن لم يسلم ذهب وفي غير تبوك كان العدو موجودا حول المدينة وكان يخاف على من بها فكان خليفته يحتاج إلى مزيد اجتهاد ولا يحتاج إليه في الإستخلاف في تبوك فصل وكذلك الحديث المذكور عن ابن عباس أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم وهو نشيط أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتى قال70 فقوله أنا الفتى يعني فتى العرب وقوله ابن الفتى يعني إبراهيم الخليل صلوات الله عليه من قوله سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم سورة الأنبياء وقوله أخو الفتى يعني عليا وهو معنى قول جبريل في يوم بدر وقد عرج إلى السماء وهو فرح وهو يقول لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي فإن هذا الحديث من الأحاديث المكذوبة الموضوعة باتفاق أهل المعرفة بالحديث وكذبه معروف من غير جهة الإسناد من وجوه منها أن لفظ الفتى في الكتاب والسنة ولغة العرب ليس من هو من أسماء المدح كما ليس هو من أسماء الذم ولكن بمنزلة اسم الشاب والكهل والشيخ ونحو ذلك والذين قالوا عن إبراهيم سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم هم الكفار ولم يقصدوا مدحه بذلك وإنما الفتى كالشاب الحدث71 منها أن النبي صلى الله عليه وسلم أجل من أن يفتخر بجده وابن عمه ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤاخ عليا ولا غيره وحديث المؤاخاة لعلي ومؤاخاة أبي بكر لعمر من الأكاذيب وإنما آخى بين المهاجرين والأنصار ولم يؤاخ بين مهاجري ومهاجري ومنها أن هذه المناداة يوم بدر كذب ومنها أن ذا الفقار لم يكن لعلي وإنما كان سيفا من سيوف أبي جهل غنمه المسلمون منه يوم بدر فلم يكن يوم بدر ذو الفقار من سيوف المسلمين بل من سيوف الكفار كما روى ذلك أهل السنن فروى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تنقل سيفه ذا الفقار يوم بدر ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعد النبوة كهلا قد تعدى سن الفتيان72 فصل وأما حديث أبي ذر الذي رواه الرافضي فهو موقوف عليه ليس مرفوعا فلا يحتج به مع أن نقله عن أبي ذر فيه نظر ومع هذا فحب علي واجب وليس ذلك من خصائصه بل علينا أن نحبه كما علينا أن نحب عثمان وعمر وأبا بكر وأن نحب الأنصار ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار وفي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه أنه قال إنه لعهد النبي الأمي إلى أنه لا يحبني الا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق فصل قال الرافضي ومنها ما نقله صاحب الفردوس في كتابه عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حب73 علي حسنة لا تضر معها سيئة وبغضه سيئة لا ينفع معها حسنة والجواب أن كتاب الفردوس فيه من الأحاديث الموضوعات ما شاء الله ومصنفه شيرويه بن شهردار الديلمي وإن كان من طلبه الحديث ورواته فإن هذه الأحاديث التي جمعها وحذف أسانيدها نقلها من غير اعتبار لصحيحها وضعيفها وموضوعها فلهذا كان فيه من الموضوعات أحاديث كثيرة جدا وهذا الحديث مما يشهد المسلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقوله فإن حب الله ورسوله أعظم من حب علي والسيئات تضر مع ذلك وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب عبد الله بن حمار في74الخمر وقال إنه يحب الله ورسوله وكل مؤمن فلا بد أن يحب الله ورسوله والسيئات تضره وقد أجمع المسلمون وعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن الشرك يضر صاحبه ولا يغفره الله لصاحبه ولو أحب علي ابن أبي طالب فإن أباه أبا طالب كان يحبه وقد ضره الشرك حتى دخل النار والغالية يقولون إنهم يحبونه وهم كفار من أهل النار وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها وقد علم بالإضطرار من دين الإسلام أن الرجل لو سرق لقطعت يده وإن كان يحب عليا ولو زنى أقيم عليه الحد ولو كان يحب عليا ولو قتل لأقيد بالمقتول وإن كان يحب عليا وحب النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من حب علي ولو ترك رجل الصلاة والزكاة وفعل الكبائر لضره ذلك مع حب النبي صلى الله عليه وسلم فكيف لا يضره ذلك مع حب علي"
وفى الجزء الثامن تناول الرجل حكاية الفاضل والمفضول فقال :
"قد قيل لابن مسعود لما ذهب إلى الكوفة من وليتم قال ولينا أعلانا ذا فوق ولم نأل وذو الفوق هو السهم يعني أعلانا سهما في الإسلام فإن قيل قد يكون أحق بالإمامة وعلي أفضل منه قيل أولا هذا السؤال لا يمكن أن يورده أحد من الإمامية لأن الأفضل عندهم أحق بالإمامة وهذا قول الجمهور من أهل السنة وهنا مقامان إما أن يقال الأفضل أحق بالإمامة لكن يجوز توليه المفضول إما مطلقا وإما للحاجة وإما أن يقال ليس كل من كان أفضل عند الله يكون أحق بالإمامة وكلاهما منتف ههنا أما الأول فلأن الحاجة إلى تولية المفضول في الاستحقاق كانت منتفية فإن القوم كانوا قادرين على تولية علي وليس هناك من ينازع أصلا ولا يحتاجون إلى رغبة ولا رهبة ولم يكن هناك لعثمان شوكة تخاف بل التمكن من تولية هذا كان كالتمكن من تولية هذا فامتنع أن يقال ما كان يمكن إلا تولية المفضول وإذا كانوا قادرين وهم يتصرفون للأمة لا لأنفسهم لم يجز لهم تفويت مصلحة الأمة من ولاية الفاضل فإن الوكيل والولي المتصرف لغيره ليس له أن يعدل عما هو أصلح لمن ائتمنه مع كونه قادرا على تحصيل المصلحة فكيف إذا كانت قدرته على الأمرين سواء وأما الثاني فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق وكل من كان به أشبه فهو أفضل ممن لم يكن كذلك والخلافة كانت خلافة نبوة لم تكن ملكا فمن خلف النبي وقام مقامه كان أشبه به ومن كان أشبه به كان أفضل فالذي يخلفه أشبه به من غيره والأشبة به أفضل فالذي يخلفه أفضل"
بالقطع لا نوافق ابن تيمية ولا غيره على تفضيل الصحابة المؤمنين على بعض بسبب أفعال معينة ولكن عقيدة المسلم هى :
أن كل مؤمن أسلم قبل الفتح المكى وجاهد فى سبيل الله قبل الفتح له درجة مساوية مع من اسلم وقاتل مثله وهى أن المناصب القيادية لا يتولاها أحد سواهم وأما من أمنوا وجاهدوا بعد فتح مكة فليس لهم حق تولى المناصب وهى الدرجة التى ذكرها الله فى قوله تعالى " لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى"
ومن ثم فتولى أحدهم الإمامة لا يعنى كونه أفضل من الآخرين مثله لكون هذا فى علم الله وحده وإنما يعود توليه لتشاور المسلمين واختيار أغلبيتهم له كما قال تعالى :
"وأمرهم شورى بينهم"
لن يفيد المسلمين شىء من حكاية الأفضل والمفضول وإنما تناول تلك المسائل يثير الخلافات ويثير الحروب
اجمالي القراءات 3970