الايمان والصبر الايجابى والتوكل على الله جل وعلا

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٠٧ - مايو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

الايمان والصبر الايجابى والتوكل على الله جل وعلا

أولا : فى الحرب الدفاعية

الحرب هى إستثناء حتى فى تاريخ الشعوب . قد تكون حربا هجومية ، وهى تعتبر كفرا فى التشريع الاسلامى . الدولة الاسلامية مؤسسة على السلام وتحتاج الى ان تستعد بالقوة ردعا لمن يفكر بالاعتداء عليها ( الانفال 60 ) لأن الدولة المسالمة الضعيفة يغرى ضعفها بالاعتداء عليها. المؤمنون حين يضطرون للحرب الدفاعية هم مأمورون بالصبر ـ وقد تعرضنا لذلك سابق ـ وهم أيضا مأمورون بالتوكل على الله جل وعلا . ونعطى أمثلة :

1 ـ رفض بنو إسرائيل دخول الأرض المقدسة التى كتبها الله جل وعلا لهم برغم إلحاح موسى عليه السلام. خرج عن هذا الاجماع رجلان كانا يخافان الله جل وعلا ، نصحا  قومهما بالدخول من الباب متوكلين على الله : ( قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٢٣﴾ المائدة ). قالا : (وَعَلَى اللَّـهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ  ). إن كانوا مؤمنين حقيقيين فعليهم بالتوكل على الله جل وعلا. وهنا الارتباط بين الايمان والتوكل الاسلامى.

2 ـ عن معركة بدر : قال جل وعلا : ( إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا وَاللَّـهُ وَلِيُّهُمَا ۗ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١٢٢﴾ آل عمران ). المؤمنون فقط هم الذين يتوكلون على الله جل وعلا.

3 ـ وعن النصر فى الحرب الدفاعية قال جل وعلا : ( إِن يَنصُرْكُمُ اللَّـهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١٦٠﴾ آل عمران ). المؤمنون فقط هم الذين يتوكلون على الله جل وعلا.

4 ـ وعن تحرش حربى إستهدف المؤمنين وبنعمة الرحمن لم يكتمل حربا قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۚوَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١١﴾ المائدة ). المؤمنون فقط هم الذين يتوكلون على الله جل وعلا.

5 ـ بعد هزيمة ( أُحُد ) صمم فريق من الجرحى المؤمنين على مطاردة جيش العدو الذى سرق نصرا سريعا وهرب . لم يأبهوا بتحذيرات أقرانهم وانطلقوا فى المطاردة خلف العدو الهارب قائلين : حسبنا الله ونعم الوكيل . قال جل وعلا عنهم يمدحهم : ( الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّـهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴿١٧٢﴾ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴿١٧٣﴾ آل عمران ). إزدادوا إيمانا بتوكلهم على الله جل وعلا وهو حسبهم.

6 ـ الاستعداد الحربى واجب للردع ، فإن جنح العدو للسلام فيجب قبول السلام مقترنا بالتوكل على الله ، وحتى لو كانوا مخادعين فإن الله جل وعلا هو الذى سيتكفل بنصر المؤمنين . قال جل وعلا : (  وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٦١﴾ وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّـهُ ۚ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ﴿٦٢﴾ الانفال )

7 ـ الخلاصة أن الايمان الحقيقى مرتبط بالتوكل على الله جل وعلا ، وهذه صفات المؤمنين الحقيقيين ، قال جل وعلا :( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿٢﴾ الانفال )

ثانيا : ( وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) = (وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ  )

فى بعض الايات السابقة تكرر قوله جل وعلا ( وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ). وفى آيات أخرى جاء قوله جل وعلا : (وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ). فالمتوكلون هم المؤمنون والمؤمنون هم المتوكلون . ونعطى أمثلة :

1 ـ يعقوب عليه السلام قال لأولاده : ( وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ ۖ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴿٦٧﴾  يوسف )

2 ـ وجاء ( وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) = (وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ  ) فى قول الرسل لأقوامهم : (  قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ ۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١١﴾ وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّـهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا ۚ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا آذَيْتُمُونَا ۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴿١٢﴾ ابراهيم ).

ثالثا : الايمان فى التوكل على الله يعنى ( لا إله إلا الله )

هذه قضية بالغة الحساسية ، لأن الكفر والشرك يعنيان وجود إيمان قليل لا يقبله رب العزة . كل الكافرين المشركين يؤمنون بالله وآلهة وأولياء معه . التوكل على الله يعنى الايمان بالله جل وعلا وحده . فالمشرك الكافر الذى يقدس بشرا أو حجرا لا يمكن أن يكون متوكلا على الله جل وعلا . ثم إن التوكل على الله وحده يعنى ألا تضع فى حسبانك التوكل على بشر لأنه يكفيك أن تتوكل على الخالق جل وعلا الذى بيده مقادير كل شىء . ولذلك فإن صياغة آيات التوكل جاءت بأسلوب القصر أى قصر التوكل على الله جل وعلا وحده ـ وبما يفيد معناها . ونعطى أمثلة :

1 ـ التوكل باسلوب القصر .

1 / 1 : من أساليب القصر : التقديم والتأخير مثل

1 / 1 / 1 : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) لا يقال نعبدك ونستعين بك ، لأن هذا يفيد نعبدك ونعبد غيرك ونستعين بك ونستعين بغيرك . بنفس الصياغة باسلوب القصر جاء التوكل على الله جل وعلا . ومرت أمثلة مثل : ( وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) و(وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ) ، أى على الله جل وعلا وحده يتوكل المؤمنون والمتوكلون . لم يقل يتوكل المؤمنون على الله او يتوكل المتوكلون على الله لأن هذا الاسلوب يترك المجال مفتوحا لغير الله ويجعل شركاء لله جل وعلا.

1 / 1 / 2 : ومثله قوله جل وعلا : ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴿٩٨﴾ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿٩٩﴾ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ﴿١٠٠﴾ النحل ). هنا أيضا اسلوب قصر بالتقديم والتأخير فى (وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ  ). لم يقل يتوكلون على ربهم.

1 / 2 :  ومنها العطف على : ( لا إله إلا الله ) . مثل قوله جل وعلا : ( اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١٣﴾ التغابن ). أولا :( اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ) بعدها العطف بالواو : (  وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )

1 / 3 ـ العطف على ما يفيد قدرة الله جل وعلا باسلوب القصر ، مثل قوله جل وعلا :

1 / 3 / 1 . ( إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ ۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١٠﴾ المجادلة ). فى قوله جل وعلا : ( وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ ) اسلوب قصر بالنفى والاستثناء مثل ( لا إله إلا الله ) ، جاء بعدها : ( وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ  )

1 / 3 / 2 : ( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴿٥١﴾ التوبة ) (  لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَنَا ) هنا اسلوب قصر بالنفى والاستثناء ) جاء بعدها : ( وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ  )

 2 ـ التوكل بإستعمال ( حسب ) أى حسبنا الله وحده وحسبى الله وحده

2 / 1 :التوكل على الله يعنى حسبك أى يكفيك الله جل وعلا.  ومرت أمثلة : (  وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٦١﴾ وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّـهُ ) ﴿٦٢﴾ الانفال )(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴿١٧٣﴾ آل عمران ).

2 / 2 : ومنها أيضا قوله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام :

2 / 2/ 1 ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّـهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّـهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴿٣٨﴾ الزمر ). هذا فى مواجهة من يقدس الأولياء ، وهم الآن أغلبية المحمديين . مع ملاحظة اسلوب القصر فى (عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ  )

2 / 2/ 2 : ( فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖعَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴿١٢٩﴾ التوبة ). مع ملاحظة اسلوب القصر فى (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ). وهذا فى مواجهة المؤمنين إذا تخلوا على النبى عليه السلام . والان يوجد مؤمنون بأنه لا إله إلا الله ومع ذلك جبنوا عن الدعوة . هم تولوا عن دعوته عليه السلام .! وحسبنا الله جل وعلا وهو نعم الوكيل.

2 / 3 : لعموم المؤمنين يقول جل وعلا :

2 / 3 / 1 :  ( وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴿٣﴾ الطلاق ). الذى يتقى الله وحده ويتوكل عليه وحده فإن الله جل وعلا حسبه ، يرزقه من حيث لا يحتسب ويبلغه أمره حسب المقدر له سلفا.

2 / 3 / 2 : ( وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّـهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿٤١﴾ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿٤٢﴾ النحل ) هنا الجمع بين الصبر والتوكل والايمان الحقيقى الذى يدفع للتمسك بالحق وتحمل الظلم ثم الهجرة إبتغاء مرضاة الرحمن . الله جل وعلا يعدهم حسنة فى الدنيا وحسنة أكبر فى الآخرة . هنا يأتى التوكل بأسلوب القصر (وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ  ) . وتكرر المعنى فى قوله جل وعلا فى نفس السورة : ( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِن بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴿١١٠﴾ النحل ). هذا للتأكيد على أن الصبر السلوكى للمؤمن يعنى النضال توكلا على ربه جل وعلا الذى لا يضيع أجر من أحسن عملا.!

2 / 3 / 3 : والأسوة الحسنة فى ابراهيم عليه السلام والمؤمنين معه وموقفهم من قومهم الكافرين . قال جل وعلا يخاطب الصحابة المهاجرين الذين أخذهم الحنين الى أهاليهم الكفرة فى مكة يدعوهم للتأسّى بابراهيم والمؤمنين معه : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ ۖ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴿٤﴾ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٥﴾ الممتحنة ). تبرءوا من أقوامهم متوكلين على الله جل وعلا وحده، فليس لهم غيره جل وعلا عونا ونصيرا. جاء الاسلوب بالقصر فى التوكل : (رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا ) وفى الانابة الى الله جل وعلا : ( وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا ) ، واليه وحده المصير والمرجع: ( وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).  

3 ـ التوكل على الله بالاتيان بأسماء الله وصفاته التى هى له وحده مثل :

3 / 1 :  ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ۚ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴿٥٨﴾ الفرقان )

3 / 2 : ( قُلْ هُوَ الرَّحْمَـٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢٩﴾ الملك )

4 ـ إذا كان النبى محمد مأمورا بالتوكل على الله جل وعلا وحده فكيف بغيره . العادة ان معظم البشر يقدسون الأنبياء يخلقون لهم شخصيات إلاهية وهمية خرافية . وقع فى ذلك المسيحيون والمحمديون . أمر الله جل وعلا النبى محمدا بالتوكل عليه تأكيدا على أنه بشر يصبر ويتوكل على ربه ، وهو فى ذلك أسوة للمؤمنين . وسبقت أمثلة كثيرة . ونضيف اليها قوله جل وعلا له :

4 / 1 :( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴿٢١٧﴾ الشعراء )

4 / 2 : ( فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۖ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ﴿٧٩﴾ النمل ).

ودائما : صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 4656