كلمة دين تعني القانون

سامح عسكر في السبت ١٦ - مارس - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

كلمة دين تعني القانون، دين الإسلام أي قانون الإسلام..وهكذا، أصل الكلمة سرياني ورثه العرب الأنباط من الآراميين القدامى ، وهو نفس معنى الناموس المذكور في الكتاب المقدس وكذلك الشريعة المذكور في القرآن.

كلمة الديان في السريانية تعني القاضي وهي نفس معناها في العربية، أي القائم على حفظ الدين/ القانون بالحُكم..

ماذا يعني ذلك؟

أولا: أن اليهودية ليست وحدها دين قانون..بل دين المسيح والإسلام أيضا، وأن ناموس موسى هو نفسه دين عيسى وشريعة محمد..

ثانيا: أن الإسلام هو القانون المذكور نصه في القرآن كشريعة تنظيم حياه، وهو مفهوم لأي شخص يمكنه الدخول فيه..لكن الإيمان شئ آخر وهو العمل بمقتضى ذلك القانون اتصالا وإخلاصا للخالق، وهذا معنى قوله تعالى " قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم "..[الحجرات : 14] أي فهمتم الشريعة وصدقتموها لكن لم تتصلوا بالله بعد..ولم يُترجم ذلك لسلوك/ عمل.

ثالثا: الإسلام ليس نقيضه الكُفر بل الكذب والظُلم والانحراف السلوكي، الإيمان هو نقيض الكفر في أكثر من 10 آيات، لكن الإيمان هو بوابة الإيمان بالشريعة غالبا ، لذا عندما كان يؤمن أحدهم فهو يُلزِم نفسه بشريعة الإسلام، وهذا معنى قوله تعالى " يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان "..[الحجرات : 17] يعني لولا عملكم الصالح مسبقا والذي كان سببا في إيمانكم ما آمنتم بالشريعة..فعندما تمنون على الرسول إسلامكم كأنكم تتبرأون من عملكم الصالح قديما..

نفس الشئ عندما قال موسى لقومه "يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين" [يونس : 84] فهو كان يشك في إيمان من معه من الإسرائيليين، فخاطبهم لو كنتم مؤمنين بالله متصلين به ما الذي يمنعكم من تصديق والتزام الناموس؟

ويؤكد ذلك قوله تعالى " يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم "..[التوبة : 74] أي عندما كذبوا فقد نقضوا شريعة الإسلام، ولأن الآية نزلت في المنافقين فقولهم المقصود هو الكفر بالله، أي في سِرّهم وباطنهم غير مؤمنين فاحذرهم يا محمد..وبناء على هذه الآيات استنتج بعض فقهاء المعتزلة أن الكذب والكبائرعموما لا يفعلها مؤمن لكنه ليس كافرا فهو في منزلة بين المنزلتين إلى أن يتوب..وهذا يعني أن عقلاء الإسلام الأوائل فرّقوا بين الإسلام والإيمان بنفس الطريقة.

بالمناسبة: المنزلة بين المنزلتين كأصل لمذهب المعتزلة سببت مشاكل سياسية لهم، لأن الخلفاء الأمويين والعباسيين بعضهم كان فاسقا وظالما يفعل الكبائر، وهذا الأصل ينفي صفة الإيمان عنه فتَحرُم طاعته..

رابعا: أن الإسلام ليس مجرد عقائد وأقوال بل قوانين متصلة، حضرتك لو لم تفعل مليون جريمة لكن فعلت جريمة واحدة ممكن تُعدم بسببها، وهذا يعني أن الإسلام يفرض عليك الالتزام في كل شئ، وأن المجتمع والناس والعالم والكائنات..إلخ لابد وأن يستفيدوا من وجودك، وهذه صفة للحركات الإصلاحية عموما..تقويم سلوك البشر.

خامسا : الإسلام جاء لتقويم سلوك العرب وتنمية خيالهم الذهني، ونشرهذا القانون عالميا بالحكمة والموعظة الحسنة لا بالغزو والحرب، فالقانون المفروض بالمعارك ينشر الظلم ويفسد السلوك..غير القانون المفروض بالفهم وأنه في مصلحة البشر، لذا فدعوة المسلمين بالنهي عن المنكر هي لحث الناس على ابتغاء مصالحهم والعمل للصالح العام وإنكار الذات أحيانا..

سادسا وأخيرا: الإسلام هو قانون الله للبشر..ليس قانون البشر للبشر، أي يمنع التسلط فيه على الناس، فكل أمر وكل عقوبة قرآنية ورائها نظام اجتماعي وعدالة ، فإن أبى الناس تصديق هذا القانون يمنع إجبارهم عليه فورا تصديقا لقوله تعالى "من تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا" [النساء : 80] و "فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ " [الشورى : 48] يعني هذه مصلحتهم إن كانوا عقلاء وصدقوك كان بها، إن لم يكن فلست رقيبا عليهم ولا تحزن أيضا "لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين " [الشعراء : 3] يعني لا تغضب ولا تحزن..هما أحرار ونصحك لهم شهادة..

اجمالي القراءات 4537