من إجرام ولاة الصلاة الشيطانية فى مصر العباسية ( 1 )

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٤ - أكتوبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

من إجرام ولاة الصلاة الشيطانية فى مصر العباسية ( 1 )

هو موضوع مؤلم وطويل ، نكتفى منه بموجز مما كتبه المقريزى ، وقد كان متعصبا ، وننتظر أن يتجاهل الكثير من الوقائع . ولكنه المصدر التاريخى الهام المعتمد لنا. ونعطى هنا بعض لمحات من التاريخ المجهول للمصريين :

أولا : المقريزى فى تأريخه لولاة الصلاة يلمح الى بعض مظالمهم :

فى المقال السابق ركزنا عن ولاة مصر العباسية بوصفهم بولاة الصلاة. وكان المقريزة يذكر بعض المشهور من ظلمهم . ونعطى أمثلة . قال : 

1 ـ ( فولي‏:‏ موسى بن علي بن رباح باستخلاف محمد بن خديج ، فأقره أبو جعفر على الصلاة . وخرج القبط بهبيب في سنة ست وخمسين ، فبعث إليهم وهزمهم . وكان يروح إلى المسجد ماشيًا وصاحب شرطته بين يديه يحمل الحربة وإذا أقام صاحب الشرطة الحدود يقول له‏:‏ ارحم أهل البلاد فيقول‏:‏ أيها الأمير ما يصلح الناس إلا ما يفعل بهم ..!!). هذا فى خلافة المنصور العباسى. ثار الأقباط بسبب العسف وكثرة الضرائب . فهزمهم ( والى الصلاة ). وكان يرفض صاحب الشرطة برحمة الناس ، لأنه يرى أن هذا هو الأصلح للناس ، وهم له مستحقون . الناس هنا هم المظلومون ، وإلّا ما أشفق عليهم صاحب الشرطة . والحدود التى يذكرها المقريزى لا علاقة بتشريعات الاسلام ، ولكنها تشريع العباسيين ووالى الصلاة الذى كان مُطلق اليد فى قتل من يشاء وعقاب من يشاء دون رقيب أو مؤاخذة .

2 ـ ( ثم ولي‏:‏ يحيى بن داود أبو صالح من أهل خراسان من قبل المهدي على الصلاة والخراج فقدم في ذي الحجة وكان أبوه تركيًا وهو من أشد الناس وأعظمهم هيبة وأقدمهم على الدم وأكثرهم عقوبة ... .. وكان أبو جعفر المنصور إذا ذكره قال‏:‏ هو رجل يخافني ولا يخاف الله فولي إلى المحرم سنة أربع وستين‏.). الخليفة المنصور كان من جبابرة الخلفاء أجمعين . و كان من أتباعه ( يحيى بن داود ) وقد وصفه المنصور بأنه لا يخشى الله ولكن يخشى المنصور ، ولذلك قام الخليفة المهدى ابن الخليفة المنصور بتعيينه واليا على الصلاة والخراج فى مصر. لذا كان بمصر كما قال المقريزى : (وهو من أشد الناس وأعظمهم هيبة وأقدمهم على الدم وأكثرهم عقوبة ). ولا نعرف عدد ولا أسماء ضحاياه .. هذا الوالى للصلاة الشيطانية .

3 ـ ( ثم ولي‏:‏ موسى بن مصعب بن الربيع من أهل الموصل على الصلاة والخراج من قبل المهدي ، فقدم لسبع خلون من ذي الحجة المذكور ، فرد إبراهيم وأخذ منه وممن عمل له ثلثمائة ألف دينار ، ثم سيره إلى بغداد ، وشدد موسى في استخراج الخراج ، وزاد على كل فدان ضعف ما يقبل به ، وارتشى في الأحكام ، وجعل خرجًا على أهل الأسواق وعلى الدواب .... وكان ظالمًا غاشمًا ..). هنا يصادر شخصا ، ويتشدد فى سلب المصريين بزعم الخراج ، الى درجة مضاعفة الضريبة على الزراعة وفرض ضرائب على الاسواق والبهائم ، مع أخذه الرشوة .

4 ـ ( فولي‏:‏ إسحاق بن سليمان .. من قبل الرشيد على الصلاة والخراج ، مستهل رجب ، فكشف أمر الخراج ، وزاد على المزارعين زيادة أجحفت بهم فخرج عليه أهل الحوف فحاربهم فقتل كثير من أصحابه، فكتب إلى الرشيد بذلك فعقد لهرثمة بن أعين في جيش عظيم وبعث به فنزل الحوف فتلقاه أهله بالطاعة وأذعنوا فقبل منهم واستخرج الخراج كله ، فكان صرف إسحاق في رجب سنة ثمان وسبعين ومائة‏.). اسحاق هذا زاد فى الخراج فأشعل ثورة الأعراب ضده.

5 ـ ( فولي‏:‏ الليث بن الفضل البيوردي من أهل بيورد على الصلاة والخراج وقدم لخمس خلون من شوال ثم خرج إلى الرشيد لسبع بقين من رمضان سنة ثلاث وثمانين ومائة بالمال والهدايا ، واستخلف أخاه الفضل بن علي ، ثم عاد في آخر السنة وخرج ثانيًا بالمال لتسع بقين من رمضان سنة خمس وثمانين واستخلف هاشم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج وقدم لأربع عشرة خلت من المحرم سنة ست وثمانين ، فكان كلما غلق خراج سنة وفرغ من حسابها خرج بالمال إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد ومعه الحساب ، ثم خرج عليه أهل الحوف وساروا إلى الفسطاط فخرج إليهم في أربعة آلاف ليومين بقيا من شعبان سنة ست وثمانين ومائة واستخلف عبد الرحمن بن موسى بن علي بن رباح على الجند والخراج فواقع أهل الحوف وانهزم عنه الجند فبقي في نحو المائتين فحمل بهم وهزم القوم من أرض الجب إلى غيفة وبعث إلى الفسطاط بثمانين رأسًا وقدم فرجع أهل الحوف ومنعوا الخراج فخرج ليث إلى الرشيد وسأله أن يبعث معه بالجيوش فإنه لا يقدر على استخراج الخراج من أهل الأحواف إلا بجيش ، فرفع محفوظ بن سليمان أنه يضمن خراج مصر عن آخره بغير سوط ولا عصا ، فولاه الرشيد الخراج وصرف ليثًا عن الصلاة والخراج ، وبعث أحمد بن إسحاق على الصلاة مع محفوظ . وكانت ولاية ليث أربع سنين وسبعة أشهر‏. ) هذا الوالى على الصلاة ( الليث ) عرف كيف يرضى الرشيد ، فالإله الأعظم لديهم هو المال، لذا حرص على توصيله للرشيد عاما بعام ، ولكن ثار عليه الأعراب فى شرق الدلتا ( الحوف ) ، وكان واضحا أن التطرف فى جمع الأموال يؤدى الى ثورة الأعراب ، وإقترح محفوظ أنه يضمن دفع الخراج وبدون ثورة ، فكان عزل الليث.

6 ـ ( وولي‏:‏ الحسين بن جميل من قبل الرشيد على الصلاة وقدم لعشر خلون من رمضان ، ثم جمع له الخراج مع الصلاة في رجب سنة إحدى وتسعين ، وخرج أهل الحوف وامتنعوا من أداء الخراج  ...  وسار جيش الرشيد إلى بلبيس في شوال سنة إحدى وتسعين ومائة فأذعن أهل الحوف بالخراج. وصرف ابن جميل لثنتي عشرة خلت من ربيع الآخر سنة اثنتين وتسعين ومائة‏.). كالعادة أدى التطرف فى جمع الخراج الى ثورة الأعراب .

7 ـ ـ ( فولي‏:‏ مالك بن دلهم بن عمير الكلبي على الصلاة والخراج وقدم لسبع بقين من ربيع الآخر ، وفرغ يحيى بن معاذ أمير جيش الرشيد من أمر الحوف ، وقدم الفسطاط لعشر بقين من جمادى الآخرة فكتب إلى أهل الأحواف أن اقدموا حتى أوصي بك مالك بن دلهم فدخل الرؤساء من اليمانية والقيسية فأخذت عليهم الأبواب وقيدوا وسار بهم للنصف من رجب وصرف مالك لأربع خلت من صفر سنة ثلاث وتسعين ومائة‏.). كالعادة أدى التطرف فى جمع الخراج الى ثورة الأعراب .

8 ـ ( فولي العباس بن موسى . من قبل المأمون على الصلاة والخراج ... وتحامل على الرعية وعسفها وتهدد الجميع فثاروا ). كالعادة أدى التطرف فى جمع الخراج الى ثورة الأعراب .

9 ـ ( وأعيد السري بن الحكم ثانيًا من قبل المأمون على الصلاة والخراج فذمت ولايته )

10 ـ ( ثم ولي عيسى بن يزيد الجلودي باستخلاف ابن طاهر على صلاتها إلى سابع عشر ذي القعدة سنة ثلاث عشرة فصرف ابن طاهر وولي الأمير أبو إسحاق بن هارون الرشيد مصر فأقر عيسى على الصلاة فقط وجعل على الخراج‏:‏ صالح بن شيرازاد ، فظلم الناس وزاد عليهم في خراجهم فانتفض أهل أسفل الأرض وعسكروا ، فبعث عيسى بابنه محمد في جيش فحاربوه فانهزم وقتل أصحابه في صفر سنة أربع عشرة‏.). كالعادة أدى التطرف فى جمع الخراج الى ثورة الأعراب .

11 ـ ( فولي عيسى الجلودي ثانيًا لأبي إسحاق على الصلاة فحارب أهل الحوف بمنية مطر ثم انهزم في رجب فأقبل أبو إسحاق إلى مصر في أربعة آلاف من أتراكه فقاتل أهل الحوف في شعبان ودخل إلى مدينة الفسطاط لثمان بقين منه وقتل أكابر الحوف ). كالعادة أدى التطرف فى جمع الخراج الى ثورة الأعراب .

12 ـ ( .. وولي على مصر عبدويه بن جبلة من الأبناء على الصلاة فخرج ناس بالحوف في شعبان فبعث إليهم وحاربهم حتى ظفر بهم ، ثم قدم الإفشين حيدر بن كاوس الصفدي إلى مصر لثلاث خلون من ذي الحجة ومعه علي بن عبد العزيز الجروي لأخذ ماله فلم يدفع إليه شيئًا فقتله ، وصرف وولي عيسى بن منصور بن موسى بن عيسى الرافعي فولي من قبل أبي إسحاق أول سنة ست عشرة على الصلاة ، فانتقضت أسفل الأرض عربها وقبطها في جمادى الأولى ، وأخرجوا العمال لسوء سيرتهم وخلعوا الطاعة ، فقدم الإفشين من برقة للنصف من جمادى الآخرة ثم خرج هو وعيسى في شوال فأوقعا بالقوم وأسرا منهم وقتلا . ومضى الإفشين ورجع عيسى فسار الإفشين إلى الحوف وقتل جماعتهم . وكانت حروب إلى أن قدم أمير المؤمنين عبد الله المأمون لعشر خلون من المحرم سنة سبع عشرة ومائتين ، فسخط على عيسى وحل لواءه فأخذه بلباس البياض ، ونسب الحدث إليه وإلى عماله وسير الجيوش وأوقع بأهل الفساد وسبى القبط وقتل مقاتلتهم ثم رحل لثمان عشرة خلت من صفر بعد تسعة وأربعين يومًا‏.). هنا إشارة الى سبب مجىء الخليفة المأمون بنفسه الى مصر يحارب أهلها من الأعراب والأقباط معا ، وهذا بعد تكرار الثورات الى درجة خلع الطاعة ، وتحالف الأعراب مع الأقباط ضد ظلم ولاة الصلاة الشيطانية العباسية. وسنتعرض لهذا بالتفصيل لاحقا.

13 ـ (  فولي مزاحم بن خاقان . لثلاث خلون من ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين ومائتين على الصلاة من قبل المعتز وخرج إلى الحوف فأوقع بأهله وعاد ثم خرج إلى الجيزة فسار إلى تروجة فأوقع بأهلها وأسر عدة من أهل البلاد وقتل كثيرًا وسار إلى الفيوم فطاش سيفه وكثر إيقاعه بسكان النواحي وعاد‏. ). هنا تكرار الثورات الحروب بسبب الظلم فى فرض الضرائب.

14 ـ (  وولي منهم خمسة أمراء أولهم‏:‏ أحمد بن طولون ولي مصر من قبل المعتز على صلاتها فدخل يوم الخميس لسبع بقين من شهر رمضان سنة أربع وخمسين ومائتين ..  وورد كتاب المعتمد يستحثه في حمل الأموال فكتب إليه لست أطيق ذلك والخراج بيد غيري فأنفذ المعتمد نفيسًا الخادم بتقليد أحمد بن طولون الخراج وبولايته على الثغور الشامية فأقر أبا أيوب أحمد بن محمد بن شجاع على الخراج خليفة له عليه..). تخلص أحمد بن طولون والى الصلاة من والى الخراج ( إبن المدبر ) منتهزا فرصة جشع الخليفة المعتز وطلبه المزيد من المال، فجعله المعتز والى الخراج أيضا. وبهذا تهيأ ابن طولون لأن يستقل بمصر ، ونشبت حروب بينه وبين الدولة العباسية .

 15 ـ  وتولى بعده ابنه خمارويه فاتفق خمارويه مع الخليفة المعتضد على أن يدفع للمعتضد ما طلب من المال مقابل ...يقول المقريزى :(  وقدم من الشام لست خلون من ربيع الأول سنة ثمانين فورد كتاب المعتضد بولاية خمارويه على مصر هو وولده ثلاثين سنة من الفرات إلى برقة وجعل له الصلاة والخراج والقضاء وجميع الأعمال على أن يحمل في كل عام مائتي ألف دينار عما مضى وثلثمائة ألف للمستقبل ..). المال هو إلاههم الأعظم .

16 ـ وتولى المقتدر بن المعتضد . ( ثم ولي‏:‏ هلال بن بدر من قبل المقتدر على الصلاة فدخل لست خلون من ربيع الآخر وخرج مونس لثمان عشرة خلت منه ومعه ابن حمل فشغب الجند على هلال وخرجوا إلى منية الأصبغ ومعهم محمد بن طاهر صاحب الشرط فكثر النهب والقتل والفساد بمصر إلى أن صرف عنها في ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وثلثمائة وخرج في نفر من أصحابه‏.). هنا يذكر المقريزى إضطراب الأحوال وشغب الجنود وكثرة السلب والنهب والقتل والفساد بمصر.

 17 ـ  ـ ( فولي‏:‏ أحمد بن كيغلغ من قبل المقتدر على الصلاة وقدم ابنه أبو العباس خليفة له أول جمادى الأولى ، ثم قدم ومعه محمد بن الحسين بن عبد الوهاب المادراني على الخراج في رجب فأحضرا الجند ووضعا العطاء وأسقطا كثيرًا من الرجالة وكان ذلك بمنية الأصبغ فثار الرجالة به ففر إلى فاقوس وأدخل المادراني إلى المدينة لثمان خلون من شوال وأقام ابن كيغلغ بفاقوس إلى أن صرف بقدوم رسول تكين في ثالث ذي القعدة‏. ). إستمرار للإضطراب وما يعنيه من فساد.

  18 ـ ـ ( فولي‏:‏ تكين المرة الثالثة من قبل المقتدر على الصلاة وخلفه ابن منجور إلى أن قدم يوم عاشوراء سنة اثنتي عشرة وثلثمائة فأسقط كثيرًا من الرجالة وكانوا أهل الشر والنهب ونادى ببراءة الذمة ممن أقام منهم بالفسطاط وصلى الجمعة في دار الإمارة بالعسكر وترك حضور الجمعة في مسجد العسكر والمسجد الجامع العتيق في سنة سبع عشرة ولم يصل قبله أحد من الأمراء في دار الإمارة الجمعة .. ) . يقول المقريزى عن أتباع ولاة الصلاة انهم أهل الشّر والنهب. والناس على دين ملوكهم.

ثانيا : بالمناسبة : لمحة عن هذا الخليفة المقتدر

1 ـ تولى الخلافة طفلا عام 295 هجرية. وهو مولود عام 282 ، وهذا بنفوذ أمه جارية اسمها ( شغب ) وهى الجارية التى سيطرت على الخلافة العباسية. وقد عرضنا لها فى مقال بحثى منشور فى باب دراسات تاريخية.

2 ـ عن الخليقة المقتدر يقول ابن الجوزى فى تاريخه ( المنتظم ) : (ولما أراد الجلوس للبيعة صلى أربع ركعات وما زال يرفع صوته بالدعاء والاستخارة ، فبويع ولقب المقتدر بالله وهو ابن ثلاث عشرة سنة وشهر واحد وعشرين يومًا ولم يكن ولي الخلافة قبله أحد أصغر منه ‏. ) لاحظ صلاته الشيطانية.

3 ـ وعن أمواله وممتلكاته الخاصة يقول ابن الجوزى : ( .. وكان في بيت مال الخاصة خمسة عشر ألف ألف دينار وفي بيت مال العامة ستمائة ألف دينار ومن غير ذلك ما يتمم عشرين ألف ألف دينار ومن الفرش والآلة والجوهر ما يزيد قيمته على الكل .. ).

4 ـ وإنفرد هذا الخليفة الصبى بصفة فريدة هى الاستهتار بالمال الذى يجمعه ولاة الصلاة الشيطانية بالقتل والعسف . إذ بعثر الكنوز التى آلت للخلفاء العباسيين ممّن سبقهم . الأمويون آلت اليهم جواهر الأكاسرة وغيرهم ، ثم ورثها العباسيون ، وظل الخلفاء العباسيون يزيدون رصيدهم من الجواهر بإعتبارها ( عُدة الخلافة ) ، يشترون الجواهر من المال السُّحت الذى يجمعه ولاة الصلاة الشيطانية . تولى المقتدر فصار يوزع الجواهر على أتباعه مما أثار رءوس ( الدولة العميقة ) العباسية. يقول ابن الجوزى : ( كان جواهر الأكاسر وغيرهم من الملوك قد صارت إلى بني أمية ،  ثم صارت إلى السفاح ثم إلى المنصور واشترى المهدي الفص المعروف بالجبل بثلثمائة ألف دينار ، واشترى الرشيد جوهره بألف ألف دينار ، ولم يزل الخلفاء يحفظون ذلك إلى أن آلت الخلافة إلى المقتدر ، وهناك ما لم ير مثله ، وفيه الدرة اليتيمة زنتها ثلاثة مثاقيل ، فبسط فيه المقتدر يده ، ووهب بعضه لصافي الحرمي ، ووجه منه إلى وزيره العباس فرده ، وقال‏:‏ " هذا الجوهر عدة الخلافة ولا يصلح أن يفرق . " وكانت زيدان القهرمانة متمكنة من الجوهر فأخذت سبحة لم ير مثلها ، وكان يضرب بها المثل فيقال‏:‏ سبحة زيدان ، فلما وزر علي بن عيسى قال للمقتدر‏:‏ " ما فعلت سبحة جوهر قيمتها ثلاثون ألف دينار أخذت من ابن الجصاص ؟ " فقال‏:‏ " في الخزانة " . فقال‏:‏ " تُطلب" .  فطُلبت ، فلم توجد ، فأخرجه من كمه وقال‏:‏ " إذا كانت خزانة الجوهر لا تحفظ فما الذي يحفظ ؟ " وقال‏:‏ " عُرضت علي فاشتريتها. "  فاشتد ذلك على المقتدر ، ثم امتدت يد الخزانة في أيام القاهر والراضي إلى خزائن الجوهر فلم يبق منه شيء ‏.‏).

أخيرا : الأكاسرة والقياصرة والخلفاء الفاسقون وأعوانهم من ولاة الصلاة جمعوا الأموال وإكتنزوها ثم ماتوا وتركوها. وسيأتون يوم القيامة يحملون أوزارهم على ظهورهم ، منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وكل المستبدين .

اجمالي القراءات 3841