إلى متى نعوي بالصحراء بلا مأوى ؟
إلى متى نعوي بالصحراء بلا مأوى ؟

أسامة قفيشة في الأحد ٢١ - أكتوبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

إلى متى نعوي بالصحراء بلا مأوى ؟

أحاور نفسي عن كيفية الخلاص و النهوض و التغيير , و لا أجد جواباً سوى ( ثورة الخلاص ) , لأننا لا نجيد الديمقراطية و لا نحسن استخدامها , لأننا لا نؤمن بالحرية الفردية و نعشق قطيع الذئاب و نعوي معه بلحنٍ واحد , فنهيم في صحارينا ظناً بأنها وطننا العربي ! علماً بأن الوطن هو المأوى , و لا نجد مأوىً يؤوينا .

مفاهيم الإصلاح باتت لا تجدي نفعاً في عالمنا العربي , لأن الإصلاح يأتي كتعديل جزئي على الأصل الثابت , أما واقعنا اليوم فلا يمكن من إصلاحه كون الأصل الثابت فيه فاسداً , لذا لا نستطيع النهوض أو التقدم .

ما نحتاجه هو تغيرٌ جذري , و كوننا بعيدون كل البعد عن الديمقراطية لذا لا سبيل سوى ( ثورة الخلاص ) , ثورةٌ فكريةٌ على التراث القديم , كي نواكب الحداثة و التطور و التقدم البشري ,

ثورةٌ يتم فيها طلاق الموروث بلا رجعه , و وضعه في الحجر الصحي دون حقوق أو نفقه !

فلا يمكننا من استحداث هذا التراث أو قراءته من جديد , فالعرب لا حضور لهم على صعيد العالم و خارطته ! رغما من امتلاكهم لثروةٍ ضخمة و مكانةٍ استراتيجيه هامه ! و لكن لا نجدهم سوى أدوات تستخدم ليس إلا .

هذا التراث الذي تم تعميمه على المجتمع ككل و أصبح منهاج حكمٍ و قانون دولة , هذا الفكر الرخيص هو سبب تخلفنا , هو مأساة عصرنا , هو ما يتم زراعته في أذهان أطفالنا و ما يتجرعه الجميع كسمٍ يسري بالعروق , هو ما يعرف بالتراث الفكري العربي الإسلامي الذي جعل من الدين تجربة اجتماعية عالمية , على الرغم بأن الدين ما هو إلا تجربة شخصية فردية .

تم فيه تسييس الدين فتولد له خليفةً يرعاه , و تم إنشاء كهنوتٍ لهذا الخليفة يهيمن على المؤسسات المدنية , و أنشئ له جيشاً يحمي هذا الحاكم بعقيدة الفرد الواحد و الولاء المطلق للفرد لا المجتمع ,

فانبثق عن ذلك مستوىً فكرياً سياسياً مرتبط بالسلطة فقط , و لا يراعي القاعدة الاجتماعية للمجتمع ككل , و هذا الفكر مازال سائدا مهيمنا حتى عصرنا هذا , لذا تم حصر هذا التراث الفكري باعتماده على الفقه و الشريعة و تم تعميمه بجميع نواحي الحياة بعمقها و بآفاقها , و تم تهميش باقي الأفكار و النظريات الحديثة , بل حاربها و عمل على تكفيرها .

إن فلسفة التغيير و النهوض اليوم في ظل غياب المنحى الديمقراطي , و في ظل التمسك بجذور هذا الفكر تعتبر ضرباً من الخيال .        

اجمالي القراءات 3754