مقدمة الباب الثانى : ( الصلاة فى تاريخ المسلمين )

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٧ - سبتمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة الباب الثانى : ( الصلاة فى تاريخ المسلمين )

أولا :

1 ـ كان العرب ( يؤدون ) الصلاة تأدية حركية بلا خشوع وبلا تقوى . أضاعوا الصلاة بعصيانهم وبإنغماسهم فى الشهوات الحرام والمنكر والبغى والعدوان وبعبادة الأولياء والقبور المقدسة التى ألحقوها بمساجدهم ، كما يفعل المحمديون اليوم. لذا كان التركيز فى القرآن الكريم على إقامة الصلاة وليس على تأدية الصلاة ، وجاء ذكر ( الصلاة ) ب ( أل ) أى ( الصلاة ) التى تعرفونا. ( أل ) هنا بمعنى ( العهد ) أى الصلاة المعهودة المعروفة.

2 ـ لم تكن عندالعرب ولا أهل الكتاب ــ وقتها ــ  مشكلة على الاطلاق فى عدد ركعات الصلاة وتوقيت الصلوات الخمس أو الفاتحة ، وكل هذا متوارث من ملة ابراهيم شأن الحج والصيام فى رمضان والأشهر الحرم .  

3 ـ لو كانت الصلاة تشريعا جديدا جاء به القرآن الكريم :

3 / 1 : لنزلت تفصيلاته فى الكيفية وفى المواقيت ، لأن رب العزة ما فرّط فى الكتاب من شىء يكون السكوت عنه تفريطا ، بل أنزل الكتاب تبيانا لكل شىء يحتاج الى بيان . ولم تكن كيفية الصلاة ومواقيتها تحتاج الى بيان. هى حقيقة يكفر بها المحمديون الذين يسعون فى آيات الله جل وعلا مُعاجزين .!.

3 / 2 لو كانت الصلاة تشريعا جديدا لا يألفه العرب كانوا سيكفرون به ويتعجبون منه كما فعلوا مع :

3 / 2 / 1 : دعوة ( لا إله إلا الله ) فقالوا :

3 / 2 / 1 / 1 : (   أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَـٰهًا وَاحِدًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴿٥﴾ ص ).

3 / 2 / 1 / 2 :  وقال جل وعلا عنهم : (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ ۗ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ ﴿٢﴾ يونس  ) .

3 / 2 / 2 : مع دعوتهم الى الايمان بالبعث قالوا ساخرين :

3 / 2 / 2 / 1 :(هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴿٧﴾ أَفْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ ۗ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ ﴿٨﴾ سبأ )

3 / 2 / 2 / 2 : (  وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴿٧٨﴾ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴿٧٩﴾ يس ).

3 / 2 / 3 :  لو كانت عندهم مشكلة فى كيفية الصلاة ومواقيتها لأزعجوا النبى محمدا  بأسئلة متكررة عنها . لكنهم لم يسألوا مطلقا عن كيفية الصلاة ومواقيتها ، لأنها ببساطة معروفة لديهم ويؤدونها .

3 / 2 / 4 : ونعطى نماذج من أسئلتهم فى مكة عن موعد الساعة والرد الالهى عليها :

3 / 2 / 4 / 1 :  حقيقة قرآنية مؤكدة كررها  رب العزة جل وعلا فى القرآن ، وهى أن النبي لا يعلم الغيب ولا يعلم موعد قيام الساعة ولا ما سيحدث له أو للناس ، واقرأ في ذلك قوله جل وعلا :

3 / 2 / 4 / 1 / 1 : ﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ (الأنعام 50) ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ..﴾ (الجن 25: 27)

3 / 2 / 4 / 1 / 2 : ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ﴾ (الأنبياء 109)

3 / 2 / 4 / 1  / 3 : وهل هناك أوضح من قوله تعالى ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ..﴾ ؟(الأحقاف 9).

3 / 2 / 4 / 2 :  وهناك آيات أخرى كثيرة تؤكد أن علم الساعة عند الله وحده . قال جل وعلا :

3 / 2 / 4 / 2 / 1 :  ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ﴾ (لقمان 34)

3 / 2 / 4 / 2 / 2 :  ﴿إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ (فصلت 47) ﴿وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ (الزخرف 85).

3 / 2 / 5 :  كلها آيات تؤكد أن النبي لا يعلم الغيب وأن علم الساعة لله وحده وكانت تكفى آية واحدة ولكنهم سألوا النبي ــ عنادا ــ مرة ومرات عن الساعة ، ومع ذلك لم يبادر بالإجابة بأن يقرأ عليهم الآيات السابقة ، وإنما انتظر الوحى ، وكان الوحى ينزل دائماً بنفس الإجابة وهى أن علم الساعة لله وحده وأن النبي لا يعلم الغيب.
3 / 2 / 6 : انتظر النبي الإجابة ونزل قوله تعالى :

3 / 2 / 6/ 1 :  ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ  قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ ...﴾ (الأعراف 187: 188) وهذا توضيح فيه أكثر من الكفاية.
3 / 2 / 6 / 2 :  ولكنهم سألوه أيضاً عن الساعة ونرى النبي عليه السلام أيضاً ينتظر الإجابة فنزل قوله تعالى يجيب ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا  فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا  إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا  إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا ﴾ (النازعات 42: 45) والآيات الأخيرة ملئت بأسلوب الاستفهام الإنكاري ﴿فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا  ﴾ وجاء أسلوب القصر يقصر علم الساعة على رب العزة ﴿إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا ﴾ ويقصر وظيفة النبي على الإنذار ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا ﴾.

3 / 2 / 7 :  لو كانت الصلاة تشريعا جديدا لبادروا بالأسئلة لمجرد العناد . وكانوا يفعلون هذا فى طلبهم المتكرر لأن تنزل على النبى آية حسية كراهية فى القرآن الكريم.
ثانيا :

1 ـ لم تكن كيفية الصلاة ومواقيتها مشكلة بعد موت النبى محمد عليه السلام وإنتهاء الوحى القرآنى نزولا . كانت المشكلة مع الخلفاء الفاسقين ( ابو بكر وعمر وعثمان وعلى ) ، وقد كانوا أئمة بتضييعهم للصلاة بأفظع ما كانوا يفعله العرب فى الجاهلية . وتبعهم الأمويون بتضييع الصلاة ثم تحريفها . وفى العصر العباسى إكتملت فيه أديانهم الأرضية من سنة وتشيع وتصوف ، وبدأ التشريع لها بتحريفات أسّسوها على أحاديث كاذبة ينسبونها للنبى محمد بعد موته بقرون .  

2  ـ ومنها فى موضوع الصلاة حديث : ( صلوا كما رأيتمونى أصلى ). لو كان هذا صحيحا

2 / 1 : فليست الصلاة واجبة على الأجيال التى جاءت بعده ولم تره كيف يُصلّى ، ومنها نحن .

2 / 2 : ستكون واجبة على من رآه فقط يصليها . وكان عليهم أن يسجلوها بالضبط . ولكن هذا لم يحدث إذ إنشغل الصحابة وخلفاؤهم بالفتوحات وبالفتنة الكبرى ، ثم سار على سُنّتهم الأمويون والعباسيون .

3 ، ظهرت الكتابات الفقهية فى تشريعات الصلاة مع موطأ مالك . وسنعرض لهذا ، ثم تابعه الشافعى وغيره . فهل هذا يعنى أن السابقين لم يكن لديهم علم بالصلاة ؟

أخيرا :

1 ـ سنعرض ـ بعون الرحمن جل وعلا ـ  للصلاة عند ( المسلمين ) تاريخيا وتشريعيا . لنرى كيف أضاعوها تاريخيا وكيف زيفوها وحرفوها تشريعيا .

2 ـ  وردّا على سعى خصومنا فى آيات الله جل وعلا مُعاجزين يسألون أين عدد الصلوات وكيفيتها ومواقيتها سنعرفهم من خلال تاريخهم وتشريعاتهم جناية ( سلفهم الصالح ) على الصلاة الاسلامية .

3 ــ والله جل وعلا هو المستعان .

اجمالي القراءات 4724