عودة البطة .. قصة قصيرة

شادي طلعت في الثلاثاء ١٤ - أغسطس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

داخل مزرعة دواجن، وفي صباح يوم جميل خرجت بطة للحياة، بعد أن حطمت أسوار قشر بيضتها، خرجت تستنشق الهواء، تنظر إلى الصغيرات أمثالها، تتمنى سرعة مرور الأيام، لتُكون حياة وصداقات، كانت البطة، مفعمة بالأمل، وحب الحياة، أحبت متعة الطعام، ورؤية السماء، وإستنشاق الهواء، وكانت تتعجل الوقت لتكون صداقات مع ذكور من أمثالها، فتلك هي متعها.
 
ومع مرور الأيام كبُرت البطة، وحققت جزء كبير من أحلامها، إلا أن رحيل العديد من صداقاتها التي كونتها، داخل المزرعة، كانت تؤرقها، فالبط كله يعلم أنه سيأتي عليه يوم ويذبح، ليكون ضيفاً على إحدى موائد البشر ليؤكل !.
 
 
أفصحت البطة لباقي أصدقائها وصديقاتها من البط، إعتراضها على تحكم البشر بهم، وحاولت حثهم على العصيان، وإستخدام سلاح الطيران ليغادروا المزرعة، قبل أن يذبحوا جميعاً، إلا أن البط كله رفض مقترحها، بل قاموا بحثها على الرضاء بالقدر، فما كان إلا أن قررت مغادرة المزرعة وحيدة، تاركة اصدقائها، مستخدمة سلاح الطيران، لتخرج إلى العالم الخارجي بطموحها المفعم بحب الحياة.
 
رحلت لترى ما لم تراه عينيها من قبل، فقد شاهدت في رحلتها أنواع كثيرة من الطيور، والحيوانات، ورأت الطيب، والشرير من البشر، لكنها في رحلتها تلك كانت تعاني حتى تجد قوتها، ومع مرور الأيام، شعرت البطة بالملل، وزهد الحياة، لأن الدنيا تريد المثابر، وما هي بمثابرة، تريد المقاتل لا المسالم، فقررت العودة إلى مزرعتها.
 
وبعد عودتها، وجدت أن الغالبية من أصدقائها رحلوا ذبحاً، ولم يتبقى منهم إلا القليل، فدار حديث بينها، وبين المتبقي من أصدقائها اللذين لم يصيبهم الدور في الذبح : 
 
- الأصدقاء : لماذا عدتِ ؟.
 
- البطة : ولماذا لم ترحلوا.
 
- الأصدقاء : لأن الحياة في الخارج صعبة، والحصول على الطعام شاق، بينما المزرعة توفره لنا.
 
- البطة : لكن الحياة ليست فقط طعام وشراب.
 
- الأصدقاء : نعلم ذلك ولكن .. هذا قدرنا، وليس منا من هو أهل للقتال أو الصراع، لنتمتع بنعيم الدنيا.
 
- البطة : إن الحياة بالخارج نعيم آخر، ومهما قصصت عليكم، لن أستطيع أن وصفه.
 
- الأصدقاء : فلماذا عدتِ ؟.
 
- البطة : لأن البحث البحث عن الطعام والشراب أمر مجهد.
 
- الأصدقاء : لكن في المزرعة سيأتي يوم وتذبحين.
 
- البطة : سأعيش على أمل أن يتأخر هذا اليوم.
 
وبعد أيام جاء الدور على البطة لتكون ذبيحة، وقبل أن يصيبها الدور، سألتها رفيقة لها : 
 
- الرفيقة : لماذا عدتِ ؟.
 
- فردت البطة : عدتُ لأني بطة.
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 4617