الذكرى 27 للتوقيع على ميثاق اكادير اين وصل الوعي الامازيغي بين الامس و اليوم ؟

مهدي مالك في السبت ٠٤ - أغسطس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

 

الذكرى 27 للتوقيع على ميثاق اكادير اين وصل الوعي الامازيغي بين الامس و اليوم ؟

مقدمة لا بد منها                                   

ان الفاعل الامازيغي بمختلف انواعه يتساءل الف سؤال عن وضعية القضية الامازيغية اليوم باعتباره يشاهد تعدد قضايا الشان الامازيغي بين السياسي و الديني و الحقوقي و الفكري الخ من هذه القضايا الكبرى التي لم تحسم بعد بحكم ان المخزن التقليدي الان لا يريد التعاطي مع جوهر القضية الامازيغية الا و هي قيمها الداعية الى العلمانية و الى الديمقراطية و الى الفدرالية او الحكم الذاتي للجهات كما كان الحال في الماضي بمعنى ان المخزن التقليدي اليوم قد تراجع في خطابه السياسي بشكل صريح و واضح للاعمى قبل البصير..

ان الوعي الامازيغي قد بدا مساره منذ اواخر ستينات القرن الماضي بخطاب ثقافي خالص لكي يتناسب مع سياق ذلك العهد المتميز بقمع كل ما هو امازيغي  بشكل علاني في كل مناحي الحياة العامة حيث يستحيل انذاك ان تقول انني امازيغي في عز النهار او تكتب مقالا في احدى الجرائد الوطنية تدافع فيه عن الثقافة الامازيغية او عن حقوقها في التعليم او في الاعلام الخ بصريح العبارة....

 ان جمعيات الحركة الثقافية الامازيغية حاولت على امتداد 24 سنة من عمرها احياء الامازيغية ثقافيا و لغويا فقط من خلال تاسيس جمعية الجامعة الصيفية بمدينة اكادير سنة 1978 و المعروفة بنشاطها الثقافي عبر دوراتها المساهمة في وضع الاسس الاولى لخطاب ثقافي امازيغي ببلادنا على الاقل ..

و من خلال الاهتمام بالفنون الامازيغية الاصيلة و المعاصرة و الاهتمام بجمع تراثنا الامازيغي الشفوي و المكتوب الخ من هذه المبادرات الداخلة في النطاق الثقافي لان وقتها كان حصار شديد للغاية على الثقافة و اللغة الامازيغيتان من طرف المخزن و مختلف مؤسساته لدرجة ان الراحل الحسن الثاني قد صرح لاحد الصحافيين الفرنسيين سنة 1980 بان لا وجود للقضية الامازيغية في بلادنا لان البربر جاءوا من اليمن أي انهم عرب بمعنى ان الخطاب الرسمي للدولة المغربية لم يكن يعترف بالبعد الامازيغي للهوية المغربية على الاطلاق بسبب ان دولة الحرية و الاستقلال كما يقال اتجهت 180 درجة نحو المشرق العربي سياسيا و دينيا و ايديولوجيا الخ .

و بالاضافة الى سيادة ايديولوجية الظهير البربري كما اسميها بشكل فضيع على الحياة العامة بكل ابعادها حيث كان من المستحيل انذاك التنظير لموضوع الامازيغية و الاسلام في نقاش عمومي او في مقال صحفي كما نفعله اليوم أي انا بكل التواضع و الاستاذ محمد بوذهان و الاستاذ الحسين جهادي و الاستاذ عمر افضن  و المرحوم محمد منيب الخ ...

 ادا طرح هذا الموضوع انذاك لنقاش هامشي لن يكون ابدا بالعمق الذي نطرحه الان باعتبارنا قد تحررنا من قيود اكذوبة الظهير البربري و تحررنا من قيود السلف الصالح حيث هنا اتحدث عن نفسي المتواضع لان كل من يدافع عن القضية الامازيغية فهو ذو فكر علماني و لو لم يعترف بهذه الحقيقة او يتجاهلها لسبب من الاسباب الموضوعية بحكم ان الحركة الامازيغية لم تكن في يوم من الايام ذات توجهات سلفية على الاطلاق بل هي ذات توجهات علمانية منذ البداية الى اليوم بكل الوضوح  ..

اذن قد جاء ميثاق اكادير الموقع من طرف 6 جمعيات ثقافية امازيغية بتاريخ 5غشت 1991 كنتيجة طبيعية ل24 سنة من عمل الحركة الامازيغية ببعدها الثقافي خارج مؤسسات الدولة المغربية و خارج شرعيتها المتعددة حيث ان مطالب هذا الميثاق لا يتجاوز السقف الثقافي المقيد بشروط عهد الراحل الحسن الثاني حيث تنص هذه المطالب على الاعتراف الدستوري بكون الامازيغية لغة وطنية فقط و على اخراج معهد الدراسات الامازيغية و على ادماجها في التعليم و في الاعلام فقط باعتبارهما مجالان استراتيجيان بالنسبة للحركة الامازيغية وقتها الى محطة خطاب اجدير التاريخي لسنة 2001 و تاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية.....

قد قلت في مقال لي في هذا السياق ردا على مقال الاستاذ عبد الله حيتوس ان ما يحز في النفس هو ان نرى مناضل امازيغي من العيار الثقيل كالاستاذ عبد الله حيتوس الذي اكن له الاحترام و التقدير يكتب مقالا تحت الى اين تسير الحركة الامازيغية المنشور في موقع هسبريس حيث ان المراد من مقال هذا الاستاذ الكريم حسب اعتقادي المتواضع هو ارجاعنا الى العمل الثقافي المقيد بشروط عهد الحسن الثاني بعد سنوات طويلة من تطور الحركة الامازيغية على مستوى الخطاب و الممارسة حيث اعتبر ان العلمانية و الحكم الذاتي للجهات و القومية الامازيغية الخ مواضيع ساهمت في تشويه الحركة الامازيغية  طيلة هذه السنوات الاخيرة و انحرافا عن مسارها الاصيل كأن الحركة الامازيغية قد طالبت بالحرية الجنسية او دعت الى الانفصال كما فعلت جبهة البوليساريو في اوائل سبعينات القرن الماضي حيث انذاك لا يوجد اي تنظيم سياسي امازيغي على الاطلاق بل كان يوجد تنظيمات سياسية حاملة للفكر القومجي العروبي بصريح العبارة.

ان هذه التصريحات الخطيرة للاستاذ حيتوس تهدف الى ارجاعنا لزمن ميثاق اكادير سنة 1991 بكل الصراحة حيث لا احد كان يستطيع ان يشكك في ايديولوجية الظهير البربري او يدعو الى الاسلام الامازيغي او يدعو الى العلمانية الامازيغية بصريح العبارة علما ان وقتها كان المغرب لا يطبق الشريعة الاسلامية بل كان و يزال يطبق العلمانية الفرنسية الى حدود الان اي المطالبة بعلمانيتنا الاصيلة كما اسميها ليس تشويها او انحرافا للحركة السياسية الامازيغية بل انطلاقا من تاريخنا الامازيغي الاسلامي كما اعتبره .......

الى صلب الموضوع                       

ان الوعي الامازيغي قد عرف تطورا عظيما في مختلف الاتجاهات على امتداد 27 سنة أي منذ ميثاق اكادير حيث استطاعت الحركة الامازيغية ان تحقق العديد من المكاسب الرمزية و الفعلية طيلة هذه المدة بمقارنة مع عهد الراحل الحسن الثاني حيث اعترف شخصيا ان تاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية قد ساهم و لو بشكل نسبي في انتقال الامازيغية كلغة و كثقافة من الهامش الى بعض مؤسسات الدولة من قبيل المدرسة و الاعلام العمومي لكن اتساءل هل هذا الاسهام النسبي كافي لتحقيق حلم امازيغية المغرب؟؟

ان انتقال الامازيغية  من الهامش الى بعض مؤسسات الدولة قد خلق نوعا من وعي نسبي باهمية الامازيغية داخل شرائح محدودة من مجتمعنا حيث اصبح الامازيغي يعتز بهويته الام في عز النهار بمقارنة مع عهد الراحل الحسن الثاني ....

لكن هذا الوعي النسبي باهمية الامازيغية مبني في العمق على الخطاب الامازيغي ببعده الثقافي المقيد بشروط اكل الدهر عليها و شرب على كل المستويات و الاصعدة حيث ان اليوم لا يشبه الامس على الاطلاق لان الحركة الامازيغية اصبحت حركة سياسية منذ سنة 2005 بتاسيس الحزب الديمقراطي الامازيغي و بتاسيس لجنة تحضيرية لحزب تامونت للحريات في دجنبر 2015 ..  

 و لان مطالب الحركة الامازيغية اصبحت الان عديدة و متعددة مست كل القطاعات الإستراتيجية بما فيها الحقل الديني حيث اعتبر بكل التواضع الوحيد على الصعيد الوطني الذي طالب باعادة تاهيل حقلنا الديني الرسمي على اساس امازيغية المغرب من خلال كتابي الامازيغية و الاسلام و اسطورة الظهير البربري الذي لم يطبع بعد ربما ان موضوع كتابي لازال طابو سياسي ببلادنا لان ايديولوجية الظهير البربري مازالت لها جذور عميقة في حلقنا الديني الرسمي و في المجتمع مع سيادة النزعة السلفية بشكل فضيع لدرجة انني ارسلت امي لشراء بعض الكتب المهتمة بالشان الامازيغي الى مكتبة اموكار الكبيرة في عاصمة سوس اكادير فلم تجد و لو كتاب واحد عن الشان الامازيغي كاننا نعيش في وسط جزيرة العرب...

و كما قلت في بداية هذا المقال فان الفاعل الامازيغي بمختلف انواعه يتساءل الف سؤال عن وضعية القضية الامازيغية اليوم باعتباره يشاهد تعدد قضايا الشان الامازيغي بين السياسي و الديني و الحقوقي و الفكري الخ من هذه القضايا الكبرى حيث اعتبر ان ميثاق اكادير  هو لحظة تاريخية بالنسبة للحركة الامازيغية ببعدها الثقافي و الانطلاقة الفعلية للحركة الثقافية الامازيغية بالمغرب ..

 لكن مطالب هذا الميثاق قد تجاوزها الزمان و السياق الحالي بكثير لدرجة ينبغي حسب اعتقادي المتواضع التفكير بشكل جدي في اصدار ميثاق اكادير جديد يتضمن مطالب الحركة الامازيغية ببعدها السياسي و الثقافي امام التراجعات الخطيرة للملف الامازيغي بشموليته و امام عدم تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية و امام تفاعلات حراك الريف الاخيرة و الممثلة في الحكم على معتقلي هذا الحراك المبارك ب20 سنة سجنا و امام عودة سياسة التعريب و بالاضافة الى سياسة الاسلمة لحياتنا العامة بشكل تدجي كاننا لسنا مسلمين منذ 14 قرن او كأن تقاليدنا الامازيغية تتعارض مع مبادئ الاسلام الخالصة او تدعو الى وطئ الجواري و السبايا كما هو الحال بالنسبة للاعراب قبل اسلامهم و بعد اسلامهم في عز خلافتهم المسماة بالاسلامية زورا و بهتانا .........

توقيع المهدي مالك مسؤول عن مجموعة حزب تامونت للحريات في الفايسبوك

https://www.facebook.com/groups/1866241783705447/

 

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 4639