قضايا هامة في معتقدات مسلم ـ الجزء الرابع

رضا عبد الرحمن على في الأحد ٢٧ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

قضايا هامة في معتقدات مسلم ـ الجزء الرابع

تابع إعادة قراءة لكتاب المسلم العاصي ـ للدكتور ـ أحمد صبحي منصور


الإنسان بطبيعته يريد أن يحظى بكل شيء ـ يريد نعيم الدنيا والآخرة ..
بعد عرض الذنوب التي قد يقع فيها أي إنسان حتى لو كان مسلما ، وذلك بتزيين من الشيطان ، فنخلص إلى أنه لا يوجد إنسان معصوم من الوقوع في الذنب ، ولكن من يريد أن ينجو من عذاب ربه في الآخرة لابد أن يبادر بالتوبة الصادقة الخالصة المقرونة بالعمل العمل الصالح كما يقول رب العزة جل وعلا (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا ف; فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا)الفرقان 70ـ 71 ..


وللتوبة درجات وأفضلها إذا بادر الإنسان المسلم العاصي بتوبته خالصة في سن الشباب ، وهنا نجد أن أهم ما يميز التوبة شيئين التوبة المبكرة ، والتوبة الخالصة ، وهذه أفضل درجات التوبة عند الله عز وجل يقول تعالى (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً)النساء : 17 ..


وهذه التوبة المبكرة القريبة التي يقبلها الله عز وجل ـ يشير إليها المولى سبحانه وتعالى بسن الأربعين تحديدا لسن الرشد الكامل الذي يكون فيه الإنسان قادرا على التحكم في ذمام أموره ـ يقول تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ) الأحقاف : 15، 16 .. وفي سن الأربعين يتوقف الإنسان مع نفسه ويحاول أن يبدأ صفحة جديدة مع ربه جل وعلا ، ولهذا السن بالتحديد لنا أسوة حسنة في رسول الله عليه السلام حيث بعث بعد أن وصل سن الأربعين ، وهذا يدل على وصوله سن المسؤولية للرسالة .. حيث سيبدأ جزء هاما مختلفا من حياته ..

 ومن هنا يتضح ان سن الأربعين يعتبر محطة هامة في عمر الإنسان ، حيث أنه السن الأفضل لقبول توبة العصاة من المسلمين بعد الاعتراف بنعم الله عز وجل والاعتراف أيضا بالوقوع في الذنب ..


وأحيانا يتوب الإنسان في سن المشيب ، وقد رأى أنه قد مضى من عمره أكثر ما هو باق ، فيعترف بذنبه ويبكي على حاله ويتوب توبة صادقة ، ويبدأ في تعويض ما فاته والتكفير عنه بالتصدق على الفقراء ، وينغمس في طاعة خالصة لرب العالمين ليعوض ما فاته ـ يقول تعالى (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا ) التوبة :102،103 ..


وقد يضطر آخر للتوبة في سن المشيب والشيخوخة بعد أن ضعف جسده وأصابته العلل والأمراض فأذعن واستكان ، وهذا أمره إلى الله عز وجل إما أن يتوب عليه ويدخله جنته ، وإما أن يخلد في النار ، وليست هنا منزله وسطى بين الجنة والنار ـ يقول تعالى (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة : 106 ..


وأخر نموذج وهو كثير الوجود في المجتمعات الإسلامية حيث يعيش كثير من المسلمين متكبرين عن عبادة الله عز وجل مدمنين المعصية ، ولا يستيقظ هؤلاء إلا عند الاحتضار فيصرخ عند الموت بالتوبة حيث لا تنفع كما يقول رب العز جل وعلا في كتابه العزيز (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) النساء : 18 ..
وهؤلاء يريدون دخول الجنة بقول لا إله إلا الله عند الموت ، وحتى لو قالوها قبل خروج النفس فلن يستطيع أحد إن يجزم أن هذه الشهادة وحدها تكفي لدخول الجنة ، ولكن هذا الأمر في يد رب العالمين وحده لا شريك له الذي يعلم الغيب ، ولا يطلع على غيبه أحدا..


كما يعيش كثير من المسلمين عاليا في الأرض متكبرا على الخلق لا يتصدق رغم غناه لا يعمل صالحا رغم إسلامه ، وبعد موته يبحث أولاده عن الصدقات الجارية لإنقاذه من النار ..

أرجو أن أكون وفقت في عرض الموضوع

 

رضا عبد الرحمن على ـ مدرس بالأزهر

 

اجمالي القراءات 16598