الاحكام ب20 سنة على معتقلي حراك الريف يعتبر رجوع رسمي الى احضان سنوات الرصاص بوضوح تام

مهدي مالك في السبت ١٤ - يوليو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

 

الاحكام ب20 سنة على معتقلي حراك الريف يعتبر رجوع رسمي الى احضان سنوات الرصاص بوضوح تام

مقدمة                                         

يعتبر المغرب ذا ماضي ثقيل في مجال حقوق الانسان بسبب طبيعة المخزن التقليدي الذي يعتمد بشكل عظيم على تراث السلف الديني و السياسي بمعنى ان اي حكم يؤسس على هذا التراث البشري و المشوه للاسلام و حقائقه العظيمة يكون في الغالب ذو طابع استبدادي و قمعي كما هو الحال بالنسبة لتاريخ الخلافة الاسلامية الاسود في المشرق العربي ...

فمن الطبيعي ان يكون المخزن بالمغرب ذو هذا الطابع الاستبدادي مع التسجيل ان الملك محمد السادس حاول تصفية ارث الماضي الثقيل للمغرب سواء قبل الحماية او اثناءها و بعدها..

و ساختصر بقدر الامكان لان قبل الحماية كان المخزن التقليدي  يفرض الكثير من الضرائب و الوظائف و التسخيرات على القبائل بصفة عامة حيث كانت هذه القبائل تعاني من تعسف المخزن و قواده الكبار بشهادة كتاب  المخزن و القبائل الصادر عن المعهد الملكي للثقافة الامازيغية حيث يتحدث هذا الكتاب عن الجباية  و معانات القبائل مع تعدد مطالب المخزن حيث اذا رفضت قبيلة معينة الطاعة لمطالبه فالمخزن يقرر القيام بالحملات العسكرية لتطويع هذه القبيلة العاصية او تلك أي هناك تاريخ حافل بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان قبل دخول الاستعمار الى البلاد رسميا سنة 1912 ..

و لهذا السبب كانت القبائل الامازيغية تتمتع بنوع من الحكم الذاتي عن المخزن المركزي و عن انظامته الاستبدادية حيث اتشوق الى قراءة كتاب سوس و المخزن للاستاذ محمد حنداين لمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذا الموضوع المثير أي العلاقة بين المخزن و القبائل المحافظة على امازيغيتها كما اسميها لان هذه القبائل  تدعو لامير المؤمنين في دعا خطب الجمعة و العيدين بالخير و بالتمكين.

 غير ان هذه الاخيرة تحكم بالقانون الوضعي الامازيغي أي الاعراف الامازيغية بمعنى ان هذه القبائل كانت مستقلة عن المخزن في هذا الجانب الهوياتي لان الشريعة الاسلامية لا تصلح الا للحكم الديني الاستبدادي حسب رايي المتواضع .

ان الحديث عن فترة الحماية هو حديث طويل للغاية لكنني سأكتفي باعطاء بعض الاشارات السريعة .

اولا ان الاستعمار الفرنسي قد دخل رسميا الى بلادنا سنة 1912 عبر التوقيع على عقد الحماية بين المخزن و فرنسا في مدينة فاس بعدما عجز المخزن على تسديد ديونه الخارجية مع الدول الاوربية و عجزه على القضاء على انتفاضات القبائل الخ.

ثانيا ان القبائل الامازيغية انطلقت في مقاومة الاستعمار  الفرنسي و الاسباني منذ 1907 أي قبل التوقيع على عقد الحماية الى حدود سنة 1934  حيث ان فرنسا حافظت على النظام المخزني بشموليته و ساهمت في تكوين ابناء العائلات الفاسية و الرباطية و السلاوية في مدارسها العليا تحضيرا لتولي المناصب بعد سنة 1956 ..

ثانيا ان فرنسا ساهمت كذلك في تقوية المخزن التقليدي و نفوذه على التراب الوطني بعد الاستقلال الشكلي بعدما تم تاسيس ما يسمى بالحركة الوطنية بسبب صدور ظهير 16 ماي 1930 الخاص بتنظيم المحاكم العرفية أي ان اهل فاس شعروا بخطورة ترسيم العرف الامازيغي على مصالحهم مع الاستعمار الفرنسي او مع المخزن نفسه حيث كان يعترف بشرعية العرف الامازيغي منذ قرون من الزمان و لهذا السبب اخترعوا اكذوبة الظهير البربري قصد تشويه صورة الامازيغيين باعتبارهم ارادوا خيانة الوطن و الدين من اجل ان يكونوا فرنسيين حقيقيين الخ من اكاذيب اهل فاس و المخزن بعد ذلك بمعنى تم ابعاد الامازيغيين و مرجعيتهم الاصيلة عن الحكم بعد بزوغ فجر الاستقلال و الحرية كما يقال....

رابعا ان منطقة الريف قد حققت انتصارا تاريخيا على  الاستعمار الاسباني من خلال ملحمة انوال الخالدة بمداد من الفخر و الاعتزاز بقيادة امير الريف عبد الكريم الخطابي في يوم 21 يوليوز 1921 حيث ان هذا التاريخ قد شكل عز لكل مغربي مؤمن بضرورة تحرير هذا الوطن الكريم برمته من أغلال الاستعمار الاجنبي و شكل هذا التاريخ المنسي رسميا بداية ولادة جمهورية الريف كتجربة ديمقراطية دامت الى سنة 1926 حيث تم إجهاض هذا المشروع السياسي الكبير من طرف القوى الاستعمارية أي فرنسا و اسبانيا و بالاضافة الى المخزن كحقيقة التي يعرفها المؤرخين و الباحثين حيث هناك كلام كثير في هذا السياق من قبيل اهل فاس كانوا في عشرينات القرن الماضي يكرهون المقاومة المسلحة و يحبون الاستعمار لدرجة ان المقيم العام ليوطي قد زار ضريح مولاي ادريس .. 

 انني اعتقد ان منطقة الريف بالتحديد هي نموذج لاحتقار المخزن لامازيغي المغرب بعد الاستقلال الشكلي حسب اعتقادي المتواضع ....

ان الحديث عن ما بعد الاستقلال الشكلي بالنسبة لامازيغي المغرب هو حديث حافل بآلام و الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان على كافة المستويات و الاصعدة حيث يكفي القول ان المخزن قام بحرب متعددة الجوانب ضد ما هو امازيغي قصد ان يكون المغرب بلدا عربيا قحا حيث مارس القمع الوحشي على منطقة الريف بين سنتان 1958 و 1959 بقيادة ولي العهد انذاك الحسن الثاني و ميشيليات حزب الاستقلال القوي وقتها حيث كان سبب هذا القمع لهذه المنطقة انذاك هو انتفاضة اهل الريف من اجل حقوقهم في التنمية و العدالة المجالية و اقول ربما استرجاع روح جمهورية الريف و عودة عبد الكريم الخطابي الى ارض الوطن و هو وقتها كان في مصر ........

الى صلب الموضوع                            

ان المغرب الان مصاب بالصدمة القوية و بالغضب الشعبي العارم بسبب الاحكام الجائرة و الظالمة في حق معتقلي حراك الريف ب20 سنة سجنا لمجرد مطالبتهم بالجامعة و بالمستشفى و بالشغل في منطقتهم المنسية منذ سنة 1956 الى سنة 2004 تاريخ زلزال مدينة الحسيمة و الزيارة الملكية اليها تضامنا  مع ضحايا هذه الفاجعة ..........

ان حراك الريف انطلق منذ ليلة مقتل بائع السمك المرحوم محسن فكري في شاحنة الازبال أي يوم 28 اكتوبر 2016 حيث ان هذا الحدث المؤلم قد اعاد الماضي الاليم الى الريف الجريح اصلا علما بان تم التوقيع امام الملك محمد السادس في سنة 2015 على تنفيذ برنامج تنموي ضخم تحت اسم الحسيمة منارة المتوسط لكن هذا البرنامج لم يرى النور الى هذه اللحظة......................

انني اعتقد شخصيا ان هذه الاحكام الجائرة على معتقلي حراك الريف عودة رسمية الى احضان سنوات الرصاص بعد المسار الحقوقي الجيد بالنسبة للمغرب كبلد بدا يخطو في العهد الجديد مع الملك محمد السادس الذي يريد الخير لشعبه بدون ادنى شك ..

ان هذا المسار الحقوقي الجيد قد عرف لحظات تاريخية مع تجربة هيئة الانصاف و المصالحة التي كانت بحق تجربة فريدة من نوعها على صعيد شمال افريقيا و الشرق الاوسط لكن توصياتها ظلت حبرا على ورق مع كامل الاسف الشديد حيث كان المغاربة في سنة 2011 يعلقون امالا عريضة على الدستور الجديد بعد مظاهرات حركة 20 فبراير و بعد شهور من النقاش العمومي الصريح حول الاصلاحات الدستورية لكن في نهاية المطاف لعب المخزن التقليدي بمساعدة حزب العدالة و التنمية و حزب الاستقلال اخير اوراقه  و المتمثلة في حذف مواد و ادخال اخرى الى الدستور بغية استجابة لمقاس المخزن و سياسته الاستبدادية .

ان الاحكام ب20 سنة على معتقلي حراك الريف قد أشعل غضب المغاربة بمختلف فئاتهم و تياراتهم حيث نازلوا الى شوارع الدار البيضاء الاحد الماضي أي 8 يوليوز للتنديد بصوت عالي بهذا الرجوع الى احضان سنوات الرصاص و الجمر و مطالبة الدولة باطلاق سراح هؤلاء الشرفاء ذنبهم الوحيد هو انهم احفاد امير الريف عبد الكريم الخطابي و انهم صرخوا باعلى صوتهم ضد احتقار منطقتهم على كل المستويات و الاصعدة منذ فجر الاستقلال الى الان حسب رايهم المحترم ....

قد  شاركت لجنتنا التحضيرية لحزب تامونت للحريات في تلك المسيرة الوطنية ايمانا منها بضرورة المشاركة فيها و ليس لدعم قوى اليسار القومي لان قضية حراك  الريف اصبحت قضية وطنية  بامتياز حيث لا ينبغي توزيع الاتهامات المجانية هنا او هناك لان هذه اللجنة التحضيرية  تعمل  من اجل بناء حزب ذو المرجعية الامازيغية قادر على حل مشاكل بلادنا بالتي هي احسن .................

توقيع المهدي مالك مسؤول عن مجموعة حزب تامونت للحريات في الفايسبوك

https://www.facebook.com/groups/1866241783705447/

اجمالي القراءات 3489