ماذا استفاد المغرب من السعودية ؟

مهدي مالك في الأحد ٠١ - يوليو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

  ماذا استفاد المغرب من السعودية ؟

مقدمة لا بد  منها                        

قد طال غيابي عن النشر في موقع اهل القران او عن المواقع الاخرى هذه المرة بسبب اخطائي العظيمة في حواري الخيالي مع فقيه سعودي حيث ان الانسان يحتاج احيانا الى اعادة ترتيب اولوياته و تصحيح مساره في الكتابة او في النشر بغية التالق و التميز في سماء الفكر و الابداع الخيالي باذن الله .

غير ان اولوياتي في الكتابة او في النشر لم تتغير على الاطلاق فان القضية الامازيغية و التنوير الاسلامي هي اولوياتي الان حيث ساظل وافي لخطي التحريري المناهض لقوى السلف الرجعية في بلادي المغرب خصوصا و في كافة بلدان عالمنا الاسلامي عموما..

 ان هذه القوى قد دعمت من طرف الوهابية العالمية منذ عقود من الزمان بغية منع المسلمين من الانتقال الى مفهوم الدولة الحديثة و المؤسسة على اساس المواطنة للجميع بغض النظر عن اصولهم او عن معتقداتهم الدينية و المؤسسة على العلمانية أي الفصل بين الدين و الشان السياسي باعتبارنا كمسلمين لم نعد نعيش في ظل نظام الخلافة الاسلامية على المستوى السياسي أي اننا اصبحنا نطبق القانون الوضعي عوض عن الشريعة الاسلامية و اصبحنا نقول بشكل علاني بضرورة الاصلاح الديني الجذري.

 لكننا بالمقابل مازلنا نعيش في ظل هذا النظام على المستوى الديني و على المستوى المجتمعي بالرغم من ان الخلافة الاسلامية كما تسمى قد سقطت منذ سنة 1923 أي منذ زمان طويل كوقت كافي لاقامة وعي اسلامي معاصر يستطيع بناء المجتمعات الاسلامية على اسس الديمقراطية و حقوق الانسان و العلمانية كما هو الحال بالنسبة للغرب المسيحي كفضاء يضمن حرية الاعتقاد و الراي السياسي بدون اية محاسبة دينية او سياسية بمعنى ان هذه المدة الفاصلة بين سقوط ما يسمى بالخلافة الاسلامية و الان هي كافية لتحقيق هذه الاحلام الجميلة .

غير ان هذه الاحلام الجميلة لم تتحقق نهائيا بسبب ظهور الذهب الاسود في شبه الجزيرة العربية في بدايات القرن الماضي حيث بدا نجم المؤسس للمملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز في الظهور على مسرح الاحداث حيث تحالف مع الاكليز و الامريكان فيما بعد قصد الاعتراف بدولته القائمة اصلا على التاويل السلفي للاسلام حسب اعتقادي المتواضع أي العودة الى تراث الفقهاء منذ 1200 سنة في مختلف مناحي الحياة بدون استثناء لدرجة ان هذا التاويل يدخل معنا الى غرف النوم أي يتدخل في كل صغيرة او كبيرة بفضل السعودية التي قامت منذ تاسيسها  سنة 1932 بنشر مذهبها الوهابي على انه الاسلام الاصيل في مختلف انحاء العالم بغية ابقاء المسلمين  يقدسون الماضي كما قدم لهم عبر قناة خطابنا الديني الرسمي في بلدان شمال افريقيا و في بلدان الشرق الاوسط...

 و عبر خطاب حركات الاسلام السياسي التي تاسس منذ سنة 1928 في مصر على يد حسن النبا حيث هناك علاقات تاريخية بين الاخوان المسلمين و السعودية بوصفها نظام يشبه تاما نظام الخلافة الاسلامية بدون ادنى شك حيث يستحيل بالنسبة لي على اقل التفريق بين السعودية و الاخوان المسلمين تاريخيا او فكريا او سياسيا فالكل منهما يدعو الى الرجوع الى السلف الصالح حسب نظريتهما و تكفير الديمقراطية و حقوق الانسان و الدعوات الى الاصلاح الديني عبر قرن من الزمان خصوصا في مصر التي انجبت رموز التنوير من قبيل محمد عبدو و احمد صبحي منصور و الشهيد فرج فودة و السيد القمني و المرحوم نصر حامد ابو زيد الخ ..................

الى صلب الموضوع                                        

قد كان المغرب حليف استراتيجي للسعودية منذ عقود طويلة على مختلف الاصعدة و المستويات بدون ادنى شك حيث كان المغرب حين حصوله على الاستقلال الشكلي من فرنسا قرر التخلي عن تطبيق الشريعة الاسلامية لصالح تطبيق القانون الوضعي الفرنسي ليظهر امام العالم المتقدم انه بلد يسير نحو نموذج الدولة الحديثة لكن بالمقابل قرر المخزن تهميش  الامازيغيين كهوية و كانسان و كعلمانية اصيلة الخ على كافة الاصعدة و المستويات من اجل التوجه بشكل مطلق نحو المشرق العربي بهدف تحويل المغرب من بلد امازيغي قح اصلا الى بلد عربي ذو هوية اسلامية مستوردة من هناك وفق رغبات ما يسمى بالحركة الوطنية.

 و لهذا سن المخزن سياسة التعريب المطلق و سن سياسة السلفية الوطنية كما تسمى الى عقد السبعينات حيث فتح هذا الاخير الابواب امام الغزو الوهابي في التعليم و في الاعلام حسب راي الاستاذ عبد الوهابي رفيقي باعتباره سلفي سابق عاش عقد الثمانينات و التسعينات في ظل جو عام ببلادنا يتجه نحو الاقبال على السلفية بمختلف انواعها و هذا يتم بمباركة المخزن رسميا حيث يشجع المغاربة على الذهاب الى افغاستان للجهاد ضد الكفار..

اذن ان المخزن قد سمح بدخول هذا الغزو الوهابي منذ سبعينات القرن الماضي  بهدف محاربة احزاب اليسار المعارضة للمخزن وقتها و بهدف محاربة الوعي الامازيغي الجيني انذاك حسب اعتقادي المتواضع حيث منذ ذلك العهد ساهمت الوهابية في تخريب عقول اجيال كاملة من المغاربة و جعلهم يفكرون في تاسيس تنظيمات اسلامية سرية ذات تصورات جذرية من قبيل تكفير النظام الذي لا يطبق الشريعة الاسلامية على الاطلاق و ساهمت في تغيير الوعي الديني لدى شرائح واسعة من المغاربة البسطاء او ذوي المستوى المحدود من المعرفة..

انني اقول لو انطلق المغرب منذ استقلاله الشكلي من منطلق تاريخنا الاجتماعي و من اسلامنا الامازيغي كما نسميه لاستطعنا تفادي هذا الغزو الهائل من ناحية التصورات و التقاليد الدخيلة لان المغرب منذ اسلم اجدادنا الامازيغيين حافظ على استقلاله التام عن خلافة المشرق الاستبدادية  عبر تاسيس الدول الامازيغية الاسلامية حيث ان بعضها حاولت ان تحاكي المشرق في استبداده و قمعه كالدولة الموحدية و بعضها الاخر حاولت ان تحاكي هوية المغرب و تقاليده الاجتماعية كالدولة المرابطية التي التي عملت في سبيل التوفيق بين الامازيغية كهوية و الاسلام كدين ذو قراءات منذ بدايته في جزيرة العرب الى الان ..

ان سؤال هذا المقال ماذا استفاد المغرب من السعودية ليس سؤال ظرفي يتعلق بدعم  السعودية القوي للترشيح الامريكي من اجل تنظيم كاس العالم سنة 2026 على حساب المغرب الذي يعتبر بلد عربي في عيون المشارقة و قدم خدمات جليلة للمملكة العربية السعودية من قبيل مشاركة بلادنا في حربها الظالمة في اليمن الخ من هذه الخدمات الجليلة ...

و كما قلت فان هذا السؤال ليس ظرفي على الاطلاق بل هو سؤال عميق يتعلق بالحضارة المغربية و بالهوية الاسلامية لهذا البلد الامين حيث انني اتكرر لا افرق بين الوهابية و السلفية باعتبارهما شيء واحد في الجذور التاريخية و السياسية حيث ان النتيجة هي واحدة أي  الرجوع بنا الى نظام الخلافة القرشية كما اسميه و الى فقه الجواري و الإماء و قتل الفكر المخالف او تكفيره كما حدث في مصر و في المغرب الخ من دول المسلمين عبر المدة الفاصلة بين سقوط الخلافة القرشية و اليوم لان الوهابية العالمية تريد ابقاء المسلمين يقدسون التراث السلفي الى ابد دون أي تقدم مهما كان .

ان المغرب هو بلد امازيغي اسلامي له الفرصة الذهبية للتنوير الاسلامي و للتخلي عن فقه السلف الرجعي لان السعودية قدمت للمغرب طوال هذه المدة أي منذ السبعينات التخلف و الارهاب الدموي و الدعارة حيث عرفت لماذا منع فيلم الزين فيك داخل بلادنا ليس باعتباره يتضمن على المشاهد المخيلة بالحياء و انما باعتباره يظهر الحقيقة المؤلمة الا و هي ان السعوديين  يأتون الى  بلادنا للسياحة الجنسية حيث هذا شيء معروف في مواقع التواصل الاجتماعي لدرجة انني علمت منذ رمضان الماضي في موقع هسبرس ان تم تصوير حلقات مسلسل سعودي في مدينة مراكش يتحدث عن هذا الموضوع كأن المراة المغربية هي سلعة رخيصة لهؤلاء القوم ................

توقيع المهدي مالك                                                           

اجمالي القراءات 3883