الدراما وإصلاح المُجتمع .

عثمان محمد علي في السبت ١٦ - يونيو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

Image result for ‫مسلسل ايوب‬‎

شاهدت على مدار شهر رمضان مُسلسل ( ايوب ) للمؤلف محمد سيد بشير .وبطولة الفنان مصطفى شعبان  وسلوى عثمان  ومجموعة اخرى لا اعرف منهم احد هههه وهو مسلسل  إجتماعى  من نوعية الدراما والفن النظيف التى أُحبها وأُنادى بها . وهو يحكى قصة شاب ذكى جدا جدا من الطبقة الفقيرة لم يُكمل تعليمه الرسمى و تعرض لظلم شديد من المُجتمع  دخل على إثره السجن  غارما كمُعظم الغارمين والغارمات التى تعُج بهم السجون المصرية ، لأنه كان يُحافظ قدر الإمكان على أن يوفر حياة كريمة لأُمه وأخته .وفى السجن تعرض لظلم اشد  و لضغوط نفسية وعصبية وخارجية جعلته يرضخ لأن يخرج منه  ليسير فى اتجاه معصية الله ويستخدم ذكائه فى سرقة نظيفة قانونية  دون أن يترك وراءه أى اخطاء أى أثار تدل عليه. ولكنه ككل البشر كان  لازال يمتلك  بداخله بقايا خير وضمير تظهر احيانا  فى تصرفاته  . ورزقه الله بإبنة عمته كانت مؤمنة صالحة اخرجت كل هذا الخير الذى كان بداخله وساعدته على التوبة الى الله و من التخلص من جرائمه وساعدته على رد الأموال (بالرغم من انه طبقا للقانون المدنى والجنائى  لم يكن مُدانا ) قائلة له  (( ربنا ما بينضحكش عليه )) فقرر رد كل الأموال لأصحابها والبدء من جديد من الصفر برزق وأموال حلال 100%.

وهنا نأتى لدور الدراما فى إصلاح المُجتمع .فبالرغم من ان (ايوب ) عاد لصوابه وللطريق الصحيح إلا انى كنت أتمنى من المؤلف أن يُركز على مفهوم التوبة ولو فى جملتين بسيطتين فى نهاية المسلسل وانها لا تُقبل إلا إذا رد الظالم كُل المظالم التى يستطيع قدر إستطاعته  ردها مثل الأموال التى لازالت فى حوزته والممتلكات التى تحت يده التى جمعها من حرام إلى اصحابها ،او أن كان قد خسرها وضاعت  منه بأن  يستسمح اهلها  ويطلب الصفح والغفران منهم  وليس بأن يحتفظ بها ثم يذهب ليحج أو يعمل عُمرة منها ويعتقد انه بذلك قد رجع خاليا من الذنوب مغفورا له كيوم ولدته أمه !!! لالالالا .. المُهم أن يخلص توبته لله ويعلم انه يتعامل مع من ((يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى  )) سبحانه وتعالى . وكنت اتمنى أن يُركز المؤلف ايضا على مفهوم الغفران فى قوله تعالى ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) . وأنه مرتبط ارتباطا وثيقا بقوله تعالى ((إلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا  ))  وأن التوبة الصادقة لابد أن تكون نابعة من قلب مؤمن بالله جل جلاله ويعقبها عمل صالح   دائم لتصحيح الأخطاء السابقة والإستمرار فى عمل الخير و الصالحات   فيما تبقى له من عُمره ((إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )) .

فتخيلوا لو كان المؤلف  قد اضاف  هذا المفهوم لنهاية الُمُسلسل لأحدث تغييرا عظيما فى نفوس وضمائر المُشاهدين لم يُحدثه أزهر ال 1000 سنة . الدراما سلاح خطير مثل اشعة الليزر تستطيع أن تستخدمها فى البناء أو  الهدم والتدمير والتحطيم ،وفى بلادنا وللأسف لازال يُستخدم معظمها  فى هدم وتجهيل المُجتمع ،ثم يقولون (الدراما تُعبر عن الواقع !!!!)  لا يا سيدى الدراما يجب أن تعمل على تغيير الواقع وإصلاحه وتصحيح مساره .

وتخيلوا ا معى لو  اقدمت شركات الإنتاج على إنتاج دراما تُعبر عن حقيقة التراث الدينى العفن لاعتداءات الصحابة على البلاد التى كانت آمنة مُسالمة مُستقرة  فقتلوا اهلها  وأكلوا اموالها وسلبوا ثرواتها بالباطل بحجة نشر الإسلام !!!  .... أو لو أنتجوا دراما عن  حقيقة روايات البخارى وإبن حبل وإبن تيمية وإبن عبدالوهاب ،والمودودى ، وأنهم اعدى اعداء الله ورسله ورسالاته ،وعن حقيقة دور الأزهر والأوقاف فى تكريس الدجل والخرافات ونشر ما يُخالف دين الله وتعاليمه فى العالم كله  لأكثر من الف سنة على انه دين الله .

اعتقد مسلسلا واحدا عن اولئك الناس  سيُظهر حقيقتهم وسيكفى  لتصحيح رؤية الناس عنهم وولاءهم الأعمى لهم وسيُغيرها من النقيض إلى النقيض وبكل تأكيد سيساعد على إصلاح الناس وإعادة ضمائرهم وبالنهوض بالمجتمع نحو الرُقى والحضارة والمدنية .

فهل سنرى من يجروء على إنتاج  هذه الدراما الإصلاحية ؟؟

 نتمنى ذلك .

اجمالي القراءات 5254