معجزات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الحسية بين النفي والإثبات
معجزات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الحسية بين النفي والإثبات

نادي العطار في الخميس ٢٤ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

معجزات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الحسية بين النفي والإثبات

 

 


في الكتب الإسلامية المتداولة بين الناس؛ كثير من الأخبار عن المعجزات الحسية لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم  ، وقد طالعتُ هذه الكتب فوجدتُ أن العلماء مختلفون فيما بينهم في المعجزات الحسية ، فهم بين مثبت لها ومعارض لها.


والحق في هذا الموضوع :

هو أن الرسول لم يكن له معجزات حسية، وليس هذا قدح في رسول الله وإنما هو إحقاق لكلالام الله في القرآن الكريم ، قال تعالى : ( وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا) [الإسراء 59] وهنا تظهر العلة من الحكم ؛ فإن الله تعالى يقول إن السبب في منع المعجزات للرسول هو أن الأولون جاءتهم المعجزات عن طريق رسلهم ، فلم يؤمنوا بسبب هذه المعجزات التي عملها أنبيائهم .


وقبل التوضيح والبيان نبين:

أن الأمم السابقة كانت تطلب من الأنبياء والرسل معجزات تدل على أنهم آتون من قِبل الله، ونبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  نبى ورسول أتى إلى أمة أمية لتنطلق برسالته إلى الأمم. فهل كانت له معجزات حسية كمعجزات الأنبياء والرسل السابقين عليه أم لا؟ لقد كانت الأمم السابقة تطلب معجزات أى تطلب أمورا من النبى أو الرسول خارقة للعادات التى ألفوها فى الحياة الدنيا. فإن حصل الأمر الذى ما كان متوقعا، دل ذلك على أن خالق العالم هو الذى أجرى الأمر على يد ذلك النبى أو الرسول ليؤمن الناس بما يقول. فموسى مثلا – عليه السلام – كان يلقى العصا فى أرض مصر فتصير ثعبانا أمام فرعون والسحرة. وكان لصالح – عليه السلام – ناقة تأكل فى أرض الله، لها شرب، ولهم شرب يوم معلوم، وكان عيسى – عليه السلام – يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله. وهذه المعجزات لم تكن فى يوم من الأيام دليل تصديق كامل للأمم، فإنهم كانوا ينسبون هذه الخوارق أحيانا إلى السحر، ويتهمون النبى أو الرسول بالكذب.
وعلى سبيل المثال لما صنع موسى – عليه السلام – أمام فرعون والمصريين وبنى إسرائيل معجزات كثيرة منها: 1- العصا 2- واليد البيضاء، ولم يؤمنوا أرسل الله على أهل مصر: 1- الطوفان 2- والجراد 3- والقمل 4- والضفادع 5- والدم 6- والذبان 7- والوبل الثقيل 8- والدمامل 9- والظلام ثلاثة أيام 10- وموت الأبكار – كما في الأصحاح السابع والحادي عشر من سفر الخروج – ولما صنع موسى ذلك، لم يكن إيمان ولا تقوى عند الأكثرين. وكان فرعون والمصريون معه إذا نزل بلاء عليهم. يقولون لموسى: ( يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ . فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ . وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ . أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ . فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ . فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ . فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ . فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ) [الزخرف 49-56]
وفى التوراة في هذا الذي قلته ما نصه: " 27فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ وَدَعَا مُوسَى وَهَارُونَ وَقَالَ لَهُمَا: «أَخْطَأْتُ هَذِهِ الْمَرَّةَ. الرَّبُّ هُوَ الْبَارُّ وَأَنَا وَشَعْبِي الأَشْرَارُ. 28صَلِّيَا إِلَى الرَّبِّ وَكَفَى حُدُوثُ رُعُودِ اللهِ وَالْبَرَدُ فَأُطْلِقَكُمْ وَلاَ تَعُودُوا تَلْبَثُونَ». 29فَقَالَ لَهُ مُوسَى: «عِنْدَ خُرُوجِي مِنَ الْمَدِينَةِ أَبْسِطُ يَدَيَّ إِلَى الرَّبِّ فَتَنْقَطِعُ الرُّعُودُ وَلاَ يَكُونُ الْبَرَدُ أَيْضاً لِتَعْرِفَ أَنَّ لِلرَّبِّ الأَرْضَ. 30وَأَمَّا أَنْتَ وَعَبِيدُكَ فَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَمْ تَخْشُوا بَعْدُ مِنَ الرَّبِّ الْإِلَهِ». 31فَالْكَتَّانُ وَالشَّعِيرُ ضُرِبَا. لأَنَّ الشَّعِيرَ كَانَ مُسْبِلاً وَالْكَتَّانُ مُبْزِراً. 32وَأَمَّا الْحِنْطَةُ وَالْقَطَانِيُّ فَلَمْ تُضْرَبْ لأَنَّهَا كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً. 33فَخَرَجَ مُوسَى مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ وَبَسَطَ يَدَيْهِ إِلَى الرَّبِّ فَانْقَطَعَتِ الرُّعُودُ وَالْبَرَدُ وَلَمْ يَنْصَبَّ الْمَطَرُ عَلَى الأَرْضِ. 34وَلَكِنْ فِرْعَوْنُ لَمَّا رَأَى أَنَّ الْمَطَرَ وَالْبَرَدَ وَالرُّعُودَ انْقَطَعَتْ عَادَ يُخْطِئُ وَأَغْلَظَ قَلْبَهُ هُوَ وَعَبِيدُهُ. " [خروج 9: 27-29]
فالمعجزات – كما هو واضح – لم تكن صارفة للناس عن الكفر. وإذا كان الأمر كذلك فهل نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم  كان بدعا من الرسل؟ إن معجزة نبى الإسلام صلى الله عليه وسلم  هي القرآن لا غير ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هود 1]
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم  أميا كقومه لا يقرأ ولا يكتب، فأوحى الله إليه القرآن ويعرفون من الكلام معانى ما كانوا يعرفونها مثله من قبل. ويعجب الكفار من اليهود والمسيحيين من معانيه ويقولون: ( أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [الفرقان 5] ولقد عجز أهل الكتاب عن الإتيان بالكل أو بعشر سور أو سورة.
ولما حمل العرب رسالة الله إلى الأمم، ونظرت الأمم في القرآن. وجدوه كتابا يحتوى على معارف وعلوم لا ينقض بعضها بعضا. ووجدوا كل لفظ موضوع على المعنى المناسب بدقة وإحكام. فأرادوا محاكاته، ولكنهم عجزوا. لأنه ليس في مقدور فرد واحد أن يحيط بجميع العلوم والمعارف ثم يصوغها بأسلوب محكم ورصين. ولا يستطيع البشر جميعا حتى ولو طلبوا مساعدة الجن لهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن، لأنهم ما أوتوا من العلم إلا قليلا. وعجز العرب وأهل الكتاب وعجز العالم، هو دليل على أن القرآن من الله، وأن النبي حق.


معجزات محمد صلى الله عليه وسلم :


هذا ما كان من أمر موسى وصالح وعيسى وجميع الأنبياء السابقين – عليهم السلام – وأما ما كان من أمر نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم فإن رؤساء اليهود طلبوا منه صلى الله عليه وسلم  آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ عز وجل فقال الله تعالى ( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ)؟ [العنكبوت 50-51] ولما كان القرآن كافيا؟ لأنه أمى، وأتى بعلم لا يعلمه غير الراسخين فى العلم، ولأنهم كانوا قد سمعوا عن آيات موسى، أمام فرعون وأهل مصر، وسمعوا عن الأمم السابقة ما قد جرى لهم؛ فنزل سماعهم منزلة الرؤية، خاصة وأنهم لم يكونوا منكرين لله، كفرعون وغيره. وكانوا يعرفونه حق المعرفة كما قال تعالى: ( قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ 84 سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ 85 قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ 86 سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ 87 قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ 88 سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ)؟ [المؤمنون 84-89]


وكان علماء اليهود والنصارى ينشرون خبر نبوته بين اليهود الأميين. السامريين والعبرانيين. كما قال تعالى: ( وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ) [البقرة 89] فكان أكثرهم على يقين من صحة ما يقول. غاية الأمر أن بعضهم كان يريد التأكد من نبوته، وكان البعض منهم يريد نبيا منهم من ذوى اليسار والغنى. كما قال تعالى ( وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)؟ [الزخرف 31]


وثبوت نبوة موسى كانت من معجزاته. ولما تأكدوا من نبوته بها، استجابوا لكلامه. وإذ من كلامه أن يؤمنوا بنبى يأتى من بعده. مثله. فإن معجزات موسى تكون له وللنبى الآتى من بعده. فلماذا تكون لمحمد معجزات خاصة وقد ثبتت نبوته من نبوة موسى؟ وقد ذكر موسى أوصافه ليعرفوه بها متى جاء. والأوصاف إذا انطبقت عليه فإنها تعرّف به. لا المعجزات الحسية. وقد انطبقت عليه تمام الانطباق.


والقرآن معجز للعالم أجمع. العرب واليهود وغيرهما. كل فى مجال تخصصه فى العلم.


ولقد كان العرب من أهل الفصاحة والبيان. وها هو القرآن مناسب لما يعرفون كما كانت عصا موسى ويده مناسبتان لما برع فيه أهل مصر يومئذ.


ولقد أخاف نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم  رؤساء اليهود – واليهود من عشيرته – وحذرهم من بطش الله ووبخهم، ومع ذلك لم يستطع أحد منهم أن يصيبه بأذى. كما قال تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) [المائدة 67]


لقد أخاف نبي الإسلام عشيرته الأقربين، كما أخاف موسى فرعون. أخافهم بقدرة الله على إهلاكهم كما أهلك الأمم السابقة، الذين كانوا يمرون عليهم مصبحين وبالليل. وفى كثير من آيات القرآن يعبر الله بالرؤية ويقصد العلم كأنه يتحدث عن شيء يرونه بأبصارهم كأنه واقع بهم يقول تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ)؟ [الفجر 6] والرسول صلى الله عليه وسلم  لم ير، وإنما يريد منه علم ذلك علما مؤكدا. ويقول: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ)؟ [الفيل 1] وما كان مشاهدا للحادثة. وإنما هو يخوفهم بما هو في حكم الرؤية. وفى ذلك يقول تعالى بعد ذكر آيات وعجائب: (وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا) [الإسراء 60] وبالإضافة إلى التخويف بذكر ما جرى على الأمم السابقة؛ وجدوا آثار قدرة الله في شخص النبي نفسه. فقد تآمر اليهود على قتله ونجا من أيديهم كما نجا موسى من فرعون. وما كانوا يتوقعون نجاته. فقد قال تعالى: ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [الأنفال 30]
وكما استغاث أصحاب موسى لما هربوا من بطش فرعون كما فى التوراة: "10فَلَمَّا اقْتَرَبَ فِرْعَوْنُ رَفَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ عُيُونَهُمْ وَإِذَا الْمِصْرِيُّونَ رَاحِلُونَ وَرَاءَهُمْ فَفَزِعُوا جِدّاً. وَصَرَخَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ " [خروج 14: 10] كذلك استغاث أصحاب النبى لما اقترب منهم اليهود. ففى القرآن الكريم ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ) [ الأنفال 9]


وكما كان نصر موسى على فرعون بمعجزة خارقة للعادة؛ لأن من معه كان عددا قليلا ضعيفا مغتربا لا يقوى على جيش كثير قوى صاحب وطن؛ كذلك كان نصر النبى بنفس المعجزة الخارقة للعادة. فقد كان مغتربا فى " يثرب "، والعدد الذى خرج به للقاء اليهود كان قليلا وضعيفا فى العدة. ولذلك قال تعالى ممتنا عليه: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 17 ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ) [الأنفال 17-18]
وقد سأل اليهود النبي أن يعطيهم معجزات حسية تدل على نبوّته ؛ ذلك في قول الله تعالى (وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا 90 أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا 91 أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً 92 أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً) [الإسراء 91-93]
كذلك حذر الله اليهودَ من أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم  عن معجزات حسية فردّ الله عليهم بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ 101 قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ) [المائدة 101-102]
إن علماء الإسلام وضعوا أربعة شروط للمعجزة: 1- أن تكون مطلوبة . 2- أن يشهدها جمع غفير من الناس . 3- أن يتحدى بها .4- أن تكون منقولة بالتواتر الجماعي .
فإذا طبقنا هذه الشروط على المعجزات الحسية المكتوبة في الكتب الإسلامية؛ فإنها لا تنطبق . فمثلاً معجزة انشقاق القمر ؛ من المعجزات الحسية المكتوبة في الكتب الإسلامية ، ولكن كما روى القرطبي أنّ واحداً فقط هو الذي رآها وهو ابن العباس ، ومعلوم أن شهادة الواحد لا يُعتد بها حتى في الأمور الدنيوية بدليل قوله تعالى ( وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ) [البقرة 282]


أما ما يتردد على أفواه السادة العلماء من أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له معجزات حسية مثل : انشقاق القمر ونبع الماء من بين الأصابع ورد عين قتادة بن النعمان وتكلم الضب وأن الجمل اشتكى له والغزالة ... فهذه أمور تحتاج من العلماء إلى دراسة متقنة ؛ حتى لا يقولوا على الله ما لا يعلمون . وقد حذر الله من هذا في قوله تعالى : ( وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [الأعراف 33] وصدق الله العظيم حيث يقول: ( لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ)) [آل عمران 187]
ويقول تعالى : ( وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الحج 54]
وسوف نوالي توضيح الأمر بجلاء في مقالات قادمة بإذن الله.
والله من وراء القصد .

                                                   د/ نادي فرج درويش العطار           
                                          مدير مركز ابن العطار للتراث         

  nadifarag@yahoo.com         

 

 

 

اجمالي القراءات 73407