إن المحمديين منافقون .!!

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٢٣ - فبراير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

إن المحمديين منافقون

رب العزة جل وعلا لم ينزل كل هذه التفصيلات القرآنية عن المنافقين عبثا . تعالى الله جل وعلا ، بل أنزلها فى كتابه لأنه يعلم أن تيار النفاق سيستمر بعد إنتهاء القرآن الكريم نزولا ، بل سيكون عالى الصوت مرفوع الرأس مسيطرا على مئات الملايين من المنتسبين الى الاسلام ، وهم فى تناقض مع عقيدته ( لا إله إلا الله ) وشريعته و قيمه العليا ( السلام والحرية والعدل والاحسان والرحمة ).

نعطى بعض التفصيلات :

أولا : ملامح تيار النفاق فى عصر خاتم النبيين :

1 ـ فى قصص الأنبياء السابقين كان هناك نوعان فقط : مؤمنون صرحاء وكافرون صرحاء ، منهم الملأ ومنهم التابعون لهم .

2 ـ  لم يظهر المنافقون فى مكة ، بل كان هناك كافرون صرحاء ومؤمنون مع خاتم النبيين ـ عليهم السلام . هجرة النبى والمؤمنون معه الى المدينة والتحول الجديد الذى طرأ عليها خلق تيار النفاق العلنى ، كما أن المكر القرشى جعل عصابة من الجواسيس القرشيين تبادر بالايمان لتكون عيونا على النبى وأصحابه ، ثم هاجروا الى المدينة وحافظوا على قرابتهم وقربهم من النبى وكتموا كفرهم ونفاقهم وضبطوا مشاعرهم ، فوصفهم رب العزة جل وعلا بأنهم ( مردوا على النفاق ) ( التوبة 101 ) . أولئك ( المردة ) هم الذين حكموا الدولة بعد موت النبى فوجهوا للاسلام الطعنة الكبرى بالفتوحات ثم بالفتنة الكبرى . المنافقون الصرحاء من الأوس والخزرج كانوا القادة والملأ والأثرياء ، وأضاع الوضع الجديد مكانتهم وهيبتهم . لم يكن ليتركوا المدينة وفيها أهاليهم وعصبتهم وثروتهم ، فظلوا فيها يكيدون للاسلام والرسول متمتعين بالحرية المطلقة التى أرساها الاسلام فى دولته ، حرية الدين وحرية المعارضة السياسية طالما لا ترفع السلاح .

3 ـ هناك مؤمنون مسالمون كانوا مستضعفين فى مكة ثم إعتنقوا الاسلام بالمعنى السلوكى من الأمن والسلام مع تمسكهم  بتقديس القبور المقدسة والخمر والميسر عصيانا لرب العزة جل وعلا ( الحج 30 المائدة 90 : 92 ) وأولئك كانوا صرحاء فى ممارستهم لشعائرهم الدينية كما كانوا صرحاء فى تثاقلهم عن القتال الدفاعى ، ولكنهم لم يتآمروا ولم يقوموا بمعارضة سياسية . إستحقوا وصف ( المؤمنين ) سلوكيا ، بهذا نزلت الآيات فى وعظهم فى سور الأنفال وآل عمران والنساء والتحريم والأحزاب وغيرها . ولم يأت مطلقا ـ فى عتابهم ـ الوصف بالنفاق أو إستحقاقهم الدرك الأسفل من النار . هذا داخل المدينة .

4 ـ خارج المدينة كان هناك أعراب موصوفون بأنهم الأشد كفرا ونفاقا . اى كافرون متطرفون ومنافقون متطرفون . كما كان هناك أعراب مؤمنون . ( التوبة 97 : 99 ) . بعض المنافقين الأعراب كان يأتى الى المدينة يزعم الاسلام ويتنقل فى ربوعها يتعرف على أماكن الضعف والقوة فى تسليحها ثم يقوم بالهجوم عليها . والمدينة كانت وقتئذ موقعا حربيا ثابتا ، تحيط به صحراء يسهل إختراقها ، وحدث أن حوصرت فى موقعة الأحزاب ( الخندق ) لذا كان التكتيك الحربى للنبى أن يتعرف مقدما على أى تحرك حربى قادم للمدينة فيبادر بمواجهته فى الطريق قبل أن يدخل المدينة ، لذا كانت أوامر القتال تأتى بلفظ ( إنفروا ) وبالخروج ، أى الخروج من المدينة لمواجهة العدو القادم. أولئك الأعراب المنافقون المحاربون كانوا الأخطر ، لذا شرع الله جل وعلا تعاملا سياسيا وعسكريا معهم : إن آمنوا فعليهم أن يعيشوا فى المدينة متمتعين فيها بالسلام والحرية الدينية المطلقة وحرية المعارضة السياسية السلمية المطلقة ، أو أن يلتزموا بالوفاء بالعقود مع دولة النبى بعدم الاعتداء . إن نكثوا العهد فلا بد من قتالهم إن إعتدوا ( النساء 88 : 91) . فى نفس الوقت نزل تحذير شديد لمنافقى المدينة ألا يلجأوا الى حمل السلاح إعتداءا على دولتهم التى تحميهم وتكفل لهم حررية الدين والمعارضة السياسية  ( الأحزاب 60 : 62 ) ، كما نزل العقاب الشديد لمن يقطع الطريق على الآمنين ( المائدة 33 : 34) وهو المعروف تراثيا بحد الحرابة .

 ثانيا : إختلاف ملامح النفاق فى عصر النبى عن ملامحه فى عصرنا .

1 ـ الحكم السياسى والنفوذ هو الذى خلق النفاق الصريح بين الأوس والخزرج فى المدينة . جواسيس قريش الذين مردوا على النفاق هم الذين وصلوا للحكم ، وبدءوا تيارا جديدا من النفاق يرفع راية الاسلام وهو يطعن فى الاسلام . وهذا هو ملمح تيار النفاق الذى ساد بعد موت النبى محمد عليه السلام ولا يزال مستمرا بين المحمديين حتى الآن

2 ـ هناك ملاحظة هامة جدا ، هى أن الحديث عن النفاق الذى علت نبرته فى أواخر ما نزل فى القرآن الكريم ( سور التوبة والمائدة والمنافقون ..) قد إنتهى تماما ومرة واحدة بعد موت خاتم النبيين . هل لأن المنافقين تابوا وأنابوا بموت النبى ؟ هل لأنها كانت ( موضة ) وانتهت ؟

الإجابة فى قوله جل وعلا (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة )، أى هناك منافقون مردوا على النفاق سيكون لهم دور تخريبى هائل سيستحقون به عذابا مرتين فى الدنيا ثم عذاب عظيم فى الآخرة .

3 ــ المنافقون الصرحاء من الأوس والخزرج تم تهميشهم مع تهميش مع بقية الأنصار وعزل وإغتيال سعد بن عبادة زعيم الأنصار .  تراجع الأنصار ـ مؤمنين ومنافقين ـ وأخلوا الطريق للمنافقين الأخطر الذين مردوا على النفاق. هؤلاء ( المردة ) هم الذين غلبوا فى النهاية بعد طول إنتظار وطول إستعداد . وكانت لهم طريقة جديدة وفريدة تنم عن الدهاء القرشى والمكر القرشى الذى تزول منه الجبال كما وصفه رب العزة جل وعلا :  ( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) ابراهيم ) . قريش تخصصت فى إستغلال الدين فى تجارتها ، وبملة ابراهيم ـ التى حرفوها تبعا لمصلحتهم التجارية ـ سيطرت على العرب ، وإستغلتهم فى حماية قوافلها ، فلما بعث الله جل وعلا خاتم النبيين مارسوا نفس اللعبة فى تحريف الاسلام تبعا لمصلحتها الاقتصادية والسياسية ، وباسمه كانت الفتوحات التى غيرت تاريخ العالم. خططت قريش لاحتواء ( الاسلام ) والنبى و من معه . إستعملت مكرها ،  ولم تضع كل البيض فى سلة واحدة ، حاربته علنا وأحاطته بجواسيسها سرا ، فلما نجح الاسلام ودخل الناس فى دين الله ( السلام ) أفواجا دخلت فى الاسلام مع بقية الناس ، وكانت عصابتها من جواسيسها فى إنتظارها  فى المدينة وقد أحرزوا مكانة عالية أهلتهم للقيادة بعد موت النبى .  ومات النبى فكانوا هم الذين ورثوا هذا النجاح حكما وسيطرة . المنافقون من الأوس والخزرج تمتعوا ببلاهة هائلة ، فضحوا أنفسهم وأضاعوا مكانتهم . أما أبو بكر وعمر وعثمان وعلى والزبير وطلحة وسعد وأبوعبيدة وعبد الرحمن بن عوف ..الخ فقد كانوا غاية فى الدهاء تستروا بالاسلام ليكيدوا للاسلام فى الوقت المناسب بعد موت نبى الاسلام عليه السلام ، وتحت راية الاسلام أضاعوا الاسلام .!!,,

4 ـ   أى إن العامل المشترك بين ظهور النفاق فى عهد النبى ثم ظهوره بعده هو الحكم السياسى . كان هو الخلفية لظهور النفاق فى المدينة وحولها . قريش أسّست امبراطوريتها فى عهد الخلفاء ، وكان هذا مناقضا للاسلام . وتعين عليهم إما الرجوع الى الاسلام توبة من هذا وإما التمسك بما أحرزوه بزعم أن هذا هو الاسلام . هذا ما حدث مبكرا لأن أول شيطان للفتوحات وهو أبو بكر بدأ الفتوحات فى شهر محرم الحرام وجعلها فتوحات اسلامية ، متهما الشعوب الأخرى بالكفر مستحلا غزوهم وإحتلال بلادهم .  هنا دين عملى جديد أسّسه على تناقض مع الاسلام ولكن باسم الاسلام . أى أن الاسلام الذى هو دين السلام والحرية الدينية والعدل والاحسان قد أصبح دين الغزو والاحتلال والسلب والنهب والسبى . ثم بتأسيس وتوطيد تلك الفتوحات شهدت الامبراطورية العباسية تقنين تشريعات لهذا الوضع المناقض للإسلام ، بإفتراء أحاديث جعلوها تنسخ (أى تبطل وتلغى ) شريعة الاسلام فى القرآن الكريم ، كما إعتدوا على القرآن الكريم يغيرون معانيه بما يسمى بالتفسير والتأويل ، وتأسس (الفقه ) وما يسمى بالتفسير والحديث وعلوم القرآن لتضع دينا مناقضا للاسلام ولكن باسم الاسلام .

5 ـ هنا حالة من الالتباس لا تزال حاكمة ومسيطرة . تتجلى حاليا فى إتهام الاسلام بأنه دين الارهاب لأن تلك الشريعة التى تم تأليفها فى العصر العباسى وكانت مطبقة قبله عمليا ـ لا تزال مسيطرة ومُطبّقة فى عصرنا ، حيث توجد فى دول المحمديين نظم حكم إستبدادية تحكم بالكهنوت الدينى سنيا أو شيعيا ، بالاضافة الى حركات سياسية ارهابية تمارس نفس شريعة الارهاب لتصل الى الحكم . وكلهم يزعم الانتماء الى الاسلام . والنفاق يظهر عاليا فى خطاب أساطين الدعاة . يتحدثون بالقرآن عن سماحة الاسلام وعدله وأنه دين السلام بينما يؤيدون المستبد ويفتون له بأحاديث الردة وقتل المعارضين ، أفتوا بقتل المفكر المصرى الراحل فرج فودة ثم توضأوا بدمه وهم يتحدثون عن سماحة الاسلام .!! .

6 ـ هذا هو الملمح الأساس لنفاق المحمديين اليوم . أن تزعم الانتماء الى الاسلام وأنت تدين بما يناقضه فى العقيدة ( تقدس البشر والحجر ) وبما يناقضه فى الشريعة وفى الأخلاق والقيم .

7 ــ هناك أغلبية فى العالم لا تؤمن بالاسلام من المسحيين واليهود والبوذيين والسيخ والهندوس والملحدين واللادينيين . هم صرحاء فى عدم إعترافهم بالاسلام . هؤلاء ليسوا منافقين . المنافقون هم المحمديون الذين يخفون الكفر بالاسلام ويعلنون أن دينهم الاسلام . لو أعلنوا كفرهم بالاسلام لم يصبحوا منافقين ، وكانوا أصحاب وجه واحد . النفاق هو هذه الإزدواجية للمحمديين ( قلب يؤمن بتقديس البشر والحجر ، ولسان يزعم أن دينه الاسلام ) .

أخيرا :

1 ـ القرآن الكريم هو الفيصل .

2 ـ بالقرآن الكريم ينفضح نفاقهم . إذا إستشهدت بالقرآن الكريم تؤكد بطلان عقائدهم وشرائعهم يظهر كفر قلوبهم فاحشا فى القول وفى السلوك .    

اجمالي القراءات 5706