مفهوم السلفية الوطنية في ميزان الحركة الامازيغية الان وفق وجهة نظري المتواضعة

مهدي مالك في السبت ١٧ - فبراير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

مفهوم السلفية الوطنية في ميزان الحركة الامازيغية الان وفق وجهة نظري المتواضعة

مقدمة متواضعة                                                       

 

ان سياق ظهور الحركة الامازيغية في بلادنا هو سياق احتقار الامازيغية بشموليتها بقرار سياسي من طرف السلطة و حركتها الوطنية بعد الاستقلال الشكلي بالنسبة للامازيغيين وقتها بحكم ان ما يسمى بالحركة الوطنية اسست سنة 1930 على قواعد باطلة للغاية و غير وطنية على الاطلاق حسب اعتقادي المتواضع حيث ان هذه الحركة العرقية قد قامت باكبر مسرحية في تاريخ المغرب المعاصر الا و هي مسرحية  الظهير البربري في مدن فاس و  الرباط و سلا فقط للاظهار امام العالم الاسلامي ان اجدادنا الامازيغيين هم دعاة التفرقة و معاداة الدين الاسلامي الخ من هذه الاكاذيب السخيفة و المؤسسة لما اسميه الان ايديولوجية الظهير البربري..

تذكر اغلب مصادر التاريخ الصحيحةان قبل دخول الاستعمار المسيحي الى بلادنا كانت جل القبائل الامازيغية تتمنع  بنوع من الحكم الذاتي عن السلطة المركزية و عن ثقافتها المخزنية الغارقة في ما يسمى بنهج السلف الصالح اي ان بلاد المخزن كانت تطبق الشريعة الاسلامية بينما ان بلاد السيبة كما تسمى في ادبيات الحركة الوطنية اي القبائل الامازيغية كانت ذات نظام ديمقراطي علماني اصيل و هذا باعتراف السلطة المركزية نفسها طيلة قرون من الزمان.

لكن عندما دخل الاستعمار الفرنسي  الى المغرب رسميا بعد التوقيع على عقد الحماية بمدينة فاس بتاريخ 30 مارس 1912 ساهم بشكل حصري في بناء الدولة العصرية لكن مع تقوية نفوذ المخزن السياسي و الديني على التراب الوطني كاملا ما بعد سنة 1956 حيث هذه حقيقة لا يعلمها العامة من الناس بمعنى ان فرنسا  لم تساهم في تقوية نفوذ الامازيغيين كمشروع ديمقراطي علماني اصيل اطلاقا كما يحاول المخزن و حزبه العتيد الاستقلال ترسيخه طيلة هذه العقود عبر وسائل الاعلام و التعليم و خطابنا الديني الرسمي ثم جاء الاسلاميين ما بعدهم بغية مواصلة هذا الترسيخ لمنظومة شاملة قصد تحقير الامازيغيين دينيا و سياسيا و تاريخيا طيلة هذه العقود الستة من الاستقلال حيث تصوروا معي ان الحركة الامازيغية حين بدات نضالها الطويل في اواخر الستينات وجدت ما يسمى بالسلفية الوطنية على الساحة ببعدها الديني و الايديولوجي  حيث كان من المستحيل انذاك ان تدافع عن الامازيغية كلغة و كثقافة لان السلفية الوطنية هي  المسؤولة الاولى و الاخيرة على احتقار الامازيغية دينيا و سياسيا منذ سنة 1956 الى يومنا هذا بشهادة الجميع ...

الى صلب الموضوع                         

ان مفهوم السلفية الوطنية بالنسبة لنا كحركة امازيغية علمانية هو مفهوم لا علاقة له بحضارتنا الامازيغية الاسلامية على الاطلاق بحكم ان اجدادنا الامازيغيين بعد اسلامهم و استقلالهم عن الخلافة الاموية اسسوا دولا عظيمة مثل الدولة البرغواطية كنموذج للاستقلال الوطني و الاسلام الامازيغي كما نسميه حيث  قلت في مقال خاص بهذه الدولة التي تم طمسها من طرف تاريخنا الرسمي بجرة قلم ..

لقد قلت في ذلك المقال ان تناول موضوع الدولة البرغواطية يعتبر شرف عظيم بالنسبة لي حيث ساعتمد  على كتاب نموذج المقاومة المغربية في دولة برغواطة الامازيغية للاستاذ و المناضل الامازيغي الكبير الحسين جهادي اباعمران الذي خدم الامازيغية دينيا اكثر من وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية بذاتها و اموالها الهائلة منذ سنة 1956 الى يومنا هذا حيث ترجم هذا الرجل الجليل السيرة النبوية و صحيح البخاري الخ من كتب السلف الى اللغة الامازيغية..

 و قام بترجمة معاني القران الكريم الى اللغة الامازيغية كعمل ضخم كان من المفروض ان تقوم به هذه الوزارة الغنية منذ سنة 1956 بمعنى ان الاستاذ جهادي ناضل في زمن احتقار الامازيغية بشموليتها في اطار الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي ....

يقول الاستاذ جهادي في كتابه القيم عن قبيلة الركراكة الامازيغية تذكر المصادر ان الطبقة الاولى منهم كانوا مع روح الله عسى و امنوا بما جاء به و انهم من الحواريين لكن عندما سمعوا ببعثة رسولنا الاكرم عليه الصلاة و السلام سافر 7 منهم الى المدينة المنورة قصد لقاءه حيث تم هذا اللقاء التاريخي بين الامازيغيين و رسولنا الاكرم الذي خاطبهم بلسانهم الامازيغي كما قاله الاستاذ جهادي في كتابه و ورد  هذا الطرح في كتاب مفاخر البربري أي اذا صح هذا الطرح تاريخيا بان الرسول الاكرم قد خاطبهم بلسانهم الامازيغي ستكون ضربة مؤلمة لجل تيارات الاسلام السياسي ببلادنا و كذا لحقلنا الديني الرسمي لكن من سيؤكد هذا الطرح الان او  بعد 30 سنة قادمة ؟ لان النزعة العروبية السلفية هي الغالبة في تاريخنا الاسلامي على صعيد شمال افريقيا ...

يقول الاستاذ جهادي في كتابه القيم لقد خلدت الركراكة حدث التجمع لقراءة الرسالة النبوية و التفرق في البلاد لنشر تعاليمها باجتماع الطوائف بعين المكان و قد أطلعني الاستاذ محمد الصويري على نسخة موقعة من طرف عدول يفوق عددهم 20 عدلا تدافع عن صحابية الركراكة لكن هناك من ينكر الصحابة من الامازيغيين ....

يقول الاستاذ جهادي ان الركراكة من برغواطة  امنوا بالرسالات اليهودية و المسيحية و الاسلامية أي حسب ما فهمت من كلام الاستاذ جهادي فان الامازيغيين اسلموا قبل وفاة الرسول لكنهم لم توصلوا بالقران كاملا الا بعد وقت طويل لان القران الكريم تم جمعه في عصر الخليفة عثمان بن عفان حسب راي الاستاذ جهادي لكن السؤال المطروح لماذا طمست السلطة هذه المعلومات التاريخية و الاكيدة؟

 و الجواب في اعتقادي لان السلطة في المغرب لا تريد التوغل في التاريخ القديم  و خصوصا متى اسلم الامازيغيين بحكم ان  الرواية الرسمية تقول اسلم البربر على يد الفاتحين العرب أي بمعنى اخر ان العرب لهم الفضل في ادخال الاسلام الى المغرب و ليس العكس  ...

 اما بخصوص الدولة البرغواطية فان الكلام عنها هو طويل للغاية حيث لن استطيع  الاحاطة بكل جوانبها الان و انما ساعطي بعض الاشارات الجوهرية بالنسبة لي حيث يقول الاستاذ جهادي من الصعب تحديد بداية هذه الدولة ما لم يهتم البحث التاريخي و اصعب من ذلك قبول من يؤرخ لظهور هذه الدولة الى عهد صالح بن طريف و ذلك لربط ظهورها بالردة و الكفر و بالخوارج و المذاهب الشرقية مع العلم ان من تنبأ فيهم بمحاكاة ظهور الرسول الاكرم بمكة و هناك من يرجع رحلة العلماء الركراكة الامازيغيين الاحرار ذوي الديانة المسيحية الى بداية ظهور الرسول و غايتهم هي الاطلاع على رايه في عسى و مريم عليهما السلام و ذلك ما وقع بين ملك الحبشة المسيحي و بين هجرة المسلمين الاوائل اليه من مكة باذن من رسولنا الاكرم.........

يقول الاستاذ جهادي في التشريع داخل الدولة البرغواطية ان ما قامت به دولة برغواطة ليس صدفة او طفرة او تهدئة لكن ذلك ثورة جذرية و عميقة شاملة فهي ليست دنيوية مادية فقط لكنها دينية روحية و صوفية و فلسفية كذلك  حيث اكدت المراجع عن المصادر ان لبرغواطة تشريعهم المحلي  الواسع به تسير دولتهم عرفيا و دينيا و مدنيا و عسكريا و اقتصاديا و اخلاقيا و تشريعهم بالاضافة الى ما تشبعت دولة برغواطة مما توصلت  من الديانات اليهودية و المسيحية و الاسلامية ..

و يقول الاستاذ جهادي في ثقافة الدولة البرغواطية نستنتج مما أمدنا به المراجع ان برغواطة كان عندها العلم العظيم حيث ان ازرف او العرف الامازيغي هو كفيل بتسيير المجتمع بكامله لان قوانين العرف الامازيغي هي مرنة تتماشى مع الزمان و مع المكان و مع الاحداث أي ان الدولة البرغواطية كانت نموذجا للتطور و للعلمانية حسب اعتقادي لان  الاستاذ جهادي لم يشير قط ان برغواطة كانت تطبق الشريعة الاسلامية على الاطلاق و انما كانت تطبق العلمانية  الاصيلة كما اسميها شخصيا ....

اذن يستفاد من هذه الصورة المختصرة للغاية عن دولة برغواطة الامازيغية الاسلامية ان الامازيغيين حينما اعتنقوا الاسلام لم يؤمنوا قط بمنظومة السلف الصالح ببعدها السياسي أي دولة الخلافة الاسلامية كما يسميها السلفيين بل كان لهم نزوع طبيعي نحو الديمقراطية و العلمانية الاصيلة  طيلة تاريخهم الاسلامي حيث لا توجد عقوبات في القانون الوضعي الامازيغي من قبيل القتل الخ من الحدود الشرعية لان اجدادنا الامازيغيين كانوا مسلمين علمانيين كما شرحته مطولا في مقالاتي و في كتابي...

لكن مع ميلاد الحركة الوطنية كما تسمى في سنة 1930 بدا تكفير الامازيغيين و هويتهم  الاصلية بهدف ابعادهم عن السلطة بعد سنة 1956 تماما عبر اختراع اكذوبة الظهير البربري أي ما يسمى بالسلفية الوطنية بعد الاستقلال الشكلي تعايشت مع كل ما تركته فرنسا من ناحية الدولة العصرية و من ناحية القوانين الوضعية الفرنسية و من ناحية اللغة الفرنسية و ثقافتها لكن بالمقابل رفضت رافضا قاطعا ان تعايش مع هوية المغرب الامازيغية بل اتهمتها بانها مشروع استعماري و انها نعرة جاهلية لا علاقة لها بالاسلام  طيلة ستة عقود من الاستقلال حيث ان حقلنا الديني الرسمي هو محكوم بايديولوجية الظهير البربري الى حد الان ...

ان خلاصة القول ان ما يسمى بالسلفية الوطنية هي مفهوم يستعمل منذ سنة 1956 الى الان بهدف قمع الوعي الامازيغي بمختلف ابعاده حيث ان هذه السلفية ليس لها أي امتداد تاريخي في القبائل الامازيغية على اقل لان بلاد السيبة كما تسمى في ادبيات الحركة الوطنية كانت نموذجا للديمقراطية المحلية قبل دخول الاستعمار الى المغرب و بالتالي اننا نعتبرها شيء دخيل على  مجتمعنا و شيء قد حطم الامازيغية كهوية اسلامية مغربية ....

المهدي مالك  

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 4540