أعشاب عبد الباسط القاتلة
أعشاب عبد الباسط القاتلة

خالد منتصر في الأربعاء ١٦ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

الكاتب لايرتدى روب القضاة ولاينبغى أن يجلس على منصة القضاء والحكم، ولكن فى هذا الزمن الذى أصبح فيه المواطنون المصريون فى منتهى السلبية، يشاهدون النصاب يضربهم على قفاهم بل ويقتلهم، وبرغم ذلك يصحون فى لحظات الحشرجة وقبل طلوع الروح ويقولوا كمان والنبى، وحياة أبوك أنصب علينا أكتر، وإذبحنى أكثر، وعلشان خاطرى أنا نظفت قفايا أهو إضربنى عليه تانى، هذا هو الحال مع المدافعين عن نصابى الأعشاب الرافضين للسير فى إدماجه فى طريق العلم، ولذلك يجب على الكاتب أن يرتدى ثوب رجال الشرطة ويقوم بالتحريات، لكى يثبت الجريمة، مع أن دوره هو تفجير القضية، والباقى على الجهات المعنية المسئولة، ولكن ماذا نفعل والغيبوبة المصرية صارت مزمنة وإقتربت من درجة الموت الإكلينيكى.
[ كان الإتفاق مع د. جمال شيحه أستاذ الكبد والجهاز الهضمى بالمنصورة أن تكون المواجهة موثقة، فأساليب التلاعب من مافيا الأعشاب تفوق التصور وتتعدى حدود الخيال، فمنهم من ينكر أن لديه عيادة، ويعطيك رقم موبايل، ويختفى عن العيون، بل وأحياناً يرسل صبياناً مثل بصاصين الباطنية لتسليم البضاعة بدون ظهور المعلم فى الصورة، ولكى لاندخل فى لعبة القط والفأر مع مافيا الأعشاب والدجل، قررنا أن نرسل عينة من تلك الأعشاب إلى معمل السموم وقياس الأدوية فى الدم بطب المنصورة تحت إشراف د. عبد العزيز أبو الفتوح غانم، وجاءت النتيجة صادمة وأفظع مماتوقعت، فقد وجد د. غانم أن نسبة سموم ال aflatoxin
و ال OKRATOXIN قد تعدت العشرين والثلاثين ضعفاً للمسموح به، وكتب فى نهاية التقرير المنشور مع المقال : نفيد سعادتكم بأن العينة التى سلمت مناولة تحتوى نسبة عالية من السموم الفطرية وتسبب سرطانات وفشل فى الكبد، ويوجد بها أيضاً مادة الأكراتوكسين والتى تسبب فشل كلوى وننصح بعدم إستخدام هذه الأعشاب لخطورتها على الصحة مع العلم بأن تأثير هذه المواد السامة غير مرتجع "!!.
[ المعنى خطير وهو إن الذى دمر لايمكن إصلاحه بأى دواء، وإذا كان التقرير مأساوياً فإن القصة التى وراء التقرير أكثر مأساوية وميلودرامية، فنحن أخذنا عينة الأعشاب من د. منال البلقاسى الأستاذة بمعهد الإدارة وتكنولوجيا المعلومات بكفر الشيخ، وكان زوجها طبيب الأسنان إبراهيم القرضاوى 39 سنة يعانى من فيروس سى وحالته مستقرة، ولكن لعب الشيطان برأسه نتيجة الإلحاح الإعلامى للأسف فذهب لشراء أعشاب عبد الباسط من القاهرة، وظل يبلبع فيها حتى رقد فى المستشفى بفشل كلوى، وعندما أرسلت العينات لمعمل التحاليل كان الأمل مازال يداعب زوجته منال وطفلتيه الصغيرتين اللتين يبلغ عمرهما 4 سنوات وسنتين، بأن بابا سيعود، وعندما وصلتنا نتيجة التحاليل الكارثة كان الأب قد رحل.
أكتب والدموع تخنقنى على هذا الشاب الذى يجسد مأساة وطن، طبيب مثقف يقع فى براثن شبكة نصب نتيجة تزييف وعى وآلة إعلامية جهنمية تروج للدجل والخرافة، ونصابون يحصدون المليارات من التجارة بالدين وبيزنس الطب النبوى والعلاج بالأعشاب، وبعد كل هذا العبث والهراء والفوضى أستقبل رسائل من البعض تقول نحن نعاتبك لإنفعالك الزائد!، بذمتكم بعد كل هذا الكلام أرد عليهم وأقول إيه!!!!.






اجمالي القراءات 46128