من اجل ترسيم السنة الامازيغية كعيد وطني الان

مهدي مالك في الأحد ٠٧ - يناير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

من اجل ترسيم السنة الامازيغية كعيد وطني الان

مقدمة                                          

يبدو ان الفاعل الملكي كان له الاستطاعة و الشجاعة الفكرية و الادبية في طرح القضية الامازيغية ببعدها الثقافي  في سنة 2001 عندما احدث المعهد الملكي للثقافة الامازيغية استجابة لضغوط الداخل و الخارج على حد السواء حيث علينا ان نكون واقعين  في تحليلنا الموضوعي لواقع الامازيغية على كافة المستويات و الاصعدة قبل خطاب اجدير و بعده ..

 ان العالم يتابع ما يجري في المغرب في السنة الماضية من التجاوزات الخطيرة في ملف حقوق الانسان و في ملف الامازيغية بسبب الحكومة الحالية التي أوقفت مناقشة مشروع تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية بالبرلمان بغية استقبال ضيف المغرب العظيم كما يسمى الا و هو خالد مشعل القيادي في حركة حماس كاننا  شعب مكتوب عليه ان يكون تابع للمشرق العربي مع كامل احترامي الشديد لاصدقائي و زملائي في التنوير الاسلامي في مصر  ..

لقد حقق الامازيغيين تراكمات فكرية و ايديولوجية هائلة و مفيدة للغاية منذ سنة 2001 الى الان بحكم ان هذه التراكمات ساهمت في احداث الحد الفاصل بين تراث الحركة الوطنية المتجاوز  و بين  تراث الحركة الامازيغية المبني على النسبية و العقلانية و الحداثة الخ من مبادئ التفكير السليم في اي مجتمع يريد الديمقراطية خيارا لا رجعة فيه ...

ان هذه التراكمات المفيدة سمحت بفضح اكاذيب الماضي من قبيل اكذوبة الظهير البربري و عروبة الامازيغيين و تاسيس لمفاهيم حديثة من قبيل الثقافة الامازيغية الاسلامية لكن في طابعها العلماني المغربي كما شرحته مطولا في كتابي الذي مازال ينتظر الطبع اي ان اجدادنا الامازيغيين كانوا مسلمين علمانيين اي بعيدين بالاف من الكيلومترات عن الاسلام الاعرابي ان صح التعبير بحكم ان الصحابة بعد موت النبي عليه السلام  تنافسوا على السلطة و على الغنائم في ما يسمى بالفتوحات الاسلامية ..

 ان العاقل سيعتبر هذه الفتوحات غزو قرشي للسلب و النهب  في الشعوب المسالمة حيث ان هذا الغزو كان هدفه الظاهري هو نشر الاسلام لكن هدفه الخفي كان استعمار الشعوب المسالمة بمعنى ان اعراب الصحراء القاحلة هم شوهوا الاسلام قبل الغرب بقرون عديدة عبر استبدادهم في دولهم مثل الدولة الاموية و الدولة العباسية الخ و عبر اختراع فقه  بشري تم نسبه الى الاسلام و الى نبي الاسلام كما شرح لنا الاستاذ احمد صبحي منصور في كتبه المفيدة لاي باحث للتاريخ الاسلامي شرح لنا الاستاذ اسلام بحيري عبر برنامجه الرائع الخريطة الموجود في يوثوب  .

 الى صلب الموضوع                   

اننا اليوم قد وصلنا كنخبة امازيغية جديدة الى درجة عالية من النضج السياسي و الفكري باعتبارنا اصلا حركة امازيغية علمانية اصيلة تنطلق من ثوابت هذه الارض الحقيقية عوض الانطلاق من ثوابت الشرق او الغرب كما فعلت اغلب احزابنا القومية و السلفية و الحداثية ..

انني اتكرر لمرة اخرى ان الحركة الامازيغية لم تعد ابدا تلك الحركة الثقافية او اللغوية بل اصبحت الحركة السياسية منذ سنة 2005 بحكم ان ايديولوجية الامازيغيين السياسية تم اقبارها منذ سنة 1956 بغرض ان يكون المغرب دولة عربية بالمفهوم العرقي و السياسي مع العلم ان المغرب ظل دولة علمانية بالمفهوم الفرنسي اي اغلب قوانيننا المغربية الحالية هي وضعية تركها الاستعمار الفرنسي كما يعلمه العقلاء و الحكماء فكفى من التضليل في خطابنا الديني الرسمي او في خطاب تيارات الاسلام السياسي او بعض الاقلام الصحافية حاليا لان التغريب فكر موجود في بلادنا  منذ سنة 1956 الى الان  .

ان ترسيم السنة الامازيغية في الان كعيد وطني اصبح من الضروريات اليوم اكثر من وقت مضى حيث ان النظام الجزائري القامعي كما اسميه شخصيا قد اعترف في اواخر دجنبر الماضي بكون يوم ايض يناير اي ليلة يناير هو عيد وطني في الجزائر حيث من العيب و العار ان سبقتنا الجزائر الى هذا الاعتراف علما ان المغرب كان نموذجا على صعيد شمال افريقيا في مجال تدبير الامازيغية كشان ثقافي و  كشان اكاديمي على اقل ..

 ان الاحتفال بالسنة الامازيغية  مازال يمارس في بلادنا بمختلف مناطقها سواء بها الناطقون بالامازيغية او بها الناطقون بالدارجة لان اصلا لا يوجد مناطق عربية اصيلة في المغرب كما هو الحال في الجزيرة العربية و يشمل هذا الاحتفال العريق مختلف بقاع شمال افريقيا منذ قرون غابرة....

و حسب راي الاستاذ الحسين ايت باحسين احد الباحثين في الثقافة الامازيغية فقد شكل اعتلاء الملك الامازيغي شيشونك على عرش مصر سنة 950 قبل الميلاد بداية التقويم الامازيغي الحالي بمعنى ان الملك الامازيغي شيشونك حكم الاسرة 21 الفرعونية اي ان الاجداد الامازيغيين لهم علاقات مختلفة مع فراعنة مصر منذ اقدم العصور اي قبل نزول اي دين سماوي.

ينبغي على الجميع فهم رمزية هذا الاحتفال حيث ان هذا الاخير لا يرمز الى الحرب او العودة الى امجاد الامازيغيين الماضية كما هو الحال لدى السلفيين و انما يرمز هذا الاحتفال الى ارتباط الامازيغيين بالارض كتاريخ حافل بالايجابيات و كذا بالسلبيات مثل اية حياة انسانية عادية.

و بالاضافة الى  الارتباط بالارض  كخيرات زراعية بحكم ان عامة المغاربة كانوا يسمون هذا التقويم اسم السنة الفلاحية حتى بدا الوعي داخل الجمعيات الثقافية الامازيغية بضرورة احياء ايض يناير اي ليلة يناير من خلال اقامة سهرات للتوعية بهذا التاريخ الطويل  لدى الامازيغيين كقوة سياسية و قوة عسكرية بحكم ان تاريخنا الرسمي قد اعتبر الامازيغيين مجرد برابرة متوحشون لا حضارة لهم او دين حتى بعد اسلامهم و اسهاماتهم الضخمة في نشره و ترسيخه حتى اصبحت ثقافتنا الامازيغية  نفسها ثقافة اسلامية لكن في نطاقها العلماني المغربي كما شرحته مطولا في كتابي .

 فان هذه الاحتفالات الجمعوية ان صح التعبير استطاعت خلق موعد سنوي مع التنشيط المفيد عبر فقرات موسيقية و فكاهية بحضور العائلات حيث انطلقت هذه الاحتفالات بالمغرب منذ سنة 2001 تقريبا حتى وصلت الى الجاليات الامازيغية في فرنسا و  الولايات المتحدة الامريكية.

ان تاريخنا الحقيقي يمتد الى 33 قرنا اي منذ انتصار اجدادنا الامازيغيين على فراعنة مصر  بينما  تاريخنا الرسمي يبدا منذ 12 قرنا فقط حيث ان هذا المعطى التاريخي يعد فخرا و اعتزازا لكل المغاربة خصوصا و عموم سكان شمال افريقيا ..

 و بالاضافة الى ان ترسيم السنة الامازيغية الان سيعتبر بداية واقعية لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية لدى الفعالين الامازيغيين حيث ان السنة الماضية عرفت  كما اشرت تراجعات خطيرة في مجال حقوق الانسان من قبيل حراك الريف كملف ضخم كما يعلم الجميع و كما ان القضية الامازيغية هي الاخرى عرفت تراجعات خطيرة بشهادة الاستاذ ارحموش منسق فدرالية الجمعيات الامازيغية بالمغرب في برنامج تلفزيوني قبل الزيارة التي قام بها خالد مشعل للمغرب ليعلن هنا امام الملا ان المغرب هو بلد عربي منذ القدم بكل السهولة كأن الامازيغيين هم اقلية او اجانب في المغرب............

و على اي فان كل اعيادنا الوطنية بدون استثناء تعود تاريخيا الى ما بعد نشاة الحركة الوطنية المزعومة سنة 1930 كأن تاريخنا هو خالي من الامجاد و من البطولات حتى جاءت الحركة الوطنية المباركة التي حررت البلاد و العباد من الاستعمار كما يزعمون بينما تاريخنا الحقيقي حافل  بالاحداث الجديرة بالاحتفال الرسمي و الشعبي مثل ذكرى معركة انوال العظيمة و ذكرى رفض قبائل ايت باعمران لسياسة التجنيس من طرف المملكة الاسبانية المسيحية الخ من هذه الاحداث التي ظلت في طي النسيان من اجل تقوية نفوذ الحركة الوطنية الايديولوجي و الديني داخل مجتمعنا عقود من الزمان حتى اعتقد اغلب المغاربة ان الامازيغية هي صناعة فرنسية صرفة الخ من اكاذيب اصحاب اللطيف ...

ان كل الامم الاسلامية العجمية مثلنا لها لغاتها و هويتها حيث اعتبرت في كتابي ان من المؤكد ان فكر المختار السوسي العروبي و السلفي قد ساهم بشكل عظيم في جعل نخبتنا الدينية الرسمية في سوس خصوصا و المغرب عموما تقوم بالانكار التام لفضل الامازيغية على الاسلام ببلادنا منذ قرون من الزمان و بالتالي خدمة ايديولوجية الظهير البربري في اهدافها الكبرى من قبيل الفصل التام بين الامازيغية كلغة و كثقافة و كهوية اصلية لهذه الارض و الاسلام كدين عالمي امن به الكثير من الشعوب العجمية مثلنا كالاتراك و الايرانيين و الافغان الخ من هذه الشعوب المسلمة بثقافاتها الاصلية و الممارسة بشكل طبيعي في العادات و التقاليد بدون أي تحريم ينطلق من المنهج السلفي الذي يرفض مفهوم التعدد و الاختلاف اصلا داخل دائرتنا الاسلامية الكبرى.

و من خلال سياسات هذه الشعوب العجمية مثلنا في الشان الديني حيث يخطب امام الجمعة هناك بلغة قومهم الاصلية  بكل حرية  بينما في المغرب ليس عندنا الى حد الان اية رغبة او استراتيجية اولية لادماج الامازيغية كهوية في مجال الشرعية الدينية بحكم ان هذا الادماج الاولي سيحطم ايديولوجية الظهير البربري و شرعيتها الكاذبة بكل المقاييس الاخلاقية و التاريخية.

اتكرر ما قلته في مقالي في الصيف الماضي

 كان من المفروض  منذ ترسيم الامازيغية في دستور 2011 ان نسمع خطب الجمعة التي تشيد بفضائل الثقافة الامازيغية العظمى على حضارتنا الاسلامية المغربية..

كان من المفروض كذلك ان نلاحظ تغيير ملموس اتجاه خطابنا الديني الرسمي من التكفير و التحريم لكل ما هو امازيغي الى تقدير هذه الثقافة الاسلامية و احلالها المكانة المستحقة باعتبارها لغة رسمية للدولة المغربية عبر  الدعوة الى تدريسها داخل مدارس الدينية العتيقة و الاهتمام بتراثها الديني الضخم و التعريف به في اعلامنا الديني الرافض اصلا لفتح اي نقاش عمومي حول الامازيغية و الاسلام ببلادنا  ......

لكن هذا كله لم يحدث قط طيلة هذه السنوات من ترسيم الامازيغية  حيث شخصيا احمل المسؤولية لاحتقار الامازيغية داخل حقلنا الديني الرسمي الى الدولة المغربية عبر وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية التي لم تقوم باية  مبادرة معتبرة لصالح الاهتمام بالامازيغية كلغة و كثقافة و كقيم منذ خطاب اجدير التاريخي الى يومنا هذا لان هذه الوزارة تمثل خطاب المخزن الديني المعتمد على ايديولوجية الظهير البربري و اساس العروبة و الاسلام بمعنى ان الاسبقية دائما للعروبة كهوية دخيلة على حساب هوية هذه الارض الامازيغية الاصلية ............   

انني احيي بصوت عالي جهود الملك محمد السادس الناجحة لرجوع المغرب الى حضن اسرته الافريقية حيث اعتبر هذه الجهود بمثابة مؤشر مفيد على ان قيادتنا الرشيدة تريد التجدر في اعماقنا الافريقية كما فعل اجدادنا المرابطين و الموحديين و المرينيين و السعديين لكن حقلنا الديني الرسمي بصورته الحالية مازال يصر على ان  يحتقر الامازيغية كبعد تاريخي عبر جنوب الصحراء الافريقية كذلك حيث ساعطي مثال على هذا الاحتقار حيث سمعت مؤخرا برنامج على الاذاعة الوطنية من تقديم وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية حول فضل اللغة العربية  مع احد العلماء باحدى هذه الدول الافريقية الشقيقة كأن اللغة العربية هي الوحيدة التي لها الفضل و التكريم في هذه الوقعة الجغرافية و كأن اللغة الامازيغية ليس لها اي وجود تاريخي داخل هذه الوقعة الجغرافية بصفة نهائية اي ان وزارة الاستاذ احمد التوفيق مازالت تعيش في ظل دستور سنة 1996 و مازالت لا تعترف برسمية اللغة الامازيغية ....

تحرير المهدي مالك

 

    

اجمالي القراءات 8485