حوار صحفي خيالي مع ملحد امازيغي ؟

مهدي مالك في الأحد ١٧ - ديسمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

   حوار صحفي خيالي مع ملحد امازيغي ؟

مقدمة ضرورية                                         

تعتبر ظاهرة الالحاد في المجتمعات الغربية عموما سلوك عادي للغاية حيث ان الدولة هناك تتبنى العلمانية الغربية أي الفصل بين الدين كشان شخصي و السياسة كمجال عام خاضع لقيم الديمقراطية و حقوق الانسان و الحداثة الخ من هذه القيم الكونية.

و بينما في مجتمعاتنا الاسلامية تعتبر ظاهرة الالحاد شيئا خطيرا للغاية لدرجة ان السلفيين بمختلف توجهاتهم قالوا ان ملحد يجب قتله باعتباره ترك الاسلام نحو الالحاد او نحو الديانات السماوية الاخرى او نحو حتى داخل المذاهب الاسلامية الاخرى من قبيل الشيعة او القرانيين بمعنى ان السلفيين يعتبرون انفسهم مالكي حقيقة الدين المطلقة و غيرهم على ظلال مبين و لو كانوا مسلمين................

انني هنا لا اشجع على الالحاد على الاطلاق حاليا و مستقبلا باعتباري مسلم اكتب في موقع اهل القران حيث اعيش  اسلامي الخصوصي  كما وجدته عند اجدادي في منطقة سوس حيث ان هذا الاسلام الامازيغي كما نسميه الان هو مختلف اختلافا جذريا عن اسلام الاعراب  منذ عهد بني امية الى عهد السعودية الحالية حيث ان هدفي من وراء هذا الحوار الصحفي الخيالي مع امازيغي ملحد هو ارسال الرسائل المشفرة الى الجهات الوصية على الحقل الديني الرسمي بان الذي ينشر الالحاد في أي مجتمع اسلامي مثلنا هو التاويل السلفي للاسلام بشكل صريح و اقبار اسلامنا  الامازيغي منذ الاستقلال الشكلي الى الان الخ من هذه الاسباب حيث انتهى عصر الجهل المقدس في بلادنا كما سماه الاستاذ رشيد ايلال الذي خلق ضجة كبرى حين اصدر كتابه الشهير  صحيح البخاري نهاية اسطورة في نونبر الماضي بمعنى انطلقنا في مسار طويل و شاق بغية تنوير المجتمع و النخبة الدينية الرسمية.

الى صلب الحوار                                                    

يشرفني اجراء هذا الحوار المتواضع مع الاستاذ المهدي اباعمران الذي اختار طريق الالحاد منذ سنوات حيث كان مسلم يصلي صلواته الخمس و يصوم رمضان الخ لكنه اصدم بواقع ديني لا يسمح بفتح أي نقاش حول الامازيغية كمنظومة شمولية و الاسلام كدين اغلبية المغاربة او حول الديمقراطية و الاسلام الخ من هذه المواضيع التافهة بالنسبة لخطباء المساجد و اغلب الاسلاميين كما يسميهم حيث كان عضوا في احدى جمعيات الدعوة السلفية  منذ سنة 1980 الى سنة 1992 حيث قدم استقالته منها بعد صراع طويل معها حول الثقافة الامازيغية بوصفها لا تتعارض مع الاسلام حيث اتهم بالكفر و حدثت له واقعة مؤلمة بالنسبة اليه جعله يترك  الاسلام نحو الالحاد حيث قرر قرار صعب الا و هو مغادرة وطنه الام نحو  الى الولايات المحتدة الامريكية قصد الاستقرار النهائي مع زوجته الامريكية سنة  1995...

السؤال 1 من هو المهدي اباعمران في سطور ؟                                           

الجواب اولا ازول فلاك الاستاذ المهدي مالك حيث اشكرك على هذا الحوار القيم و قرات مقالاتك المتميزة في موقعكم اهل القران و صحيح انني ملحد امازيغي هنا في امريكا غير انني اعشق قراءة مقالاتك و مقالات الاستاذ صبحي منصور لانني كنت في المغرب ابحث عن هذا الفكر التنويري فلم اجده نهائيا انذاك بل وجدت مناخ معادي لامازيغيتي على كل المستويات و الاصعدة  حيث فعلا كنت عضو في احدى جمعيات الدعوة السلفية منذ سنة 1980 الى سنة 1992 باعتباري كنت اؤمن وقتها ان السلفية هي الاسلام بصريح العبارة لكنني بالمقابل كنت ادافع عن الامازيغية كلغة و ثقافة اسلامية داخل هذه الجمعية.

السؤال 2 ماذا كان عملك ؟                                                                   

الجواب كنت مدير فندق كبير في الدار البيضاء حيث كان يستقبل المغاربة و الاجانب من طبيعة الحال حيث كان فندق كغيره من الفنادق الكبيرة في المغرب وقتها حيث تعرفت على زوجتي الامريكية التي تزور المغرب للسياحة في فترة الثمانينات حيث تزوجت معها سنة 1985 و انجبت لي محمد سنة 1986 .

 انني كنت اشتغل في السياحة كقطاع ينظر اليه الاسلاميين نظرة المناكر من قبيل شرب الخمر و العري الخ و بل قالوا لي في الجمعية عليك ترك عملك باعتباره حرام و كنت اقول لهم انني ادير الفندق  وفق الضوابط المتعارف عليها وطنيا و دوليا حيث هكذا بدات المشاكل تظهر بيني و بين هذه الجمعية الارهابية منذ سنة  1985 غير انني كنت مؤمن ايمان عميق ان الاسلام يساوي السلفية انذاك...........

السؤال 3 متى بدات نضالك الامازيغي في ذلك الظرف الحساس ؟                      

الجواب اولا انني ابن منطقة ايت باعمران العظيمة بمقاومتها للاستعمار الاسباني حيث ولدت هناك و نشئت هناك كذلك الى حين قرر الوالد رحمه الله كما تقولون الذهاب بنا للعيش معه في  الدار البيضاء حيث كان الوالد غني يتوفر على شركة ضخمة للبناء لكنه كان سلفي التوجه حسب ادبيات ما يسمى بالحركة الوطنية حيث كان بيتنا يستقبل رموز مهمة في هرم السلطة وقتها و طبعا كنت انذاك صغيرا أي في اواخر الستينات لكنني كنت احب الاستماع الى الاذاعة  الامازيغية عموما و الى اغاني فن الروايس .

و بعد سنوات  من ذلك التاريخ اصبحت اهتم بالامازيغية كلغة و كثقافة اسلامية باعتباري كنت سلفي متنور أي كنت اعتقد ان التاويل السلفي للاسلام لا يعادي المسالة الثقافية الامازيغية حيث  فعلا طرحت ورقة الثقافة الامازيغية على جمعيتي السلفية سنة 1990 و منذ ذلك الحين بدات مشاكلي العميقة مع هذه الجمعية عموما و  مع الاسلام خصوصا كما قدم لي وقتها عبر خطابنا الديني و السياسي الرسميان حيث تعرف موقف الحسن الثاني من الامازيغية ..

السؤال 4 لماذا تركت الاسلام ؟                                                                

الجواب ان سؤالك هذا يجعلني استرجع ذكرياتي المؤلمة مع السلفيين الذين ساهموا في جعلي اكره دين اجدادي الاسلامي و جعلي انذاك لا افرق بين الوهابية الحقيرة و اسلامنا الامازيغي كما تسميه الان حيث لو عرفت وقتها أي اوائل التسعينات ان الاسلام ليس على الاطلاق ما تقوله الجماعات الاسلامية او ما يقوله خطابنا الديني الرسمي الى الان ما تركت الاسلام و الوطن الام المغرب نحو امريكا.

 ان ظروفي وقتها كانت خطيرة للغاية بمعنى منذ طرحي لورقة الثقافة الامازيغية  على جمعيتي السلفية و انا اعيش المشاكل مع كل السلفيين حيث ان هذه الورقة هي عبارة عن شرح ميثاق اكادير لصيف سنة 1991 و مطالبه الثقافية و شرح دور الامازيغية العظيم في نشر الاسلام في دول المغرب الكبير و جنوب الصحراء الافريقية و الاندلس قديما.

 لكن اعضاء جمعيتي رفضوا هذه الورقة و بل اكثر من ذلك اتهموني بانني اريد احياء الظهير البربري الخ ثم قلت لهم انني ساقدم استقالتي  لكم الان و كل واحد مننا يمشي في طريقه فانني امازيغي مسلم انتهى الكلام .

منذ ذلك الوقت  اصبحت اتوصل برسائل التهديد في بيتي من طرف اتباع هذه الجمعية تخبرني ان دمك و عرضك حلال علينا باعتبارك اصبحت كافرا بالاسلام كدين يقدس العروبة و العربية لغة القران لان الاسلام ببلادنا قد وحد المغاربة الخ..

 في البداية لم اخذ هذه التهديدات على محمل الجد لكن عندما سافرت الى فرنسا للعمل وقع المحظور حيث اتصلت بي زوجتي الامريكية عبر الهاتف العمومي لاخباري انها تعرضت للاغتصاب  الجماعي من طرف من الرجال السلفيين داخل بيتنا حيث هاجموا بالقوة و كسروا الباب حيث قالوا لها انت جاريتنا هذه الليلة كما فعل اسلافنا العرب نصرة للاسلام لان زوجك هو كافر علينا قتله و استحلال عرضه و قتلوا ابني محمد الصغير..

و بمجرد سماع هذا الكلام من زوجتي الشريفة و لو كانت مسيحية قلت في نفسي ماذا فعلت لهؤلاء القوم لاستحق هذا العقاب المهين للغاية و بالاضافة الى قتل ولدي الوحيد حيث هل مجرد طرحي لورقة الثقافة الامازيغية على جمعيتي الارهابية يعتبر كفرا بالاسلام الذي كنت اؤمن به .

و طبعا بعد البكاء الشديد على ابني الصغير رجعت الى المغرب في اول الطائرة قصد تقديم بلاغ للامن الوطني حول ما جرى لعائلتي الصغيرة بسبب اتباع جمعيتي فوجدت زوجتي في حالة  مؤلمة للغاية حيث كانت تصرخ يا طفلي الصغير ثم  قالت لي هل هذا هو دينكم المتسامح مع المسيحيين و اليهود حيث ماذا ساقول لعائلتك و لعائلتي في امريكا و قلت لها انذاك  لا اعرف بما ارد عليك حيث ربما ان الاسلام هو هكذا حسب ما تعلمه من جمعيتي الارهابية ..

السؤال 5 هل ذهبت الى الامن الوطني لتقديم البلاغ حول ما جرى لعائلتك؟                  الجواب طبعا نعم انني ذهبت الى مركز الشرطة حيث قدمت البلاغ ضد اتباع جمعيتي السلفية و شرحت للعميد كل شيء لكن هذا الاخير قال لي من انت حتى تقول هذه الاكاذيب عن هذه الجمعية الوطنية التي لها فروع في مختلف جهات المغرب و مدعمة من  طرف المخزن لنشر قيم الاسلام الوسطي و بالاضافة الى ان زوجتك الامريكية ربما تستقبل الرجال في بيتكم لبيع جسدها لهم لانها عاهرة بكل البساطة.

  و حينذاك لم استطيع التحكم في أعصابي فضربت العميد حتى مات على يدي لان الرجل مهما كان يموت من اجل ارضه و عرضه ثم هربت من ذلك المركز صوب البيت  لجمع  اغراضنا انا و زوجتي قصد السفر الى فرنسا لدى بعض الاصدقاء الامريكان حيث فعلا سافرنا يومها الى فرنسا في حزن عظيم  على فراق الاهل و الوطن بسبب هؤلاء السلفيين الجاهليين ........

السؤال 6 هل انت نادم على ترك الاسلام الان؟                                            

الجواب كثيرا فوق ما تتصور يا الاستاذ المهدي مالك لان جيلي في الثمانينات و التسعينات لا يتوفر على الوسائل الحديثة كالانترنت و الفايسبوك الخ حيث كنا نتوفر بالكاد على وسائل للاعلام مثل الاذاعة و التلفزة و الجرائد الحزبية بمعنى ان الاسلام الان له مستقبل مشرق بفضل  رجال التنوير الاسلامي مثل اسلام البحيري في مصر و عبد الوهاب رفيقي في المغرب و احمد صبحي منصور هنا في امريكا أي انني سارجع الى الاسلام التنويري قريبا للغاية لان ليس العيب في الاسلام ذاته و انما العيب في ما تركه ما يسمى بالسلف الصالح لكم كمسلمين من فقه ماضوي يتعلق بنظام الخلافة الاسلامية .....

السؤال 7 هل ستعود الى المغرب ؟                                                            

الجواب صراحة انني اشتاق الى المغرب حيث لم أزوره قط منذ هروبي الى فرنسا مع زوجتي لكن اتصل منذ ذلك الحين بالعائلة و بالجمعيات الامازيغية حيث نتحدث حول اين وصل الملف الامازيغي حيث يؤسفني ما يقع في منطقة الريف منذ مقتل الراحل محسن فكري الى اعتقال رموز حراك الريف حيث هذا سيضر بصورة بلادي الحقوقية خارجيا ...

الكلمة الاخيرة                                               

شكرا لكم على هذا الحوار القيم                                    

و هكذا انتهي من هذا الحوار الخيالي الثاني من نوعه حيث ارجوا ان اكون في المستوى ...................................

المهدي مالك                                                                        

اجمالي القراءات 7196