حين تترجم المقدرة إلى عدوان
حين تترجم المقدرة إلى عدوان

أسامة قفيشة في الأحد ١٠ - ديسمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

حين تترجم المقدرة إلى عدوان

هذا ما عللت به مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن ,

حيث قالت أمام الحضور الدولي كي تدافع عن موقف بلادها و رئيسها بما اتخذوه من قرار بشأن اعترافهم بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ( هذا هو الأفضل لإسرائيل و لنا و للعالم , و هذا ما نريد أن نفعله لأننا نستطيع أن نفعله ) .

هل هذا القول يعتبر تبريراً مشروعاً و مقنعاً لدول العالم !

هل يحق لأحدٍ فعل ما يريده إن كان يملك القدرة على فعله !

هل مجرد امتلاكك للقدرة يعفيك أمام الجميع بأن تفعل ما يحلو لك !

هذا المبدأ يبيح للجميع ما لا يحمد عقباه , فإن كنت تقدر على القتل فاقتل , و إن كنت تقدر على السرقة فاسرق , و إن كنت تقدر على الاغتصاب فافعل , و إن كنت تقدر على إشعال النار في أي مكان فاحرق , و إن كنت تقدر على الكذب فاكذب , نعم هذا كله مباحٌ اليوم , مع هذا القانون الأمريكي الجديد الذي يجيز بأن تفعل ما تستطيع فعله ! و من منا لا يستطيع ؟

بهذا الخطاب سقط القناع و ظهر الوجه الحقيقي للطغيان و العدوان , و كيف لأمريكا بعد اليوم بأن تتهم أحداً بخروجه عن الإجماع الدولي ؟ و كيف لها من معاقبته ؟

فها هي تصفع الجميع و تغرد خارج السرب الدولي , لا تأبه بأحد و لا تأخذ رأي أحد و تنفرد بقرارها الذي يخالف القانون الدولي و الرؤية العالمية لدول العالم بأسرها و لشعوبه قاطبةً , فمن يجرؤ على إجبارها بالخضوع للقانون و القرار الدولي !

إن القناع الذي كانت ترتديه أمريكا بالأمس كان له عينين اثنتين , أي ينظر لهذا و ذاك على قدرٍ واحد و على مسافةٍ واحده , و لكن الرئيس ترامب أزاح هذا القناع و ترك العالم ينظر لحقيقة وجه هذا النظام و إذا به بعينٍ واحده لا ترى من العالم سوى إسرائيل !

هذا القرار الذي نرفضه و ندينه و بشده , فهو في تقديري يعتبر الأسوأ و الأكثر ضرراً لأمريكا و إسرائيل , أي أن ضرره سيكون أكبر عليهما من ضرره الواقع على الفلسطينيين أنفسهم , فالفلسطينيون لم يتغير واقعهم و لن يتغير , و لن يغير هذا القرار شيئاً من واقعهم المستقبلي و لن يؤثر على ما يسعون له و يطالبون به ,

ضرر هذا القرار بات يضع إسرائيل تحت و ماذا بعد ؟

فما هي خيارات الإسرائيلي بعد هذا القرار ؟

سنلاحظ بأن خياراته قد باتت أصعب و أعقد , فإسرائيل لم يعد أمامها سوى خيار الدولة الواحدة , و هو ما لا ترغب به ! و هناك حل الفصل العنصري الذي بدأت ملامحه بالظهور و هذا سيؤدي إلى سمعة شديدة السوء لإسرائيل أمام العالم الذي أعتقد بأن العالم لا يستطيع السكوت على هكذا وضع , و هناك خيارات الكونفيدرالية و الفيدرالية و هذان الخياران لا يحققان مطالبهم الأمنية أو السياسية ,

تلك فقط هي الخيارات التي باتت أمامهم و التي يجب على إسرائيل أن تختار واحدا منهم في المستقبل القريب , فإن رفضتهم جميعاً فلا خيار أمامها سوى التهجير و طرد الفلسطينيين ,

و هذا سيورط إسرائيل بتكاليف باهظة الثمن ستدفعها في كل يوم و كل ليلة !

إن هذا القرار و إن لم تتراجع أمريكا عنه و بأسرع وقت يدفعنا للقول بأنه لم يعد بالإمكان إنهاء الاحتلال و وقف الاستيطان و بناء السلام , فبه نكون قد اجتزنا نقطة اللا عودة ,

على الإسرائيليين أن يدركوا جيدا بأنهم هم الوحيدون القادرون على حماية أنفسهم و مستقبلهم إن أرادوا السلام حقاً , و لا مناص لهم من الاعتراف بالحق الفلسطيني و خضوعهم للسلام العادل عاجلاً غير آجل , فلا شيء يستحق مزيداً من الدماء و الآلام . 

اجمالي القراءات 7455