سر قانون الرموز بين الطحاوى والشعراوى

خالد منتصر في الأربعاء ٢٢ - نوفمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

أما عن الشيخ الشعراوى فهو بالطبع مشهور وملء السمع والبصر ولا يحتاج إلى تعريف، لكن من هو الطحاوى؟ إنه النائب المحترم د. أحمد الطحاوى، عضو لجنة الصحة فى مجلس النواب وأستاذ الأمراض الباطنة بكلية طب بنها، والذى طالب أمس الأول أمام البرلمان، منفعلاً غاضباً متحمساً، بسرعة إصدار قانون حماية الرموز، وكان الرمز الذى خصص له كلمته هو الشيخ الشعراوى، وقال «الطحاوى» فى بيان عاجل أمام الجلسة العامة للبرلمان: «لقد فاض الكيل، هل يُعقل أن يتعرض إمام المفسرين ومجدد الدعوة الإسلامية فى القرآن الكريم وإمامنا وسيدنا ومولانا محمد متولى الشعراوى للإهانة ونحن صامتون، لا نقبل أن يهان رمز من الرموز الدينية، وأهيب بالمجلس أن يستنكر هذا الفعل وأرجو سرعة إصدار قانون يجرّم من يهين ويسىء إلى الرموز الدينية، وأرجو أن يتم تحريك الدعوى القضائية ضد من أهان فضيلة الإمام محمد متولى الشعراوى أمام المحكمة الجنائية».

وبالطبع الإهانة من وجهة نظر النائب ليست الشتيمة التى لم يتلفظ بها أحد والتى لها قانون موجود فعلاً منذ عشرات السنوات يعاقب على السب والقذف، ولكن الإهانة المقصودة والتى يحارب من أجلها العضو المبجل هى الاعتراض أو الانتقاد لآراء الشيخ الشعراوى ومنها تشجيعه لختان الإناث! أما لماذا ذكرت ختان الإناث بالذات فهو لأن النائب المحترم الطحاوى، وهو الأستاذ بكلية الطب التى عرف ودرس فيها، من خلال علوم التشريح والفسيولوجى وطب النساء، أن ختان الإناث هو جريمة طبية مكتملة الأركان، هذا النائب نفسه هو الذى قال إن ختان الإناث واجب وإنه مالوش دعوة بكتب الطب ووزير الصحة وقانون تجريم الختان وله دعوة فقط بماذا قال المشايخ وطبعاً على رأسهم الشعراوى!! فقد قال لا فُض فوه إنه «بصفته طبيباً يرى أن ترك الأنثى بلا ختان أمر غير صحيح، وأن ترك الأنثى بلا ختان خطأ يتسبب فى حدوث إثارة جنسية غير مرغوب فيها، وإن احنا لازم ناخد رأى الشرع فى مسألة ختان الإناث وليس رأى وزير الصحة ولا غيره»!! وهو كلام لا يمت للطب ولا للإنسانية بصلة، وبالطبع أصابه التجريس الشعبى والمطالبات بتحويله إلى لجنة القيم بالفزع فسارع بالاعتذار، ولكن اللى فى القلب فى القلب، وسرعان ما ظهر اللى فى القلب حين حان ميعاد الثأر، عندما غضب وانفعل دفاعاً عن الشيخ الجليل الذى كان نبعه الأساسى فيما قال ويسانده شرعياً فى اعتراضه، وجد فيه الدفء الفقهى والمدد الشرعى والعون الدينى الذى يستطيع به أن يجابه المجتمع، فالشيخ الشعراوى قال نفس الكلام وانطلق من نفس منطلق الإثارة الجنسية التى تحدث لكل من تملك بظراً وكأنها تملك كلاشينكوفاً وتحمل جريمة أو عاراً، وردد نفس الكلام القديم المحفوظ عن تأثير احتكاك الملابس والبلاد الحارة التى تفور فيها البنت بدرى... إلى آخر هذا الكلام الذى ينتمى للفولكلور ومتاحف تاريخ العصور الوسطى.

أرجو أن يكون قد فهم القراء سر غضب الدكتور الطحاوى على انتقاد الشيخ الشعراوى وتقديس آرائه لدرجة تحويلها إلى نصوص موازية لمحكم الآيات!! إنه استدعاء آراء من القبر عفا عليها الزمن وتجاوزها العلم، والسؤال: من الذى يجب أن يحاكم بتهمة إهانة العلم والطب وخيانة القسم الذى نردده جميعاً كأطباء والذى يؤكد على حصانة الجسد وتكريمه وعدم تشويهه؟! ولماذا انتفضنا وغضبنا من القاضية البريطانية التى منعت طفلة مصرية إنجليزية من السفر لمصر خوفاً من أن تُختن؟! أليس فى مصر نائب برلمانى منتخب يشرع القوانين فى هذا الوطن يطالب بختان الإناث لم يُتخذ معه أى إجراء والآن هو زعيم ومحارب من أجل إصدار قانون يجرم انتقاد الرموز، وهو بالمناسبة نفس القانون الذى سيحمى ويشرعن رأيه الموجب والمحبذ والمشجع على إجراء هذه الجريمة البربرية؟! لماذا اللوم على قاضية بريطانية قرأت واطلعت على تصريحات الدكتور النائب والشيخ الرمز وحكمت بناء على ذلك لأنها تعرف أن فى مصر دائماً الرمز الدينى فوق القانون المدنى، وكلام الرمز لا يجب انتقاده وإلا تم سجنك سبع سنوات وستدفع صاغراً مليون جنيه غرامة، لهذا سيخرس الجميع حتى لا ينتقد الرمز وحتى يصير ختان الإناث له من القوة والجبروت والانتشار فى الشارع نفس قوة وجبروت وانتشار الرمز المحمى بقوة القانون وعصبة البرلمان.

اجمالي القراءات 7877