لا مذهبية في الإسلام

سامح عسكر في الثلاثاء ٣١ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

لو سألت أي متدين مسلم ما مذهبك سيقول سنة أو شيعة

قل له: وهل هذه فرق من التي ذمها الله في القرآن؟

سيقول : لا..أنا أفهم الإسلام كما فهمه الرسول

قل له: إذن فلماذا لا تقول على نفسك مسلم قرآني فحسب؟

سيقول: القرآنية بدعة، والرسول قال تمسكوا بالسنة أو بالشيعة

قل : إذن ما الفارق بين منطقك هذا ومنطق الافتراق؟..إذا كنت تتهم من يعمل بالقرآن أنه على بدعة، فأنت في الحقيقة (أضفت) إليه ما جعلك تفترق

سيقول: وما الذي أضفته؟

قل : أنت أضفت البخاري والكافي وعلماء المذاهب..هذا معنى الافتراق أنك قدمت كلام بشر على كلام الله، بينما القرآن يأمرك برد الخلاف بينك وبين أخيك لله وحده ..لا لأحد ٍغيره..بينما الصحابة كانت لهم ميزة برد الخلاف إلى الرسول كونه على قيد الحياة يسألهم ويسألونه..أما أنت فبعد موت الرسول لست ملزما إلا بكلام الله فقط

حكّم عقلك في دنياك واعرف مصلحتك ولا تتبع الناس

البخاري هذا بشر..الكليني هذا بشر..الصحابة بشر..آل البيت بشر..الفقهاء الأربعة بشر..والأئمة كلهم بشر..الجميع يصيب ويخطئ، لا تبيع دينك لأحد

أحفظ هنا فقط طريقة تعامل المتمذهبين مع كتبهم، فالشيعة للإنصاف لا يقدسون كتاب الكافي ويردون أي حديث فيه لا يتفق مع القرآن، بينما السنة يقدسون البخاري، الشيعة يقلدون الأحياء أكثر من الأموات، السنة العكس..أي يقلدون الأموات أكثر من الأحياء..

كل فرقة لها طريقة فهم لكتاب الله وللدين وللحياة يستحيل أن تتطابق مع فرقة أخرى، ولحل هذا الإشكال يجب أن تؤمن بالتنوع والتعدد والتعايش..غير ذلك ستصبح إما داعشي أو عدمي تكره كل شئ حتى نفسك..

لا تشنع على المخالف لمجرد مخالفته إياك..بل لو أنكر حقك الطبيعي ، فالمتعصب يصادر ليس فقط حقك الطبيعي بل حقك في الحياه، ويفعل ذلك باسم الدين.. ولأنه أعمى لا يرى فلن يراك إلا شرا، ولن يُبصِر إلا مساوئك فيندفع بالهجوم عليك

أخيرا: تقديس المذاهب أصله في الإطراء والمبالغة في المدح، لا تبالغ في مدح أحد حتى لو كان صحابيا ، احفظ فقط أدبك معهم وتناولهم بموضوعية..ترى الأمور أيسر وأسهل ، والغريب أنهم يروون حديثا في التراث عن النبي يقول.."حبك للشئ يعمي ويصم"..بينما هم يبالغون في الحب حتى العبادة، وإذا قمت بتصويبهم كفّروك..!

حتى النبي نفسه قدسوه وعبدوه..رغم أنهم يروون في نفس التراث عنه أنه قال.."لا تطروني كما أطرت النصارى بن مريم"..يعني لا تبالغون في حبي وتقديسي حتى لا تعبدوني، وبالنظر فقط في أفعال المسلمين وفقه المشايخ ستجدهم يهتمون حتى بطريقة جلوس النبي..!..ياأخي هذه مالها ومال العقيدة؟!!....مال الجلوس على الكنبة ومال التوحيد؟..مال الدخول للخلاء باليسرى أو اليمنى بعبادة الله؟!..مال طريقة نومك أو طعامك بالجنة والنار؟!

اعلم جيدا أن من زرع فيك هذه الأشياء والقيم هو من جعلك (تفترق) وتصبح على فرقة وملّة ذّمها الله في القرآن، فالأصل في الدين هو الوحدة وأن تؤمن بأن للجميع حق الحياة والخلاف والعمل ضمن إطار يخصك أنت، فكلنا نعيش في (تكامل) نكمل بعضنا بعضا، ولسنا في (تفاضل) نهتم بأينا أفضل..

ورحم الله عمي الكبير إذ قال: الدين يابني هو حياة (كفدان الغيط) يعمل الإنسان فيه حسب وظيفته ، فمنهم من يزرع ومنهم من ينقي الحشائش ومنهم من يروي ومنهم من يَرش المُبيدات ومنهم من يحصد..لكن كلهم في الآخر يأكلون المحصول..
اجمالي القراءات 10054