البعض يلوون عنق الآيات

Inactive User في الثلاثاء ٠٨ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً





الأخ الكاتب نهرو طنطاوى له طموحات بحثية لا ننكرها عليه فله مطلق الحرية أن يبحث فيما يشاء بالطريقة التى تحلو له معتمدأ على مصادره التاريخية المختلفة , ولا ننكر عليه ما يبذله من جهد جهيد لتأكيد نظرياته التى يصبو إليها .
وفى الآونة الأخيرة إعتاد الأستاذ نهرو أن يكتب عن الديانات الشرقية محاولأ إثبات أنها ديانات سماوية ويجيش لذلك البراهين ويعدد المبررات التى تثبت نظريته وتؤكد وجهة نظره , وطالما كان يعتمد فى كلامه على كتب تاريخية موثقة وعلمية مؤكدة فلم نتعرض له بنقد , ولم نواجهه بحجة اللهم فى أقل القليل من تعليق هنا أو رأى مختصر هناك , أما وقد بدأ الأخ نهرو فى استخدام الإيات القرآنية الكريمة فى إثبات نظريته وتأكيد حجته فكان لزامأ علينا كخدام للقرآن أن نتمعن فيما يكتب ونتأكد من صدق إستشهاده وحسن برهنته من خلال آيات الذكر الحكيم .

يحاول الأخ نهرو عقد مقارنة بين الأديان الأرضية الشرقية الثلاثة ( بوذية – زرادشتية – كونفشيوسية ) وبين الرسالات السماوية ألتى أنزلها الله على الأوائل من الرسل والأنبياء مثل (نوح وهود وصالح ولوط ) , ويحاول أن يثبت أن الله تعالى لم يأمر هؤلاء الرسل أن ينذروا أقوامهم بعذاب النار أو نعيم الجنة واكتفى بالدعوة لإصلاح عيوبهم وتذكيرهم بما يمكن أن يحيق بهم من عذاب فى حياتهم الدنيا بغض النظر تمامأ عما يمكن أن يحدث لهم بعد البعث وحجته فى ذلك أن هؤلاء الأقوام كانوا يؤمنون باليوم الآخر كأحد المسلمات ولأنهم ورثوا عقيدة الإيمان باليوم الآخر من السابقين , ولذلك لم يكن مهمأ أن يقوم أنبياؤهم بتذكيرهم بذلك اليوم العظيم . يقول الأستاذ نهرو فى هذا الشأن :
((وهناك رسالات أخرى وفق ما ورد في نصوص القرآن الكريم لم تتطرق للحديث عن الدعوة للإيمان بالبعث واليوم الآخر، وإنما انصب اهتمامها الأكبر على بعض الانحرافات العقائدية والسلوكية الأخرى، ولم يكن من بين هذه الانحرافات الكفر بالبعث واليوم الآخر، ويعود ذلك لوجود إيمان مسبق لدى أولئك الأقوام بالبعث واليوم الآخر والثواب والعقاب بعد الموت، فلذلك لم يكن اهتمامها بشكل أساسي بالحديث عن الإيمان باليوم الآخر والبعث والثواب والعقاب بعد الموت. ))
ثم يقول :
((وكذلك حدث في رسالات أخرى، حيث لم تحتوي رسالات عدد من الأنبياء والرسل الذين أورد القرآن الكريم قصصهم مع أقوامهم، مثل: (نوح- هود- صالح- لوط) على الدعوة للإيمان بالبعث واليوم الآخر، فلم يذكر القرآن الكريم أن هؤلاء الرسل قد ناقشوا مع أقوامهم قضية الإيمان بالبعث واليوم الآخر وما فيه من جنة ونار وثواب وعقاب، وذلك أن أقوامهم لم يكونوا ينكروا البعث بعد الموت ولا الحساب ولا الجزاء ولا العقاب، وإنما كانت القضايا التي عالجها أولئك الرسل مع أقوامهم هي قضايا عقائدية وسلوكية أخرى، وكان العذاب الذي توعد به أولئك الرسل أقوامهم هو العذاب الدنيوي الذي وقع عليهم في الدنيا من رجفة وصيحة وتدمير وإغراق وغيره، ومن يطالع قصص الأنبياء الأربعة: (نوح- هود- صالح- لوط)، في القرآن المجيد لا يجد أية إشارة للبعث ولا لليوم الآخر في قصص هؤلاء الرسل أثناء دعوتهم لأقوامهم، ولا يجد كذلك أية إشارة لا لجنة ولا لنار، ولا لثواب ولا لعقاب بعد الموت، وإنما توجهت دعوة هؤلاء الرسل لأقوامهم لمعالجة الانحرافات السلوكية والشركية الوثنية. ))
ونريد أن نرد على الأخ نهرو ليس من خلال فكرنا ووجهة نظرنا الخاصة ولكن من خلال القرآن الكريم نفسه لكى نثبت له أن هؤلاء الرسل الكرام قد أنذروا أقوامهم باليوم الآخر وما به من نعيم للأتقياء وجحيم للكافرين والمجرمين ليس ذلك فحسب بل لقد أنذروهم بعذاب بئيس فى حياتهم الدنيا وبأنهم سيموتون ميتة بشعة يندى لها الجبين وقد عدد الله تعالى أنواع عذابه للأمم الكافرة المجرمة أثناء الموت فى قوله تعالى :
(( فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {40})) العنكبوت

أما عن عذاب الآخرة فمما لا شك فيه أن جميع الأنبياء والرسل على مر التاريخ كانت دعوتهم واحدة وكان لها أهداف اساسية وأهداف فرعية أما الأهداف الأساسية لأى رسالة سماوية فكانت تتركز على أن يقوم النبى بتذكير قومه بأن الله تعالى هو رب الكون ورب السماوات والأرض وأنه لا شريك له فى الملك وأنه حده المستحق للعبادة , وأن الله تعالى سيبعث الناس بعد الموت ليحاسبهم على ما قدموا من أعمال فيدخل الصالحين جنات تجرى من تحتها الأنهار ويدخل الكفار والمجرمين جهنم وبئس المصير , فكيف يمكن أن تستقيم دعوة نبى أو رسول دون أن يذكر قومه باليوم الأخر وما به من أهوال , وكيف تكون لأى نبى أو رسول حجة على قومه أمام الله تعالى إذا لم يقم يتذكيرهم بالبعث والنشور والحساب والجنة والنار والخلود فيهما ؟؟؟
يعتقد الأستاذ نهرو أن هؤلاء الرسل لم يذكروا أقوامهم بالجنة والنار والثواب والعقاب لأنهم كانت لديهم معرفة مسبقة بذلك فهل هذا معقول ؟؟ وهل هذا منطق يمكن الإقتناع به ؟ كيف يكونون مؤمنين باليوم الآخر وأهواله وما فيه من نار وجنة ثم يكفرون هذه الكفر العتيد ويعاندون هذا العناد الشديد ضد رسلهم ويكون لهم عبارة مكررة يتحدون بها الرسل فى كل حين وهى (( فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصاديقن )) , ولو كان ما يقوله الأخ نهرو صحيحأ لآمنوا برسلهم ودعوتهم فورأ ولما عاندوا ولما كابروا وحاربوهم بل وهددوهم بالقتل والرجم والطرد وخلافه , وفيما يلى سأقوم باستعراض الآيات القرآنية التى تدل على أن الرسل الأربعة الذين خصهم الأخ نهرو بالذكر قد ذكروا قومهم باليوم الآخر وما به من جنة ونار وعذاب ونعيم ,
فيقول الله تعالى عن الأقوام الأربعة الذين حددهم الأستاذ نهرو :
1- قوم نوح :
((قَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ )) الأعراف 59
واليوم العظيم هو يوم القيامة , وقد يعترض الأخ نهرو قائلأ لا اليوم العظيم هو اليوم الذى غرقوا فيه , وهنا نسأله ما قولك فى قول الله تعالى على لسان رسوله الخاتم (( إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم )) أعتقد واضحة جدأ هنا أنه يوم القيامة وليس غيره لأنه على عهد الرسول الخاتم (ص) لم يكن هناك صيحة ولا إغراق ولا حاصبأ لأن الله تعالى قد أنهى مسألة إهلاك الأمم فى دفعة واحدة , فاليوم العظيم مما لا يدع مجالأ للشك هو يوم القيامة بما فيه من أهوال وحساب وجنة ونار .ثم يقول تعالى عن قوم نوح :
((وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً {37 الفرقان .
ويفهم من هنا أن الله تعالى قد أعد للظالمين عذابأ أليمأ بعد البعث .
ويقول تعالى عن قوم نوح أيضأ :

((قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ {48})) هود 48
وهنا يعد الله تعالى كل أمة ظالمة بأنها سيمسها عذاب أليم فى الدنيا والآخرة .
ثم يقول المولى سبحانه عن امرأة نوح الكافرة :

((ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ {10})) التحريم 10
ومما لا شك فيه أن هذا المثل الذى ضربه الله تعالى عن كل من إمرأة نوح وإمرأة لوط كان مثلأ عامأ لكل من جاء من رسل وأنبياء من بعد نوح ثم من بعد لوط ثم من بعدهما معأ لكل من تبعهم وإلى قيام الساعة .
2- قوم هود ( عاد ) :يقول تعالى :

((وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ {21})) الأحقاف 21
وكما بينا فاليوم العظيم هو يوم القيامة .
ثم يقول تعالى :
((الْحَاقَّةُ {1} مَا الْحَاقَّةُ {2} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ {3} كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ {4} })) الحاقة من1 : 4
وهذه الآيات السابقة قد حسمت الموقف تمامأ حيث أن قومى عاد وثمود قد كذبوا بالقارعة أى بالآخرة , وكذبوا من ؟؟ طبعوا كذبوا رسلهم أى أن هود وصالح قد وعظوا قوميهما وأنذروهم باليوم الآخر وما به من جنة ونار وعذاب ولكن عاد وثمود كذبوا بالقارعة .
3- قوم صالح ( ثمود) يقول تعالى :
((الْحَاقَّةُ {1} مَا الْحَاقَّةُ {2} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ {3} كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ {4
4- قوم لوط يقول تعالى :
(( وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُوراً {40}))
الفرقان من 40 أى أن قوم لوط كفروا بالنشور أى البعث وكذبوا رسولهم .
ثم يقول تعالى عن إمرأة لوط :
((ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ {10})) التحريم 10
5- وقوم شعيب ( مدين ) أيضأ :
يقول تعالى :
وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ {36} فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ {37
العنكبوت
أنظر إلى قوله تعالى ( وارجوا اليوم الآخر ) أى دعوة مباشرة وحقيقية لليوم الآخر وما به من نعيم فى الجنة وجحيم فى النار .

ولأن ديانات الشرق الأضية التى يحاول الأخ نهرو أن يثبت أنها سماوية , هذه الديانات لا تتحدث عن اليوم الآخر ولا البعث ولا الجنة ولا النار , فيحاول الأخ نهرو خلق وجه للتشابه بينها وبين الأديان التى نزلت على نوح وهود وصاح ولوط عليهم السلام جميعأ , فهل يستقيم له ذلك ؟؟ يقول الأخ نهرو عن ذلك :
((إذن، لم نجد في أي نص من النصوص السابقة أو غيرها من التي وردت في سور أخرى أية إشارة للدعوة إلى الإيمان للبعث بعد الموت أو الإيمان باليوم الآخر، ومن هنا يبطل اعتراض البعض الذين شككوا في أنبياء ورسل الديانات الشرقية: (بوذا- كونفوشيوس- زرادشت)، حيث قد اعترض المعترض على نبوتهم وإرسالهم لقومهم على أنهم لم يتعرضوا للبعث بعد الموت ولا للثواب والعقاب في اليوم الآخر رغم ورود نصوص كثيرة في بعض تلك الديانات قد أشارت إشارات واضحة وصريحة إلى البعث والثواب والعقاب كما سنرى فيما بعد. ومن هنا أقول: لو صلح استدلالهم هذا على عدم نبوة وإرسال كل من (بوذا- وكونفوشيوس- وزرادشت)، لصلح أيضا في الاستدلال على عدم نبوة وإرسال كل من (نوح، وهود، ولوط، وصالح)، حيث أن قصصهم الواردة في القرآن المجيد لم يرد بها أية إشارة إلى اليوم الآخر ولا البعث ولا الثواب ولا العقاب، إذن بطل ذلك الاستدلا ))
وقد رأيتم ايها السادة كيف قمت بإثبات ألعكس ولله الحمد أى أنها نظرية داحضة من الأساس وفكرة لا تقوم على برهان قرآنى , وليس لها سند دينى , ,غنما هى مجرد فكرة فى عقل الكاتب ونحب بالطبع نحترم فكره ورأيه وحريته فى أن يكتب ما يشاء ولكن فى وقت معين وعندما يتم لى عنق الآيات القرآنية لخدمة غرض معين أو فكرة خاطئة فالبطبع لن نقف مكتوفى الأيدى .










اجمالي القراءات 16849